أمر واقع.. هل يحتفظ حزب الله بموقفه أم ترسانته؟
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
كتبت حنين غدار، الزميلة في برنامج زمالة فريدمان بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن إسرائيل تمكنت في أقل من أسبوع من التسبب بتآكل القدرات العسكرية لحزب الله، وأنظمة اتصالاته وسلسلة القيادة لديه بشكل كبير.
قد تصعد إسرائيل اليوم هجماتها لتجنب الحرب
أولاً، أدى تفجير أجهزة النداء وأجهزة الاتصالات اللاسلكية إلى تقويض قدرة الجماعة على التواصل.
يأتي هذا التصعيد بعد أن قرر القادة الإسرائيليون مواجهة التهديد المستمر لشمال البلاد الذي يفرضه حزب الله.
يوم الاثنين الماضي، قررت الحكومة الأمنية لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تحديد هدف جديد للحرب: العودة الآمنة للسكان الإسرائيليين إلى شمال البلاد.
Will #Hezbollah Choose to Keep Its Word—or Its Arsenal?
Thanks @ForeignPolicy for publishing this. https://t.co/Fe0kwGbEsm
مع ذلك، كما كتبت غدار في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن أمين عام حزب الله حسن نصرالله لا يتنازل. في خطاب ألقاه يوم 19 سبتمبر (أيلول)، تشدد نصرالله في موقفه بمهاجمة شمال إسرائيل. بالرغم من اعترافه بالتقدم التكنولوجي لإسرائيل، رفض زعيم حزب الله التراجع، وهدد بأن "لا تصعيد عسكرياً، ولا عمليات قتل، ولا اغتيالات، ولا حرب شاملة يمكن أن تعيد السكان إلى الحدود".
بعد خطابه مباشرة، ضربت إسرائيل نحو 30 منصة لإطلاق الصواريخ ومواقع للبنية التحتية لحزب الله، وفق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، كما ضرب الجيش منشآت تخزين أسلحة لحزب الله في مناطق عدة في جنوب لبنان، وتلت ذلك ضربات أكثر كثافة خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث ادعت إسرائيل يوم السبت أنها دمرت 400 منصة لإطلاق الصواريخ في جنوب لبنان ووادي البقاع؛ يشير حجم هذه الضربات إلى شهية إسرائيل للتصعيد واستعدادها لتوسيع دائرة الأهداف.
بالرغم من الدعوات إلى شن حرب شاملة، لم يتم اتخاذ قرار إسرائيلي بشن هكذا حرب أو بغزو بري حتى الآن. من شأن هكذا قرار أن يلحق ضرراً كبيراً بالبلاد وبنيتها التحتية المدنية، بخاصة إذا أطلق حزب الله صواريخه الأكثر تقدماً. يبدو أن إسرائيل عازمة على دفع حزب الله إلى تغيير استراتيجيته وإعادة النظر في مشاركته بالصراع الذي بدأته الجماعة في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أي بعد يوم واحد من هجمات حماس على إسرائيل.
يواجه حزب الله الآن خياراً من اثنين: الحفاظ على ما تبقى من أصوله العسكرية وقيادته، أو الحفاظ على تهديده لشمال إسرائيل.
خسر الردع
كانت الخسائر التي تكبدها حزب الله الأسبوع الماضي هائلة، لكن الجماعة خسرت معركة الردع قبل أشهر. منذ أكتوبر الماضي، نجحت إسرائيل في إضعاف القدرات العسكرية للجماعة بهجمات مستهدِفة دقيقة، وقد فعلت ذلك إلى حد كبير من دون التسبب بسقوط العديد من الضحايا المدنيين. في العام الماضي، قتلت إسرائيل أكثر من 500 شخص – معظمهم من مقاتلي حزب الله – بما في ذلك كبار القادة والنخبة، مثل وسام الطويل وطالب عبدالله وفؤاد شكر وآخرين.
فضلاً عن ذلك، تم تدمير البنية التحتية العسكرية لحزب الله جنوب نهر الليطاني، إلى جانب عدد كبير من مستودعات الأسلحة والبنية التحتية العسكرية في مختلف أنحاء لبنان، وركزت ردود أفعال الجماعة في الغالب على شمال إسرائيل مستهدفة القواعد العسكرية والبنية التحتية مع تجنب الخسائر المدنية والمدن الكبرى والبنية التحتية المدنية.
