"المشاط" تُناقش جهود إعادة هيكلة النظام المالي العالمي ومعالجة تحديات الديون بالدول النامية
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة نقاشية رفيعة المستوى تحت عنوان: "مستقبل مستدام للجميع: الهيكل المالي الدولي للقرن الحادي والعشرين"، وذلك ضمن فعاليات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة و"قمة المستقبل" المنعقدة بنيويورك.
وشارك في الجلسة أكيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ وجون كيري، وزير الخارجية الأمريكي السابق ومبعوث الرئيس الأمريكي للمناخ؛ وماري روبنسون، الرئيس الأسبق لدولة أيرلندا، وخوسيه أنطونيو أوكامبو، ووزير المالية السابق بكولومبيا.
وخلال كلمتها بالجلسة، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أهمية إصلاح الهيكل المالي الدولي من أجل مستقبل عادل، موضحة أن الأدوات التمويلية التي تمتلكها البنوك التنموية متعددة الأطراف اليوم يجب أن تُستخدم بطريقة تحقق أجندة المناخ والتنمية معًا، حيث يكملان بعضهما البعض، كما يجب تحسين التمثيل في هذه البنوك ليعكس بدقة أكبر احتياجات الاقتصادات النامية والأقل نموًا، مضيفة أنه من الضروري أن تعمل المؤسسات المختلفة معًا لتلبية احتياجات الأسواق الناشئة وسد الفجوات التنموية المختلفة التي تؤثر على البلدان وتنتج تداعيات عالمية.
وفيما يتعلق بالتحديات الجيوسياسية، أشارت إلى التحديات المتعلقة بتسلسل الإصلاحات المالية المختلفة وضرورة اتباع نهج منسق لمعالجتها بسرعة، لافتة إلى أن الأبعاد الجيوسياسية غالبًا ما تعيق الدول النامية عن الحصول على التمويل المطلوب بشدة، حتى عند اتباع القنوات والإجراءات الصحيحة، كما أن الاستثمارات من القطاع الخاص قد تُعاق بسبب الاعتبارات السياسية.
وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على أهمية توفير تمويل إضافي للدول التي تعاني من ارتفاع مستويات بالديون، حيث نشهد في بعض الحالات أن أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي يذهب إلى خدمة الديون، مشيرة إلى الحاجة الملحة إلى مزيج من الاستثمارات من القطاعين العام والخاص لدفع عجلة التحول، ودعت الوزيرة إلى التركيز على أمثلة عملية وضرورة تنسيق الجهود لمعالجة هذه التحديات وضمان تنفيذ الإصلاحات المالية بفعالية.
ومن جانبه، قال جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والمبعوث الرئاسة الأمريكية للمناخ، إن عدم التزام المجتمع الدولي بالعمل المناخي يؤثر بشكل سلبي على كل مناحي الحياة على كوكب الأرض، ورغم التزام نحو 200 دولة بعدم التوسع في مشروعات الوقود الأحفوري، إلا أن الممارسات الواقعية غير ذلك تمامًا. وتابع قائلًا "نحن نتحدث عن المستقبل، لا حديث عن المستقبل إلا إذا قمنا بتوفير الاستثمارات اللازمة لتحقيق التحول نحو مستقبل مستدام، وحشد بين 2.5 إلى 5 تريليونات دولار سنويًا، حتى نقضي على الانبعاثات بحلول عام 2030، مطالبًا الدول المتقدمة بزيادة مساهماتها الدولية في التحول نحو العمل المناخي وتقليل الاعتماد على المشروعات التي تزيد من حجم الانبعاثات.
وأضاف "كيري": "يتعين علينا توفير الاستثمارات اللازمة لإنجاز ما نصبو إليه، وأن نتبنى المبادرات البناءة مثل برنامج «نُوَفِّي» في مصر، والتي عملنا عليها مع شركائنا في مصر، حيث ينفذون مشروعات طموحة لإغلاق 12 محطة تعمل بالطاقة التقليدية بقدرة 5 جيجاوات، في مقابل تدشين مشروعات طاقة متجددة بقدرة 10 جيجاوات وهو ما يعزز موقف الطاقة النظيفة في مصر، كما يمكنها من التصدير للدول المجاورة".
