انطلقت اليوم في مقر النادي الثقافي فعالية "العطر في عمان"، تحت رعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، واستضافت مجموعة من الباحثين والأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين العمانيين بالإضافة إلى المهتمين في صناعة العطر في عمان من الأفراد والمؤسسات.

وتسلط الفعالية الضوء على دور العطر في الثقافة العمانية، من خلال ندوتين عن تاريخ العطر في عمان، والعطر في الأدب العماني، وأمسيتين شعريتين، على مدار يومين، فضلا عن ورش العمل حول صناعة العطور والبخور والمجامر العمانية وتقطير الورد وورشتين للرسم، ومعرض الفنون التشكيلية والمعرض التسويقي لعدد من الشركات العمانية المصنعة للعطور، بمصاحبة العروض الموسيقية.

وفي الندوة الأولى التي حملت عنوان "تاريخ العطر في عمان"، أوضح قيس السيابي مدير الندوة أن الإنسان حين يقوم باسترجاع ذكريات الطفولة، غالبا ما تكون حاسة الشم حاضرة، ولتذكر رائحة ما، كرائحة ماء الورد للجبل الأخضر، وأوراق الياس من المزارع المحيطة، أو بخور تقوم الجدة خصيصا بتصنيعه، أو تلك الخلطة الت تدمج فيها الصندل بماء الورد والريحان والعطور القديمة، وذكريات تضج بالروائح. مبينا أن هناك دراسة نشرت عام 2010 في المجلة الأمريكية لعلم النفس تشير إلى أن الذكريات المرتبطة بالروائح يمكن أن تكون أكثر إثارة للعاطفة، وأوضح بأن الندوة تأتي محاولة لفهم وتتبع العطر في المجتمع العماني قديما وحاضرا، ومدى الدور الثقافي والاقتصادي التي لعبته النباتات العطرية العمانية عبر الزمن، وفهم وتتبع مراحل تطور العطر والمادة عبر التاريخ وصولا إلى اليوم.

وقدم الورقة الأولى للندوة الدكتور محمد البلوشي أستاذ علم الآثار ودراسات التراث بجامعة السلطان قابوس بعنوان "التراث العطري في عمان القديمة" أوضح فيها بأن العطور تشكل جزءا هاما من التراث الثقافي والإنساني، خاصة في منطقة شبه الجزيرة العربية، حيث احتلت مكانة بارزة في الحياة اليومية في عمان، التي تعتبر واحدة من أبرز الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية، وكان للعطر دور كبير، من خلال الأدلة الأثرية المكتشفة في المواقع الأثرية العمانية. وأضاف بأن الأدلة الأثرية المكتشفة في مواقع من العصر البرونزي في عمان تشير إلى أن العطر كان جزءا لا يتجزأ من الثقافة القديمة في البلاد، في تلك الفترة التي تعود إلى ما قبل التاريخ، كان للعطور استخدامات متعددة، سواء في الطقوس الدينية أو في الحياة اليومية، وقد اكتشفت الأدوات المتعلقة بتحضير العطور مثل القوارير والأواني الفخارية التي كانت تستخدم لحفظ المواد العطرية. مبينا أن المواقع الأثرية تشهد على التاريخ العطري، حيث أظهرت الحفريات في مواقع مثل "موقع بات" و"موقع بهلا" شمال عمان دلائل على استخدام المواد العطرية في تلك الحقبة الزمنية، وتشمل بقايا المواد النباتية والأشجار المستخدمة في استخراج الزيوت العطرية مثل اللبان والمر، وهما عنصران كانا يكتسبان شهرة كبيرة في التجارة العطرية القديمة، مستعرضا الأدوار التي يمكن أن تقوم بها الدراسات الأنثربولوجية الأثرية والإثنوجرافية في تعميق فهمنا لثقافة العطر في عمان قديما. ويشير إلى أن أقدم الأدلة على استخدام العطر في العصر البرونزي في عمان وعاء عثر عليه في موقع (الميسر -6) في وادي سمد (2200 ق م)، ومبخرة مكتملة وكسر من مبخرتين اكتشفت في (رأس الجنز ( RJ2 ( 2270 - 2143 ق م)، ومبخرة مكتملة اكتشفت في دهوى (DH1) بولاية صحم (2400 ق م)، ومبخرة مكتملة اكتشفت في قميرة بضنك ولا تزال قيد الدراسة.