إنجاز غير مسبوق
في بداية الحرب، كان هدف حزب الله وإيران جني الفوائد من أي حل سياسي أو دبلوماسي قد ينهي الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة. لكن على طول الطريق، تمكنا من تحقيق إنجاز غير مسبوق ــ نقل المنطقة العازلة من جنوب لبنان إلى شمال إسرائيل. لا يزال نحو ستين ألف إسرائيلي نازحين داخلياً، وقد أبلغ حزب الله أنصاره هذا الأمر باعتباره أكبر إنجاز على الإطلاق ضد إسرائيل. وسيكون من الصعب للغاية التراجع عن هذا الموقف.
Will Hezbollah choose to keep its word—or its arsenal?https://t.co/bw3yUmWs28
In less than a week, #Israel has managed to significantly degrade Hezbollah’s military capabilities, communications systems, and chain of command.
Despite the calls to go all in, an Israeli decision… pic.twitter.com/ztq4FQHu14
إذا وسعت إسرائيل دائرة الأهداف لضرب أصول عسكرية متقدمة، مثل المرافق التي تخزن وتنتج الصواريخ الموجهة بدقة، فقد يعيد حزب الله النظر في تهديده للشمال. اليوم، تسير المجموعة على خط رفيع للغاية بين أصولها والتهديدات التي تواجهها، والسؤال هو عن حجم الخسائر الأخرى التي يمكنها أن تتحملها.
الرؤية الإسرائيلية
ترى إسرائيل في هذا الأمر فرصة للدفع إلى الأمام ــ ورفع الثمن بالنسبة إلى حزب الله حتى يصبح ثمناً لا يمكن تحمله. وبالرغم من أن الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله احتمال حقيقي، لا يزال كلا الطرفين يفضل الحل الدبلوماسي. تحاول إسرائيل إبقاء هجماتها دقيقة، ويحاول حزب الله جاهداً ألا يستفز إسرائيل أو يضطر إلى استخدام وإهدار أصوله العسكرية الأكثر قيمة ــ أي الصواريخ الدقيقة ــ التي تعتبرها إيران بوليصة تأمين.
في الواقع، قد تصعد إسرائيل اليوم هجماتها لتجنب الحرب؛ أي لدفع حزب الله إلى قبول الحل الدبلوماسي الوحيد على الطاولة ــ الحل الذي طرحه المبعوث الأمريكي للشؤون الدولية في مجال الطاقة آموس هوكستين والقاضي بفصل لبنان عن غزة وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 والذي أنهى حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله. وهذا يعني أن حزب الله سيضطر إلى قبول اتفاق وقف إطلاق نار منفصل، وسحب وجوده العسكري إلى الشمال من نهر الليطاني، على بعد نحو 18 ميلاً (25 كيلومتراً) من الحدود والسماح للنازحين الإسرائيليين بالعودة بأمان إلى الشمال.
حتى الأسبوع الماضي، كان حزب الله وإسرائيل يسيران على خط رفيع جداً بين حرب شاملة ونمط مدروس من الهجمات والردود.
الثقة مفقودة لدى حزب الله
أضافت الكاتبة أن حزب الله خسر البنية التحتية العسكرية والقادة والأسلحة، ولكن الأهم من ذلك أنه فقد الأمن والثقة بين صفوفه. بعد كل اغتيال أو ضربة، وبشكل خاص مع الانفجارات الجماعية لأجهزة النداء والاتصالات اللاسلكية، يخشى حزب الله الآن المزيد من التسلل العميق بين صفوفه من قبل وكالات الاستخبارات الإسرائيلية. كما خسر مقاتلوه الثقة بأنفسهم، خوفاً من أن يكون أي شخص جاسوساً إسرائيلياً.
لقد فقدت الجماعة الثقة بالتكنولوجيا ولم يعد لديها نظام اتصالات موثوق يمكن الاعتماد عليه في أي رد عسكري أو حرب. الوسيلة الوحيدة المتبقية هي التواصل اللفظي الذي لجأ إليه قادة الحزب عندما تم تحديد موعد الاجتماع الشخصي بين عقيل وقوات الرضوان، ثم تعرضوا لضربة إسرائيلية. مستوى التسلل أعمق مما يدركون.
