الحزب الشيوعي السوداني … مخترق أم مختطف؟ (9)
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
ضعف فكري أم سوء تقدير
قبل انعقاد المؤتمر السادس ظن الكثيرون أن الحزب سيمضي قدما في التغيير وأنه سيخرج أكثر تماسكا وتوحدا فكريا وتنظيمياُ، وأن الطريق سيكون ممهداً أمامه كي يتحول إلى حزب جماهيري ويعيد بناء ما تهدم من تنظيمات الجبهة الوطنية الديمقراطية من شباب وطلاب ونقابات، كان من المتوقع تغيير اسم الحزب على أساس أن الشيوعية مرحلة متقدمة من التاريخ وأن الحزب بتصدره للاسم الآن يصادر حق أصيل للأجيال القادمة في اختيار الاسم الذي يتناسب مع الشكل التنظيمي الذي يناسبها.
لكن ما حدث كان على العكس تماماً، خرج الحزب وهو متشظي ومتضعضع، حيث عملت المجموعة المتكتلة داخل القيادة، على إعادة كلّما تجاوزته اللائحة في المؤتمر الخامس وحسمت أمره المناقشة العامة. فصارت الوحدة الفكرية تقوم على المركزية اللاديمقراطية كما أسلفنا، بدلاً عن دستور وبرنامج الحزب. وهذا أدهى من كلّما مضى، حيث جعل قرارات المركز هي أساس الوحدة الفكرية، ما يرسخ للشمولية ودكتاتورية المركز، هذا البند يساء استخدامه بشكل مفرط في ظل الظرف الراهن في ظل الحرب، حيث لم تعقد أي دورة للجنة المركزية منذ عام ونيف، وصارت السكرتارية أو اللوبي المتحكم يقوم بمهام اللجنة المركزية ويصدر القرارات ويقمع أي رأي مخالف.
كما أعيد التأكيد على أن الحزب في بنائه الطبقي وممارسته يستند إلى مبادئ النظرية الماركسية والتأكيد على أنه تنظيم ماركسي يمثل مصالح الطبقة العاملة، وذلك بالإنابة عنها لأن الواقع يؤكد إن الحزب منذ 1971 أضحت حاضنته الأساسية هي شريحة من المثقفين الثوريين من البرجوازية الصغيرة ولا وجود للطبقة العاملة في تركيبته سواء على مستوى القيادة أو القاعدة بعد تلاشي الطبقة العاملة على السودان بِرُمَّته.
لم يكتف التيار المتشدد بتلك التحولات القيصرية، بل مضى بجرأة يحسد عليها في التخلص من كافة دعاة التغيير. وتخلص عملياً من معظم المختلفين معه في الرأي، ولم يأمن حتى بعض الذين كانوا معه على نفس الخط الفكري، لكنهم شيوعيون ملتزمون باللائحة والإجراءات الحزبية السليمة في اتخاذ القرارات خاصة التي تتعلق بالفصل من الحزب، من الأقصاء إما بالتهميش أو بالفصل، هذا ليس اتهاما جائرا، بل حقيقة ساطعة يدركها كافة أعضاء الحزب خاصة القريبون من العمل القيادي.
على المستوى الجماهيري ظل الحزب في حالة انحسار لا يحسد عليها، وعلى المستوى التنظيمي في حالة ضمور، حيث ابتعد كثير من الأعضاء الذين آثروا تجميد نشاطهم الحزبي. ولأول مرة في حالات المَدّ الثوري خلال ثورة ديسمبر 1918 لم يستطع الحزب أن يلاحق الأوضاع ويلعب دوره الريادي كقوة طليعية ينتظر منها الشارع الكثير! ويعيد بناءه الداخلي وبناء التنظيمات الديمقراطية كما حدث خلال انتفاضة أبريل 1985. حيث انشغلت قيادة الحزب بمعارك جانبية وثانوية مع القوى المدنية الأخرى وحلفائها في الحرية والتغيير على حساب المعركة الكبرى ضد قوى الثورة المضادة التي كانت لا تألو جهداً في تكسير مجاديف الانتقال المدني الديمقراطي وتفكيك التمكين وإخراج البلاد من عزلتها الدولية. وكانت كل أسلحته موجهة ضد من أسماهم قوى الهبوط الناعم مما أدى لانقسام الرأي داخل الحزب بصورة لم تحدث من قبل ... ووضح جلياً تأثر الحزب برحيل قيادته التاريخية الممثلة في محمد إبراهيم نقد، الذي كان يمثل البوصلة التي ترسم وتحدد الخط العام للحزب الشيوعي، وكانت أفكاره ورؤاه ومعالجاته سواء وسط أو يمين أو يسار تمثل الوحدة الفكرية التي يلتف حولها كل أعضاء الحزب. والأكثر إقناعا لإنسان الشارع العادي ربما بفضل وعيه وقراءته السليمة للواقع السياسي السوداني والإقليمي بكل تعقيداته، ولقربه من المزاج العام فقد حظي باحترام كافة ألوان الطيف السياسي حتى الذين اختلفوا معه كانوا يحترمونه ويقدرونه. وخير دليل على ذلك تلك الحفاوة التي وجدها خطاب المعارضة الديمقراطية حول الميزانية الذي ألقاه في البرلمان في يوليو 1986.
