تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة ملف الترشيح الدولي «المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية»، رئيسة الجامعة الأمريكية في الشارقة، افتتحت هيئة الشارقة للآثار، بالتعاون مع الجامعة، الندوة الدولية بعنوان: «آثار الخليج العربي».


تواصلت أعمال الندوة الاثنين والثلاثاء في مقر الجامعة، بهدف تعزيز التعاون بين الباحثين المتخصصين في مجال الآثار من دول الخليج العربي والأردن والمغرب، لتسليط الضوء على أحدث الاكتشافات الأثرية وتعزيز سبل الحفاظ على التراث الثقافي.
وتستضيف الندوة نخبة من الباحثين والخبراء في مجال الآثار من دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى مشاركين من الأردن والمغرب، ما يعكس تنوع الخبرات التي تُثري هذا الحدث الآثاري البارز، لتسليط الضوء على أحدث الاكتشافات الأثرية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي والتي تعكس المكانة المتميّزة والمهمّة التي احتلّتْها في تاريخ الحضارات القديمة ودورها الاقتصادي والسياسي عبر العصور المختلفة.
وأكد عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، أهمية الندوة باعتبارها فرصة فريدة، لتعميق الفهم المشترك حول التراث الثقافي والأثري في المنطقة، مشيراً إلى أن الآثار تشكل جزءاً أساسياً من الهوية التاريخية، ومفتاحاً لفهم الماضي وتوجيه المستقبل.
وأوضح أن التعاون الدولي، بشقيه العلمي والميداني، بين دول الخليج العربي والعالم، يلعب دوراً محورياً في دعم الجهود المبذولة لحماية التراث الثقافي للمنطقة. وأضاف: «تعد الندوة منصة شاملة للباحثين من مختلف الدول لتقديم أوراقهم البحثية والمشاركة في مناقشات بناءة تهدف إلى مواجهة التحديات التي تواجه مجال الآثار في الخليج العربي، وتبادل الأفكار والخبرات، إذ نؤمن في هيئة الشارقة للآثار بأن التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية لا يقتصر على تبادل المعلومات فقط، بل يشمل أيضاً تطوير منهجيات جديدة للتنقيب والحفاظ على المواقع الأثرية. ونلتزم بتوثيق وحماية التراث الأثري في إمارة الشارقة، ونسعى باستمرار إلى مشاركة تجاربنا وخبراتنا لتعزيز البحث الأثري وتقديم حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهها هذا المجال».
وتحفل الندوة بجلسات علمية متعددة، إذ تناولت الجلسة الافتتاحية «آخر المكتشفات الأثرية في إمارة الشارقة» وتناول أهمها عيسى يوسف، مؤكداً أهميتها في إغناء المعرفة التاريخية للمنطقة.
في الجلسة نفسها، استعرض د.سلمان أحمد المحاري، مدير عام الآثار في هيئة البحرين للثقافة والآثار، نتائج ورقة بعنوان: «النتائج الأولية للتنقيبات الأثرية في موقع مقابة (مزرعة جمعة)»، التي سلطت الضوء على اكتشافات أثرية بارزة ومهمة من حيث الفترات الزمنية ونوع البقايا المكتشفة. وأشار المحاري إلى أن هذه التنقيبات، التي أجراها فريق بحريني متخصص من الهيئة، كشفت عن مكونات تاريخية متنوعة ضمن تل أثري كان يُعتقد أنه يعود إلى فترة تايلوس، بناءً على مظهره الخارجي ووجود غرف دفن مكشوفة على جوانبه، إلا أن التنقيب الدقيق الذي استمر خمسة أشهر، أظهر أن الموقع يحتوي على مدافن تعود إلى فترة دلمون المتأخرة، إضافة إلى أخرى من حقبة تايلوس. وأشار إلى أن الاكتشاف الأكثر تفرداً في هذا الموقع كان العثور على أحواض ترابية وقنوات ضيقة تربط بينها، ما يدل على استخدامها كأحواض زراعية مشابهة لتلك المستخدمة حالياً في مزارع البحرين ولكن بأحجام مختلفة. وأظهرت التنقيبات مرتفعات صخرية ذات حُفر مميزة، إلى جانب مسجد ومقبرة إسلامية.
مسيرة طويلة
شهد اليوم الأول من الندوة العلمية، عدة جلسات بمشاركة مجموعة من الدول، بما في ذلك المغرب وقطر وسلطنة عمان والكويت. استهل د.عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالمغرب، حديثه بتقديم رؤى حول مسيرته الطويلة التي امتدت لأكثر من 40 عاماً في خدمة التراث الأثري والبحث الأنثروبولوجي والأركيولوجي بالمملكة المغربية. وسلط الضوء على أبرز الاكتشافات والجهود المبذولة في هذا المجال، مؤكداً أن الهدف من هذه المداخلة العلمية ليس فقط التطرق لحصيلة الآثار الإسلامية، وإنما التعريف بنتائج الأبحاث من حفريات وتحريات ودراسات عمرانية إسلامية أنجزت بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث منذ تأسيسه حتى اليوم.
استعراض شامل
من جانبه، قدم عادل عبد اللطيف المسلماني، مدير إدارة الحفاظ على التراث المعماري بمتاحف قطر، استعراضاً شاملاً لأعمال الحفاظ على التراث الثقافي فيها، مشيراً إلى المبادرات والبرامج التي تركز على حماية وتعزيز الهوية الثقافية للدولة. وبيّن المسلماني أن إدارة الحفاظ المعماري تضطلع بمهام جوهرية في صون التراث المعماري والآثار، من خلال تنفيذ مشاريع ترميم وصيانة، تهدف إلى ضمان استدامة هذه المواقع للأجيال القادمة، وذلك وفق استراتيجية شاملة. ومن بين هذه المشاريع البارزة: ترميم مدينة الزبارة الأثرية، وقلعتي مروب وأركيات، وقريتي عين محمد والجميل التراثيتين، فضلاً عن صيانة المساجد والبيوت التراثية، ومدبسة زكريت، وبئر النعمان الأثري.
صحار وفيلكا
قدم خميس بن ناصر العوفي، رئيس قسم الآثار والمتاحف في إدارة التراث والسياحة بسلطنة عمان ورقة علمية عن نتائج المسح والتنقيب الأثري في المنطقة الحرة التابعة لميناء صحار.
واستعرض أنور إسماعيل التميمي، باحث آثار من الكويت «آخر المكتشفات الأثرية بجزيرة فيلكا»، وهي واحدة من أهم المواقع الأثرية فيها. وقال:«تزخر الكويت بتراث حضاري إنساني يعكس غنى تاريخها العريق، كما أوضحت نتائج أعمال المسح والتنقيب الأثري التي انطلقت منذ أواخر خمسينات القرن الماضي. وأظهرت هذه الأبحاث وجود الإنسان على أرض الكويت منذ العصور الحجرية الحديثة، فيما تشير التقارير الدنماركية إلى تأريخ وجود الإنسان فيها إلى العصر الحجري الوسيط. واستمرت هذه الحضارات المزدهرة حتى الفترات الإسلامية المتعاقبة، وهو ما يظهر بوضوح فيما خلفته تلك المجتمعات من مبانٍ سكنية وإدارية ودينية، إضافة إلى الموانئ. كما عثر على لقى أثرية تعكس الصناعات المحلية إلى جانب تلك المستوردة من حضارات مجاورة أو بعيدة. وما زالت الأعمال الميدانية في الكويت مستمرة بهدف تسليط المزيد من الضوء على هذه الحضارات وإبراز دورها في تشكيل الحضارة الإنسانية على المستويين الإقليمي والعالمي».

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات حاكم الشارقة بدور القاسمي الشارقة التراث الثقافی الخلیج العربی الحفاظ على الأثریة فی الضوء على

إقرأ أيضاً:

سلطان القاسمي يكرّم الفائزين بـ"الشارقة للدراسات اللغوية والمعجمية"

أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة، أن العمل المعرفي المتميز من العلماء والعارفين ومواصلة البحث العلمي في مختلف العلوم وتوثيقها ونشرها هو كسبٌ كبير للأمة وللأجيال المقبلة، وهو ما ظلت تعمل عليه الشارقة منذ عقود، وكذلك حرصها على تكريم الباحثين الذين يعملون بجدٍ واجتهاد والاحتفاء بهم.

وأثناء تكريمه  الفائزين بالدورة السابعة من جائزة الشارقة للدراسات اللغوية والمعجمية، صباح اليوم الأربعاء، في مجمع اللغة العربية بالشارقة، أوضح أن الشارقة تعمل وفق برامج مدروسة توفّر الوسائل والإمكانيات لكل من يجتهد ويعمل، وتُقدّم كل ذلك جهداً خالصاً لكل طالب عملٍ ومستفيد منه، في العلوم والدراسات التاريخية والجغرافية وفي اللغة العربية، مشيراً  إلى ضرورة التأكد من المعلومات والبحث الدقيق والتحليل والتفسير، ما يسهم في تقديم العلم الصحيح بنيةٍ خالصة وعلميةٍ كاملة.
وهنّأ حاكم الشارقة الفائزين على مشاركاتهم القيّمة وأفكارهم النيّرة التي أنتجت أبحاثاً علمية رصينة متميزة لإثراء المكتبة العربية في حقول اللغة العربية المتنوعة.
ونال المركز الأول في محور اللغويات "كتب التراث اللغوية المحققة في جميع فروع علوم اللغة العربية"، الدكتور أحمد خليف الأعرج، عن تحقيق كتاب "الجنى الداني في حروف المعاني للحسن بن قاسم المرادي"، أما المركز الثاني فحصلت عليه الدكتورة هالة جمال القاضي، عن تحقيق كتاب "كتاب الأفعال لابن القوطية".
وفي محور المعجميّات فاز بالمركز الأول ، "المعاجم المتخصصة في العلوم الإنسانية والشرعية"، الدكتور فيصل الحفيان، عن كتابه "قاموس القرآن الكريم، معجم الأخلاق"، بينما فاز الدكتور محمد عبد الرزاق، بالمركز الثاني عن كتابه "معجم التأويل".
وألقى الدكتور فيصل الحفيان، كلمة بالنيابة عن زملائه الفائزين في هذه الدورة، تقدم بالشكر والتقدير إلى حاكم الشارقة على رعايته وتحفيزه للعلماء، واهتمام الشارقة دوماً وارتباطها بالعلم والمعرفة وتكريم المتميزين في الحقول العلمية والأدبية والفنية المختلفة وغيرها، معرباً عن سعادته وزملائه بالفوز والتكريم من حاكم الشارقة، ومشيراً إلى أن كل من يحصل على التكريم من الشارقة يشعر بالفخر والفرح وخصوصية التكريم؛ إذ إن قيَمة الجوائز التي تقدمها إمارة العلم والمعرفة تكمنُ في حياديتها وإعطاء الحق لأصحابه من المتفوقين والبارزين، ما يشجعهم على مزيدٍ من العمل الدؤوب والتفوق.
وكشف الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، الدكتور امحمد صافي المستغانمي، في ختام حفل التكريم عن محاور جائزة الشارقة للدراسات اللغوية والمعجمية في دورتها الثامنة المقبلة، وهي محور اللغويات "الدراسات اللسانيّة النصّية"، ومحور المعجميات "المعاجم المؤلفة في مصطلحات علوم اللغة العربية".

مقالات مشابهة

  • سلطان بن أحمد القاسمي يزور دائرة النفط
  • سلطان القاسمي يكرّم الفائزين بـ"الشارقة للدراسات اللغوية والمعجمية"
  • “فاتنة سبأ”..يُعرض للبيع في مزاد عالمي
  • معهد الشارقة للتراث يطلق مؤتمر «مدائن التراث في العالم العربي»
  • زاهي حواس من جامعة المنصورة : 2025 أهم عام للإكتشافات الأثرية المصرية
  • بالمزمار البلدي.. الأقصر تشهد حفل افتتاح منتدى الشباب العربي الأفريقي الثالث عشر
  • "آثار الفيوم" تختتم البرنامج التدريبي لتعلم مبادئ اللغة المصرية القديمة.. صور
  • أحمد العامري: شبكة المعهد الثقافي العربي صوت الثقافة العربية وصورتها خارج حدود الوطن العربي
  • الحرب تعصف بالمتاحف وتلتهم التراث السوداني 
  • الدكتور سلطان القاسمي يكتب: اكتشاف آثار برتغالية جنوب رأس الحدّ في بحر عُمان