من جانبه، أوضح أكيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بأن إصلاح البنية الأساسية للنظام المالي الدولي أصبح هدفًا مركزيًا يجب أن يتحقق للتغلب على التناقضات التي تشوب هذا النظام،موضحًا أنه لا يُتصور أن النظام المالي الحالي الذي يعمل منذ 80 عامًا يعمل في سياق الأيام الحالية.
وقالت ماري روبنسون، الرئيس الأسبق لدولة أيرلندا، إن المجتمع الدولي لم يقم بما ينبغي عليه في سبيل الحفاظ على البيئة والكوكب، موضحة أنه إذا نظرنا إلى التحول في مجال الطاقة سنجد أن إفريقيا لم تجذب الاستثمارات المطلوبة في هذا الشأن، بينما 90% من الاستثمار في مجال الطاقة في السنوات الأربعة الماضية تذهب للصين والدول المتقدمة.
وفي ذات السياق، قال وزير مالية كولومبيا الأسبق، إن القضية الأكثر إلحاحًا في الوقت الحالي هو المديونية التي تعاني منها العديد من البلدان، خاصة في دول إفريقيا جنوب الصحراء، والتي تتطلب العمل عليها من المجتمع الدولي، موضحًا أهمية زيادة تمويل التنمية.
*معالجة تحديات الديون من أجل التنمية المستدامة*
في سياق متصل، شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة نقاشية بعنوان "معالجة تحديات الديون من أجل التنمية المستدامة"، وذلك خلال مشاركتها في فعاليات الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة و"قمة المستقبل" المنعقدة بنيويورك.
وناقشت الجلسة ارتفاع مستويات الديون في البلدان النامية بشكل حاد، مع تزايد تكاليف خدمة الدين وإعادة التمويل، مما يقلل الحيز المالي لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والحلول متعددة الأطراف لمعالجة هذه المشكلة. شارك في الجلسة ريبيكا جرينسبان مايوفيس، الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، وخوسيه أنطونيو، وزير المالية الأسبق بكولومبيا.
وفي كلمتها بالجلسة؛ أشارت "المشاط" إلى العوائق التي تواجه الدول في رحلتها نحو التطور والتقدم ومنها الفجوات التنموية التي تعد احدى تلك العوائق، مشيرة إلى التحديات العالمية التي تعرضت لها الدول في السنوات الأخيرة مما هدد قدرة الأنظمة الوطنية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما كان لتلك التحديات والصراعات الدولية تداعياتها على الاقتصادات الناشئة تتجاوز بكثير حدود المناطق التي تدور فيها تلك الصراعات.
وتابعت أنه في إطار سعي الدول نحو التقدم؛ فإن مواردها المحلية وحدها لا تكفي، وبالتالي يمكن أن يتم سد تلك الفجوة التمويلية من خلال مصادر تمويل مختلفة، إلا أن تلك المصادر ليست ميسرة دائمًا، لافتة إلى أن الدول التي تواجه الفقر أو الجوع أو الحاجة إلى الاستثمار في المزيد من المدارس أو الرعاية الصحية، ولا يتوفر لها التمويل الميسّر، تلجأ في تلك الحالة إلى التمويل التجاري أو إصدار السندات، إلا أنها تواجه بعد ذلك أزمات مختلفة ترفع تكلفة الاقتراض.
وفيما يتعلق بالحلول، أكدت "المشاط" أهمية التنسيق بين الدائنين، حيث تهدف الحلول متعددة الأطراف، مثل الإطار المشترك لمجموعة العشرين لمعالجة الديون، إلى جمع جميع الدائنين الرئيسيين، بما في ذلك المقرضين غير التقليديين مثل الصين والهند والمشاركين من القطاع الخاص، لضمان نهج منسق لإعادة هيكلة الديون، لافتة إلى أن الاستقرار المالي من خلال توفر السيولة، حيث يتيح تخصيص حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي دعم السيولة الفوري للدول دون إضافة أعباء ديون.