من جانبه تناول الدكتور حسين المشهور باحث في التاريخ العماني تاريخ تجارة اللبان في عمان، وبين بأن اللبان العماني، وخاصة الذي يأتي من محافظة ظفار، يحتل مكانة مرموقة في الأسواق العالمية القديمة، وقد اعتمدت الحضارات القديمة على اللبان في الشعائر الدينية والطقوس الملكية، وكانوا يستخدمونه في البخور، كما يتم تقديمه كقربان للآلهة. منوها أن المصريين القدماء اعتبروا اللبان العماني عنصرا مهما في تحنيط الملوك وحفظ الجثامين، مما جعله سلعة ثمينة للغاية.

وإلى جانب الأهمية التاريخية، ظلت تجارة اللبان والطيب تشكل جزءا مهما من الاقتصاد العماني ولا تزال محافظة ظفار حتى يومنا هذا، موطنا لأفضل أنواع اللبان في العالم، ويعتبر اللبان العماني ذا جودة عالية بسبب المناخ المثالي وظروف التربة التي تساهم في زراعة أشجار اللبان.

وبين بأن الروائح تسهم بشكل ما في بناء المكانة الاقتصادية والحضارية لكل إقليم وبلد، وتكاد تجمع أغلب المصادر التي أشارت إلى المنطقة على ربط هذا الإقليم باللبان والعطور والبخور عندما يتم التعريف به في معاجم الألسن وفهارس التاريخ وروزنامات البحارة وتقييدات الرحالة، مضيفا بأن للعطر دور بارز للتواصل الحضاري مع العالم القديم، وكانت المواد التي تدخل في صناعة العطر والطيب أبرز الصادرات لتوافرها في هذه البلاد، وندرتها وقلتها في البلاد الأخرى مشيرا إلى أن اللبان كان فيما مضى بخور الحضارات وعطر العالم القديم، وأحد أكثر السلع التجارية رواجا وانتشارا لتعدد استخداماته وقلة المعروض منه قياسا على الطلب.

أما الدكتور جمال بن ناصر الصباحي من كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس في ورقة العمل التي قدمها بعنوان "النباتات العطرية في عمان" تحدث عن استخدامات النباتات العطرية في سلطنة عمان وأنها جزء من التراث الطبيعي والثقافي للبلاد، حيث تلعب دورا حيويا في حياة السكان منذ قرون، وتنتشر هذه النباتات في مختلف مناطق عمان وتستخدم في العديد من الأغراض مثل الطب التقليدي، والطهي، وتحضير العطور والبخور، مما جعلها جزءا لا يتجزأ من الهوية العمانية.

مبينا أن الاستخدامات التقليدية التي لطالما وجدت، كانت النباتات العطرية جزءا لا يتجزأ منها في الطب التقليدي في عمان وكانت تستخدم لتخفيف الآلام وعلاج الجروح وتنشيط الجسم وعلى سبيل المثال، كما يستخدم اللبان كمضاد للالتهابات ويستعمل الريحان كعلاج للصداع ولتعزيز الهضم، ناهيك عن استخدام النباتات العطرية في تحضير العديد من الأطباق التقليدية، مما يضفي نكهة خاصة للأطعمة العمانية. كما تطرق إلى دور مختبر الأجهزة المركزي بجامعة السلطان قابوس في دعم البحوث العلمية والمشروعات الناشئة، والتعريف بالنباتات العطرية في عمان، والطرق التقليدية في استخدام هذه النباتات، وطرق استخلاص الزيوت العطرية، والجدوى الاقتصادية للزيوت المستخرجة من النباتات العطرية في عمان.

