مدينة كسلا تقدم نموذجاً في احتضان النازحين
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
تعد مدينة كسلا في شرق السودان من المدن التي شهدت حركة نزوح كبيرة خلال الحرب مؤخراً، نتيجة الصراع المسلح الذي نشب في السودان في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقد تسبب في أزمة إنسانية هائلة، وساهم في تفاقم الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد. ونتيجة للأزمات المتكررة التي شهدتها مناطق مختلفة من السودان، بسبب النزاع المسلح والصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع.
أحد التحديات الكبرى التي واجهتها مدينة كسلا كانت في كيفية توفير أماكن آمنة وصحية لإيواء الأعداد الكبيرة من النازحين. وقد ظهرت عدة مبادرات شعبية استجابة لهذا التحدي، ومنها إقامة المخيمات المؤقتة حيث كان للمجتمع المحلي دور كبير في إنشاء مخيمات مؤقتة في ضواحي المدينة. وتعاونت العائلات والأفراد مع الجهات التطوعية لتوفير المساحات المفتوحة وتحويلها إلى أماكن سكن مؤقتة للنازحين. تميزت هذه المبادرات بالاعتماد على الخيام البسيطة والمصنوعة من المواد المحلية، مثل القماش والبلاستيك والأخشاب. بالإضافة إلى توفير السكن لدى العائلات، في ظل الضغط الكبير على المخيمات، قامت العديد من العائلات في كسلا بفتح منازلها للنازحين. هذه المبادرة شكلت جزءًا من النسيج الاجتماعي السوداني الذي يعتمد على التعاون والتكافل. العائلات المضيفة لم تقتصر مساعدتها على السكن فقط، بل امتدت لتشمل تقديم الطعام والرعاية الصحية الأساسية. كما قامت بعض المبادرات الشعبية بجمع التبرعات المحلية لبناء ملاجئ أكثر استدامة. هؤلاء المتطوعون يعملون على بناء منازل بسيطة من الطين أو القش تتوافق مع الظروف البيئية للمنطقة، مما يوفر حلاً طويل الأجل للأسر النازحة.
بسبب تزايد أعداد النازحين، ظهر تحدي توفير الطعام اليومي للأسر المتضررة. وبرزت عدة مبادرات شعبية في هذا المجال مثل المطابخ المجتمعية التي تعرف ب (التكايا) جمع تكية، حيث أقامت مجموعات شبابية ونسائية مطابخ مجتمعية تقوم يومياً بطهي وتوزيع وجبات الطعام على النازحين. تعمل هذه المطابخ بتمويل من التبرعات المحلية والمغتربين، دون إعلام وضوضاء وتستخدم الموارد المتاحة في المنطقة، مثل الذرة والقمح والبقوليات.
رغم النجاح النسبي لهذه المبادرات في سد الاحتياجات العاجلة للنازحين، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجهها مثل نقص الموارد .. حيث تعتمد هذه المبادرات بشكل كبير على التبرعات المحلية، وغالباً ما تعاني من نقص التمويل والموارد الأساسية لتلبية جميع الاحتياجات. علاوة على الظروف الصحية الصعبة في ظل الضغط الكبير على المخيمات والملاجئ المؤقتة، يكون من الصعب الحفاظ على الظروف الصحية الجيدة، خاصة في ظل نقص المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي. كما تعتمد معظم هذه المشاريع على جهود فردية ومجتمعية تطوعية، مما يثير تساؤلات حول استدامة هذا الدعم على المدى الطويل، خاصة مع استمرار الأزمة وتزايد أعداد النازحين.
إن المبادرات الشعبية في مدينة كسلا تعكس روح التعاون والتكافل التي يتميز بها المجتمع السوداني، حيث انصب جهد السكان المحليون لدعم النازحين في ظل غياب الدعم الحكومي الكافي. ومع أن هذه المبادرات تمكنت من تحقيق بعض النجاح، إلا أن استدامتها تعتمد على التعاون المستمر بين المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، إضافة إلى البحث عن حلول أكثر ديمومة لمعالجة الأزمة الإنسانية.
