سودانايل:
2024-12-22@09:29:54 GMT

النادي السياسي القديم و عوامل سقوطه

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
هناك كتابان بعنوان واحد " لما العقل " لكاتبين مختلفين، الكتاب الأول من ناحية الإصدار للدكتور البروفيسور العراقي المتخصص في علم النفس موفق الحداني، الذي كان عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، و هو من أسرة رأسمالية، ضايقه حزب البعث بكثرة الاعتقالات، و هاجر إلي كند و اشتغل بجامعاتها، و في عام 1964 جاء استاذا زائرا لجامعة الخرطوم، و حضرة ثورة أكتوبر 1964م.

. و كتب في كتابه " أن الشعب السوداني أكثر شعوب العالم احتراما للقوانين و تنفيذها" و ارجع ذلك اثناء اندلاع الثورة، حيث أعلنت حالة الطواري في البلاد، و قال عندما تتحرك دبابات الجيش لقمع المتظاهرين، و تأتي أمام إشارة المرور، و تصبح الإشارة بالون الأحمر تتوقف الدبابات، و لا تتحرك إلا بعد أن يصبح النور أخضرا.. و قال هذه لا تتم إلا عند عناصر أصبح القانون عندهم سلوكا تلقائيا.. الكتاب الثاني هو للدكتور السوري برهان غليون و هو أستاذ علم الاجتماعي في فرنسا و تناول الكتاب التغيير و السلوك الديني و الثقافي في المجتمعات..
أوردت إفادة البروفيسور موفق عن شعب السودان، و الذي قال عنه أنه يحترم القوانين و ينفذها، هل هذه إشارة صحيحة يمكن البناء عليها بأن شعب السودان شعبا ديمقراطية؟.. لآن الديمقراطية تؤسس على القانون و أحترامه و تنفيذه، أي أنه يصبح سلوكا تلقائيا.. مثالا على ذلك، إذا ذهب شخص من بلد غير ديمقراطي إلي بلد ديمقراطي و رمى و رقة على قارعة الطريق أو أي زبالة، يأتي مواطن البلد و يحملها ويضعها على سلة المهملات دون أن يسأل الذي القاها على الأرض..هذا السلوك تبين الفارق الكبيرفي ثقافة الاثنين.. الثاني تعلمها منذ طفولته و دخوله الروضة، و الأول ليس له علاقة بقضية القوانين، أنما بالأعراف القبلية و الأثنية، و هي واحدة من الإشكاليات التي تعيق عملية التحول الديمقراطي في مجتمعات دول العالم الثالث، و معرفة القوانين و احترامها هي التي تخلق الوعي السياسي عند المواطن..
أن الحرب الدائرة الآن في السودان، سوف تضعه بين فترتين ما قبل الحرب و ما بعدها.. الفترة الأولى رغم أن القيادات السياسية الأولى قد كسبت وعيها السياسي بالتعليم الحديث الذي صنعه الاستعمار، و الذي أهلها على الإطلاع على تجارب العالم و الأفكار التي أنتجها عبر عمليات التغيير التي حدثت منذ عهد الاستعمار، و تكوين حركات التحرر الوطنية، ثم التجارب الوطنية ما بعد الاستعمار، كل هذه التجارب السابقة لم تستطيع أن تخلق وعيا سياسيا يميل اجتماعيا للديمقراطية، بمعنى أن القوى الديمقراطية فشلت أن تخلق توازن القوى الذي يحمي تجاربها الديمقراطية من السقوط.. الأمر الذي جعل الأحزاب الأيديولوجية نفسها تهرب من عملية البحث لتوازن القوى من داخل المجتمع.. و البحث عنه داخل المؤسسة العسكرية.. هذه القوى صاحبة عقل الانقلابات؛ لا تصلح أن تقود عملية التغيير من النظام الشمولي إلي النظام الديمقراطي، لآن الثقافة و الوعي السياسي الذي تخلق عبر تراكم التجارب لا يمكن أن يختفي بين يوم و ليلة عبر الشعارات.. و حتى التنظيمات الجديدة نفسها هي ورثت الثقافة السياسية للنادي السياسي القديم، و عندما فشلت القوى الجديدة في الاحتفاظ بالشارع، و الذي كان يحفظ لها توازن القوى مع المؤسسة العسكرية، لم ترجع للشارع و تتحاور معه لكي تعيد بناء اللحمة من جديد، و لكنها ذهبت تبحث عن قوى جديدة لكي تردع لها الشارع و القوات المسلحة الأثنين معا، لذلك فضلت أن تبني أمال عودتها على الخارج، و بأن يمارس عملية الضغط على المؤسسة العسكرية و الشارع، و يسلمها السلطة و يجعلها تحكم بالطريقة التي تريدها، فشل الخارج لأنه هو نفسه يريد تحقيق أجندته و مصالحه، و لا يمكن أن يعتمد على قوى أصبحت مرفوضة من قطاع كبير من الشارع.. فالسقوط حقيقة الذي جاء بعد ثورة ديسمبر 2018م ليس هو سقوط الإنقاذ نظام الإسلاميين.. و لكنه سقوط عكامل لقل النادي السياسي القديم و كل إرثه و موروثاته..
أن الحرب ألة هدم حقيقة للعقل القديم.. ليس كما يشيع عقل الميليشيا دولة الجلابة و دولة 56 و غيرها من الشعارات و المسميات، لآن الحرب سوف تجعل المجتمع كل سوءاته و ما يختزنه من عنف و سوء الأخلاق.. و الحرب هي أعنف أداة للتغيير و لكنها تحاج إلي وعي سياسي و اجتماعي و ثقافي يجعل قادتها أن لا يقعوا في ذات الوحل القديم.. و هناك قيادات عسكرية أستطاعت من خلال وعيها الذي أكتسبته في ثقافة الحروب، أن تغيير مورث الفشل في بلادها إلي نجاح و تنهض.. مثالا لذلك الجنرال ديجول الذي استعاد استقلال فرنسا من قبضة النازية و يصنع الجمهورية الخامسة في فرنسا.. و أيضا هناك الحرب الكورية بين الشمال و الجنوب خرجت كوريا الجنوبية منهوكة القوى و تعيش على إعانات من الغرب و أمريكا، و في عام 1960 قامت تظاهرات في كوريا ضد الفقر و كفر بالديمقراطية الأمريكية التي لم تحقق لهم حياة كريمة، لذلك خارج قائد الجيش لكوريا الجنوبية "بارك تشونغه هي" و عمل انقلابا و استطاع أن يحدث تغييرا كبيرا في المجتمع الكوري و يجعل بلده على أعلى سلم الحضارة الإنسانية..
السؤال الذي يجب أن يطرح نفسه؛ هل قيادات الجيش التي تدير المعركة العسكرية ضد الميليشيا، و أجندة الإقليم و الخارج، قادرة على أن تحدث تغييرا في العقل السوداني بخلق وعي جديد و ثقافة جديدة تصبح العتبة التي يدخل منها السودان للحضارة الإنسانية، أم أنهم سوف يتبنوا عقل النادي السوداني القديم لكي نرجع مرة أخرى للحرب في وقت أخر؟ هو التحدي الآن الذي سوف تواجهه القيادات العسكرية في السودان... نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بوتين: لا نعرف ما الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، لا نعرف ما الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في غزة، وذلك وفقًا لما أفادت به قناة "القاهرة الإخبارية".