وذكر أن عدد النباتات في سلطنة عمان بلغ 1457 نوعا منها 440 نباتا طبيا بعضها عطري يحتوي على زيوت مختلفة مركباتها ونسبها وأماكن تواجدها في النباتات بحسب صنفها، مشيرا إلى أن تواجد العديد من هذه النباتات العطرية والطبية في حقول النخيل التي تسقى بطريقة الري التقليدي.

واختتمت الندوة بورقة الدكتورة فاطمة الراعي رئيسة لجنة صاحبات الأعمال بغرفة التجارة والصناعة بمحافظة ظفار بعنوان "رحلة صناعة البخور"، تناولت فيها رحلتها ومسيرتها في مجال صناعة البخور والعطور، والمواد والمكونات الرئيسة والإضافية المستخدمة في صناعة البخور والعطور. وبينت أن دخول عالم العطور، يتطلب معرفة بأن "العطر رسالة واسم العطر عنوان لتلك الرسالة"، وأن العطر ليس فقط رائحة جميلة، بل هو تعبير عن الذات وعن الانطباع الذي نريد أن نتركه لدى الآخرين، ويجب على كل شخص أن يختار العطر الذي يعكس شخصيته، ومزاجه، وقيمه، مما يجعل من كل زجاجة عطر رسالة فريدة تعبر عن هوية من يرتديها.

وتشير الراعي إلى أن اسم العطر لا يقل أهمية عن مكوناته، فهو "عنوان" تلك الرسالة التي يرسلها صاحب العطر، وتؤكد على ضرورة أن يكون الاسم متناسقا مع محتوى العطر، بحيث ينقل الفكرة والروح المراد إيصالها بشكل متكامل، فاسم العطر يمكن أن يكون أول انطباع يتركه على الناس قبل أن يستنشقوا رائحته، وبالتالي يجب أن يكون لائقا ومعبرا.

وترى أن اختيار العطر المثالي يتطلب فهما عميقا للذوق الشخصي وللمناسبة التي يتم استخدامها فيها. فالعطور ليست مجرد زينة، بل هي جزء من لغة الجسد التي يمكن من خلالها إيصال مشاعر معينة، مثل الثقة، الجاذبية، الهدوء، أو حتى الحنين.

وفي نهاية حديثها، قدمت الدكتورة فاطمة نصيحتها بإرسال رسائلهم العطرية بعناية، قائلة: "لنرسل رسالتنا، بمحتوى جيد وبعنوان لائق" فالعطر ليس مجرد ترف، بل هو أداة تعبير شخصية قوية تعكس ذوق الإنسان وروحه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: النباتات العطریة فی فی صناعة إلى أن

إقرأ أيضاً:

نباتات تجذب الحب في حياتك

البوابة - ​تعتبر النباتات الداخلية من أهم عناصر التصميم الداخلي في المكاتب والمنازل والمطاعم والمقاهي، ونظراً لما تُضفيه هذه النباتات من زينة طبيعية، وألوان بهية، وروائح عطرة، وحتى تتمكني من اختيار أصناف نباتات الزينة حسب حاجتكِ وسعة وقتكِ للاعتناء بها، جمعنا لكِ أفضل نباتات تجذب الحب في حياتك، وتلك التي لا تحتاج إلى أشعة الشمس  والعناية، وفي هذا المقال نباتات تجذب الحب في حياتك:

نباتات تجذب الحب في حياتك الياسمين لجذب الحب في حياتك

الياسمين هو نبات يجذب الحب والمال أيضاً، أما زيت الياسمين يعتبر من أقوى المنشطات الجنسية، ويوصى بوضع زيت الياسمين لجميع السيدات السيدات غير المتزوجات اللاتي يبحثن عن الحب ولأي شخص يريد الحفاظ على الرومانسية في حياته.

