غيرة وطنية تجسّدت بشكل حيّ أمس على الأرض، من الجنوب، إلى بيروت، فالجبل والبقاع وصولا إلى الشمال. بقلب واحد ويدّ واحدة، اجتمع الشباب والنساء والرجال أمام مراكز الإيواء داخل قراهم، واستعدوا لاستقبال إخوانهم من الجنوب.. مشاهد ترفع لها القبعة.. مجموعات منظّمة، وموزعة، استلمت مهامًا متعددة، بدءًا من توزيع النازحين، وصولا إلى تأمين المستلزمات الاساسية من طعام وماء وفرش للنوم وثياب.

..

مشاهد الإستقبال هذه لأبناء الوطن الواحد لا تعتبر أبدًا غريبة عن اللبنانيين، على الرغم من التباينات الدائمة بينهم، فلطالما كانت مواقع التواصل تضجّ بصور التآخي والعيش المشترك، التي شكّلت حيزًا استثنائيا في المنطقة العربية، ورسمت صورة خاصة عن اللبنانيين، الذين يتنازلون عن أحقادهم وتصلباتهم السياسية حين تطال يد العدو إخوانهم في الوطن.

على الأرض لا تستطيع إلا أن تلتمس الإندفاع، والصورة الابرز كانت الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عامًا و25 عامًا.. هؤلاء كانوا عصب المجموعات، إذ استمروا بالعمل من دون توقف منذ بدء العدوان على الجنوب والبقاع حتى ساعات الصباح الأولى. بدءًا من المدارس ومراكز الإيواء في مختلف المناطق، تجمهر اهالي القرى والبلدات استعدادا لاستقبال النازحين. وكان في عملية الإسناد هذه تواجد أساسي للبلديات وواضح للجمعيات، التي وضعت قدراتها المادية واللوجستية في خدمة المجموعات التي تدير عملية استقبال النازحين القادمين من الجنوب. مشاهد المدارس الممتلئة يؤكّد على حجم حركة النزوح الكثيفة، التي وصلت إلى قرابة 6500 نازح . وتستمر الأعداد بالتزايد مع استقبال المدارس نازحين جددا صباح اليوم، بعد أن تحسن السير تدريجيا. ما هو لافت أكثر اليوم توافد اهالي البلدات إلى المدارس والمراكز، إذ عملوا على تجهيز الطعام والحاجات الاساسية خاصة للنساء والاطفال، على الرغم من التعدد الثقافي والسياسي.. إلا أنّهم اجتمعوا على هدف واحد: دعم أهالي الجنوب ومساندة أهله في أوقات المحنة. وبعيدًا عن مراكز الإيواء والمدارس، لم يتوان اصحاب العقارات والمراكز عن فتح بيوتهم وبشكل مجاني. فخلال جولة على مواقع التواصل الإجتماعي، تستطيع أن ترصد عرض أكثر من 200 شقة للعائلات النازحة بشكل مجاني، حيث توزعت على أكثر من منطقة.
أصحاب سيارات الاجرة و "الفانات" لم يغيبوا عن المشهد، إذ كرسوا سياراتهم وخدماتهم بشكل مجاني لأهالي الجنوب، علمًا أن القصف العنيف أدى إلى تدمير مئات السيارات، ولم يستطع الاهالي التنقل بشكل انسيابي. صورة اللحمة الوطنية أيضا كُرّست على الطريق، خاصة في أماكن الإزدحام، حيث توقف السير لأكثر من 5 ساعات، عانى خلالها المئات من مشاكل عديدة، خاصة بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مشاكل صحية. هناك اجتمع عشرات الشبان حاملين الماء والطعام، واستمروا على مدى أكثر من 3 ساعات بتوزيع ما تيسر منها على اكثر من 3000 نازح. وبين المنازل والمدارس ومراكز الايواء، فتحت الاديرة والكنائس أبوابها لاستقبال النازحين في بيروت وجبل لبنان، استعدادا لتأمين منازل ومراكز لهم لضمان إقامتهم بشكل لائق وكريم. هذه اللحظات كانت بمثابة رسالة للعالم بأن لبنان، رغم كل الأزمات التي يمر بها، ما زال يمتلك روح التكاتف والمقاومة التي تقف سدًا منيعًا أمام كل التحديات. لا يمكن للعدوان أن يكسر إرادة شعب أظهر عبر التاريخ أنه موحد في وجه الأزمات، وأنه قادر على تحويل المآسي إلى فرص لتعزيز الروابط بين أفراده، ولتكريس رسالة لبنان الجامعة القائمة على المحبة والسلام.   المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي: قصف الاحتلال مدرسة إيواء بغزة جريمة جديدة ضد النازحين

