عربي21:
2025-03-15@10:30:27 GMT

NYT: بايدن في سباق مع الزمن مع تصاعد العنف في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

NYT: بايدن في سباق مع الزمن مع تصاعد العنف في الشرق الأوسط

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الهجوم الشرس الذي شنته "إسرائيل" على حزب الله،  ليس فقط توسعا كبيرا للحرب ولكنه أيضا توسع كبير في الصدع بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأضافت أن حذر بايدن علنا وسرا من الحاجة إلى تجنب حرب إقليمية، والتي يمكن أن تتصاعد بسهولة إلى صراع مباشر بين "إسرائيل" وإيران.

كان حذره موضوعا رئيسيا للحديث عندما سافر إلى "إسرائيل" بعد أيام من هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، سواء لوعد "إسرائيل" بأن أمريكا ستقف بجانبها، أو للتحذير من ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.

حتى أن بايدن تمسك بالأمل في التوصل إلى اتفاق سلام تحويلي للشرق الأوسط كان يعتقد أنه في متناول اليد قبل عام، معتقدا أنه يمكن أن يحدث حتى في الوقت الذي بدأت الحرب في غزة تمزق أسس مثل هذا الاتفاق.


الآن، يقول مساعدو بايدن، إن الرئيس بدأ يعترف بأن الوقت ينفد ببساطة. فمع بقاء أربعة أشهر فقط في منصبه، تبدو فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار والاتفاق على إطلاق سراح الرهائن مع حماس أضعف من أي وقت منذ وضع  بايدن خطة في بداية الصيف. ولم يكن خطر اندلاع حرب أوسع نطاقا أكبر مما هو عليه الآن.

في العلن على الأقل، يصر مسؤولو الإدارة على أنهم لم يستسلموا. ويقولون إنهم ببساطة لا يستطيعون المضي قدما بينما تجلب الصواريخ الموت والدمار إلى شمال "إسرائيل" وجنوب لبنان. وهم متمسكون بالأمل في أن حتى هذا المستوى من تبادل الصواريخ والقذائف بين "إسرائيل" وحزب الله لن يتحول إلى الحرب الإقليمية التي كانوا يحاولون درءها.

أصر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، خلال عطلة نهاية الأسبوع: "يمكننا اختيار أي لحظة، أي مجموعة من الصواريخ التي يطلقها حزب الله، أي مجموعة من الضربات التي تشنها إسرائيل، ونقول، هل هذا تصعيد؟ هل هذا تصعيد؟" وكان قد تحدث بعد ساعات فقط من قيام "إسرائيل" باغتيال أحد زعماء حزب الله المطلوبين لدوره في تفجيرين في بيروت عام 1983 أسفرا عن مقتل أكثر من 350 شخصا، معظمهم من أفراد الخدمة الأمريكية.

واستطرد  سوليفان قائلا: "أعتقد أنه ليس تمرينا مفيدا بشكل خاص. بالنسبة لنا، فإن التمرين الأكثر فائدة هو محاولة دفع الطرفين إلى مكان نحصل فيه على نتيجة متفق عليها ودائمة يمكن أن تنهي الدورة وتمنعنا من الانتهاء إلى الحرب الأكبر".

من نواحٍ عديدة، لا يستطيع  سوليفان أن يتبنى وجهة نظر مختلفة، على الأقل في العلن. لا فائدة من إعلان أن خطط  بايدن قد تحطمت في الوقت الحالي. وبينما أصر سوليفان، السبت، على أنه "ما زال يعتقد أن هناك طريقا للوصول إلى إلى الهدف عبر مسار متعرج ومحبط"، يعتقد الكثيرون من حوله أن الوقت ينفد بالنسبة لخطة الرئيس. في الواقع، يلاحظون أن الولايات المتحدة لم تتمكن حتى من تقديم "خطة الجسر" لوقف إطلاق النار النهائي - وهو ما قالته قبل ثلاثة أسابيع إنه وشيك - لأنه لا توجد فرصة لأن يفكر نتنياهو أو يحيى السنوار، زعيم حماس، في ذلك في هذا الوقت.

