حرب السودان حسب القانون الدولي الانساني !
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
مناظير الثلاثاء 24 سبتمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* كثفت مليشيا الجنجويد في الآونة الأخيرة قصف الأسواق وقتل وترويع المدنيين، حيث شهد السوق الكبير بمدينة الفاشر (سوق حجر قدو) مؤخرا قصفا مدفعيا متواصلا بواسطة قوات الدعم السريع تسبب في وقوع 27 قتيلا وعشرات المصابين، وقصفت مدافعها الغادرة يوم أمس سوق (صابرين) في ام درمان مما أدى لمقتل 13 شخصا وإصابة 33، فما الذي تهدف إليه المليشيا المتوحشة من وراء ذلك، ولماذا يظل المدنيون الابرياء الهدف الدائم للحرب بدون مراعاة لدين أو أخلاق أو قوانين .
* وحتى لو افترضنا أن القصف حدث بشكل عشوائي، كما يردد بعض قادة الطرفين، فإنه لا يعفي الجاني من إرتكاب جريمة حرب حسب (القاعدة 11 ) التي تحظر القصف العشوائي أو الهجمات العشوائية والتي تُعرِّفها (القاعدة 12 ) بأنها التي لا تُوجَّه الى هدف عسكري محدد (الفقرة 7 أ)، أو التي تَستخدِم طريقة أو وسيلة قتال لا يمكن توجيهها الى هدف عسكري محدد (7 ب)، او التي تستخدم طريقة أو وسيلة قتال لا يمكن تحديد آثارها على النحو الذي يقتضيه القانون، ومن شأنها في حالةٍ كهذه أن تصيب أهدافاً عسكرية ومدنيين أو أعياناً مدنيّة دون تمييز(7 ج).
* وبالتالي فإن تبرير قتل وترويع المدنيين بأن القصف حدث بشكل عشوائي لا يعفي من وقوع الجريمة، ولا بد من محاسبة الشخص المباشر الذي ارتكبها والذي اصدر الاوامر إليه، حسب (القاعدة 152 ) التي تنص على أن " القادة والأشخاص الآخرون الأرفع مقاماً مسؤولون جزائيا عن جرائم الحرب التي تُرتكب بناء على أوامرهم".
* بل ذهبت القاعدة (153) الى أبعد من ذلك وقضت بتجريم القادة إذا عرفوا بوقوع الجريمة ولم يعاقبوا مرتكبها، أو كان لديهم علم بوقوعها ولم يتخذوا التدابير المعقولة لمنعها، وجاء في نص القاعدة: "القادة والأشخاص الآخرون الأرفع مقاماً مسؤولون جزائياً عن جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم إذا عرفوا، أو كان بوسعهم معرفة أنّ مرؤوسيهم على وشك أن يرتكبوها أو كانوا يقومون بارتكاب مثل هذه الجرائم ولم يتخذوا كل التدابير اللازمة والمعقولة التي تخولها لهم سلطتهم لمنع ارتكابها أو معاقبة الأشخاص المسؤولين عنها".
* كما تُلزم القاعدة ( 154 ) المقاتل بعدم إطاعة أمر غير قانوني: " يجب ألاّ يطيع المقاتل أمراً من الواضح أنه غير قانوني"، ولا يحميه من المحاسبة الدفع بأنه ارتكب الفعل إطاعة لأوامر عليا إذا كان يعرف أن الفعل غير قانوني، حسب القاعدة 155 التي تنص على: " لا يُعفَي المرؤوس من المسؤولية الجزائية إطاعة أوامر عليا إذا عرف أن الفعل المأمور به كان غير قانوني، أو كان بوسعه أن يعرف ذلك بسبب الطبيعة غير القانونية الواضحة للفعل المأمور به."
* لقد احتوى القانون الدولي الإنساني على كل كبيرة وصغيرة فيما يتعلق بالحد من النزاع المسلح وحماية المدنيين والبيئة التي يوجدون فيها واماكن إقامتهم وأعمالهم وحياتهم اليومية..إلخ، خلال النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، ولم يترك ثغرة واحدة ينفذ منها مرتكبو الجرائم والانتهاكات، من عدم توفير الحماية للمدنيين وتخريب البيئة وتدمير الاعيان المدنية ونهب وتخريب الأملاك المدنية العامة والخاصة والممتلكات الثقافية، والمعاملة المهينة والحط من الكرامة والترويع والتعذيب والتجويع واعاقة وصول الاغاثات والعنف الجنسي، والقتل، ومعاملة الأسرى والمعتقلين والجرحى والموتي، والنازحين، والأشخاص الذين يتمتعون بحماية خاصة (الاطفال، النساء، كبار السن المعوقون والعجزة)، والرعاية الطبية للجرحى والاشخاص الآخرين، والتعويض عن الخسائر، ونوع الاسلحة المستخدمة والألغام، وكل انواع الجرائم والانتهاكات الاخرى، كما يتحدث القانون عن توعية العسكريين بالقانون الدولي الإنساني (القاعدة 142 )، والسكان المدنيين (القاعدة 143 )، وينص على عدم سقوط جرائم الحرب بالتقادم مهما مر عليها من سنوات، وكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالنزاعات المسلحة والحد منها وحماية المدنيين.