كما أشارت إلى استدامة الديون على المدى الطويل، حيث قدمت المبادرات متعددة الأطراف مثل مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون ومبادرة تخفيف الديون متعددة الأطراف ومبادرة تعليق خدمة الديون لمجموعة العشرين تخفيفًا مستهدفًا للديون للدول المؤهلة، مما أتاح تحرير الموارد للتنمية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التنمیة المستدامة متعددة الأطراف
إقرأ أيضاً:
ماذا لو اختفى النظام الإيراني بضربة إسرائيلية- أميركية؟
حتى وإن وضعت الحرب أوزارها بين إيران وإسرائيل /أميركا، فلا يصعب تخيل اندلاع جولة أخرى من هذا الصراع في لحظة قادمة، ولا سيما أن إيران أثبتت أن ما لديها من مخزون وتقنية باليستية، قادر على تهديد العمق الإسرائيلي. وإذا ما نشبت حرب قادمة فربما يكون شعارها تغيير النظام، حتى لو اقتضى الأمر تدخلًا بريًا، أو إثارة الفوضى في الداخل الإيراني.
مثل هذا الاحتمال يدفعنا إلى طرح السؤال: ماذا لو اختفت إيران -بنظامها الحالي- من معادلة الشرق الأوسط؟ وهذا ما نحاول الإجابة عنه أدناه.
أولًا: القضية الفلسطينيةمن أبرز التداعيات السياسية والأمنية لأي تطور خطير قد يطرأ على إيران، أن تستغل إسرائيل والولايات المتحدة هذا الوضع لتنفردا بتحديد مستقبل القضية الفلسطينية، عبر تجميدها، أو حتى السعي لتصفيتها بالكامل.
ويتم ذلك من خلال خطوات عملية تشمل ضم مزيد من الأراضي، وتسريع وتيرة الاستيطان، وفرض واقع جديد على الأرض، إضافة إلى اقتراح صيغة مختلفة للتعامل مع غزة سبق أن رفضتها الدول العربية، ويُطلق عليها حاليًا: "اليوم التالي" لما بعد المجازر والإبادة الجماعية التي دمرت كل مقومات الحياة في القطاع.
في هذا السياق، سيتعرض المقاومون الفلسطينيون، رغم امتلاكهم ورقة الأسرى، لضغط نفسي هائل، قد يؤثر على تمسكهم بخيار الكفاح المسلح.
والمؤكد أن القدس والمقدسات في الخليل وغيرها، إلى جانب وجود السلطة الفلسطينية في رام الله بناءً على اتفاقات أوسلو، وما تمثله من سيطرة رمزية على مناطق محدودة من الضفة الغربية، كل ذلك قد يصبح في طي النسيان.
ويتعزز هذا الاحتمال في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية المنتمية إلى اليمين المتطرف، والتي تعيش حالة من الزهو بالنصر والثقة الزائدة، خصوصًا بعد التورط الأميركي المباشر في الحرب.
ويبدو أن ما يشجع إسرائيل على المضي في هذه السياسات هو قناعة الولايات المتحدة، ومعها القوى الأوروبية التي دعمت نشأة إسرائيل منذ البداية، بأن تل أبيب هي الطرف المنتصر الذي يحق له فرض رؤيته وشروطه.
إعلانوبناءً عليه، فإن جميع التصريحات السابقة عن حل الدولتين، ورفض الاستيطان، والحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ستُطوى وتُعتبر من الماضي.
ثانيًا: إسرائيل ودول الجوار الجغرافيفي محيطها العربي القريب، تبدو الخطط الإسرائيلية أكثر تعقيدًا. فعلى الحدود الجنوبية مع مصر، يلوح في الأفق سيناريو تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو سيناريو خطير قد يدخل حيّز التنفيذ.
ورغم الموقف المصري الرافض هذه الفكرة، فإن الضغوط الإقليمية والدولية قد تكون غير مسبوقة هذه المرة. وعليه، فإن التصدي لهذا المخطط قد يتطلب من القاهرة مواقف نوعية، تصل حد التلويح بالمواجهة العسكرية، وإن كان هذا الاحتمال لا يزال مستبعدًا في الوقت الراهن.