د. سامر عوض حسين
samir.alawad@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه المبادرات مدینة کسلا
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر يعلن احتضان مصر للنسخة الثانية من مؤتمر الـحوار الإسلامي- الإسلامي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور أحــمَد الطَّـيِّــب شَـيْخ الأزهــر، إنَّ التاريخ يُحدِّثُنا بأنَّ أُمَّتَنا الإسلاميَّة لم تَجْنِ من الفُرقة والتّشَرذُم وتدخُّلِ بعض دولها في الشؤون الداخليَّة لبعضِها الآخَر، أو الاستيلاءِ على أجزاءٍ من أراضيها، أو استغلالِ المذهبيَّةِ والطائفيَّة والعِرقيَّة لزرعِ الفِتَن بين أبناء الوطن الواحد، أو محاولات تغيير المذاهب المستقرَّة بالتَّرغيبِ وبالتَّرهيبِ، كلُّ ذلك لم تَجْنِ الأمَّةُ منه إلَّا فُرقةً ونزاعًا وصراعًا أسلَمَها إلى ضعفٍ وتَراجُع أطمعَ الغيرَ فينا وجَرَّأه علينا، حتى رأينا وسمعنا مَن يُطالبُنا بتهجيرِ شعبٍ عريقٍ وترحيلِه من وطنه ليُقيم على أرضِه منتجعًا سياحيًّا على أشلاءِ الجُثَث وأجسادِ الشُّهداء مِن الرجالِ والنِّساءِ والأطفالِ مِن أهلِنا وأشقَّائنا في غزَّة المكلومة، وبالتأكيد تتفقون معي في أنه آنَ الأوانُ لتضامُنٍ عربيٍّ إسلاميٍّ أخوي خالٍ من كل هذه المظاهر إذا ما أردنا الخيرَ لبلادنا ولمستقبلِ أمتنا.
وتوجه شيخ الأزهر -خلال كلمته بمؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي، بحضور ملك البحرين، بقصر الصخير الملكي- إلى اللهِ تعالى بالدُّعاء أن يُوفِّقَ قادة العرب في قِمَّتهم العربيَّة المُرتقبة في جمهوريَّة مصر العربية، وفي المملكةِ العربيةِ السعودية، وأنْ يجمعَ كلمتهم ويُوحِّد شملهم.
وقدم شيخ الأزهر الشكر لعلماءِ المسلمين وفقهائهم ومُفكِّريهم، لاستجابتِهم الكريمةِ لدعوةِ الأزهر الشريف ومجلسِ حكماء المسلمين، للتشاورِ حولَ تحدِّيات ثقيلة فرضها واقعٌ مؤلم لا يزال يجثم على صدور الجميع، معربا عن تقديره لهذا «المشهد» الاستثنائي الذي لم تَعْتَده أعيُننا بهذا الجمع، والذي تلاقت فيه أطيافُ الأُمَّة، وعلماؤها من السُّنَّةِ والشِّيعة الإماميَّة والزيديَّة، ومن الإباضية، بل من عامَّةِ المسلمين جميعًا مِمَّن وصفهم نبيُّ الإسلام صلوات الله وسلامه عليه، وهو يُحدِّدُ لنا: مَن هو «المسلم» الذي له في رقابِ المسلمين ذِمَّة الله ورسوله، وذلك في قولِه في الحديث الشريف: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَاكم الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ؛ فَلَا تخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ»..
ومن بابِ الحرصِ على استكمالِ المَسيرةِ وتجديد النوايا لخدمةِ الإسلام، أُعلِن شيخ الأزهر أنَّ المحطَّةَ التالية لمؤتمر الحوار الإسلامي – الإسلامي، سوف تحتضنُها جمهوريَّةُ مصر العربيَّة في الأزهر الشَّريف سائلا الله -جلَّ وعلا- أنْ يُوفِّقنا في العملِ لما فيه خير أُمَّتنا، وأنْ يُمكِّن لهذه الأُمَّة كلَّ سُبُلِ التآلُف والتقارُب والوحدة والتقدُّم والرَّخاء.
وعبر شيخ الأزهر عن امتنانه لاحتضانَ جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، لهذه الدعوة المخلصة للحوار بين الإخوة من أجل جمع الكلمة وتوطيد الأخوَّة الإسلامية في مواجهة التحدِّيات المشتركة، وتوفير الإمكانات اللازمة لإنجاحه وإيصال صوته ورسالته إلى العالم كله، سائلا الله أنْ يُديمَ على البَحْرين وسائرِ بلاد المسلمين الأمنَ والأمانَ والسَّلامةَ والاستقرار.
1000067194 1000067192 1000067188 1000067182 1000067186 1000067190 1000067184 1000067180 1000067178 1000067172 1000067174 1000067176 1000067168 1000067170 1000067166