إرث يوسف العليان: ريادة في تأسيس الصحافة المحلية
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
قابل الزميل حسين سنا د. زياد العليان، نجل المؤسس الراحل يوسف العليان وذلك للحديث عن سيرة والده ومسيرته الصحفية في الذكرى الثالثة والستين لتأسيس صحيفة كويت تايمز
البدايات والنشأةما نسب أسرة العليان وما سيرة والد يوسف عليان، جدكم السيد صالح عليان؟
جدي صالح الله يرحمه كان تاجرا، وكان يتاجر في الثلاثينات والعشرينات بين السعودية والكويت، في هذه الفترة رأى أهمية التعليم في الخارج، وأرسل والدي للدراسة في بريطانيا، ودرس البكالريوس والماستر في الأربعينات في لندن LSE ، وهذا الفكر ربما كان في أواخر الثلاثينات، وإن كان من الصعب التأكد من هذه التواريخ بدقة اليوم، وكان ربما أول خليجي بالجامعة، إن لم يكن أول خليجي درس في لندن، جدي.
وعندما تخرج، وهو عائد بالطائرة، ولم يكن هنالك طيران مباشر، وكان بجنبه في الطائرة مستشار الملك في السعودية، فتبادلا الحديث وقال أنه ولد العليان. فقال له المستشار “العليان عيالنا ما ترجع الكويت، تجي عندنا تزورنا” وأرسلوا برقية إلى جدي أن ولدك لدينا بالسعودية، الملك حينها كان لديه مترجم سوداني، أحب الوالد فعينه مترجما بحكم اللغات التي يتكلمها، واشتغل معهم مترجما لفترة طويلة، وقررت السعودية أن تفتتح سفارة أو نوعا من التمثيل الدبلوماسي في فرنسا، فبحكم أصلنا من السعودية من بريدة ورغم كونه كويتيا وظفوه في منصب القائم بالأعمال السعودية بفرنسا أو ما يعادل السفير حينها.
وأواخر الخمسينات، قرر إنه يتزوج سيدة فرنسية، ولم تسمح السعودية أن يتزوج أي شخص ذو منصب رسمي من أجنبية إلا بإذن، فقالوا له أن ذلك ممنوع إلا أنه قرر الاستمرار في قراره فتزوج وترك المنصب وعاد إلى الكويت في سنة 60 أو 59، وعمل كاتبا في دائرة حكومية كالميناء أو البلدية أو شيء من هذا القبيل وكان مكتبه بجانب مكتب مبارك الحساوي في العمل وكان كلاهما كاتبا، فمن سفير إلى كاتب في دائرة حكومية.
ما حكاية توليه الصحافة بالإنكليزية؟ وما حكايته مع الشيخ حينها؟
في أواخر الخمسينات صار من المقربين ومن أصدقاء عبد الله السالم، لأنه كان يقول لي كنا نقعد لديه إلى أن ينام ونغادر، ولا أدري من كان يحضر مثل هذه الجلسات، ومن القصص المعروفة، أن الشيخ عبد الله سالم طلب منه إنه يشتغل معه، ورد الوالد كان إنه طال عمرك إذا إشتغلت معك لن أستطيع أن أعطيك النصيحة دون تحيز، فاتركني كصديق لكي أستطيع أن أنصحك.
وبعد الاستقلال أراد الأمير حينها فتح مجال الصحافة في البلد، وبحكم إن الوالد عنده الخبرة واللغات ، قال له أن يفتتح صحيفة بالإنكليزية وطلب من المساعيد افتتاح صحيفة بالعربية، فالوالد فتح جريدة كويت تايمز قبل المساعيد، وكانت أول جريدة يومية بالخليج، سواء عربي أو إنكليزي، وعقبها بكذا أسبوع، المساعيد فتح الرأي العام.
طبعا بعدها بسنوات أتت الصحف الأخرى، ولفترة طويلة كانت معدودة، وكانوا أصحاب الصحف كالمستشارين للأمير، أنا أتذكر عندما كنت طفلا في السبعينات أنه في كل سفرة لكل أمير للكويت والدي كان يرافق الأمير، بجانب رؤساء التحرير الآخرين: المطوع، المساعيد، النصف والجارالله الذي ورث لقب عميد الصحافة من والدي ،وهؤلاء هم من أسسوا جمعية الصحفيين الكويتية التي ترأسها والدي لعدة سنوات إلى أن قرر التنحي لإفساح المجال لجيل الشباب، فلم يتم تسهيل تراخيص إصدار صحيفة إلا بالألفينات وما بعدها.