الورود الصغيرة لجذب الحب في حياتك

الورود الصغيرة من النباتات التي تجذب الحظ والحب وتوفر الحماية وتساعد في الشفاء، إذا كنت تزرع ورودًا باللون الوردي او الأحمر، فإنها سوف تجلب حب الذات الجذري والعاطفة والحقيقة العميقة والحب الرومانسي، بالإضافة إلى أن الورود الصغيرة باللون الفوشي تجذب شهوة الحياة التي يحتاجها معظمنا بشكل يومي.

الريحان لجذب الحب في حياتك

الريحان من النباتات التي تعتبر مصدر الثروة والحب، الجمال، الحظ، وتعتبر من النباتات التي تساعد في تحسين طعامنا، ويحتوي على نكهة مميزة في الطعام توقظ الشغف عند أي شخص يأكل هذا الطبق، ومطهر جيد ومضاد للاكتئاب.

نبتة زاميا لجذب الحب في حياتك

نبتة زاميا والتي تحتاج إلى جو معتدل يناسبها درجة حرارة الغرفة الطبيعية، وتتحمل نبتة زاميا الجو الدافئ حتى 35 درجة مئوية، ويعتبرمن أفضل النباتات الداخلية للذين يبحثون عن نبتة قليلة العناية لأنها من اقوى النباتات الداخلية واكثرها تحملاً لمختلف البيئات. 

فوائد النبات في المنزل تعزيز الرطوبة في المنزل  تعمل على تسهيل عملية التنفس  زيادة في معدلات التركيز تعزيز شعور السعادة يخفف القلق والتوتر تحسين المزاج ويزيد من إحساسه بالهدوء يخفف من المشاعر السلبية يخفف من مشاعر الاكتئاب

رمزية زهرة اللوتس ومعناها في فنغ شوي
8 نباتات منزلية تجلب الرخاء والحظ السعيد في عام 2023

كلمات دالة:نباتات تجذب الحب في حياتكنباتاتالريحاننبتة زامياالورود الصغيرةفوائد النبات في المنزل تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

نادين طاهر مُحررة قسم صحة وجمال

انضمّتْ إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" عام 2013 كمُحررة قي قسم صحة وجمال بعدَ أن عَملت مُسبقًا كمحُررة في "شركة مكتوب - ياهو". وكان لطاقتها الإيجابية الأثر الأكبر في إثراء الموقع بمحتوى هادف يخدم أسلوب الحياة المتطورة في كل المجالات التي تخص العائلة بشكلٍ عام، والمرأة بشكل خاص، وتعكس مقالاتها نمطاً صحياً من نوع آخر وحياة أكثر إيجابية.

الأحدثترند نباتات تجذب الحب في حياتك القسام تعلن قنص جندي إسرائيلي شرق جباليا شعر عيد الكريسماس "كل سنة وإنت بخير" اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من الأميركيين جيمي فوكس يتعرض للإصابة بسبب مشاجرة في عيد ميلاده.. بعد القاء كأس عليه Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • 10 حيل عبقرية لرائحة غسيل منعشة تدوم طويلاً.. أسرار تُغيّر تجربة غسيلك للأفضل
  • الرئيس البيلاروسي يطلع على كنوز عمان الثقافية بالمتحف الوطني
  • جلسة حوارية تستعرض التجربة العمانية - الإماراتية في تمكين المرأة
  • د. الشيماء المشد تكتب: الهوية والتراث.. كيف نستثمر القيم الثقافية لتحقيق النجاح؟
  • صناعة الألعاب الإلكترونية بسلطنة عمان .. مستقبل وفرص وتحديات !
  • نباتات تجذب الحب في حياتك
  • رئيس "جهاز الرقابة" يُدشن الهوية البصرية الترويجية لمحافظة الداخلية.. غدًا
  • ندوة بصلالة تستعرض أحدث علاجات الأمراض الجلدية
  • لتعزيز الإنتماء والشعور بالهوية الثقافية.. ندوة لطلاب مدارس الشرقية بمنطقة تل بسطا
  • ارتفاع صادرات صناعة عمان الى العراق خلال 11 شهرا