وفي وقت سابق، ووفقًا لتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، لا ترغب إسرائيل في تحمل مسؤولية إدارة سكان قطاع غزة مدنيًا بعد انتهاء الحرب المستمرة لأكثر من 14 شهرًا، لكنها حددت هدفًا آخر.

وقال كاتس، "إن إسرائيل ستبقي على سيطرتها الأمنية في قطاع غزة، مع الاحتفاظ بحرية العمل العسكري، على غرار الوضع في الضفة الغربية، وذلك عقب انتهاء الحرب"، مضيفًا "أن إسرائيل ليست معنية بإدارة شؤون السكان المدنيين في غزة".

وذكرت القناة الإخبارية الإسرائيلية "12" أن كاتس التقى مع مسؤول أمريكي رفيع المستوى وأبلغه رسالة غير معتادة عادة ما تُناقش في الغرف المغلقة، مضمونها أن "إسرائيل لا تسعى إلى السيطرة على قطاع غزة عسكريًا أو مدنيًا بعد انتهاء الحرب".

وأشار كاتس أيضًا إلى أنه "لا توجد قرارات بشأن الاستيطان في غزة"، مؤكدًا أن إسرائيل لا تهدف إلى بسط سيطرتها الكاملة على القطاع.

فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، أكد كاتس أن "إسرائيل تسعى لحمايتها من التهديدات الإيرانية ومن حماس، وتحرص على تعزيز دورها باعتبارها جزءًا من المعسكر المعتدل".

 وأضافت القناة أن "إسرائيل تبدو مهتمة حاليًا بالحفاظ على استقرار السلطة الفلسطينية، رغم تصريحات مختلفة من سياسيين إسرائيليين".

وفي تغريدة على منصة "إكس"، أوضح كاتس موقفه قائلًا: "بعد تحييد القدرات العسكرية والحكومية لحماس، ستتولى إسرائيل مسؤولية الأمن في غزة مع حرية العمل الكامل، كما هو الحال في الضفة الغربية. 

وأضاف، أننا لن نسمح لأي تنظيم بالعمل انطلاقًا من غزة ضد المواطنين الإسرائيليين، ولن نعود إلى الأوضاع التي كانت سائدة قبل 7 أكتوبر.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يسيطر على قاعدة الزُرق العسكرية بدارفور
  • وزراء باقون رغم الأداء المتراجع.. من يدفع ثمن الجمود السياسي؟
  • هل صارت الخدمات من أدوات الصراع السياسي في السودان؟
  • عائلات المحتجزين بغزة: إنهاء الحرب ليس إخفاقا والأهم عودة أبنائنا
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • عضو السياسي الأعلى النعيمي يعزي في وفاة المناضل ناصر الحرورة
  • خبير عسكري: قمة الثمانية هدفها الأساسي الحوار بدلا من الحرب
  • التكويع يصل بيروت.. ماذا فعل سياسيون لبنانيون مؤيدون للأسد بعد سقوطه؟
  • بوتين: لا نعرف ما الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في غزة
  • بيان بمناسبة ذكرى ثورة ديسمبر من تحالف القوى المدنية لشرق السودان