بعد رِحلة الطَّواف على الهَيئةِ الملكية بالجُبيل ومَنطِقتِها السَّكنية وأحْيائِها الرَّاقية وساحلِ بحرِها الأخْضَر اليَانِع وشوارِعها الفَسيحةِ المُلوَّنة بألوانِ قوسِ قُزَح " خُضرَة ونُضرَة وزَفَّة ألوَان " ، نَعودُ والعَودُ أحمدُ . نعُودُ إلى المدارسِ وهُمُومِها. وكما ذكرتُ لكم آنفا، فإنني قد عُدتُ مرةً أخرَى مَنقُولا من مدارسِ محطة التَّحلية إلى مدرسةِ الجبيل المتوسطة.

أخلَيتُ السَّكنَ الحُكُومي الفَخْم وحَملتُ أغرَاضِي وعُدتُ بها " مُتلَفِّعاً باللّيلِ والصَّمتِ " ! لَمْ نَجِد صُعوبةً - معي الأسْرَة الصَّغيرة - في الحُصُول على شُقَّةٍ مُناسبةٍ في الطَّابقِ الأوّل وفي شارعٍ تِجاري كَبيرٍ اسمُه " شارعُ القَطِيف " .
أُدِيرتْ ساقِيةُ عامٍ دِراسي جَديد بعد أنْ تمَّ تَشحِيمُ بعضِ تُروسِها وتَغييرُ البعضِ الآخَر . فقد تمّ نقلُ المُدير إلى مَركَز التَّوجِيه التَّربوي ليَشغَلَ مَنصبَ " مُشرِف فَضِّ النِزاعَات في المدارس " ! ولكأنَّنا في هيئةِ " الأمم المتحدة " . ذلِكُم هو المُدير الذي ردَّ علي بِعبارةٍ مَشهُورةٍ ذكرتُها في حلقةٍ سابقةٍ حيثُ قال " إيش أسَوِّي لهم! تبغاني أجيب جاز أحرِقهم " !!! وبالطَّبع يُعتَبرُ المبنَى الجَّديدُ تَغيُّرَا كَبيرَاً أسهَم في تَحويلِ كَثيرٍ من السَّلبِيات إلى إيجَابِيات.
وعلى مُستَوى الفُصُول والدِّراسة ازدادَ عددُ الفصولِ وظلَّ عددُ الحِصَصِ على ما هو عليه عند الأربَعِ وعِشرينَ حصةً نِصاباً لي ، إلا أنّ عددَ المُدرِسين قد ارتَفعَ . ويَظلُّ المَكرُ كامِناً في نُفوسِ زُملائِنا من شِمال الوادي . فقد كانَ أحدُهُم يُدرِّسُ صَفاً من الصُّفوفِ المَشهُورةِ بالفَوضَى والخُرُوجِ عن طاعةِ مَنْ يُدرِّسهُم إذا كان ضعيفَ الشَّخصِية او كان يرجُو منهم خيراً - إذا كانَ فيهِم - خارجَ المدرسةِ من قَبيلِ زيادةِ الدَّخل أو قَبُول الهَدايا أو غيرِها . تمَّ إدراجُ ذلك الصَّف ضمنَ جَدوَل حِصَصي ! ولَمْ أُدرِك المُؤامَرةَ إلا بعد حين !
كانتْ الإدارةُ فعّالةً وتَربَويةً هذه المَّرة ، وانتهى عهدُ الفوضَى الذي كان سائِداً من قبلُ . وكانَ لِوَكيل المدرسة الجَديد الأُستَاذ أحمد عبد الله الخالدي دورٌ كبيرٌ في انضِباطِ المدرسةِ والطُّلابِ والقَضاءِ على الفوضى التي كانت سائدةً من قبلُ. كانَ السَّيِّدُ الوَكِيل ضمنَ الشَّبابِ السَّعودي الذي سافرَ إلى أفغانستان وشاركَ في حَربِها ضد السُّوفييت . كان صارِمَ القَسَماتِ عريضَ المَنكَعين ذو لِحيةٍ سوداءَ كَثَّة. وقد تركَ له مُديرُ المدرسةِ الحَبلَ على الغَارِب فَنجَح وأبدَعَ في قِيادةِ المَركِب وتَوجِيهها الوُجهةَ الصَّحيحةَ والرُّسُّوِ بها على شاطئِ الأمانِ والنَّجاحِ والتَفَوُّق .
كان هنالك على الجانبِ الشَّرقي من الجبيل ثانويةُ الملك فهد وهي مدرسةٌ ضخمةٌ صُفُوفُها عَدِيدة وبها هيئةُ تدريسٍ كبيرةٍ تتَشَكّلُ من مُعظمِ الجِنسياتِ العَربية . كان من بينهم الأساتذة السُّودانيون عبد الله دفع الله وكرار فرح ومحمد محمد يس وابراهيم سليمان. مرَّتْ الأيّامُ والشُّهورُ والسُّنُونُ مُفعمةً بالحَركةِ والنَّشاطِ والعَملِ الإضافي بالمدرسةِ عَصراً فيما كان يُعرفُ ب " دُروسُ التَّقوِية". وكان الحِراكُ الأسَري بيننا - نحنُ معشَر السُّودانيين -
كبيراً مُتَمثِلاً في الزِّياراتِ والمُناسَباتِ والأعيادِ وجَلَساتِ نِهايةِ كُل أُسبُوع على كورنيش البَلَد مرةً وكورنيش الفناتير أسبوعاً آخَر . وقد شَمِلَ التَّفاعُلُ بعضَ الأُسَر التي كانتْ تعيشُ في المنطقة السّكنية من الجبيل الصّناعية ، وأذكُرُ مِنهُم على سبيلِ المِثالِ الاخَ عبد الرحمن ابراهيم " الدُّباسي" والأخَ حُسين الطَّاهر وأسرَتيهِما الكَريمَتين . وكانَ كُلٌّ مِنهُما مَسئُولاً إدارياً ومُحاسِباً لدي شَرِكَتين مُختَلِفتَين.