* الى متى يظل المدنيون الابرياء ضحايا لطرفى الحرب، وما الذي تجنيه الاطراف المتحاربة من استهداف المدنيين ومتى تتحرك القوى المدنية السودانية والسودانيون لانقاذ انفسهم ووطنهم وأجيالهم القادمة من هذه المحرقة الكيزانية الجنجويدية البشعة؟!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القانون الدولی غیر قانونی التی ت أو کان
إقرأ أيضاً:
مؤتمر دولي بلندن منتصف أبريل لـ«السلام وحماية المدنيين» في السودان .. وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: زيارة وفد بريطاني للتشاور
وصف وزير الخارجية السوداني علي يوسف، الزيارة التي يقوم بها وفد دبلوماسي بريطاني للعاصمة الإدارية بورتسودان بـ«المهمة جداً»، وإنها تهدف للتشاور مع الحكومة السودانية بشأن رغبة لندن في «عقد مؤتمر دولي حول السودان» منتصف أبريل (نيسان) المقبل، الذي يوافق ذكرى مرور عامين على الحرب، والتنسيق بين الوزارتين بشأنه.
وقال يوسف، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، إن «المؤتمر سيبحث القضايا الإنسانية وحماية المدنيين والسلام، وليس لأي أغراض أخرى»، وأضاف: «زيارة الوفد البريطاني غرضها تنوير الحكومة السودانية بأهداف المؤتمر والجهات المدعوة له».
واعتبر المسؤول السوداني، المبادرة البريطانية «خطوة إيجابية، أعقبت لقاءً مهماً مع مسؤولين بريطانيين في مدينة ميونيخ الألمانية، ناقش القضايا الثنائية بين البلدين، والتواصل الدبلوماسي بين الحكومتين السودانية والبريطانية، من أجل تفادي التصعيد في المنابر الدولية». وأضاف: «الأمور تمضي بشكل جيد حتى الآن».
وأكد الوزير يوسف استمرار التواصل واللقاءات بين بورتسودان ولندن، وقال: «السفير السوداني في لندن رتب لي لقاءً مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الأفريقية، وكان لقاءً جيداً».
واستقبلت العاصمة المؤقتة بورتسودان، الثلاثاء، وفداً دبلوماسياً بريطانياً يضم المدير العام بالخارجية البريطانية لشؤون أفريقيا والأميركتين وما وراء البحار هاريد ماثيوث، والمبعوث البريطاني الخاص للسودان ريتشارد كراودر وعضوية مستشار السفارة البريطانية في القاهرة مارك تايلور، ورئيس المكتب البريطاني للشؤون السودانية.
وفي أول لقاءاته مع المسؤولين السودانيين، التقى الوفد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وتناول اللقاء تدهور الأوضاع الإنسانية للنازحين، خصوصاً في معسكرات دارفور.
وقال مناوي للوفد إن «قوات الدعم السريع، لا تزال تغلق الطرق وتمنع دخول قوافل المساعدات»، وانتقد مواقف المجتمع الدولي تجاه ما يجري في دارفور، وحضّ بريطانيا على لعب دور في حل أزمة سكان الإقليم.
وينتظر أن تتطرق محادثات الوفد البريطاني مع المسؤولين السودانيين إلى الاتهامات السودانية لبريطانيا «بالتنكر لواجبها الأخلاقي والسياسي بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، ودعم ممولي الحرب في السودان، وإجرائها لقاءات سرية مع قادة قوات الدعم السريع، تجعل منها شريكة في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها».
وكانت بريطانيا، بالتضامن مع سيراليون، قد تقدمت بمشروع قرار لمجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لتعزيز التدابير الرامية لحماية المدنيين، طالبت فيه القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» باحترام وتنفيذ التزاماتهما بموجب «إعلان جدة» الإنساني، لكن روسيا استخدمت حق النقض ضد القرار، باعتباره «تقويضاً للسيادة السودانية».
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغ نائب رئيس «مجلس السيادة» مالك عقار، المبعوث البريطاني، اعتراض حكومته على مواقف بلاده من الحرب السودانية، وقال إن حكومته غير راضية عن «الموقف البريطاني السلبي غير الداعم للشعب السوداني».