عربي21:
2025-02-23@11:34:06 GMT

الحرب القائمة والحرب القادمة

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

مع اقتراب الحرب على غزة من إكمال عامها الأول لما تزال المقاومة مستمرة والأسرى الصهاينة في قبضتها، والعدو يتكبد الخسائر كل يوم وهو لا يدري كيف يخرج من هذا المستنقع الذي أوجد نفسه فيه، فلا هو حقق أهدافه المعلنة ولا هو يعرف طريقة يعلن بها انسحابه، ولا هو قادر على الجهر بالقول بأن حماس انتهت أو هُزمت، مما وضع العدو ورفاقه ومؤيديه في المنطقة وخارجها في حرج كبير وموقف صعب للغاية، فكان الحل هو التوجه صوب الشمال.



لكن التوجه شمالا يستدعي تحديد أهداف جديدة قابلة للتحقق حتى لا تتحول الحرب على لبنان إلى ورطة تضاف الى سجل الورطات التي وقع ويقع فيها المشروع الصهيوني، لذا بادر نتنياهو بتحديد الهدف بإعادة المهجرين من سكان شمال فلسطين المحتلة الذين يزيد عددهم عددهم عن 60 ألف مستوطن فروا خوفا وهلعا من صواريخ حزب الله؛ التي انطلقت لإسناد المقاومة في غزة بعد حرب الكيان عليها.

الناظر إلى تاريخ الاشتباكات والمناوشات التي وقعت بين حزب الله والعدو الصهيوني سيجد أنها متكررة ومتصاعدة من حيث القوة والمدى الزمني أيضا، ويرى أيضا أن أطماع الكيان الصهيوني في لبنان ليست محصورة في الجنوب الذي احتلته قوات الكيان المحاربة في عام 1979 ثم دخولها إلى قلب العاصمة اللبنانية بيروت، التوجه شمالا يستدعي تحديد أهداف جديدة قابلة للتحقق حتى لا تتحول الحرب على لبنان إلى ورطة تضاف الى سجل الورطات التي وقع ويقع فيها المشروع الصهيوني، لذا بادر نتنياهو بتحديد الهدف بإعادة المهجرين من سكان شمال فلسطين المحتلة الذين يزيد عددهم عددهم عن 60 ألف مستوطن فروا خوفا وهلعا من صواريخ حزب اللهوهي أول عاصمة عربية تدخلها قوات الكيان الصهيوني عبر تاريخ الصراع العربي الصهيوني، فدولة الاحتلال ترغب دوما في أن تكون محاطة بمناطق عازلة داخل الأراضي العربية بعيدا عن فلسطين التي احتلتها بالكامل تقريبا، لو استثنينا من ذلك غزة والضفة الغربية التي يتقاسم الاحتلال والسلطة الفلسطينية فيها الحكم والسيطرة منذ أوسلو 1993.

لو نظرت إلى مصر فسوف تجد أن سيناء البالغة مساحتها أكثر من 60 ألف كم مربع تكاد تكون منطقة عازلة بالكامل، فعداد الجيش المصري وعتاده في سيناء تم تحديده في اتفاقية كامب ديفيد 1979، ضمن أربع مناطق؛ أولها المنطقة(أ) وهي الأكثر تسليحا، ثم المنطقة (ب) وهي منطقة يسمح فيها بأربع كتائب بأسلحة خفيفة وقوام القوة لا يزيد عن أربعة ألاف جندي، ويحق لمصر تركيب أجهزة إنذار ساحلية على أن تكون قصيرة المدى، ثم المنطقة (ج) وهي بلا تسليح تقريبا سوى تسليح الأفراد المنتمين للشرطة، ثم المنطقة (د) الحدودية وهي منطقة يسمح فيها للعدو بأربعة آلاف جندي وأربع كتائب عسكرية.

وهكذا يتضح أن دولة الكيان حصنت نفسها بما يسمى السلام بعزل سيناء تقريبا عن مصر حال دون أي عدوان على الأراضي المصرية، وهذا ما لم يتحقق مع لبنان بعد أن غزت الجنوب ثم العاصمة ثم خرجت من الجنوب دون أن تحصل على منطقة عازلة؛ لأنها لم توقع اتفاق سلام مشابه لما جرى مع مصر والأردن.

هنا تبرز أهمية الحرب الحالية التي يشنها الكيان ضد لبنان، وليس ضد حزب الله، فالعدو يسعى للوصول إلى اتفاق سلام يحصل من خلاله على مميزات لم ولن يحصل عليها بالغزو أو الاشتباكات المتكررة عبر أربعين عاما تقريبا.