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

750 طالبًا و”فصلان فقط”: قصة مدرسة سودانية ولدت من رحم اللجوء في ليبيا

???? ليبيا | مدرسة ليبية تمنح أطفال السودان الأمل من قلب الحرب

???? من المعاناة إلى التعليم في مصراتة ✨
ليبيا – سلط تقرير نشره موقع “أفريكا نيوز” الضوء على مبادرة إنسانية متنامية في بلدية مصراتة، تسعى لسد فجوة التعليم لأطفال اللاجئين السودانيين الفارين من ويلات الحرب. فقد وجد مئات الأطفال ملاذًا جديدًا في “مدرسة التكامل السودانية الليبية” التي أُسست أواخر العام 2023.

???? 750 طالبًا بدأوا بفصلين فقط ????
التقرير أشار إلى أن المدرسة انطلقت بفصلين دراسيين فقط، لكنها باتت اليوم تستوعب أكثر من 750 طالبًا من مختلف المراحل الدراسية، من الابتدائي إلى الثانوي، مقدّمةً أملاً جديدًا ومسارًا للتقدم للطلاب الذين حُرموا من التعليم لسنوات.

???? ولادة من رحم المعاناة.. ودعم ليبي وسوداني ????
مدير المدرسة، ياسر مكي، أوضح أن المؤسسة وُلدت من رحم المعاناة، إذ وصل العديد من الطلاب دون وثائق هوية. وبدعم من السلطات الليبية ووزارة التعليم السودانية، تم افتتاح المدرسة بسرعة، لتصبح ملاذًا للتلاميذ التائهين.

???? صوت الطفولة: “هذه فرصتي من جديد” ????️
الطالبة حرم مهدي، عبّرت عن امتنانها قائلة: “خسرت عامين دراسيين، لكنني ممتنة لوجود فرصة للتعلم من جديد، لم أفوت أي فرصة هذه المرة”. بينما قالت المعلمة عبير موسى: “نحن لا نُعلّم فقط، بل نزرع الأمل ونؤمن بمستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال”.

???? خدمة المنهج السوداني لتيسير العودة ????
المدرسة اعتمدت المنهج السوداني لتلبية رغبة الكثير من العائلات في بقاء أبنائهم على تواصل مع نظام التعليم السوداني، مما يُسهل إعادة اندماجهم عند العودة إلى الوطن.

???? تحدٍ للحرب برسالة أمل مشتركة ????
رغم نقص التمويل والمستلزمات، يواصل المعلمون والطلاب تحدي الظروف، وأكدت الطالبة مهدي في ختام التقرير: “نحن جميعًا سعداء بهذه الفرصة.. هذه المدرسة هي تحدينا للحرب، وسنبني بها جيلًا متعلمًا وقويًا”.

ترجمة المرصد – خاص

مدير المدرسة السودانية في مصراتة ياسر مكي

مقالات مشابهة

  • أحمد عبدالله محمود عن فيلم "المدرسة": ملحمة رعب وغموض
  • كواليس ومفاجآت بشأن واقعة التحرش بطالبة مدرسة المرج
  • تجديد حبس متهم تحرش بطفلة في مدرسة بالمرج
  • حسم 15 درجة والنقل و"الانتساب".. عقوبات الطلاب المعتدين على المعلمين
  • عاجل - حسم 15 درجة والنقل و"الانتساب".. عقوبات الطلاب المعتدين على المعلمين
  • الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن عند الولادة أقل استعدادا لدخول المدرسة
  • البروفيسور خالد لعلاوي مديرا للمدرسة العليا للصحافة
  • 750 طالبًا و”فصلان فقط”: قصة مدرسة سودانية ولدت من رحم اللجوء في ليبيا
  • حبس المتهم بهتك عرض طالبة ابتدائي داخل حمام مدرسة في المرج
  • المدرسة الديمقراطية : ترامب مجرم حرب يقود أمريكا نحو الإرهاب العالمي