بعد نشوب حرب الجنرالين، وهي في الأساس حرب موجهة ضد التحول المدني الديمقراطي وقوى الشارع ومكتسبات ثورة ديسمبر، توقعنا أن يسعى الحزب لإعادة بناء الجبهة المدنية العريضة مع لجان المقاومة وتجمع المهنيين والقوى المدنية في تحالف الحرية والتغيير، مع تحالف التغيير الجذري، إلا أنه ظلَّ على اشتطاطه متمسكاً بمطالب تحالف التغيير الجذري "الكلّ أو العدم". عند تأسيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدّم" التحالف الموسع الذي شمل قطاع واسع من ألوان الطيف السياسي بهدف وقف الحرب وتوصيل المساعدات للمنكوبين بالحرب، وتحقيق الانتقال المدني الديمقراطي للسلطة، توقعنا أن يكون الحزب أحد مكوناتها بهدف إيقاف الحرب كأولوية قصوى للشعب السوداني الآن. إلا أن قيادة الحزب رفضت حتى مجرد الجلوس مع وفد تقدم لبحث طلباته وشرح وجهة نظرها معلنة تمسكها غير الموضوعي، إنها لن تقبل، إما كل شيء أو لا شيء، دون أي رؤية واقعية لتوازن القوى بين المدنيين العزل والجيش والمليشيات المسلحة. ولم يقدم الحزب مشروع عملي قابل للتطبيق في أرض الواقع، فقط أطلق حزمة من الشعارات ... وهو بتمسكه بتلك المطالب غير الممكنة في تلك المرحلة، مثل حل المليشيات المسلحة، تقديم قيادتها وقيادة الدعم السريع للمحاكمة، والسيطرة على أموال شركات الدعم والجيش إلخ ... مع علمه بأن تحالف الجيش والدعم السريع والحركات والمليشيات المسلحة لم يهزم بعد ولم يجرد من أسلحته، وهو ظلَّ، منذ سقوط البشير، وبشكل يومي، يحصد في أرواح خيرة شبان وشابات الثورة دون أن يردعه رادع أو يحكمه وازع، ويطلب منه أن يستسلم لتنظيمات مدنية ولشارع أعزل، ويسعى لحتفه بظلفه أمر غاية في السخرية! وحتى الآن، بكل ما استجد في الساحة، والوطن على حافة الضياع والملايين فقدت كل شيء وآلاف الأطفال والمرضى يموتون كل يوم، والبقية مهددة بالموت جوعا، ومناطق النزوح ضاقت على وسعها ولم يعد فيها متسع لقادم. لم تراجع قيادة الحزب موقفها وظلّت على شططها تتشدق بذات المطالب وترفض مجرد المشاركة في أي مجهود سواء داخلي أو خارجي لوقف الحرب، فأضحت هي والفلول صنوان ويا للعجب!!
الحزب لم يكتف بعدم المشاركة في التحالفات المدنية الرافضة للحرب، بل قمع أي مساعي أو مبادرات حزبية للعمل مع القوى السياسية الأخرى المناهضة للحرب، حتى لو كان هذا التلاقي للتعبير عن موقف وإصدار بيان يشجب الحرب – مجرد بيان - مثلما جرى في التنصل عن البيان المشترك الذي صدر في 11 يناير 2024 بين أحزاب الأمة القومي والبعث العربي الاشتراكي (الأصل) وممثلين من المكتب السياسي واللجنة المركزية في الحزب الشيوعي بقيادة سكرتير لجنة الاتصال السياسي المهندس صديق يوسف الذين وقعوا على بيان مشترك تناول الأوضاع المتردية في مجمل الحياة السودانية جرّاء الحرب اللعينة واتفقوا على النقاط التالية:
1. ضرورة العمل علي الوقف الفوري للحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل 2023 م.