يسعى نتنياهو إلى تأمين جبهة الشمال باتفاقية مكتوبة، على عكس معظم المرات السابقة بينه وبين حزب الله، إذ كانت هناك اتفاقيات شفهية وأخرى عبارة عن ورقة ضمانات لتجنيب المدنيين، ولكن بعد طوفان الأقصى استطاع حزب الله أن يحول بين الكيان وبين شماله الذي أصبح صداعا في رأس أي حكومة منذ إنشاء دولة الكيان.

خيارات العدو الصهيوني في حربه التي بدأها قبل أيام على لبنان ليست خيارات مفضلة، بل محاولات للهروب من جحيم غزة واستحقاقاتها إلى فضاء أوسع سياسيا يرغب العدو من خلاله بالضغط السياسي على حزب الله ولبنان، للوصول إلى اتفاق سلام يضمن عودة نازحي الشمال وإقامة منطقة عازلة خالية من سلاح حزب الله في الجنوب، وبالتالي يحصل على مبتغاه بالسلام لأنه يعلم استحالة الحصول على ذلك بالحرب، فما شكل الحرب التي يريدها؟

يعلم العدو الحالة الاقتصادية المتردية للبنان سواء بسبب الفساد السياسي والمالي للنخب الحاكمة أو بسبب الحصار الخليجي التي تقوده السعودية، من أجل إخراج حزب الله من المعادلة السياسية اللبنانية تماما، وبالتالي فإن الضربات الجوية التي تستهدف المنشآت الاقتصادية والمدنيين تسبب ضغطا هائلا على الحزب وعلى مسلحيه وعلى عملياته في جنوب لبنان، بالتوازي مع الضغوط المتزايدة على إيران كي لا تتورط في دعم مباشر للحزب فتصبح هي الأخرى هدفا لضربات صهيونية؛ قد تطال مشروعها النووي أو تحدث هزة اجتماعية وسياسية كبيرة تظهر معها ضعف الدولة الفارسية في مواجهة العدوان الصهيوني واختراقاته الأمنية المتكررة، على غرار اغتيال الشهيد إسماعيل هنية قبل شهرين تقريبا.

رغم كل المحاذير التي قد تعيق من شن حرب برية ضد لبنان لكن نتنياهو ورفاقه المجرمين قد لا يتورعون عن خوض تلك الحرب بشكل أو بآخر، باعتبارها لازمة وحتمية لاستعادة زمام المبادرة وإخضاع كافة القوى العسكرية سواء نظامية أو غير نظامية في المنطقة للتفوق الصهيوني المزعوم، وبالتالي إجبار ما تبقى من حكومات عربية على توقيع اتفاقيات سلام
الحرب الشاملة بمعنى الغزو ليست أمرا هينا بناء على تصريحات وتعليقات الخبراء العسكريين وعلى رأسهم الجنرالات السابقون في جيش الاحتلال، فالجيش منهك بسبب غزة وقدرته على فتح جبهات عدة بعد عام من حرب شرسة لم تنته بالنصر في غزة يجعل من عملية الغزو مغامرة كبرى، خصوصا إذا ما تم استدعاء العنصر البشري (الشيعي) من الدول العربية أو التفكير في عميات "استشهادية"، أو استهداف مصالح أمريكية على غرار ما جرى في عام 1983 حين استُهدفت السفارة الأمريكية ثم مقر المارينز الأمريكان في بيروت.

ورغم كل المحاذير التي قد تعيق من شن حرب برية ضد لبنان لكن نتنياهو ورفاقه المجرمين قد لا يتورعون عن خوض تلك الحرب بشكل أو بآخر، باعتبارها لازمة وحتمية لاستعادة زمام المبادرة وإخضاع كافة القوى العسكرية سواء نظامية أو غير نظامية في المنطقة للتفوق الصهيوني المزعوم، وبالتالي إجبار ما تبقى من حكومات عربية على توقيع اتفاقيات سلام وطي ملف فلسطين وبقية الأراضي المحتلة في المنطقة، وعلى رأسها الجولان الذي يبدو أن بشار لا يقيم له وزنا ويعتبره جزءا من الأراضي السورية التي يتعين الدفاع عنها.