وفي السبعينات، تزوج الوالدة بدرية درويش ومن الثمانينات إلى وفاة الوالد، كان لها دور كبير في تطوير الصحيفة
فكانت كالمدير العام ولها الدور الخفي، لأن الوالد كان عنده مسؤوليات سياسية ودائم السفر بصحبة الأمراء وفي 2007 لما توفى الوالد الله يرحمه، تولى أخي عبد الرحمن دورا قياديا أكثر (رئيس التحرير editor in chief ) وأكملوا في مسيرة الوالد، الوالدة كمدير عام وعبد الرحمن كرئيس تحرير إلى تقريبا فترة الكورونا حين تولى عبدالله بوفتين التوسع في كويت تايمز وكويت نيوز وحدثت النقلة.
كيف تعلم المرحوم يوسف العليان اللغات الأخرى؟
والله لا أعلم، إنجليزي وفرنسي، أتوقع واضح، لأنه كان في بريطانيا وفرنسا، أما الأردو واللغات الثانية لا أدري والله، ممكن في الكويت والله أعلم بالطفولة، لأنك تعلم كانت العلاقة بالكويت والهند والتجارة قوية والسفر بالسفن دارج، لكن لا أتوقع أنه درسهم في الخارج.
ومتى كانت بداية إهتمامه بالصحافة، لأن الدراسة أظن كانت إقتصاد وسياسة؟
نعم، ماستر أنا أتوقع أنه وجد نفسه في الصحافة عندما افتتحوا الصحافة في الكويت، ولم يكن هنالك الكثير من المتعلمين في الخارج حينها، والسياسة كما تعلم مرتبطة بالصحافة، والصحافة لا تزال يسمونها السلطة الرابعة، والحين بعدم وجود المجلس صارت ربما السلطة الثانية والثالثة.
كيف مرت فترة الاحتلال على الجريدة والعم يوسف العليان؟
الغزو كان من أكبر الأحداث التي مرت عليهم، هو بقي في الكويت ورفض إنه يهد الديرة، أنا كنت طفلا، وكنا بإجازة الصيف بإسبانيا كأغلب الكويتيين الذين كانوا في إجازة صيف، الجريدة تم إقتحامها وتكسيرها، هذه كانت فترة صعبة لنا، لأن الصحفيين كانوا مطلوبين حينها وكانوا معروفين ومحدودين كما قلت لكم، والحمد لله عدت المرحلة ولم يتضرر بشخصه، قعد في البيت، ولم يخرج، وعدت الأمور تساهيل رب العالمين، طبعا ماديا كل شي فقدناه في الشغل، وكما حدث في سنة 61 لما قالوا نريد صحافة محلية، طلب الأمير بعد تحرير الكويت أن تعود الصحف وهو كان أول رئيس تحرير يعود وهنا بسرعة استخدموا مكاتب الكويت تايمز، وأرض الكويت تايمز بعد ترميم المكان والآلات التي تضررت في مطبعة فأصدر جريدة الفجر الجديد، كجريدة عربية تؤكد أننا تحررنا، ولا توجد طريقة أفضل من أنك تري العالم أنك صرت حرا إلا بالصحافة، فبدأت الفجر الجديد، جريدة يومية كويتية بالعربية إلى عام 1992.
حينها اشتكى البعض من منافسيه أن الفجر الجديد صدرت لإثبات تحرر الكويت، وبما أن الكويت تحررت وعاد الاستقرار فلم يعد هناك ضرورة لاستمرارها خصوصا أن رخص الصحافة محدودة ولا يجوز تجاوزها فكان نوعا من التآمر لإيقافها، والوالد كان يستطيع بسهولة أن يطلب من الأمير الاستمرار لكنه كان يكره المواجهات والتصادم من هذا النوع فأغلقوها وأكمل عمله في كويت تايمز.
تغيرت مشاعر كثير من الكويتيين تجاه العراقيين بعد الغزو، فكيف كانت نظرته للعراق والعراقيين كصحفي وإعلامي؟
لا والله والدي كان دائما عادلا في التقييم، يعلم أن الحكومة لا تمثل الشعب، وهو ما حدث مع الفلسطينيين كذلك ربما بشكل أكبر، كان في الكويت مئات الآلاف من الفلسطينيين، وخرج أغلبهم بتصرف سيء من ياسر عرفات الذي كان قائدا لمنظمة التحرير الفلسطينية حينها، وهو لا يمثل الكثير من الفلسطينيين، ولكن للأسف هو المسموع، فهذه من الأمور التي رأيناها، والآن بعدما مرت سنوات أشعر أن الشعب في الكويت عاد يتفاعل مع القضية مرة ثانية، والدي كان واعيا للدعاية السياسية (بروبغاندا) وهو ليس من النوع الذي يحمل غلا على أحد.
هل تذكرون أيا من القصص التي رواها عن تأسيس الجمعية الصحفية في الستينات أو عن رئاسة جمعية الصحفيين، أو رئاسة الفجر الجديد في أوائل التسعينات؟
لا أتذكر الكثير، لكنه كان دائما فخورا أن الصحافة القديمة مختلفة، أخلاق الصحافة كانت مختلفة، قال لي في فترة الشيخ صباح وانفتاح الصحافة ان الشيخ عندما رأى نوعية التي خرجت للعلن ومن ضمنها السوشيال ميديا، قال (الشيخ) إنه لأ، ليس هؤلاء الذين أرغب بهم أن يكونوا حاشيتي ويرافقونني في السفر، طبعا هو لا يتكلم عن الأساسيين.
صار هنالك تغير في الصحافة من صحافة مسؤولة عن نفسها، تحترم جيرانها، تحترم الدين والدستور والأمير وتحترم الأشخاص، وتلتزم الإنتقاد البناء، وهو بالضبط ما نقوله نحن عن البرلمان الأول، فجأة في يوم وليلة بعد إتاحة التراخيص للأسف صرت لا تحتاج أن يكون لديك شهادة أو تاريخ أو أساس لأن تفتتح جريدة، كل ما تحتاجه هو بعض المال، فصار الشتم واللغة الهابطة دارجين وتشوهت سمعة الصحافة بيوم وليلة عقب فتح التراخيص، والوالد كان يقول أن الاحتكار غلط، ولكن هذا ما حدث بعد فتح التراخيص، والآن يجب علينا العمل على تنظيف سمعة بعض الصحافة.
ربما ظهرت هنالك دوافع أخرى، كالمتاجرة أو البحث عن الشهرة والرواج عبر الشتم والإسفاف؟
كان يقول، وأقول أنا الآن كذلك، أن الجميل في السابق لكي تكتب مقالا في جريدة وتقول أن اسمي ظهر في الجريدة تقوم هذه الجريدة من التأكد من مؤهلاتك ومن خلفيتك لكي تسمح لك بالكتابة والنشر، أما الآن -وأنت بكرامة- يأتي شخص غير متعلم، أو لديه أهداف سياسية، ويكتب مقالا من أي مكان وتنشره له الصحف، فتغيرت جودة المنتج للأسف الشديد.
سمو الأمير الأسبق الشيخ صباح الأحمد عندما كان رئيسا للوزراء في اجتماعه مع رؤساء التحرير ويبدو في الصورة محمد أبوالحسن وبهبهاني والعجيري والعليان والجاسمبدأت طفرة الانترنت والمنتديات والتواصل الاجتماعي حين وفاته في 2007 تقريبا، فكيف كانت نظرته لمستقبل الصحافة في هذا السياق؟
كان مدركا أن الصحافة لن تكون كما كانت “أداة إنتاج المال” في الثمانينات وصناعة ومصدر دخل، وأن صنعة الصحافة مستمرة فقط بسبب الدعم والنفوذ السياسي، ولهذا السبب قبل فترة كانت كويت تايمز تطبع أربعة صحف في مطبعتها، وكل صحيفة ممولة من شخصية نافذة، وهذا إن دل على شيء فيدل على أنهم يرونها كأداة للنفوذ السياسي وليس لجني المال، فهو كان مدركا أن الجريدة تحصل على المال إما عبر كونها مطبعة تجارية أو عبر الإعلان في الجريدة، ولأن أغلب الصحف لا تمتلك مطبعة فهي محدودة في مدخولها بالإعلانات التجارية، أو الدعم السياسي، علما بأن الوالد لم يأخذ دعما من جهة سياسية في حياته، بالرغم من إبداء أكثر من جهة رغبتها بذلك، فكان رافضا للفكرة تماما، وكنا بأمس الحاجة للمال وكان الأغلب في الألفينات يقبل المال، فكان العرف السائد أنه لا مانع من ذلك، وحتى الإعلانات لم يعد مردودها المالي مجزيا، لكنه كان يقول أنك إذا قبضت المال من أحد صرت عبدا له، وفي رأيي أن كويت تايمز بقيت مستقلة بعيدا عن أي دعم ومال سياسي يدخل إلى الجريدة.