2. التأمين على ضمان وحدة السودان شعباً، وأرضاً، وسلامة أراضيه، واستقلاله.
3. إدانة الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين من قبل قوات الدعم السريع والقصف العشوائي المدفعي والجوي على منازل المواطنين من قبل الجيش السوداني ... والاعتقالات المتكررة للمواطنين والناشطين السياسيين ولجان المقاومة من قبل طرفي الحرب.
4. إدانة التصعيد لخطاب الكراهية والعنصرية ومحاولات التحشيد اليائسة بتسليح المدنيين.
5. التأكيد على ضرورة العمل في الجانب الإنساني في ظل خطر المجاعة التي تهدد السودان وفق التقارير الميدانية الواردة من منظمات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة العاملة في السودان وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة لكل ولايات السودان.
6. شكر المجتمعون دول الجوار التي استقبلت السودانيين في هذه المحنة الكبيرة التي يمرون بها بسبب الحرب.
7. مقابلة السلطات في جمهورية مصر العربية وتقديم الشكر لها لاستضافتها لأعداد كبيرة من السودانيين وتوضيح الصعاب التي يواجها السودانيين ... والدعوة لتذليلها وتسهيل سير إجراءات تواجدهم النظامي بالتنسيق مع السلطات في مصر.
للأسف قوبلت هذه المبادرة الإيجابية بالرفض من قبل العصبة المسيطرة على الحزب قائلة في بيان لها بأن الهدف من البيان المشترك هو جرجرة الحزب الشيوعي نحو مشروع التسوية والهبوط الناعم مذكرة بأن خط الحزب السياسي وتحالفه الأساسي هو التغيير الجذري.
حينما شرع الحزب في تكوين التحالف الجذري في يونيو 2021 تحت ظل أوضاع تنظيمية غير موائمة داخلياً، وحالة يرثى لها لحلفائه الاستراتيجيين في الجبهة الوطنية الديمقراطية من مهنيين وشباب وطلاب ونساء، وخارجياً الحزب في حالة انحسار جماهيري عميق، وفي ظل ظروف موضوعية، كل الطبقات والفئات الجذرية نفسها تعيش أسوأ أوضاعها التنظيمية و السياسية و الحياتية، كما ذكر الدكتور أحمد طراوة في تعقيب له بعنوان (سرديات أم لبوس) التي جاء فيها أن أكثر من ثمانين في المئة من العاملين بأجر لا يصرفون مرتبات، وستون في المئة فقدوا وظائفهم، والطبقة الوسطى برمتها فقدت الاستقرار والقدرة على الفعل، وأكد أن من الصعوبة بمكان أن تبني تحالف طبقي جذري في ظل ظروف لا يوجد فيها ثيرموميتر نشيطٌ لقياس درجة غليان المجتمع، هذا الثيرموميتر هو الحركة الطلابية، سريعة التنظيم، وذات الحراك المتواتر الفعال كلما ضاق المجتمع و تذمر، هذا الثيرموميتر هو طبقياً الأقسام المتقدمة من حركة الموظفين و المهنيين والطبقة العاملة المنظمة، كما أكد أن من الصعوبة جداً انك تبني حركة جماهيرية جذرية في بلد لا يوجد فيها فلاحين يناضلون من أجل الأرض ...
بالرغْم من ذلك لم يستنكر الدكتور أ. طراوة مقدرات الشعب السوداني وقابليته للتغيير الجذري والقدرة على اكتساب الوعي الثوري بمعدلات كبيرة وسريعة، بعد أن أكد بسالته خلال الخمس سنوات الماضية بعد الثورة.
وأقول للصديق الدكتور أحمد طراوة نعم الشعب أثبت وعيه وظل على الدوام يصدق وعده، والشوارع لا تخون، ولكن، هل ما زالت هناك شوارع وجسور تسع المسيرات المليونية؟ وماذا تبقى من تلك الملايين بعد النزوح؟ والأهم من كل ذلك هل الحزب الشيوعي، بوضعه الراهن، قادر على قيادة ما تبقى من شوارع؟ وفي البال السؤال المؤرق هل الحزب مخترق فقط ... أم أيضاً مختطف؟
وللحديث بقية ...
في اللقاء القادم (10) المعالجات المقترحة
atifgassim@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی الحزب فی من قبل
إقرأ أيضاً:
الفن التشكيلي السوداني- النشأة، الرواد، ومدرسة التشكيل السودانية لمحة
الفن التشكيلي السودانين- قراءة معاصرة لإحياء الحوار
ليس هذا المقال توثيقًا تقليديًا لمسيرة الفن التشكيلي في السودان، بل هو محاولة لإعادة قراءته بعيون أكثر معاصرة، تفتح أفقًا جديدًا للحوار حول تطوره ودلالاته في سياقنا الراهن. فالفن التشكيلي السوداني، بتنوع مدارسه وأساليبه، لم يكن يومًا مجرد انعكاس بصري للواقع، بل ظل فضاءً للتعبير عن الهوية والتاريخ والتجربة الإنسانية. وفي ظل التحولات التي شهدها السودان، يصبح من الضروري استكشاف كيف تفاعل هذا الفن مع التغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية، وكيف يمكن أن يكون بوابة لإعادة التفكير في مفاهيم الجمال والانتماء والإبداع.
يُعتبر الفن التشكيلي السوداني واحدًا من أكثر التجارب الفنية إثارة في أفريقيا والعالم العربي، حيث يجمع بين الأصالة الأفريقية والتراث الإسلامي والعربي، مع تأثيرات حديثة ومعاصرة. بدأ الفن التشكيلي السوداني في التبلور في منتصف القرن العشرين، وتطور ليصبح مدرسة فنية مميزة تعكس الهوية الثقافية السودانية بكل تنوعها وتعقيداتها.
بدايات الفن التشكيلي السوداني
بدأ الفن التشكيلي السوداني بشكل رسمي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، مع تأسيس كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم عام 1946. كانت هذه الكلية أول مؤسسة أكاديمية تُعنى بتدريس الفنون في السودان، وقد لعبت دورًا محوريًا في تشكيل الحركة الفنية السودانية.
قبل ذلك، كانت الفنون في السودان تعتمد بشكل رئيسي على الفنون الشعبية والحرف التقليدية، مثل النقش على الخشب، والرسم على الجدران، وصناعة الفخار، والتي كانت تعكس الثقافة المحلية والتراث الأفريقي. كما تأثر الفن السوداني بالفنون الإسلامية والزخرفة العربية، وهو ما ظهر في التصاميم الهندسية والخطوط التي تزين العمارة التقليدية. ومع دخول الاستعمار البريطاني، بدأت التأثيرات الأوروبية في الظهور، مما أدى إلى ظهور فن تشكيلي حديث يدمج بين المحلي والعالمي.
رواد الفن التشكيلي السوداني
حسين جمعان (1915-1986)
يُعتبر حسين جمعان أبو الفن التشكيلي السوداني، حيث كان أول فنان سوداني يدرس الفن في الخارج (في كلية سليد للفنون في لندن). أعماله تتميز بالجمع بين الأسلوب الأكاديمي الأوروبي والموضوعات السودانية المحلية، مثل الحياة الريفية والطبيعة.
إبراهيم الصلحي (مواليد 1930)
يُعتبر إبراهيم الصلحي أحد أشهر الفنانين السودانيين على مستوى العالم. بدأ مسيرته الفنية في الخمسينيات، وتأثر بالفن الإسلامي والخط العربي، بالإضافة إلى الفن الأفريقي التقليدي. أعماله تتميز باستخدام الخطوط الهندسية والألوان الأرضية، ويعتبر من مؤسسي "مدرسة الخرطوم".
أحمد شبرين (1931-2017)
كان أحمد شبرين من أوائل الفنانين الذين درسوا الفن في السودان وخارجه. تتميز أعماله بالتركيز على الإنسان السوداني وثقافته، مع استخدام الألوان الزاهية والخطوط الواضحة.
كمالا إبراهيم إسحق (مواليد 1939)
تُعتبر كمالا إبراهيم إسحق من أبرز الفنانات السودانيات، وقد ساهمت في تطوير الفن النسوي في السودان. أعمالها تتميز بالتركيز على قضايا المرأة والهوية الثقافية.