الخيار المتاح للكيان حاليا ولحين فترة من الوقت هو الضربات القوية التي لا تفرق بين مدني وعسكري، ولا بين منشآت اقتصادية أو مواقع عسكرية مع استهداف محكم لقادة الحزب العسكريين، بحيث تنال من معنويات الحزب والحضانة الشعبية وتجعل من تدخل إيران لدعم الحزب مغامرة غير محمودة العواقب، لكن من يعرف تاريخ الحزب وآلية تسليحه وقدراته العسكرية يدرك أن فكرة هزيمته عبر الاستهداف الجوي وحده لن يكتب لها النجاح؛ لأن مخزون الحزب من الصواريخ يمثل كابوسا للكيان وسكان المستوطنات في الشمال، فما بالك إن صدقت تهديدات نصر الله وقام باستهداف تل أبيب؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان فلسطين حزب الله الاحتلال لبنان فلسطين حزب الله الاحتلال مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة حزب الله

إقرأ أيضاً:

الشيعة التي نعرفها

كتب الوزير السابق جوزف الهاشم في" الجمهورية": يحقُّ لي، أنْ أتوجّه بصرخةِ رفضٍ وشجبٍ لأيِّ انحراف عن المسلكيّات الشيعيّة الراقية، وليس لأحدٍ أن يتّهمني بالخصومة أو بالتجنّي.مثلما اعتبرَ أنّ المسيحي الذي يعيش الإسلام حضارة وروحاً وحركة يحقّ له أنْ يبحث القضايا الإسلامية التي يمتلك عناصرها المعرفية... .»

الشيعة التي رفعنا لواءَها على حدِّ اللسان والقلم، هي الشيعة التي تغنّى بها: جبران خليل جبران، وأمين نخله، ومخايل نعيمه، وأمين الريحاني، وجرجي زيدان، وبولس سلامه، وسعيد عقل، وفؤاد إفرام البستاني إلى سائر الأدباء والشعراء المحدثين من المسيحيّين اللبنانيّين؟
 
الشيعة التي نعرفها وتعرفنا ويعرفها العالم الحرّ، هي شيعة الفضائل والمفاخر والعفّة والورع والعدالة والصفح والتسامح. هي شيعة التسامي الروحاني والإنساني... هي شيعة المقاومة الصارمة في وجه الظلم. هي شيعة القي مالأخلاقية والوطنية والوحدة اللبنانية. هي شيعة المنائر الفكرية والعلمية وأصحاب المقامات الجلائل في جبل عامل...
تأكيداً لما أعلنته حركة أمل  فإنّ تهديد السلم الأهلي وزعزعة الوحدة اللبنانية،وعرقلة نهوض الدولة - عدا عن كونها تعرّض مرحلة المعافاة للخطر - فهي العْجلُ الذهبي الذي يطمح إليه العدو الإسرائيلي للإنقضاض على لبنان.
الطائفة الشيعية الكريمة غنّية بتاريخ عريق وتراثٍ إنساني مجيد، وهي اليوم تمتلك من الطاقات والقدرات والحوافز ما يجعلها بارزة في نشاطها الوطني للمساهمة في إعلاء شأنها وشأن لبنان.
من هنا، وفي مناسبة تشييع السيدَين الشهيدَين، ومن خلال استلهامهما، يتعيّنُ على المرجعيات الشيعية وقيادة «حزب الله » تحديد المنطلقات المتوافقة مع التطوّرات الداخلية المرتبكة والتحوّلات الجذرية في المنطقة.
ولنكن كلّنا مقاومة، ولتكُنْ قراراتنا الوطنية من وحي سماء لبنان.

مقالات مشابهة

  • فشي وباء الكوليرا في منطقة النيل الأبيض في العام 2025م بسبب الحرب القائمة حتى الآن – أما آن الوقت لهذه الحرب اللعينة أن تضع أوزارها؟
  • حزب الله المهزوم يعرض عضلاته في تشييع نصرالله
  • حزب الله يشيع العشرات من مقاتليه.. استشهدوا خلال الحرب (شاهد)
  • تشييع 35 شهيداً في بلدة عيناتا الجنوبية ارتقوا خلال العدوان الصهيوني على لبنان
  • تشييع 35 شهيداً بجنوب لبنان ارتقوا خلال العدوان الصهيوني
  • ثلاثة مزاعم أطلقها ترامب حول زيلينسكي والحرب الروسية الأوكرانية.. ما الذي تكشفه الأرقام؟
  • الاستقرار في المنطقة.. هل يطال لبنان؟
  • سكان الضاحية يتخوفون من انهيار الأبنية و 87 ألف وحدة سكنية متضررة
  • الشيعة التي نعرفها
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع