عربي21:
2024-09-24@15:29:16 GMT

الحرب القائمة والحرب القادمة

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

مع اقتراب الحرب على غزة من إكمال عامها الأول لما تزال المقاومة مستمرة والأسرى الصهاينة في قبضتها، والعدو يتكبد الخسائر كل يوم وهو لا يدري كيف يخرج من هذا المستنقع الذي أوجد نفسه فيه، فلا هو حقق أهدافه المعلنة ولا هو يعرف طريقة يعلن بها انسحابه، ولا هو قادر على الجهر بالقول بأن حماس انتهت أو هُزمت، مما وضع العدو ورفاقه ومؤيديه في المنطقة وخارجها في حرج كبير وموقف صعب للغاية، فكان الحل هو التوجه صوب الشمال.



لكن التوجه شمالا يستدعي تحديد أهداف جديدة قابلة للتحقق حتى لا تتحول الحرب على لبنان إلى ورطة تضاف الى سجل الورطات التي وقع ويقع فيها المشروع الصهيوني، لذا بادر نتنياهو بتحديد الهدف بإعادة المهجرين من سكان شمال فلسطين المحتلة الذين يزيد عددهم عددهم عن 60 ألف مستوطن فروا خوفا وهلعا من صواريخ حزب الله؛ التي انطلقت لإسناد المقاومة في غزة بعد حرب الكيان عليها.

الناظر إلى تاريخ الاشتباكات والمناوشات التي وقعت بين حزب الله والعدو الصهيوني سيجد أنها متكررة ومتصاعدة من حيث القوة والمدى الزمني أيضا، ويرى أيضا أن أطماع الكيان الصهيوني في لبنان ليست محصورة في الجنوب الذي احتلته قوات الكيان المحاربة في عام 1979 ثم دخولها إلى قلب العاصمة اللبنانية بيروت، التوجه شمالا يستدعي تحديد أهداف جديدة قابلة للتحقق حتى لا تتحول الحرب على لبنان إلى ورطة تضاف الى سجل الورطات التي وقع ويقع فيها المشروع الصهيوني، لذا بادر نتنياهو بتحديد الهدف بإعادة المهجرين من سكان شمال فلسطين المحتلة الذين يزيد عددهم عددهم عن 60 ألف مستوطن فروا خوفا وهلعا من صواريخ حزب اللهوهي أول عاصمة عربية تدخلها قوات الكيان الصهيوني عبر تاريخ الصراع العربي الصهيوني، فدولة الاحتلال ترغب دوما في أن تكون محاطة بمناطق عازلة داخل الأراضي العربية بعيدا عن فلسطين التي احتلتها بالكامل تقريبا، لو استثنينا من ذلك غزة والضفة الغربية التي يتقاسم الاحتلال والسلطة الفلسطينية فيها الحكم والسيطرة منذ أوسلو 1993.

لو نظرت إلى مصر فسوف تجد أن سيناء البالغة مساحتها أكثر من 60 ألف كم مربع تكاد تكون منطقة عازلة بالكامل، فعداد الجيش المصري وعتاده في سيناء تم تحديده في اتفاقية كامب ديفيد 1979، ضمن أربع مناطق؛ أولها المنطقة(أ) وهي الأكثر تسليحا، ثم المنطقة (ب) وهي منطقة يسمح فيها بأربع كتائب بأسلحة خفيفة وقوام القوة لا يزيد عن أربعة ألاف جندي، ويحق لمصر تركيب أجهزة إنذار ساحلية على أن تكون قصيرة المدى، ثم المنطقة (ج) وهي بلا تسليح تقريبا سوى تسليح الأفراد المنتمين للشرطة، ثم المنطقة (د) الحدودية وهي منطقة يسمح فيها للعدو بأربعة آلاف جندي وأربع كتائب عسكرية.

وهكذا يتضح أن دولة الكيان حصنت نفسها بما يسمى السلام بعزل سيناء تقريبا عن مصر حال دون أي عدوان على الأراضي المصرية، وهذا ما لم يتحقق مع لبنان بعد أن غزت الجنوب ثم العاصمة ثم خرجت من الجنوب دون أن تحصل على منطقة عازلة؛ لأنها لم توقع اتفاق سلام مشابه لما جرى مع مصر والأردن.

هنا تبرز أهمية الحرب الحالية التي يشنها الكيان ضد لبنان، وليس ضد حزب الله، فالعدو يسعى للوصول إلى اتفاق سلام يحصل من خلاله على مميزات لم ولن يحصل عليها بالغزو أو الاشتباكات المتكررة عبر أربعين عاما تقريبا.

يسعى نتنياهو إلى تأمين جبهة الشمال باتفاقية مكتوبة، على عكس معظم المرات السابقة بينه وبين حزب الله، إذ كانت هناك اتفاقيات شفهية وأخرى عبارة عن ورقة ضمانات لتجنيب المدنيين، ولكن بعد طوفان الأقصى استطاع حزب الله أن يحول بين الكيان وبين شماله الذي أصبح صداعا في رأس أي حكومة منذ إنشاء دولة الكيان.

خيارات العدو الصهيوني في حربه التي بدأها قبل أيام على لبنان ليست خيارات مفضلة، بل محاولات للهروب من جحيم غزة واستحقاقاتها إلى فضاء أوسع سياسيا يرغب العدو من خلاله بالضغط السياسي على حزب الله ولبنان، للوصول إلى اتفاق سلام يضمن عودة نازحي الشمال وإقامة منطقة عازلة خالية من سلاح حزب الله في الجنوب، وبالتالي يحصل على مبتغاه بالسلام لأنه يعلم استحالة الحصول على ذلك بالحرب، فما شكل الحرب التي يريدها؟

يعلم العدو الحالة الاقتصادية المتردية للبنان سواء بسبب الفساد السياسي والمالي للنخب الحاكمة أو بسبب الحصار الخليجي التي تقوده السعودية، من أجل إخراج حزب الله من المعادلة السياسية اللبنانية تماما، وبالتالي فإن الضربات الجوية التي تستهدف المنشآت الاقتصادية والمدنيين تسبب ضغطا هائلا على الحزب وعلى مسلحيه وعلى عملياته في جنوب لبنان، بالتوازي مع الضغوط المتزايدة على إيران كي لا تتورط في دعم مباشر للحزب فتصبح هي الأخرى هدفا لضربات صهيونية؛ قد تطال مشروعها النووي أو تحدث هزة اجتماعية وسياسية كبيرة تظهر معها ضعف الدولة الفارسية في مواجهة العدوان الصهيوني واختراقاته الأمنية المتكررة، على غرار اغتيال الشهيد إسماعيل هنية قبل شهرين تقريبا.

رغم كل المحاذير التي قد تعيق من شن حرب برية ضد لبنان لكن نتنياهو ورفاقه المجرمين قد لا يتورعون عن خوض تلك الحرب بشكل أو بآخر، باعتبارها لازمة وحتمية لاستعادة زمام المبادرة وإخضاع كافة القوى العسكرية سواء نظامية أو غير نظامية في المنطقة للتفوق الصهيوني المزعوم، وبالتالي إجبار ما تبقى من حكومات عربية على توقيع اتفاقيات سلام
الحرب الشاملة بمعنى الغزو ليست أمرا هينا بناء على تصريحات وتعليقات الخبراء العسكريين وعلى رأسهم الجنرالات السابقون في جيش الاحتلال، فالجيش منهك بسبب غزة وقدرته على فتح جبهات عدة بعد عام من حرب شرسة لم تنته بالنصر في غزة يجعل من عملية الغزو مغامرة كبرى، خصوصا إذا ما تم استدعاء العنصر البشري (الشيعي) من الدول العربية أو التفكير في عميات "استشهادية"، أو استهداف مصالح أمريكية على غرار ما جرى في عام 1983 حين استُهدفت السفارة الأمريكية ثم مقر المارينز الأمريكان في بيروت.

ورغم كل المحاذير التي قد تعيق من شن حرب برية ضد لبنان لكن نتنياهو ورفاقه المجرمين قد لا يتورعون عن خوض تلك الحرب بشكل أو بآخر، باعتبارها لازمة وحتمية لاستعادة زمام المبادرة وإخضاع كافة القوى العسكرية سواء نظامية أو غير نظامية في المنطقة للتفوق الصهيوني المزعوم، وبالتالي إجبار ما تبقى من حكومات عربية على توقيع اتفاقيات سلام وطي ملف فلسطين وبقية الأراضي المحتلة في المنطقة، وعلى رأسها الجولان الذي يبدو أن بشار لا يقيم له وزنا ويعتبره جزءا من الأراضي السورية التي يتعين الدفاع عنها.

الخيار المتاح للكيان حاليا ولحين فترة من الوقت هو الضربات القوية التي لا تفرق بين مدني وعسكري، ولا بين منشآت اقتصادية أو مواقع عسكرية مع استهداف محكم لقادة الحزب العسكريين، بحيث تنال من معنويات الحزب والحضانة الشعبية وتجعل من تدخل إيران لدعم الحزب مغامرة غير محمودة العواقب، لكن من يعرف تاريخ الحزب وآلية تسليحه وقدراته العسكرية يدرك أن فكرة هزيمته عبر الاستهداف الجوي وحده لن يكتب لها النجاح؛ لأن مخزون الحزب من الصواريخ يمثل كابوسا للكيان وسكان المستوطنات في الشمال، فما بالك إن صدقت تهديدات نصر الله وقام باستهداف تل أبيب؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان فلسطين حزب الله الاحتلال لبنان فلسطين حزب الله الاحتلال مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة حزب الله

إقرأ أيضاً:

تقرير إسرائيلي يتحدّث عن المرّة الوحيدة التي كان من الممكن فيها اغتيال نصرالله.. ماذا كشف؟

ذكر موقع "عربي 21" أنّ ضابط مخابرات إسرائيلي سابق وصف الانفجارات التي وقعت في لبنان الأسبوع الماضي، بأنها "جريمة" وإهدار للقدرات، لافتا إلى أنه كان الأجدر توجيه الضربة القاضية لـ "حزب الله" بشكل مباشر.

ونشرت صحيفة يديعوت أحرنوت، تقريرا تحدثت فيه عن اللحظة التي كان يُمكن فيها لاسرائيل اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بشكل مباشر.

ووصف التقرير نصر الله بأنه من أخطر أعداء إسرائيل، مبينا، "ظهر يوم 12 تموز عام 2006، وبعد ساعات من أسر حزب الله الجنديين الإسرائيليين إلداد ريغيف وإيهود غولدفاسر، خرج نصر الله بمؤتمر صحفي قصير متفاخرا بالعملية".

وأضاف: "حينها، أطل أمين عام الحزب أمام الجمهور في قلب بيروت، وفي خطاب علني أمام الكاميرات، وخاطب الإسرائيليين بشكل واضح مباشر قائلا؛ إن الأسرى باتوا في مكان آمن وبعيد جدا، وفي حال هاجمت إسرائيل لبنان فسوف تندم جدا، وإن اختارت تل أبيب المواجهة فيجب أن تتوقع المفاجآت".

وتابع: "نصر الله أبلغ مستمعيه حينها أن القادة الإسرائيليين آنذاك إيهود أولمرت وعمير بيرتس ودان حالوتس، هم من المبتدئين، كما أنهم يفتقدون للخبرة".

وبين التقرير، أنه "من المشكوك فيه أن يكون أي من القادة في إسرائيل، قد خمن أنه في تلك اللحظات بالذات، أضاعت إسرائيل فرصتها الوحيدة للقضاء على نصر الله خلال حرب لبنان الثانية".

وقال العقيد المتقاعد رونان كوهين، الذي شغل منصب نائب رئيس قسم الأبحاث في قسم الاستخبارات: "كانت هذه هي المرة الوحيدة التي تم فيها الكشف عن مكان نصر الله وظهر علانية حتى نهاية الحرب. كان هناك مراسلون لبنانيون وأجانب، ولم يكن خائفا على الإطلاق. لقد حضر علنا، وأجريت معه مقابلة، وعقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه عن وجوده، وكانت هناك فرصة للقضاء عليه".

وذكر كوهين، أنه "منذ أن كانت بداية الحرب متلعثمة إلى حدّ ما، لم يكن من الواضح بعد إلى أين الأمور كانت ذاهبة".

وأضاف: "في الساعات الأولى كانت هناك فوضى، وتم نقل الأسلحة نحو لبنان. في ذلك اليوم، تم اتخاذ القرارات في الحكومة لبدء مهاجمة لبنان، الفرصة الوحيدة للقضاء على نصر الله كانت تعتمد على قرار سريع من قبل الحكومة، وهذا لم يكن حتى على جدول الأعمال".

وتابع: "الأمر الغريب تماما، أنه على الرغم من التغيير الكبير في سياسة الاغتيالات على خلفية الانتفاضة الثانية، فإن الجيش الإسرائيلي لم يجمع معلومات استخباراتية في السنوات التي تلت الانسحاب من لبنان في أيار عام 2000، وذلك من أجل هزيمة نصر الله. بعد وقت قصير من الانسحاب وتحديدا في تشرين الثاني 2000، اختطف حزب الله 3 جنود من الجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا. حينها، لم تكن إسرائيل مهتمة بتنفيذ أي عمل متطرف، وكانت سياسة الحكومة هي تحقيق الاستقرار على الخط عند الحدود وعدم إحداث تصعيد".

وأضاف: "حتى في السنوات التي سبقت أسر الجنديين في تموز 2006، لم يتم جمع أي معلومات استخباراتية كانت تهدف إلى القضاء على نصر الله، علما أن الأخير كان أحد الأهداف بالنسبة لإسرائيل".

وأوضح أنه "عشية حرب لبنان الثانية عام 2006، كان هناك احتمال لاستغلال تقاعس نصر الله ومحاولة إيذائه، لكن إسرائيل لم تحاول ذلك. عندما أرادت الإطاحة به، فقد كان الأوان قد فات، فنصر الله تحت الأرض، وجهاز الأمن يتلمس طريقه في الظلام. في الليلة الأولى من حرب تموز، بدأ الهجوم الإسرائيلي في مختلف مناطق لبنان، وفي الليلة الثانية، بدأت الهجمات بالفعل في بيروت. عندما أدرك نصر الله أننا نهاجم هناك، اختبأ حتى نهاية الحرب".

وبين كوهين، "في تلك الفترة، جرت محاولات عديدة لفهم مكان وجود نصر الله بالضبط داخل شبكة أنفاقٍ في بيروت. من المفترض أن المكان ليس نفقا صغيرا، بل هو عبارة عن أماكن كبيرة، تضم غرفة أوامر وتحكم وتغطي مساحة كبيرة جدا".

وكشف التقرير أنه "بعد اختفاء نصر الله، بدأ الجيش الإسرائيلي في استثمار موارد هائلة في محاولة لتحديد مكانه والقضاء عليه. وفي اليوم الثامن من الحرب، أسقط الجيش الإسرائيلي 23 طنا من المتفجرات على مخبأ لحزب الله في بيروت، ولكن تم إنقاذ نصر الله".

وأردف: "حينها، أطلق سلاح الجو الإسرائيلي كامل مخزونه من قنابل Jdam على المكان الذي كان فيه نصر الله، لكنه فشل في الوصول إليه، كما أنه منذ ذلك الهجوم مرت 18 سنة. يجب أن نكون قد أحرزنا تقدما في هذا الشأن.


وذكر كوهين: "لقد نفذنا هجومين خلال الحرب في محاولة منا للقضاء على نصر الله. الهجوم الأول كان هائلا، وذا قوة تفجيرية كبيرة، ولم نحصل حتى على إشارة إذا كنا نسير في الاتجاه الذي نريده. عندما نظرنا إلى الوراء، أدركنا أنه كان في المنطقة التي تم قصفها. أما الهجوم الثاني، فكان في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، لكن قدرة القنابل على الاختراق في ذلك الوقت كانت محدودة. كان المكان المستهدف نفقا، اعتقدنا أنه قد يكون مختبئا فيه، لكن القنبلة لم تخترقه. ربما سمع دوي انفجار في أعلى المكان، لكن لا شيء أكثر من ذلك".

وخلص التقرير: "لقد جربنا كل أنواع الأنشطة الخاصة الأخرى، لكن الأمر انتهى بالفعل.. لم تكن هناك قدرة استخباراتية حتى نهاية الحرب، ولكن تم إنشاء فرق خاصة. في الواقع، جرت محاولات عديدة، ولكن كان الأوان قد فات بالفعل. بقي نصر الله في المخبأ، ليس فقط حتى نهاية الحرب، بل أيضا لفترة طويلة جدا بعد ذلك". (عربي 21)

مقالات مشابهة

  • الرئيس الإيراني: حزب الله “لا يمكنه البقاء بمفرده” في وجه الكيان الصهيوني
  • الحزب وطهران متنبهان لـالسيناريو الذهبي.. بين الاستنزاف المتمادي والحرب الشاملة المستبعدة
  • ما هي المواقع التي استهدفها حزب الله داخل الكيان المحتل؟
  • إعلام العدو: شركات طيران دولية تعلن إلغاء جميع رحلاتها إلى الكيان الصهيوني
  • سياسي لبناني: رد المقاومة سيكون قاسٍ على الكيان الصهيوني
  • تقرير إسرائيلي يتحدّث عن المرّة الوحيدة التي كان من الممكن فيها اغتيال نصرالله.. ماذا كشف؟
  • الخارجية تحذر الكيان الصهيوني من الإمعان في العدوان على لبنان
  • وزارة الخارجية تحذر الكيان الصهيوني من الإمعان في العدوان على لبنان
  • ما هي وحدة الرضوان التي هجّرت المستوطنين وأرعبت الكيان؟