لم أكن وأنا أكتب مقالة الأسبوع الماضي حول موضوع ثقافة الأصداء، وهيمنة مواقع التواصل الاجتماعي، وحلول النصّ الإلكتروني بدل النصّ الورقيّ وسيادة ثقافة العبور البصريّ وتعميم المعلومات في بحر النت دون حسيب أو رقيب على وعي بأنّ الأجهزة الحاملة لهذه المعرفة يُمكن أن تتحوّل إلى أسلحة تدمير للبشريّة، واقعة لبنان وما فعله الكيان الإسرائيليّ بعناصر حزب اللّه إذ حوّل آلاف البشر في لحظة إلى مشاريع متفجِّرة بسبب ما يحملونه في جنباتهم من أجهزة تواصل "ذكيّة"واقعةٌ مفزعةٌ، مُرعبةٌ، دافعةٌ البشريّة إلى ما نادى به الرومانسيّون والطبيعيّون من ضرورة العودة إلى حياة البدايات الأولى، إلى حياة الانفصال عن مدنيَّة تتوجّه إلى قتل البشر، أكثر من توجّهها إلى تيسير حياة النّاس.
واقعةُ لبنان في تفجير أجهزة "البيجر" في وجوه مستعمليها، والقضاء على عدد منهم وإصابة الشقّ الأكبر بالعمى أو بإصابات مؤذيَة هي واقعةٌ تحملنا على التدبُّر والتفكير، بصرْف النظر عن طبيعة الصراع بين المتحاربين، وبصرْف النظر بين أحقيّة فعل ذلك من عدمه، فهذه الواقعة لها دلالة سيميائيّة عميقة، ولها أبعاد تدفعنا إلى التفكير في هذه الأجهزة الذكيّة التي صارت تُلازمنا وتحتوي حياتنا، ولا نقدر أن نعيش بدونها، في هذا الجهاز المحمول الذي أكتب عليه نصوصي، وفي أجهزة الاتّصالات التي تغمر بيوتنا، وفي طبيعة علاقتنا الوجوديّة بها. تذكّرتُ صديقًا أضاع يومًا هاتفه المحمول في المطار، فدخل في حالة هستيريّة رهيبة، وعلّة ذلك أنّ هاتفه المحمول فيه كلّ حياته، فيه تاريخ صور أبنائه، فيه بطاقاته البنكيّة، فيه رسائله الإلكترونية، يقول إنّه أصبح معزولا عن العالم، وأصبح غير قادر على التعامل مع النّاس، وعلى دفع مشترياته، ويحتاج وقتًا حتى بستعيد حياته، في هاتف جديد، السؤال الذي نكَّد على النّاس خلال هذا الأسبوع، هل أنّ هواتفنا الذكيّة ولوحاتنا الفطنة، وحواسيبنا العمليّة هي أجهزةٌ يُمكن أن تُستَعمل قنابل متفجّرة ضدّنا في كلّ لحظة؟ الإحساسُ بعدم الأمان هيمن على المفكِّرين والمثقّفين خلال هذا الأسبوع، وانتقلنا من مرحلة أن هذه الأجهزة غير آمنة في المحافظة على سريّة المعلومات، إلى مرحلة أنّ هذه الأجهزة غير آمنة في المحافظة على الحياة نفسها! هل نحمل في جيوبنا وبين أيدينا قنابل قابلة بضغط زرّ أن تنفجر في بيوتنا وفي وجوهنا؟ عبّر المفكّرون عن رعبهم من خطر التكنولوجيا الرقميّة، ومن شدّة أذيّتها، ومن قدرتها على التحوّل إلى أجهزة تدمير شامل، حيرةٌ كبرى على المستوى الفكري والتنظيريّ في التفاعل مع موضوع الساعة، وفي إبداء الرأي في علاقة
الإنسان بالتكنولوجيا، وبأجهزة التواصل الرقميّة والذكيّة. لقد توجّه الذكاء البشريّ عبر التاريخ إلى تدمير الإنسانيّة أكثر من توجّهه إلى تجويد حياة الإنسان، وإن قارنّا بين تطوّر علوم مقاومة الأمراض والأوبئة وتطوّر أدوات الحرب والقتل في العالم لوجدنا بونا شاسعا. لقد اعتبر خبراء أمميّون أنَّ ما فعلته إسرائيل من تفجير لأجهزة التواصل في وجوه آلاف النّاس جريمة حرب، وقلّة أدب، غير أنّ ما يعنينا نحن البشر لا الخبراء أنّنا أمام خيالٍ علميٍّ صار واقعا، كنّا نشاهد أفلام الخيال العلمي التي تصوّر أشخاصا وُضعت شرائح في أجسامهم وهم قابلون للتفجير دوما وللتخلّص منهم بالضغط على زرّ، صرنا هذا الأسبوع نحيا هذا الخيال، وفي اعتقادي فإنّ الفكر البشريّ سيعيد التفكير في علاقته بالتكنولوجيا الرقميّة، ففي حين كانت تُطرَح مسألة اغتراب الإنسان، وفقدانه لهويّته وتحوّله إلى الرقمنة، دور التقنية في الدفع إلى فقدان الإنسان لكينونته (هايدجر)، وبيان الدور الإيديولوجي للرقميّات والتقنيات (هابرماز)، سيطرَح مستقبلا أمن الإنسان في استعماله للتكنولوجيا. تجاوزنا إشكاليّة "هيمنة