واضح أنه كان علامة فارقة في الصحافة، أولا للأسبقية بالتأسيس، ثانيا للاستقلال عن النفوذ، هل هنالك عامل ثالث أو رابع جعل العم يوسف العليان علامة فارقة في الصحافة المحلية؟
أنا أرى أن القيادة كانت تحترم أبي لأنه كان دائما مستقلا، وأتته فرص مع كل أمير لأن يعمل معهم بشكل مقرب ومع كل الاحترام، ولكنه بقي يرفض ويقول “أنا تحت أمركم” ولكن ليس بصفة العمل بشكل فعلي ومباشر، واستمر ذلك من عبدالله السالم إلى نهاية حياته، ولذلك اختاروا يوسف العليان لأن يكون صوت الكويت المستقلة والحرة، مرة في الستينات ومرة في التسعينات، مع كويت تايمز ومع الفجر الجديد، هو كان في الجريدة حتى آخر أيامه، لكن كان يشرف على السياسة العامة والتمثيل الرسمي في الخارج، وكانت الوالدة تتولى تنمية الصحيفة وكان هو يعتمد عليها كثيرا مع كثرة سفره.
كيف كان دور كويت تايمز و دوره هو كصحفي، في الثمانينات فترة الحرب العراقية الإيرانية، والكويت قريبة من المعارك؟ وكيف كانت مواقفه من إلغاء المجلس في أواخر الثمانينات وإعلان المجلس الوطني، كيف كان يرى هذه التفاصيل والظروف؟
والدي كان في مدرسته الفكرية ليبرالي وليس محافظا، مع الديموقراطية، مع حقوق المرأة في التصويت، مع إنه كان واعيا بظروف تصويت المرأة والحقوق السياسية المحلية، صحيح أن أصدقاءه كانوا كالدكتور الربعي والدكتور أحمد الخطيب، ولكن فعليا المرأة آنذاك بسبب ثقافتنا وتحكم الرجل بالمرأة، ودور العوائل والقبائل فكل نساء القبيلة سيصوتن ما يقوله رب الأسرة أو الزوج، فكان يقول يجب أن نتأكد أنها فعلا تصوت وليست زيادة أعداد تمثل نفس الرجل، طبعا هذه الفكرة حساسة لكي تقال ولكنها واقعية.
هل هناك نقطة أخرى في موضوع القيم الليبرالية كان يصر عليها غير موضوع تصويت المرأة؟ مثلا إن الكويت يجب أن تصير بشكل ما أو اننا كمجتمع يجب أن نكون بطريقة ما؟
بحكم خبرته وزواجه وحياته في الخارج كان متفتحا كان دائما يريد للكويت التقدم، ولكن يعلم أننا نحتاج وقتا لنحقق ذلك، كان يعلم أن الإنفتاح السريع ممكن يؤدي إلى رد فعل من الجهة المقابلة، حتى مع المجلس، كان يقول لي أن معطيات المجلس سابقا كانت مختلفة وكانت معقولة، لم نكن نرى الخلاف الذي يحصل الآن بين شيوخ ونواب، كان بالفعل المجلس مصلحته الرئيسية والأساسية البلد وليس التكسب الشخصي، والحوارات التي كانت تجري حينها حتى وإن كانت متوترة أحيانا لكنها كانت راقية، وتدريجيا لما صارت التجارة تتدخل بالسياسة اختلفت معطيات المجلس، وكان يقول في أواخر حياته، نحن مع الديموقراطية ولكن ليس بهذه الصورة.
اتصفت الفترة منذ بداية تأسيس الجريدة إلى سنة التسعين بنفوذ الإتحاد السوفياتي والشيوعية عالميا، هل كان ليوسف العليان تأثر من ناحية القيم، ليس بالضرورة كتوجه شيوعي ولكن كميول إشتراكية أو إشتراكية ديموقراطية؟
لا، الوالد، لا. ما كان شيوعيا (يضحك)
ولا حتى بمستوى أقل كأن يقول أن الرأسمالية مثلا مبالغة ومتطرفة؟
أمانة لا أتذكر، فعلا هذه من فترات انتشار الشيوعية…
لكن أبي لم يكن من الناشطين والمروجين لها، لم يكن من المعروف عنه أنه كان ليبراليا أو يساريا أو يمينيا، كان معروفا دائما بأنه يأخذ الوسط.
سياسيا واضح إنه ما كان مثلا مع دكتاتورية مثل الإتحاد السوفيتي، ولكن هل ممكن إقتصاديا أنه كان يتحدث عن عدالة اجتماعية مثلا؟
لا أتذكر ولكن كان حتما مع فتح التجارة والأعمال بشكل عادل، ومع السوق الحرة بالتأكيد لأنه من أول ناس الذين استوردوا وكالات من الخارج واشتغل بالأغذية من أوروبا ومن إيطاليا إلى آخره.
يوسف العليان عند حصوله على وسام الاستحقاق برتبة ضابط من السفير الفرنسي لوسغوارديعالم التجارة والأعمالهل دخل الوالد مجال التجارة؟
لم يكن لديه باع طويل في التجارة، فكانت الجريدة أولا، لكنه افتتح شركة مقاولات وتوزيع اسمها Alalyan trading company في السبعينات، وكانت تتاجر بالأغذية، وكان موزعا Distributor وبعد ذلك افتتح شركة سفريات، لكن أساس عمله كان الصحافة والسياسة وليس التجارة، وشركة الأغذية لا تزال موجودة، اسمها إلتيكو ALTC.
هل هناك قطاعات ثانيه غير الأغذية تعمل بها الشركة؟
إلتيكو بدأت بالكويكر منذ الخمسينات، أواخر الخمسينات أول ما رجع الكويت بدأ في التجارة، وكان يستورد إلى الكويت، وإلى اليوم الكويك البراند شبيه الهريس، طبعا الآن الكويكر اشترتها بيبسيكو وصارت من أكبر الشركات، وبعدها استورد أنواع من الشوكولاتة، ومختلف الأغذية إلى اليوم، كنا نجرب وأحنا صغار أنواع الشوكولاتة بعد ذلك أسس شركة السفريات ولكن هاذي بالثمانينات، وكانوا كذلك يستوردون الخضرة والفواكه من العراق، والشوكولاتة من إيطاليا، أتذكر بعض البراندات التي انتقلت إلى تجار آخرين حاليا إلا كويكر لا تزال ما شاء الله صامدة مع إلتيكو
أين مقر الشركة؟
إلتيكو كانت يا محفوظ السلامة بالأوقاف.
أقدم مجمع للأعمال ربما، أغلق الأوقاف الآن سيهدمونه قريبا
مجمع الأوقاف؟
مجمع الأوقاف، الأخضر، هذا القديم، هذا من أقدم إن لم يكن أقدم مجمع أعمال أغلق مؤخرا للهدم وتم إخلاؤه من سنة أو سنتين.
لا، أظن المحلات شغالة فيه!؟
أنا متأكد لأن الوالدة شركتها هناك، والآن يطلبوا منهم أن يخلوا المكان ويعوضونهم الإيجارات و خلاص يعني، ويريدون أن يهدمونه و المسؤول عن المشروع، أركان العقارية التابعة للمجموعة…
أود الانتقال إلى جانب ذات طابع شخصي، هو طبعا الوالد عنده مكتبة؟ مكتبة في البيت؟
لأ، كل ذلك كان في الجريدة بالمبنى القديم الذي تأثر بالغزو حيث كان مكتبه الرئيسي، بالبيت لم تكن هنالك كتب.
أنا أسأل لأنه يسهل التعرف إلى شخص وإلى أفكاره من خلال النظر إلى ما يقرأ وما يكتب ومكتبته الشخصية
نعم، أموره الشخصية هذه كانت كلها بالمكتب، نحن كنا نذهب له وأذكر مكتبه، ولكن في الغزو هذا كله لم يحترق ولكن ذهب، ربما إذا تعمقنا في البحث وبحثنا وحاولنا استخراج أمور من هنا وهناك…
لكن لا أذكر شيئا معينا يعني أو كتابا معينا أو توجها ما.
من كانوا أقرب أصدقاءه، الذين يجالسهم ويحادثهم؟ أو المواضيع التي كانوا يتكلمون فيها؟
كان قريبا على الدكتور أحمد
البغدادي؟ الربعي؟
لا، الخطيب، وكذلك من المطوع الذي كان رئيس تحرير الوطن، ولكنه لم يكن المالك، نسيت اسمه الكامل، توفى الله يرحمه.