بالإضافة إلى ذلك، خسر حزب الله ثقة مجتمعه. إذا لم يكن قادراً على حماية نفسه، كما يتساءل كثر، فكيف يمكنه حماية جمهوره وأنصاره؟ سيكون من الصعب جداً ضمان سلامة وأمن مجتمعه، أثناء المشي – والانفجار – بينهم. والأسوأ من ذلك أن المجموعة لم تعد قصة نجاح إيران في المنطقة.
ما هو أكثر إزعاجاً
واقع أن إسرائيل تمكنت من قتل شكر وعقيل في قلب معقلهما في الضاحية الجنوبية لبيروت يشكل خرقاً كبيراً. مع ذلك، إن ما هو أكثر إزعاجاً لقيادة حزب الله هو فقدانها لعنصر المفاجأة الذي كان دائماً جزءاً من استراتيجيتها العسكرية. كانت إسرائيل تعلم بالضبط متى وكيف يخطط حزب الله للرد على اغتيال شكر في أغسطس (آب)، عندما شن الجيش الإسرائيلي ضربة استباقية ضد البنية التحتية للجماعة، بما فيها منصات الإطلاق التي أعدتها للعملية.
إن كل هذه الخسائر، بالإضافة إلى عجز الجماعة حتى الآن عن إطلاق رد عسكري فعال ضد إسرائيل، مهينة ومحرجة لحزب الله. لكن على المستوى العسكري، الأمر أسوأ: حزب الله أصبح أكثر خضوعاً للردع من أي وقت مضى.
قد تتعافى الجماعة في نهاية المطاف من هذه الخسائر وتعيد بناء شبكة اتصالاتها ومكافحة الاستخبارات الإسرائيلية واستعادة الثقة بين مجتمعها. ولكن كل هذا سيستغرق وقتاً طويلاً، وهو ترف قد لا يكون حزب الله قادراً على تحمله.
هل يحل مخاوفه؟
اليوم، يتطلب أي رد على التصعيد الإسرائيلي من الجماعة المسلحة حل المخاوف التالية:
أولاً، بدون نظام اتصالات مناسب، لا يستطيع حزب الله التنسيق بشأن الاستهداف أو الردود أو الخدمات اللوجستية. كما لا يمكنه بسهولة استخدام الاتصالات الشفهية أو المكتوبة، على غرار النظام الذي تستخدمه حماس حالياً داخل أنفاق غزة. إن لبنان أكبر بكثير، وفي غياب نظام اتصالات فعال وسريع، إن قدرة حزب الله العسكرية على شن الحرب تتضاءل إلى حد كبير.
ثانياً، قُتل أو جرح العديد من كبار مسؤولي حزب الله. فقد أصابت أجهزة النداء التي انفجرت العديد من العناصر الكبيرة والمتوسطة المستوى في المجموعة. كانت الشحنة تحتوي على 5 آلاف جهاز نداء، وقد قُدرت القوة القتالية لحزب الله وحدها بشكل مستقل بما لا يقل عن 20 ألف مقاتل. وتم توفير أجهزة النداء للمسؤولين والمقاتلين ذوي المهارات والمهام الخاصة؛ أي أولئك الذين يحتاجون إلى الحماية. وكانت عائلات أعضاء حزب الله في البرلمان اللبناني والقادة الرفيعي المستوى، من بين الضحايا. وهذا ناهيكم عن سفير إيران في لبنان الذي ورد أنه كان على مقربة من جهاز متفجر.
أخيراً، لم يكتشف حزب الله بعد مدى الاختراق العميق الذي خضع له من قِبل الاستخبارات الإسرائيلية. صرحت مصادر مقربة من الدائرة الداخلية للحزب في حديث إلى فورين بوليسي أن قادة الحزب يفحصون كل قطعة من المعدات الإلكترونية التي يمتلكونها، وأنهم قلقون من أن تكون سياراتهم ودراجاتهم النارية وحتى مصانع الصواريخ المتقدمة الخاصة بهم مفخخة وقد تنفجر في أي لحظة.
سيتعين على الحزب إجراء تحقيق معمق للتأكد من أن العناصر الأخرى لم تتعرض للاختراق من قبل الإسرائيليين، ما سيستغرق أسابيع. وإذا كان حزب الله يخشى أن تكون مرافق صواريخه مفخخة أو خاضعة للمراقبة، فسيكون من الصعب جداً من الناحية اللوجستية نقل هذه الأسلحة بأمان من أجل إطلاقها.