قال  سوليفان: "حسنا، في الوقت الحالي، لا نشعر أننا في وضع يسمح لنا، إذا طرحنا شيئا اليوم، بجعل كلا الجانبين يقولان نعم له"، وهو أقل من الحقيقة، على أقل تقدير.

أفضل أمل للسيد بايدن الآن، في أشهره الأخيرة في منصبه، هو أن يتبنى خليفته صفقة تحويلية تعترف فيها السعودية بـ"إسرائيل"، وتوافق "إسرائيل" على حل الدولتين الذي من شأنه أن يمنح الفلسطينيين وطنا حقيقيا ومكانا في المجتمع الدولي.

لكن في السر، يبذل العديد من أعضاء فريق الأمن القومي لبايدن القليل من الجهد هذه الأيام لإخفاء استيائهم من رئيس الوزراء الإسرائيلي. والآن يتحدثون بشكل أكثر انفتاحا عن المباريات الصاخبة بين الرئيس ونتنياهو في المكالمات الهاتفية، أو عن الزيارات المحبطة التي قام بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى القدس والتي حصل فيها على تأكيدات خاصة من رئيس الوزراء، فقط ليشاهد  نتنياهو يناقضها بعد ساعات.

والآن يتساءلون بصوت عالٍ عما إذا كان رئيس الوزراء واصل طرح شروط جديدة في مفاوضات وقف إطلاق النار على أمل الحفاظ على ائتلافه الهش، أو البقاء في منصبه بعيدا عن المحكمة.

وبينما يقولون إنه يحق له تماما مهاجمة حزب الله، الذي أصبح "دولة داخل دولة" في لبنان، فإنهم يقولون أيضا إنه كان من الواضح أن البيت الأبيض لم يعلن عن أي مكالمات هاتفية بين الرئيس ونتنياهو بينما كانت أجهزة الإنذار تنفجر في جيوب أعضاء حزب الله وتطير الصواريخ. بدا الأمر وكأنه علامة على مدى قلة ما كان لديهم ليقولوه لبعضهما البعض.

وقال دينيس روس، المفاوض المخضرم في الشرق الأوسط، في مقابلة أجريت معه، الاثنين، إن جزءا من المشكلة كان أن بايدن ونتنياهو لم يتفقا أبدا بشأن أهدافهما النهائية؛ يقين  نتنياهو من قدرته على القضاء على كل تهديد وجودي لبلاده وتصميم  بايدن على تحقيق اتفاق السلام الذي أفلت من كل رئيس أمريكي منذ ريتشارد نيكسون.

قال روس، الذي أصبح الآن زميلا بارزا في معهد واشنطن: "إن فن الحكم يتلخص في التوفيق بين الأهداف والوسائل. وأنا لا أرى الأهداف أو الوسائل لتحقيقها فيما تفعله إسرائيل الآن". وأضاف روس أن حسابات "إسرائيل" كانت تتلخص في أنها قد تجبر زعيم حزب الله حسن نصر الله وأنصاره الإيرانيين على الاعتراف بأنهم سوف يدفعون ثمنا باهظا لمواصلة مهاجمة "شمال إسرائيل" إلى أن يتم التوصل إلى تسوية مع حماس في غزة.

ويرد المسؤولون الإسرائيليون بأن أهدافهم واضحة: شن حملة صاروخية من شأنها أن تمحو عمليات القيادة والسيطرة التي يقوم بها حزب الله ومخازن أسلحته. ومنذ الأسبوع الماضي، عندما أعلنت "إسرائيل" أن مركز الصراع يتحرك شمالا إلى لبنان، أصبحت هذه العملية منهجية.

وكان انفجار أجهزة النداء واللاسلكي الأسبوع الماضي بمثابة بداية، لا تهدف فقط إلى تشويه أعضاء حزب الله، الذي صنفته الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية منذ عقود، بل وأيضا إلى جعلهم خائفين من التواصل مع بعضهم البعض. استغرقت الخطة سنوات في الإعداد، وتضم شركات واجهة تسللت بعمق إلى سلسلة توريد حزب الله. وكانت حقيقة أن قيادة "إسرائيل" اختارت تنفيذها الأسبوع الماضي بمثابة إشارة إلى أن حملتها الأوسع نطاقا كانت على وشك أن تبدأ. (لم تؤكد إسرائيل أو تنفي أي دور لها في الانفجارات).