رواد آخرون
بالإضافة إلى هؤلاء، برز فنانون مثل شفيق دهب، راشد دياب، ومحمد عمر خليل ومحمد المهدي الغبشاوي وهو خزاف وهؤلاء الذين لعبوا دورًا في تطوير الفن التشكيلي السوداني ونقله إلى الساحة العالمية، حيث مزجوا بين التأثيرات المحلية والتوجهات الفنية العالمية.
مدرسة الخرطوم للفن التشكيلي
تُعتبر "مدرسة الخرطوم" واحدة من أهم المدارس الفنية في أفريقيا والعالم العربي، وقد ظهرت في الخمسينيات والستينيات كحركة فنية تجمع بين التراث السوداني والفن الحديث. تتميز هذه المدرسة بالخصائص التالية:
الجمع بين التراث والحداثة
حاول فنانو مدرسة الخرطوم التوفيق بين التراث السوداني (مثل الرموز الأفريقية، والخط العربي، والفن الإسلامي) والتقنيات الحديثة في الرسم والنحت.
التركيز على الهوية السودانية
اهتمت المدرسة بتجسيد الهوية السودانية بكل تنوعها، من خلال تصوير الحياة اليومية، والطقوس الدينية، والمناظر الطبيعية.
استخدام الرموز والخطوط
استخدم فنانو المدرسة الرموز الأفريقية والخط العربي كعناصر أساسية في أعمالهم، مما أعطى لفنهم طابعًا مميزًا.
الألوان الأرضية
تتميز أعمال مدرسة الخرطوم باستخدام الألوان الأرضية، مثل البني والأصفر والأخضر، والتي تعكس طبيعة السودان وتراثه.
القضايا التي تناولها الفن التشكيلي السوداني
الهوية الثقافية
تناول الفنانون السودانيون قضية الهوية الثقافية بكل تعقيداتها، حيث حاولوا التوفيق بين المكونات الأفريقية والعربية والإسلامية في أعمالهم.
الاستعمار والتحرر
في فترة الخمسينيات والستينيات، ركز العديد من الفنانين على قضايا الاستعمار والتحرر، حيث صوروا معاناة الشعب السوداني ونضاله من أجل الاستقلال.
المرأة والمجتمع
تناول بعض الفنانين، مثل كمالا إبراهيم إسحق، قضايا المرأة ودورها في المجتمع السوداني، مع التركيز على التحديات التي تواجهها.
الطبيعة والبيئة
تميزت العديد من الأعمال الفنية السودانية بالتركيز على الطبيعة والبيئة، حيث صور الفنانون المناظر الطبيعية السودانية، مثل النيل والصحراء.
تطور الفن التشكيلي السوداني في العصر الحديث
مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، شهد الفن التشكيلي السوداني تطورًا كبيرًا، حيث ظهرت أجيال جديدة من الفنانين الذين استخدموا تقنيات حديثة مثل الفيديو آرت والتركيبات الفنية. كما أصبح الفن السوداني أكثر انفتاحًا على العالم، حيث شارك العديد من الفنانين السودانيين في معارض دولية وحصلوا على جوائز عالمية.
الفن التشكيلي الحديث في السودان لا يقتصر على الرسم والنحت فقط، بل أصبح يشمل فنونًا متعددة مثل الجرافيتي والتصميم الرقمي، ما يعكس تطور أدوات التعبير الفني مع الزمن. كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز انتشار الفن التشكيلي السوداني وجعله أكثر تفاعلًا مع القضايا السياسية والاجتماعية الراهنة.
الفن التشكيلي السوداني هو تعبير عن الهوية الثقافية المعقدة للسودان، حيث يجمع بين التراث الأفريقي والعربي والإسلامي، مع التأثر بالحداثة العالمية. من خلال أعمال رواد مثل إبراهيم الصلحي وحسين جمعان، ومدرسة الخرطوم، استطاع الفن السوداني أن يترك بصمة واضحة على خريطة الفن العالمي، وأن يصبح مرآة تعكس تاريخ وثقافة شعب غني بتنوعه وتقاليده. وفي ظل التغيرات الراهنة، يظل الفن التشكيلي السوداني في حالة تطور مستمر، مستلهمًا من ماضيه العريق ومستشرفًا آفاق المستقبل.
zuhair.osman@aol.com