لا حاجة لحرب شاملة
يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن انتكاسات حزب الله تشكل فرصة جيدة للجيش الإسرائيلي لشن حرب تهدف إلى تآكل قدرات الحزب بشكل أكبر. ولكن حرباً مماثلة لحرب 2006 قد تسبب لإسرائيل أضراراً حقيقية من دون أن تؤدي إلى القضاء على حزب الله.
إن هذا التهديد لا يشكل تهديداً حقيقياً. فضلاً عن ذلك، قد يؤدي إلى المزيد من العزلة الدولية والمزيد من الضحايا المدنيين على الجانبين، فضلاً عن المخاطرة باندلاع حرب إقليمية على جبهات متعددة.
أضافت غدار أن ما حققه الجيش الإسرائيلي والموساد في الأسبوع الماضي كان فعالاً جداً. ليس هناك حاجة إلى حرب شاملة قد تتسبب بخسائر مدنية وتسترجع خطاب توحيد الرأي العام الإقليمي والدولي ضد إسرائيل.
السيناريو الأفضل
إلى أن يتم التوصل إلى حل طويل الأجل، إن السيناريو الأفضل هو أن يقبل حزب الله بوقف إطلاق نار منفصل عن الحرب في غزة. وتحتاج الرسائل الدبلوماسية من الولايات المتحدة وحلفائها إلى التركيز على هذا الهدف، وأن تضغط على حزب الله لفصل الجبهتين. وبالنسبة إلى إيران وحزب الله، لا يوجد شيء أكثر أهمية من أصولهما العسكرية ــ وبخاصة الصواريخ الدقيقة.
وتحتاج الجهود الدبلوماسية الأمريكية للاستفادة من ضعف حزب الله. بالإضافة إلى إرغام الميليشيا على قبول وقف إطلاق نار منفصل، ينبغي للمفاوضات أن تركز على منع اندلاع حرب شاملة والسماح للسكان من الجانبين بالعودة إلى ديارهم وتقويض سرديات حزب الله وإيران عن النصر . إن القرار الأممي رقم 1701 غير قابل للاستمرار لأنه لا يتضمن تدابير عقابية، وسوف ينتهكه حزب الله في نهاية المطاف.
بالتالي، حسب غدار، يتعين التصميم على سياسة طويلة الأجل بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار من أجل احتواء حزب الله في لبنان ــ وهي السياسة التي ستقطع طرق إمداده بالأسلحة من طهران عبر العراق وسوريا، فضلاً عن مساعدة الدولة اللبنانية على استعادة سيادتها عندما يتعلق الأمر بقرارات الحرب والسلام.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل تفجيرات البيجر في لبنان شمال إسرائیل حزب الله فی لحزب الله حرب شاملة
إقرأ أيضاً:
محمد أنصاري: الدولة كرست كل جهودها لتنفيذ خطة تنمية غير مسبوقة لتعمير سيناء
استعرض الإعلامي محمد أنصاري، جهود الدولة في تنمية أرض الفيروز قائلا إن خلال الـ11 عامًا الماضيين كانت سيناء وأهلها في قلب وعلى رأس أولويات الدولة المصرية إذ كرست الدولة كل جهودها من أجل تنفيذ خطة تنمية شاملة طموحة وغير مسبوقة لتعمير سيناء، وجعلها منطقة جاذبة للمستثمرين والسكان وربطها بالدلتا والمحافظات.
الدولة المصرية نجحت في خلق واقع متميزوأضاف «أنصاري» خلال عرض تحليلي لجهود الدولة المصرية عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن الدولة المصرية نجحت في خلق واقع متميز وملموس على أرض سيناء حيث زاد إجمالي الاستثمارات العامة الموجهة لتنفيذ مشروعات في سيناء ومدن القناة نحو 10 أضعاف لتصل إلى 58.8 مليار جنيه عام 2023- 2024 فضلاً عن 377 فرصة استثمارية متوفرة على الخريطة الاستثمارية لمختلف الأنشطة.
وتابع: «بلغت تكلفة مجمع الصناعات الصغيرة بجنوب «الرسوة» 403 ملايين جنيه كأحد أبرز المشروعات الصناعية الكبرى بسيناء بينما يعد مجمع الرخام في منطقة «الجفجافة» بوسط سيناء واحد من أكبر المشروعات».