والآن بدأت هذه الحملة. فقد نزلت قوات خاصة إسرائيلية في سوريا، وفجرت منشأة يُعتقد أنها تصنع الصواريخ وتزود حزب الله بالأسلحة. وفي لبنان، يبدو أن الصواريخ الإسرائيلية موجهة إلى أنفاق التخزين تحت الأرض، والأقبية، وأي مكان تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن عشرات أو مئات الآلاف من الأسلحة مخبأة فيه. ويقول المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون إن عدد الانفجارات الثانوية المرئية في بعض مقاطع الفيديو للهجمات يشير إلى أن بعض هذه المعلومات الاستخباراتية كانت دقيقة على الأقل.

ويشير نطاق وحجم العملية إلى أن نتنياهو لم يعد راضيا عن تنفيذ عمليات ردع دورية لقوة حزب الله. وفي رأيه، غير السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كل شيء وحان الوقت لحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، سواء في غزة أو في لبنان.

ولكن من الصعب أن نتخيل أن  نتنياهو سيكون قادرا على القضاء على حزب الله، تماما كما عجز عن القضاء على حماس. ومن الأصعب أن نتخيل أن  نتنياهو سيقضي الكثير من الوقت في القلق بشأن تجاوز بايدن. فهو يعلم أنه إذا انتُخب الرئيس السابق دونالد ترامب، فسوف تكون يده أكثر حرية في متابعة الحرب ضد حماس وحزب الله بالطريقة التي يراها مناسبة.

وقال ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية، الذي عاد للتو من رحلة للتحدث مع المسؤولين الإسرائيليين: "الإسرائيليون، وخاصة الجناح اليميني في ائتلاف نتنياهو، عازمون على حل هذه المشكلة، ويعتقدون أنهم تركوا كل هذا يتفاقم لفترة طويلة جدا. وهم يعتقدون أنهم تلقوا نصيحة سيئة من الولايات المتحدة".

وأشار إلى أن بايدن، من جانبه، "لم يستخدم نفوذه على نتنياهو حقا"، في إشارة إلى سلطة الرئيس في قطع أنواع معينة من المساعدات العسكرية إذا تجاهل رئيس الوزراء نصيحته. "ولا تملك نفوذا ما لم تكن على استعداد لاستخدامه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن حرب الشرق الأوسط امريكا الاحتلال بايدن حرب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة رئیس الوزراء حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: حكومتنا لإبعاد «شبح الانقسام» في السودان

لندن: (الشرق الأوسط) في ظل الأوضاع المتأزمة التي يعيشها السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، برزت خطوة إنشاء حكومة «موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، لتثير مزيداً من القلق والمخاوف، والرفض داخلياً وإقليمياً ودولياً، والخوف على مستقبل السودان وتمزقه، ومواجهة خطر تقسيم ثانٍ، لكن داعمي هذه الخطوة الذين وقعوا دستوراً جديداً ووثيقة ترسم خريطة طريق للحكم، أخيراً، يرون أنها فرصة كبرى نحو سودان جديد يتمتع بالحرية والديمقراطية والعدالة، وينقذ البلاد من شبح التشرذم والفوضى.

تهدف الحكومة الجديدة، التي تُعرف بـ«حكومة السلام والوحدة»، حسب القائمين عليها، إلى إعادة بناء الدولة على أسس العدل والمساواة، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في جميع أنحاء السودان، وليس في مناطق «الدعم السريع» فحسب. وأرسلوا رسائل طمأنة للسودانيين ودول الجوار، بأن الهدف هو الحفاظ على وحدة السودان.

هذه المبادرة، التي تأتي في وقت حرج، تطرح نفسها كحكومة موازية للحكومة التي يساندها الجيش، وتتخذ من مدينة بورتسودان، عاصمة مؤقتة لها، تأمل في كسب ثقة السودانيين ودعم المجتمع الدولي من خلال إثبات جديتها في إنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية وعلمانية لا مركزية.