العلم والتكنولوجيا" على العقل البشريّ، وتحوّلها إلى يقين صارم، وإلى سلطةٍ فاعلة، إلى إشكاليّة "العلوم القاتلة"، تجاوزنا الصراع بين العقل المفكِّر المحلِّل والعقل العلميّ، ورصد الانتقال من عالم "يحكمه الفلاسفة" (أفلاطون) إلى عالم يحكمه "المهندسون". لقد تركّز الفكر الفلسفيّ في مباشرته لصلة الإنسان بالتكنولوجيا على بيان "فقدان الجوهر الإنسانيّ"، وعلى بيان تألية الإنسان، وتكريس الفكر العلمي الدوغمائي، في عالم يسيطر فيه العلم، ويدَّعي أنّه الأقدر على فهم العالم وتقديم أجوبة على كلّ أسئلته، يتحوّل العلم إلى عقيدة صارمة، وهو ما تلفظه الفلسفة وترفضه، بقول سالم يفوت "تعتبر الوضعانية، في نظر هابرماس، تعبيرا عن ذلك الجنوح إلى تحنيط العلم لدرجة يتحوّل معها إلى إيمان جديد واثق من قدرته الهائلـة على تقديم أجوبة لكل الأسئلة المطروحة واقتراح حلول ناجعة لكل القضايـا"، العلم والتكنولوجيا يجتهدان في السيطرة على الطبيعة، وعلى فرض معقوليّة علميّة، عقديّة، إيمانيّة، و"معقولية من هذا القبيل، لن تخدم سوى علاقات التسيير والتحكم التقني؛ إنها تفترض نوعا من السيطرة على الطبيعة أو على المجتمع". والحال أنَّ حادث الوضع في صلة الإنسان بعوالم الرقمنة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعيّ، تثير مسألة القدرة على قتل الإنسان، ونحن في عالم شرسٍ، لا عقل فيه، لا قِيَم تحكمه، سوى قيم القويّ المسيطر، والقويّ يدسّ السمّ في العسل، ونحن نأكل العسَل ونستلذّ سمّه!.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث للجسم عند تناول ملعقة عسل أبيض على الريق يوميًا؟
العسل الأبيض يُعتبر واحدًا من أكثر الأطعمة فائدة للجسم، خاصة عند تناوله على الريق. يحتوي على مجموعة غنية من الفيتامينات، المعادن، ومضادات الأكسدة التي تجعله علاجًا طبيعيًا للكثير من المشكلات الصحية.
ماذا يحدث للجسم عند
تناول ملعقة عسل أبيض على الريق يوميًا؟
ماذا يحدث للجسم عند تناول ملعقة عسل أبيض على الريق يوميًا؟
في هذا المقال، سنتعرف على الفوائد الصحية للعسل الأبيض عند تناوله يوميًا، وفقا لما نشره موقع هيلثي.
1. تعزيز المناعة
تناول ملعقة من العسل الأبيض على الريق يساعد في تعزيز جهاز المناعة بفضل احتوائه على مضادات الأكسدة والمركبات المضادة للبكتيريا.
الفائدة: يقلل من فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا.
دينا الشربيني تثير الجدل بملابس جريئة في أحدث ظهور لها
خلي بالك .. القطط تحمل أمراضًا فيروسية هذه الأيام
ياسمين رئيس بملابس غريبة في العرض الخاص بفيلمها الجديد
لازم تروح للدكتور فورا.. هيئة الدواء تحذر من هذه الأعراض المنتشرة
2. تحسين صحة الجهاز الهضمي
العسل يعمل كملين طبيعي ويحسن من صحة الأمعاء، حيث يساعد على تقليل مشكلات مثل الإمساك والانتفاخ.
الفائدة: ينظم حركة الأمعاء ويعزز صحة الجهاز الهضمي.
3. مصدر للطاقة
يعتبر العسل مصدرًا طبيعيًا للطاقة بفضل احتوائه على السكريات الطبيعية مثل الجلوكوز والفركتوز.
الفائدة: يمنحك دفعة من النشاط والطاقة لتبدأ يومك بقوة.
4. تحسين صحة القلب
العسل يحتوي على مضادات أكسدة تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب وتحسن من مستوى الكوليسترول الجيد في الدم.
الفائدة: يحافظ على صحة الشرايين ويقلل من خطر الجلطات.
5. يساعد في خسارة الوزن
تناول العسل على الريق يساعد في تحسين عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون بشكل أفضل.
الفائدة: يحد من الرغبة في تناول السكريات ويعزز حرق السعرات الحرارية.
6. تحسين صحة البشرة والشعر
العسل غني بالفيتامينات والمعادن التي تغذي البشرة وتقلل من مشكلات مثل حب الشباب والجفاف.
الفائدة: يمنحك بشرة نضرة وشعرًا صحيًا عند تناوله بانتظام.
7. تقليل التوتر وتحسين المزاج
العسل يحتوي على مركبات تساعد في تقليل مستويات التوتر وتعزيز إنتاج السيروتونين في الجسم.
الفائدة: يحسن من حالتك المزاجية ويمنحك شعورًا بالراحة.
طريقة تناول العسل الأبيض على الريق
ماذا يحدث للجسم عند تناول ملعقة عسل أبيض على الريق يوميًا؟
قم بتناول ملعقة صغيرة من العسل مباشرة بعد الاستيقاظ.
يمكنك إذابة ملعقة من العسل في كوب من الماء الدافئ للحصول على فوائد إضافية.
تحذيرات ونصائح
تأكد من أن العسل طبيعي 100% وغير مغشوش.
تجنب تناول العسل بكميات كبيرة لتفادي ارتفاع مستويات السكر في الدم.
العسل الأبيض ليس مجرد غذاء، بل علاج طبيعي يمكنك الاعتماد عليه لتحسين صحتك وحياتك اليومية.