وبعد فترة طبعا كان أصغر منه، أحمد الجار الله، كانوا دائما يطيرون معا ويرتحلون معا.
هل كان عنده مثلا ديوانية أو جلسة ما؟
كان دائم السفر إلى الخارج، ولكن لم يكن راعي ديوانية، مثلا لم يكن عنده الديوانية بالبيت.
هل كان عنده تلاميذ أو مريدين أو أشخاص كان بمثابة “مينتور” لهم؟ سواء في الجريدة أو خارجها؟
لا، هو كان طبعا دائما الأب الروحي مع جمعية الصحفيين بالذات في الفترة الأخيرة كانوا يرجعون له دائما، وكان الشخص المعتدل، عرفت؟ الي كان يصلح بين العالم، لا يحب الاصطدام مع أحد، دايما هذا الشي يعني معروف عنه، وكان لين الكلام.
بمناسبة لين الكلام ونمط الشخصية، أود التكلم أكثر عن صفاته النفسية والاجتماعية.
نعم، اجتماعي كثيرا، “وايد وايد” يحب الناس، يحب الزوارة (التجمع العائلي)، يحب أن يذهب عند الناس، يعني لدرجة إنه في جماعة دائما، في تجمع لغداء، لعشاء، لم يكن يحب الوحدة، دائما، اجتماعي، دايما يروح مكان معاه صديق أو واحد من الموظفين بالجريدة مثلا.
بالأمس سألت الزملاء القدامى الذين عاصروه في الجريدة لكي أحضر لهذه المقابلة، والمصور ياسر يقول نفس الكلام، يقول كان يظهر في مكتبه فجأة ويقول له “قوم قوم خلنا نتمشى” أو “صليت؟ قوم صل” أو “وصلني هنا أو هناك”.
إي صح، ويعني الأمور التي انتقد عليها قليلا من بعض الناس إنه أبوي ما كان عنده فكرة طبقية، كان جدا إنسان الحمد لله ولا أقول ذلك لأنه أبي، كان جدا متواضع، يعني تشوفه قاعد مع الخادم المسؤول عن شاي والموظفين القدامى يعرفون أكثر…
يأخذ أحدهم ويروح يتمشى، يروح يتقهوى، فما كان عنده… وهناك ناس، من أصدقائه التجار الذين انزعجوا من هذه العادات، فكانوا يقولون “أنا مو جاي أقعد مع التي بوي مالك”، فهذه من الأمور التي يذكر بها الناس والدي، طبعا أتوقع دراسته في الخارج ساعدته، وكان يحب الحياة، ولما كان يدرس في بريطانيا ولكي يحصل على مدخول إضافي كان يعمل في المطاعم في تنظيف طاولات في الفترات المسائية، حاله حال الإنجليز، كما كان يقول لنا.
هل كان “حارا” في الشغل؟ في الجريدة؟ في مكتب التجارة؟ ألا يتطلب الأمر ذلك؟ يعني لازم…بضاعة..
لم يكن “باردا” ككسل أو شيء من هذا القبيل، ولكنه كان هادئا، لا يتوتر، ولا يغضب، لا أذكر أني رأيته غضب إطلاقا، كان لديه برودة أعصاب ما شاء الله عليه غير طبيعي، وكان يسامح كثيرا، وهذه من الشغلات التي سببت بعض المشاكل بينه وبيننا، عياله وزوجته.
يعني كان في ناس في الشغل، محاسب مثلا، يختلس أموال، ووالدي يقول نسامحه، لعل ظروفه صعبة، (يضحك)، يعني لدرجة ان نقول له لأ ما يصير…ما يصير، ولكن ما كان يحب… يعني في الشغل و”بالبزنس” أساؤوا له وسرقوه رسميا ونقبض عليهم…وأمام القضاء وهو يذهب ويتنازل، ويقول حرام وظروفهم والله يسامحهم، والحسبة عند رب العالمين مو عندي، هذا كان “ينرفز” العائلة كلها، هذه الصفة، البعض كان يفهم طيبته إنه “هذا واحد مو مثبت” و “مو متابع الحلال” ولكن لا،هو عارف ومثبت، ولكن طيبته كانت للناس وهنا فتح الباب للناس أن تتجرأ وتحاول، وصارت هذه المواقف عدة مرات، هذا الشيء إلى يومك هذا يستفزنا (يبتسم).
ذكرتم دكتور أن والدكم كان يحب الحياة، ولكن كان متواضعا، فهل كان نوعه إنه مثلا يحب أن يصرف أمواله ويظهر الثراء ويستمتع؟ أم كانت حاجاته بسيطة؟
ما كان “راعي ساعات”، “ما كان راعي سيايير”، لما يسافر يموت عالمترو أو الباص، ما كان يهمه عنده فلوس، ما كان بخيل، كان يعطي، ويصرف ولكن على السفر والرحلات والتجارب، إن خلونا ناكل بالمكان الفلاني ونجرب المكان الفلاني، أو نجرب السكن في هذا الفندق، أو نتسوق مثلا، كان يصرف أمواله على التجارب وليس الكماليات والاكسسوارات والمظاهر، أتذكر كانت عنده ساعة، أذكرها ليوم وفاته، طبعا مر بمراحل عنده الكثير من الأموال ومراحل ليست لديه الكثير من الأموال، وكان يحب لندن.
هذا الجيل كانوا منبهرين ببريطانيا ويحبون الإنجليز.
سافر كثيرا ولكن أغلب سفراته كانت لمؤتمرات
حين كان يذهب إلى لندن هل كان يفضل المدينة أم الريف؟
لندن المدينة، ويمشي هناك لساعات، نعم كان يحب الرياضة ما شاء الله عليه، هو توفى يعني تقريبا عمره فوق ال90، بالرغم من أن المدون رسميا عمر أقل، ولكن يوم وفاته كان راكبا سيارته وذاهب للدوام، فالحمد لله كان بصحته للآخر.
أنتم تخصصتم في مجال علمي بحت هو الجراحة والطب، فهل كان ذلك بنصيحة وتوجيه من الوالد أم كان عبرة ودرسا بعدم تكرار تجربته والتخصص في الصحافة؟ أم هي رغبة منه؟
هو كان مستاء إلى يوم دخولي الجامعة، وكان يقول أنني في غنى عن هذه المعمعة، ولماذا لا أتخصص في مجاله في الصحافة، وفي العادة يفرح الآباء إذا صار ابنهم طبيبا، والحمد لله درست في أفضل الجامعات وهو كان حزينا ولكن داعما لقراري، وتقبل فيما بعد بأن هذه رغبتي، فأنا أكبر أخوتي من والدتي ولكن أخي الأصغر عبدالرحمن دخل الصحافة وترأس المؤسسة بعد والدي ووالدتي، وهناك صالح الذي تخصص في علوم الكمبيوتر
هل لكم أن تقدروا عدد سفراته في السنة؟
كان ذلك حالة دائمة، ٧٠٪ من الوقت في الخارج، من رحلة إلى أخرى، فهنالك السفرات الرسمية دائما والتي لا يمكنه أن يرفضها، وكانت والدتي تعلق مازحة أنه يعود إلى المنزل لوقت يكفيه لكي يبدل ثيابه ويغسلها ليأخذها معه مرة أخرى، ونحن تعودنا عليه وعلى هذه الحال
حد الزملاء سأل عن قصة شعار الحوت على عنوان الجريدة ومتى أضيف إليها؟
لا أعلم، صراحة، لكن بالتأكيد أن والدتي تعلم لأنها أدارت الصحيفة لفترة طويلة.
أرغب في عمل مقابلة معها بشدة، حتى الإدارة الحالية تقول بأن دورها لم يعط حقه بعد، وهناك الكثير من الأمور المبهمة التي ينبغي أن نعرف تفاصيلها، وكذلك الأمر مع عبدالرحمن العليان
متى ما أتت الفرصة المناسبة، فليكن ذلك.
سؤال آخر لأحد الزملاء يسأل عن دور الوالدة في الصحيفة، ما الأدوار التي قامت بها؟ وكيف التقت بالعم يوسف العليان بالمناسبة؟!
الوالدة كانت معلمة، وفي السبعينات اشتغلت بالخطوط الجوية الكويتية، أبي الله يرحمه بحكم إنه دائم السفر، تعرف عليها في رحلة طيران، وخطبها مباشرة، وأمي بحكم إنها كانت مدرسة تحب الكتابة والقراءة وشاركت في تطوير الصحيفة ودخلت عالم الصحافة، وتزوجا في السبعينات، ووالدتي هي من أبرزت اسم الصحيفة في الخارج، وقد كانت هنالك فقرة حول الصحافة العالمية على سكاي نيوز لسنوات عديدة، وكانوا دائما يعرضون مانشيتات كويت تايمز، فكنت أسجل هذه الفقرة في الفترات الصباحية على التلفاز، وكان ذلك مصدرا للبهجة في حينها، أن يتم الرجوع للصحيفة عالميا، وكانت الوالدة تتواجد في تشاثام هاوس في بريطانيا فبرز اسم الصحيفة هناك كذلك، وحتى الوالد يعترف إنه الوالدة لها فضل كبير، وهي لا تحب أن تأخذ هذا الفضل وتفضل دائما العمل في الخفاء.