غزة - صفا قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن قصف طائرات إسرائيلية صباح يوم السبت، مدرسة أخرى تؤوي نازحين في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، واستشهاد ما يزيد على 20 فلسطينيًا دفعة واحدة، يعد جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة من جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها "إسرائيل" في قطاع غزة. وأضاف الأورومتوسطي في بيانٍ وصل وكالة "صفا"، أن الطائرات الإسرائيلية قصفت الساعة 11:30 صباح اليوم مدرسة "الزيتون (ج)" في حي الزيتون، ما أدى إلى مقتل 21 فلسطينيًّا، بينهم 13 طفلًا وست نساء إحداهن حامل وقتل جنينها وعمره ثلاثة أشهر، إلى جانب إصابة 30 آخرين، بينهم تسعة أطفال أصيبوا بحالات بتر. وأكد أن فريقه الميداني والقانوني توجه إلى المدرسة المستهدفة بعد قصفها مباشرة، ولم يرصد أي مظاهر مسلحة فيها، فيما أظهرت عملية مراجعة لطبيعة الضحايا أنهم مدنيون وأغلبهم من النساء والأطفال، ما يدحض ادعاء جيش الاحتلال بأنه استهدف المدرسة بحجة تحولها لمجمع قيادة وسيطرة لتنظيم مسلح. وأشار إلى أن هذا الادعاء تكرر مع تصاعد وتيرة قصف المدارس المستخدمة كمراكز إيواء منذ شهر أغسطس/آب الماضي، إذ ارتفع عدد المدارس المستهدفة إلى 21 مدرسة، منها 8 مدارس منذ بداية سبتمبر/أيلول الجاري، وقد أدت تلك الاستهداف إلى استشهاد 267 فلسطينيًّا وإصابة مئات آخرين بجروح. وأوضح أن استهداف المدارس وتدميرها على رؤوس النازحين لا يستند إلى أي مبرر فعلي، ويشكل انتهاكًا صارخًا لمبادئ التمييز، والضرورة العسكرية، والتناسبية، وضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة. وأضاف أن جيش الاحتلال يحاول في كل مرة تبرير هذه الهجمات بادعاءات استهداف أهداف عسكرية، دون تقديم أي دليل يثبت صحة تلك الادعاءات. وأكد أن جيش الاحتلال يتعمد تدمير ما تبقى من مراكز الإيواء في القطاع، بما فيها المدارس والمنشآت العامة، بهدف خلق بيئة قسرية تكره السكان المدنيين على ترك مناطق سكناهم والنزوح قسرًا نحو وسط وجنوب القطاع. ولفت إلى أن الاحتلال دمر قبل نحو أسبوع مدرسة أخرى "غازي الشوا" في بيت حانون شمال غزة في 15 سبتمبر/أيلول، بعد الاتصال بعدد من النازحين فيها لإجبارهم على تفريغ المنطقة دون مبرر، وهي من آخر المدارس التي بقيت كمركز إيواء في تلك المنطقة. وجدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية وكافة الجرائم الخطيرة التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة، وحماية المدنيين هناك، وضمان امتثالها لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وفرض العقوبات الفعالة عليها. ودعا إلى وقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات بيع وتصدير ونقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية.

مقالات مشابهة

  • محافظة الجنوب تحولت الى خلية نحل لاستقبال النازحين بمراكز الايواء في المدارس
  • كم بلغ عدد النازحين من الجنوب اليوم؟
  • اسامة سعد: لإغاثة وإيواء أهلنا الوافدين من الجنوب
  • "القاهرة الإخبارية" تعرض مشاهدَ لنزوح مواطنين لبنانيين من الجنوب
  • «القاهرة الإخبارية» تعرض مشاهد نزوح مواطنين من مناطق جنوب لبنان
  • رسالة إلى النازحين من الجنوب: بدكن ترجعو مرفوعين الراس
  • بيان توضيحي من وزير الإتصالات بشأن الرسائل التي تلقاها اللبنانيون اليوم
  • مشاهد لن تُنسى ..كيف استقبلت المستشفيات أكثر من 3000 جريح خلال نصف ساعة؟
  • الأورومتوسطي: قصف الاحتلال مدرسة إيواء بغزة جريمة جديدة ضد النازحين