فهل ستنجح هذه الحكومة في تحقيق السلام المنشود، أم أن التحديات ستكون أكبر من قدرتها على التغيير؟ هذا ما سنحاول استكشافه في لقاء مع الدكتور الهادي إدريس، القيادي البارز في تحالف «تأسيس»، الذي يقف وراء إنشاء «حكومة موازية».

يقول إدريس، وهو عضو سابق في مجلس «السيادة» السوداني، إبان حكومة الثورة الثانية، التي كان يرأسها الدكتور عبد الله حمدوك، إن «الحكومة التي نريد تكوينها هي حكومة سلام ووحدة... نحن، كقوة سياسية وعسكرية، كنا حريصين منذ البداية على حل الأزمة السودانية التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بشكل سلمي، وبذلنا جهوداً كبيرة لدفع القوى المساندة لاستمرار الحرب، نحو الحوار والتعاطي مع المبادرات السلمية المختلفة بشكل إيجابي، (جدة والمنامة وجنيف)، لكن للأسف، فإن الجيش وسلطة الأمر الواقع في بورتسودان، رفضا التفاوض. فكان لزاماً علينا، التفكير في وسائل أكثر فاعلية لدفع الأطراف نحو الحوار وإيقاف الحرب، فكان إنشاء حكومة موازية تسعى للقيام بواجباتها نحو قطاع كبير من الناس لا يجدون العناية الكافية».

أسباب رفض الجيش للحوار
ويرأس إدريس أيضاً تحالف «الجبهة الثورية» الذي يضم حركات مسلحة من دارفور وتنظيمات سياسية خارج دارفور، مثل مؤتمر البجا المعارض بقيادة أسامة سعيد، وحركة «كوش» السودانية من أقصى الشمال، يقول: «نحن نعرف جيداً لماذا يرفض الجيش الذهاب إلى طاولة المفاوضات، السبب الرئيسي هو وقوعه تحت تأثير الحركة الإسلامية وأنصار وفلول النظام البائد، الذين يرون أن أي عملية سياسية ستخرجهم من المشهد وتقلص نفوذهم. لذلك، هم حريصون على استمرار الحرب رغم ما تسببه من كوارث وآلام وتشريد للمواطنين، كما أن هناك حركات مسلحة متحالفة مع الجيش ترى في استمرار الحرب مصلحة شخصية لها، حيث تعتمد هذه الحركات على استمرار الصراع لضمان بقائها، وبقاء مصالحها. وبعضها يقوم بعمليات سلب ونهب لممتلكات المواطنين، في وسط الفوضى الضاربة بأطنابها في السودان حالياً».

سياسات التقسيم
ويتهم إدريس قادة الجيش السوداني باتخاذ إجراءات تعرض البلاد للتقسيم من خلال إصدار عملة جديدة في مناطق سيطرتهم، وحرمان مناطق أخرى، وإعلانهم عن بدء الدراسة في مناطق دون أخرى، وفتح المجال لإصدار وثائق السفر والهوية لبعض الأشخاص وحرمان الآخرين. إضافة إلى إصدار قانون غريب يعرف باسم (الوجوه الغريبة). وأشار إلى أن «هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تقسيم البلاد، وهو ما نرفضه تماماً».

وتابع إدريس «الحركة الإسلامية لديها مشروع لتقسيم البلاد، وقد قسمت الجنوب من قبل. نحن الآن نقوم بإجراءات لتأمين وحدة السودان. نحن نؤمن بوحدة الوطن، ويجب أن يبقى دولة موحدة، وأن أي حل يجب أن يأخذ في الاعتبار مصالح جميع السودانيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الجهوية أو العرقية أو الثقافية... وحتى نوقف عملية التقسيم الجارية، طرحنا إنشاء حكومة السلام والوحدة الوطنية».

حكومتنا لكل السودانيين
يقول القيادي في «تأسيس»: «حكومتنا ليست لدارفور وحدها أو (الدعم السريع) أو إقليم بعينه، بل هي لكل السودان، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب. أعددنا دستوراً يضمن حقوق الجميع، ووقع عليه أشخاص وكيانات مختلفة من جميع مناطق السودان». وأوضح أن الحكومة المقبلة ستكون مسؤولة عن إعادة بناء الدولة وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، بما في ذلك التعليم والصحة والأمن».