أما في الأردن، فيبدو الوضع أكثر مرونة من المنظور الإسرائيلي، حيث يمكن أن يُطرح خيار تهجير أعداد كبيرة من فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأراضي الأردنية، مقابل وعود أميركية بدعم اقتصادي سخي، قد لا تقدمه واشنطن مباشرة، بل من خلال أطراف دولية أخرى، إن أوفت بوعودها أصلًا.
وفي سوريا، تُطرح سيناريوهات غير معلنة قد تُفضي إلى ترتيبات ميدانية جديدة، يُعاد من خلالها رسم التوازنات في الجنوب بما يمنح النظام الحالي قدر من الاستقرار.
أما في لبنان، فقد يكون إنهاء مهمة قوات اليونيفيل على الحدود الجنوبية مسألة وقت، إذ يكفي إطلاق رصاصة واحدة- أو حتى فبركتها- كي تتخذها إسرائيل ذريعة للتدخل العسكري، وفرض شريط حدودي يمتد لعدة كيلومترات جنوب نهر الليطاني.
ثالثًا: الاتفاقات الأبراهاميةفي إطار مسعاها لإعادة تشكيل المنطقة وفق رؤيتها الخاصة، ستسعى إسرائيل- وقد شعرت بذروة قوتها- إلى الإسراع في تطبيع علاقاتها مع ما تبقى من الدول العربية الكبرى التي لم تلتحق بعد بركب "الاتفاقات الأبراهامية".
لكن هذه المرة، لن يقتصر الأمر على علاقات شكلية أو دبلوماسية، بل ستمضي إسرائيل نحو إبرام اتفاقات شاملة تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
الهدف من هذه الاتفاقات يتجاوز مجرد التقارب، بل يسعى إلى تقليص سيادة تلك الدول تدريجيًا، بما يجعل إسرائيل اللاعب المحوري في إدارة موارد وثروات المنطقة.
وستحظى هذه المساعي بدعم أميركي واسع، إذ ترى واشنطن فيها أداة فعالة لطرد النفوذ الروسي والصيني من الشرق الأوسط، وإعادة ترتيب الإقليم بما يخدم المصالح الغربية أولًا وأخيرًا.
رابعًا: تجزئة المجزأ وشرذمة المشرذمفي ظل نشوتها بما تعتبره "نصرًا"، قد تعمد إسرائيل إلى كشف أوراق خطتها القديمة التي لطالما تداولتها أوساطها الإستراتيجية في الخفاء، والتي تقوم على دعم الأقليات الدينية والإثنية داخل العالم العربي، ليس فقط بشكل غير مباشر كما في السابق، بل عبر إعلان صريح وواضح يهدف إلى تفتيت المنطقة إلى كيانات صغيرة وضعيفة.
سيُعاد إحياء المشاريع التقسيمية القديمة، لتتحول بعض المكونات الطائفية والعرقية إلى شبه دول: شيعية، سنية، درزية، مارونية، قبطية، شركسية، كردية، وأمازيغية.
وتُسلح هذه الكيانات أحيانًا لمجابهة الدولة المركزية، بل قد تُزج لاحقًا في صراعات متبادلة مع نظيراتها الطائفية أو القومية (كالصراع السني/الشيعي، أو العربي/ الكردي، أو المسلم/ القبطي…).
إعلانوقد لا تقتصر الفوضى على هذا النطاق، بل تمتد إلى اقتتال داخل كل فئة على حدة: كردي ضد كردي، ومسيحي ضد مسيحي… وهكذا، بما يضمن لإسرائيل بيئة مجاورة مضطربة لا تشكل عليها أي تهديد مستقبلي.