أود أن أتطرق للحديث عن فلسطين، علاقته هو بفلسطين؟ علاقتكم أنتم بفلسطين، هل هناك علاقة مميزة تجمعه بالقضية الفلسطينية وتفوق التعاطف المعتاد؟
زوجته فلسطينية، فالوالدة فلسطينية الأصل، فطبعا العلاقة مع فلسطين كانت أقوى، وعندما نتحدث عن فترة ما قبل الغزو، يعني ما شاء الله، العلاقة الكويتية الفلسطينية كانت مميزة جدا، وأتذكر كيف كانت القضية تأخذ حيزا هاما في مناهج المدرسة، فأنا كنت في البداية في الابتدائي والمتوسط هنا في الكويت، قبل ذهابي إلى بريطانيا، والوالدة أظن لهم أملاك في القدس، فجدي صاحب أراضي فلسطين، ويعرف باسم إسحاق درويش، وتاريخيا في السجلات هو من أكبر ملاك الأراضي الفلسطينية التي هي طبعا محتلة الآن
حسنا دكتور، هل هناك موضوع ترون أنه كان ينبغي لي أن أغطيه أكثر أو ترغبون في ذكره كختام؟
لا والله، أتوقع هذه سيرة الوالد مختصرة، ودور الوالدة المساند له، وتحولات الصحيفة، شكرا لكم على هذه المقابلة، لقد أعدتم لي الكثير من الذكريات.
المصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: الفجر الجدید فی السبعینات فی بریطانیا ما شاء الله فی الصحافة الله یرحمه فی الجریدة الوالد کان فی الخارج والدی کان فی الکویت کان دائما الکثیر من لکنه کان کان یقول کان عنده فی الشغل فی أواخر کان یحب أنه کان هل هناک یقول أن ما کان هو کان هذه من کان فی کان عن هل کان لم یکن
إقرأ أيضاً:
البرلمان الجزائري: «ترامب» قد ينهي حرب غزة ولبنان ولكن بشروط!
اعتبر نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري “البرلمان” سليمان زرقاني، أن فوز “دونالد ترامب” في انتخابات الرئاسة الأمريكية قد ينهي الحرب في غزة ولبنان، لكن بالطريقة التي تحقق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صورة الرابح”.
وقال زرقاني، لوكالة “سبوتنيك”: “ترامب وعد بإنهاء الحرب في غزة ولبنان، وفي اعتقادي أن ذلك سيكون لكن بالطريقة التي تحقق لحليفه “نتنياهو” صورة الرابح”.
وأضاف: “بالنسبة للمنطقة العربية، يعتبر “ترامب أو هاريس” (مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية نائبة الرئيس الحالي كامالا) وجهان لعملة واحدة، ويتمثل ذلك في أن كلاهما يتفق على تدمير غزة ولبنان والعمل على الفتن وتخريب الدول العربية”.
وقال: “دونالد ترامب وكامالا هاريس” لا يهمهما شيء سوى مصالح أمريكا وابنتها المدللة (إسرائيل)”.
ورأى زرقاني أن “فوز “ترامب” يختلف فقط الأسلوب والإخراج والديكور، أما المحتوى فلن يتغير، ولعل أكثر عهدة عانت فيها المنطقة العربية هي فترة ترامب السابقة”.
وبحسب زرقاني فإن “الأمر المختلف في هذه المرة أن أمريكا صارت أكثر وضوحا في دعمها للإبادة وصار توحشها ظاهرا بدون مساحيق التجميل”.
يذكر أنه وبحسب النتائج التي نشرتها وسائل إعلام أمريكية، بعد الانتهاء من فرز أكثر من 97 % في ولاية ويسكونسن، “حصد ترامب 277 صوتًا في المجمع الانتخابي من أصل 270 صوتًا يحتاجها للفوز بالانتخابات، وبالمقابل حصلت هاريس على 224 صوتًا بالمجمع الانتخابي، وبذلك يصبح ترامب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة”.