مخاوف محلية وإقليمية
وعلى الرغم من أن دولاً في الجوار السوداني ومنظمات دولية وإقليمية رفضت وبشكل قاطع أي حكومة موازية في السودان، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة «إيغاد» في القرن الأفريقي، فإن إدريس الذي يرأس أيضاً حركة تحرير السودان/المجلس الانتقالي، يقول إن مخاوف الناس في غير محلها، مع حقهم في أن يشعروا بالقلق، «ولكن عندما ترى حكومتنا النور، سيرون أننا مع الوحدة والسلام والاستقرار، وليس العكس».

ويضيف: «نحن نعمل على طمأنة دول الجوار بالتأكيد على أننا دعاة وحدة ولسنا مع تقسيم السودان. ونعتقد أن تقديم الخدمات للناس المحرومين منها، حتى الذين في مناطق الجيش، والعمل على حماية حقوقهم، سيكسبنا ثقة المجتمع الدولي، ودول الجوار القلقة. وإذا قمنا بفتح الحدود للمساعدات وحمينا الناس من الانتهاكات التي تحدث على الأرض، فإن نظرة العالم لنا ستتغير، وسيتعامل معنا بشكل إيجابي».

قضية الاعتراف
ويرى إدريس أن قضية الاعتراف بالحكومة الجديدة «لا تشغل لنا بالاً»، ويشير إلى زيارات قاموا بها في السابق إلى أوغندا وكينيا، وإثيوبيا وتشاد، حيث لمس تعاطفاً مع قضيتهم. وقال: «هذه الدول لديها مصلحة في استقرار السودان»، بدليل أنهم استُقبلوا في أوغندا من قبل الرئيس يوري موسيفيني نفسه، وفي كينيا فتحت لهم أبواب الاستضافة، ورحب بهم الرئيس ويليام روتو.

«في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، قابلنا رئيس الوزراء آبي أحمد. وذهبنا إلى تشاد واستقبلنا رئيسها محمد إدريس ديبي، بالإضافة إلى عدد آخر من الدول». وقال: «لا يعني ذلك أنهم يريدون الاعتراف بنا، ولكن يعكس اهتمامهم بالأوضاع في البلاد؛ لأن استمرار الصراع في السودان قد يؤدي إلى أزمات كبرى في بلادهم والمنطقة بأكملها». وأضاف: «لذلك، هم حريصون على استقرار السودان. ومن المؤكد عندما ننشئ حكومتنا، سنزور هذه البلدان، مرة أخرى وسيستقبلونا هذه المرة بوصفنا سودانيين ندير شأن السودان».

فشل الدولة القديمة
يقول إدريس إن «العالم يتغير من حولنا... ظهر عهد جديد في لبنان، ونظام جديد في سوريا، في أعقاب النظام القمعي القديم. ومن وجهة نظري، أن الأنظمة القديمة لم يعد لها مستقبل. ومنذ الاستقلال عام 1956، لم تنجح أيٌّ من هذه الأنظمة في تأسيس دولة وطنية تحفظ البلاد وتعلي شأنها. فتاريخ السودان منذ الاستقلال هو تاريخ صراعات واضطرابات. الناس تسأل: لماذا يهرب المواطن من بلده منذ عام 1956؟ لأنه لا يوجد استقرار. يوضح هذا أن هناك خللاً في تركيبة الدولة الوطنية. أنا أرى موجة جديدة من التغيير في الطريق... هناك دول ستنهض على أنقاض الدولة القديمة... لذلك، نحن في اجتماعاتنا في نيروبي تحدثنا عن ضرورة قيام دولة ديمقراطية علمانية لا مركزية، تحفظ حقوق جميع المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم الإقليمية أو العرقية».

دور متوقع للإدارة الأميركية
يقول إدريس: «كان للولايات المتحدة دور مهم منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2023، وبذلت إدارة الرئيس جو بايدن السابقة الكثير لمساعدة السودان، لكنها لم توفق في إيقاف الحرب. ونحن نأمل أن تلعب الإدارة الأميركية الجديدة والرئيس دونالد ترمب دوراً أكثر فاعلية، باستخدام سياسة الجزرة مع كل الأطراف حتى يتحقق السلام. نحن منفتحون، وحكومتنا حكومة سلام. وجاهزون للتعامل مع أي طرف يمكن أن يقود إلى حل الأزمة. نتطلع إلى أن تأتي الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة بسياسات جديدة وواضحة وقوية تستطيع أن تضغط على الأطراف كلها لوقف هذه الحرب اللعينة».

حماية المدنيين من القصف الجوي
يقول القيادي في «حركة تحرير السودان»: «من مسؤولية أي حكومة أن تحمي مواطنيها... وإلا فستكون بلا قيمة. سيكون لدينا وزير دفاع مهمته البحث عن آليات دفاعية تهدف في الأساس إلى حماية المواطنين المدنيين. بكل السبل وبكل الوسائل الممكنة. كما نعمل على إنشاء نواة للجيش الجديد من القوات الموجودة المؤيدة لحكومتنا؛ من الحركات المسلحة و(الدعم السريع)، والحركة الشعبية/شمال، ومن حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، وكل الفصائل المسلحة. سنؤسس لهيئة أركان مشتركة. وبعد إيقاف الحرب، سيكون هذا الجيش نواة للجيش الجديد. هذا الجيش سيكون مسؤولاً عن حماية الحدود والحفاظ على الأمن الداخلي، ولا دخل له بالسياسة».

ويضيف: «لن يكون هناك جيشان منفصلان بعد الآن، بل جيش واحد موحد. نحن ضد تعدد الجيوش كما تفعل حكومة بورتسودان الحالية، حيث يوجد العديد من الميليشيات والجيوش المتعددة. نحن نرى أن أحد أسباب اندلاع الحرب كان تعدد الجيوش، لذلك لن نكرر هذه التجربة. ومن اليوم الأول لتشكيل الحكومة، سنعمل على جمع كل هذه القوات في جيش واحد، بما في ذلك (قوات الدعم السريع)».

العملة ووثائق السفر
يؤكد إدريس أن «الحكومة الجديدة ستكون لديها عملة ووثائق سفر وجوازات، مشيراً إلى أن قضية العملة كانت أحد أهم الأسباب وراء التفكير في قيام حكومة جديدة. وأضاف في العديد من مناطق السودان، يعتمد الناس على نظام المقايضة، لأن حكومة بورتسودان جففت العملة من المناطق التي لا توجد فيها، حيث يتم تقايض السلع مثل الملح والسكر والقمح بسبب عدم وجود عملة متداولة. في بعض المناطق، لا توجد أموال متوفرة، مما يجعل الحياة صعبة للغاية... لذلك، ستكون إحدى المهام الأساسية للحكومة هو إصدار عملة جديدة. سيتم تحديد اسمها لاحقاً، وستعكس المبادئ والقيم التي نؤسس عليها الدولة الجديدة والميثاق الذي وقعناه». وقال إنه سيتم إصدار الجوازات والوثائق الثبوتية، وستكون متاحة لجميع المواطنين.

موعد إعلان الحكومة
وبشأن موعد إطلاق الحكومة الجديدة، يقول القيادي البارز في «تأسيس»، إن «مشاورات مكثفة جارية حالياً لتحديد موعد الإطلاق. ونتوقع أن يتم في غضون شهر، وسيتم الإعلان من داخل السودان». وقال إن لديهم العديد من الخيارات بشأن المواقع والمدن التي يمكن أن يتم فيها الإعلان، سيتم الكشف عنها خلال الأيام المقبلة.

الاتصالات مع قيادة «الدعم السريع»
يقول الهادي إدريس: «نحن على اتصال مستمر مع قيادة (الدعم السريع)، وعلى وجه الخصوص مع القائد محمد حمدان دقلو (حميدتي)». أضاف: «أنا شخصياً أتحدث معه بشكل يومي تقريباً، وكان آخر اتصال لي معه قبل يومين، وقد نتواصل معه مرة أخرى هذه الليلة (ساعة إجراء الحوار)». نتعاون معه في العديد من القضايا، ونناقش معه الاتفاقيات والوثائق المطلوبة. نعمل معه بشكل جيد، ولا توجد مشاكل في التواصل. وهو بخير وصحة جيدة، بعكس ما يروجون».

وبشأن الانتهاكات التي تُتهم «قوات الدعم السريع» بارتكابها، وما إذا كانت ستنعكس على الاعتراف بالحكومة الجديدة، يقول إدريس: «الانتهاكات مرفوضة تماماً، نحن ندين أي انتهاكات تحدث. لا أحد فوق القانون، وأي شخص يرتكب جرائم يجب أن يحاسب. هذا ينطبق على جميع الأطراف، بما في ذلك (الدعم السريع). العقوبات الأميركية وجهات دولية أخرى اتهمت كلا الطرفين المتحاربين بارتكاب انتهاكات ولم تستثنِ أحداً».

ويضيف: «نحن همنا الآن إيقاف الحرب. وبعد الحرب، سنعمل بوصفنا سودانيين على إنشاء آلية وطنية تكشف الحقائق للناس: من الذي ارتكب الجرائم؟ ومن الذي بدأ الحرب؟ ومن الذي تسبب في موت الناس وهجرتهم؟ وإلا فإن هذا البلد لن ينعم بالاستقرار».

العلاقات مع «صمود»
وعن العلاقات مع نظرائهم المدنيين في تنظيم «صمود» التي يرأسها الدكتور عبد الله حمدوك، يشير القيادي السوداني البارز إلى أنهم متفقون في الأهداف الكبرى والتوجهات السياسية، وفي قضية إيقاف الحرب، ومواجهة الحركة الإسلامية التي أشعلت الحرب، ومختلفون فقط في الوسائل: هم يرون أن إيقاف الحرب يجب أن يتم بالوسائل السلمية والمناشدات. نحن نرى أننا ناشدنا بما فيه الكفاية، والبلد يسير في طريق الانهيار بسبب تعنت الطرف الآخر، وبالتالي رأينا مواجهة الطرف المتنطع بإنشاء حكومة تنتزع منهم الشرعية».

وتابع: «نحن على تواصل دائم معهم... والاختلاف في الوسائل لا يفسد للود قضية. وسيكون بيننا تعاون في المستقبل كبير، خاصة في سبيل حل الأزمة».

لا خوف من الفشل
يرى إدريس أن القادة الحزبيين وزعماء القوى المسلحة يمتلكون الخبرة والدراية الكافية، ويتمتعون بخبرة واسعة في إدارة الدولة، وشارك معظمهم في وظائف في الدولة. وقال: «أنا كنت عضواً في مجلس السيادة، وآخرون كانوا وزراء. لو كنا نشك في إمكانية الفشل، ما كنا أقدمنا على هذه الخطوة. كثيرون عبروا عن مخاوفهم... بينهم الأمم المتحدة وغيرها... نحن نتفهم المخاوف الدولية... والتجربة ستثبت العكس، والانتقادات ستتحول إلى إشادات، وسيتعاملون معنا».

المشاركة في المفاوضات
وبشأن المشاركة في أي مفاوضات جديدة في المستقبل، يقول إدريس: «نحن منفتحون لأي مبادرة جادة ومسؤولة لحل الأزمة، سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية... لكننا لن نتعاطى معها إلا بصفتنا الجديدة بصفتنا حكومة سلام وحكومة شرعية».  

مقالات مشابهة

  • تقرير أمريكي: إدارة ترامب تواجه نفس الخيار الذي أربك بايدن بشأن إنهاء تهديد الحوثيين بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • الجامعة العربية: روسيا داعمة لحل الأزمة الليبية
  • تقرير للجيش الأمريكي: صعود أنصار الله يُعيد تشكيل خريطة القوى في الشرق الأوسط
  • الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: حكومتنا لإبعاد «شبح الانقسام» في السودان
  • لغز بلا أدلة.. رصاصة فى الظلام تنهى حياة صحفى بريطانى فى القاهرة 1977
  • «مجموعة السبع» تصدر بياناً بخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط
  • الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
  • تصريحات ترامب حول غزة تثير الجدل وسط تصاعد العنف وتعثر المفاوضات
  • رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط
  • تمارا حداد: إسرائيل قد لا تكون قادرة على الدخول فى حرب ثانية