خامسًا: شرق أوسط جديدمن بين المهام الإستراتيجية التي تسعى إسرائيل إلى تنفيذها، إعداد بيئة إقليمية تمكّنها من فرض هيمنتها الكاملة دون وجود أي منافسين حقيقيين. وفي هذا الإطار، تُعرض الاستثمارات الإسرائيلية- مدفوعة بغطاء سياسي واقتصادي- على دول عربية ثرية، بحيث تُصبح هذه الدول مع الوقت رهينة لمصالح إسرائيل، وتابعة لها اقتصاديًا وإستراتيجيًا.
أما البحر الأحمر، الذي كان يُنظر إليه في خمسينيات القرن الماضي كمجال إستراتيجي عربي، فهو مرشح اليوم لأن يتحول إلى ما يشبه البحيرة الإسرائيلية، عبر السيطرة على الممرات البحرية والجزر الممتدة من باب المندب جنوبًا حتى شمال البحر. وقد خلصت إسرائيل إلى أن من يُمسك بمفاتيح هذا الممر يملك قدرة حاسمة على تهديد أو حماية تجارتها الدولية.
وفي شرق البحر المتوسط، وتحديدًا في بحر غزة، وصولًا إلى السواحل المقابلة لقبرص واليونان وتركيا، تتطلع إسرائيل إلى بسط نفوذها الكامل على الثروات الغازية والنفطية، وإخضاع هذا الامتداد البحري لمصالحها الحيوية.
وتمتد هذه الطموحات إلى القارة الأفريقية، حيث تسعى إسرائيل- عبر علاقتها المتينة مع إثيوبيا وإريتريا- إلى توسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري هناك، ومنافسة قوى دولية كبرى مثل الصين وروسيا وفرنسا على الأسواق والموارد والنفوذ في تلك المناطق الحيوية.
في مواجهة الإستراتيجية الصهيونيةفي ظل هذا المشهد المتشابك، تبدو الحاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى لأن تبحث الدول العربية- وعلى رأسها مصر- عن بدائل أمنية وإقليمية تكبح جماح التمدد الصهيوني المرتقب. فمصر، بوصفها القوة العسكرية الأبرز في المنطقة، مؤهلة لأن تلعب دورًا محوريًا في صياغة هذا التوازن المضاد.
ولن يكون من الحكمة أن تنتظر القاهرة أو العواصم العربية الأخرى حتى تكتمل لحظة الانقضاض على طهران، إذ ينبغي اتخاذ إجراءات وقائية منذ الآن.
من بين أبرز هذه الإجراءات، الوقوف الحازم في وجه مخطط تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، لما لهذا الموقف من أهمية في إبقاء القضية الفلسطينية حية على الساحة الدولية.
كذلك، يُعد تعزيز التعاون الإستراتيجي بين الدول العربية من جهة، وكل من روسيا والصين وتركيا من جهة أخرى، خيارًا واقعيًا وواعدًا، يمكن أن يُسهم في كبح التدخلات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، خاصة إذا تحولت هذه الشراكات إلى صيغ اقتصادية وعسكرية متينة.
ومن الأهمية بمكان أيضًا، إعادة تقييم مسار "الاتفاقات الأبراهامية"، والسعي إلى وقف موجة التطبيع المتسارع، لا سيما أن مبرراته السابقة -وعلى رأسها "الخطر الإيراني"- قد تراجعت أو تلاشت تمامًا. ولم تعد بعض الدول العربية مضطرة للرضوخ لخطاب التخويف الأميركي، الذي طالما استُخدم لدفعها نحو تحالفات أمنية علنية أو سرية مع إسرائيل.
ومن بين أوراق الضغط الإستراتيجية كذلك، تشجيع إيران على إقامة تحالفات عسكرية مع الصين أو روسيا، وهي خطوة كانت طهران تتحفظ عليها سابقًا، لكنها اليوم- بعد استهداف منشآتها النووية- قد تجد نفسها نادمة على ترددها، وأكثر استعدادًا للانخراط فيها.
إن الوقائع الماثلة تفرض على الدول العربية أن تتحرك سريعًا لحماية أمنها القومي، وألا تكتفي بردّ الفعل بعد فوات الأوان، لأن تأجيل المواجهة قد يؤدي إلى واقع أكثر إيلامًا وتعقيدًا في المستقبل القريب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline