#النار تأكل ثوبنا
المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
حادثة يعرفها معظم الأردنيين تتحدث عن صديقين يجلسان حول النار في أحد بيوت الشعر ، الأول يعزف على ربابته والثاني يستمع إليه في أعلى درجات الانسجام ومن غير أن يشعر تشتعل النار في ثوبه ! وعازف الربابة لا يريد التوقف عن الهجيني ويحاول تحذير جليسه من النار بلغة الهجيني قائلاً له مع جرّة الربابة : النار كلت ثوووووبك ! والأخير يردد خلفه – ثوبك ثوبك ! يتكرر المقطع حتى ينفجر عازف الربابة غضباً ويضرب جليسه بالربابة قائلاً له : ولك النار كلت ثوبك .
للأسف هذا هو حالنا ! #حكومات #فاشلة تهيجن والنار تأكل أخضرنا ويابسنا ونحن نرقص ونغني ونهيجن على غمزات وطبلة المربية الفاضلة العفيفة ملهمة أجيال المستقبل سميرة توفيق ، ما أكثرها المخاطر التي تهدد وجودنا وهويتنا وحاضرنا ومستقبلنا ، إنّنا نعيش في قلب هذه المخاطر وعلى فوهة بركانها الذي سينفجر في أية لحظة ، فالخطر الصهيوني يغرس مخالبه وأنيابه في مفاصل بنية وطننا ويتحكم بها ، اتفاقية وادي عربه وما تبعها من اتفاقيات لم تّجُر علينا إلّا الويلات والمصائب والتفريط بالسيادة والكرامة الوطنية ، العدو الصهيوني لا يلتزم بعهدٍ ولا يوفي بوعدٍ وشيمته الغدر والخيانة والإجرام والأرهاب والتوحش لا يخفي أطماعه التوسعية شرقاً ويجاهر بها على اعلى المستويات وما يعيقه عن تنفيذها هو اشتباكه مع جبهات المقاومة العربية وخاصة الفلسطينية منها التي يتآمر عليها محور التصهين العربي ويناصبها العداء ، أزمتنا الأقتصادية تتفاقم يوماً بعد يوم ولا يوجد بادرة في الأفق لمعالجتها في ظل هذا النهج السياسي ، استفحال المصائب الاجتماعية من جرائم المخدرات وتفاقم حجم الجوع والفقر والطلاق واتساع حجم الفساد بأشكاله المختلفة وتضخم البطالة المرعبة والهجرة الجماعية للشباب لخارج الوطن ، التدمير الممنهج للقوى والقطاعات الإنتاجية الوطنية ، الأمعان المتعمد والممنهج في طمس الثقافة والرموز التاريخية والدينية والوطنية والقيمية الأخلاقية واستبدالها بثقافة التفاهة والرذيلة وبوس الواوا وآه يا ولد ! وآه يا ولد بين حكومة وحكومة تضيع البلد !
باختصار… سنغرق أكثر وأكثر في مستنقع المصائب والكوارث ما لم نفيق ونتدارك حجم المصائب والكوارث التي تجتاحنا والتي سببتها وتسببها حكومات الوراثة والفشل عبر عقود من الزمن ، لن تتحقق أية تنمية اقتصادية ما لم تتحقق تنمية سياسية حقيقتها وجوهرها الحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وأهم مرتكزاتها وأدوات وآليات تحقيقها هو سيادة القانون والاستقلال القضائي والفصل بين السلطات وأجهزة رقابية ومحاسبية مستقلة – وللأسف هذا الذي لن يسمح نهج الفساد القائم بالوصول إليه ، ولن نتقدم خطوة واحدة ما دامت حكومات العلاقات الاجتماعية والمنافع المتبادلة تعجن الدستور بيديها وتشكله على مقاسها ، كل ما قيل وكُتب عن التنمية السياسية وما نُفّذ منها هو محض أوهام وتضليل وسراب ! والحقيقة هي أن النهج السياسي القائم يغلِّف ذاته بأغلفة لامعة ويعيد تقديم نفسه بأشكال براقة عبر أحزاب وهيئات وجمعيات مهندسة ومبرمجة أمنيا ! ليعيد من جديد تشكيل حكوماته المجترة والمتوارثة من سابقاتها وتدوير رموز الفشل والمصائب على مواقع المسؤولية حفاظاً على مصالح وامتيازات النخبة ومنفذة لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين غير الوطنية ، وأخيراً ليس هناك أسهل على النهج السياسي من الانقلاب على الدستور ومواده إن شكّل لهم تهديدا ليبقي الشعب تائها غائبا جائعاً مشرداً مردداً …ثوبَك .. ثوبَك !
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
إيران التي عرفتها من كتاب “الاتحادية والباستور"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وضع الدكتور محمد محسن أبو النور بين أيدينا وثيقة فكرية مهمة تؤرخ لحقب متتابعة للحالة التي بدت عليها العلاقات المصرية الإيرانية منذ شاه إيران محمد رضا بهلوي حتى الآن، ووضع لها عنوانًا جذابًا باسم "الاتحادية والباستور" ثم عنوانًا شارحًا يقول "العلاقات المصرية – الإيرانية من عبد الناصر إلى بزشكيان". وعلى الرغم من أن بزشكيان وهو الرئيس الإيراني الحالي لم تمر على توليه المسؤولية فترة طويلة، إلا أنه بات ثاني رئيس يزور مصر بعد أحمدي نجاد، إذ حضر إلى القاهرة وشارك في قمة الدول الثماني النامية وكان في الصف الأول بجوار الرئيس السيسي في الصورة التذكارية للقمة، وهو أمر له دلالته، وله ما بعده.
لقد عرفت إيران من الدكتور أبو النور، الذي هاتفته في مساء الثامن من مايو من عام 2018 اتساءل عما يفعله الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب، وهو التوقيت الذي انسحب فيه ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم "الاتفاق النووي". كنت وقتها محررًا سياسيًا لا أعلم الكثير عن الصراع المرتقب بين واشنطن وطهران، وتساءلت عن قصة "نووي إيران" وشيعيتها وعلاقاتنا معها، ففوجئت به يدرجني ضمن مشروعه الخاص "الغرفة الإيرانية" وذراعها الإعلامي والسياسي والبحثي "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية" ومن وقتها بدأت أتحسس خطواتي تجاه ذلك الملف المعقد، حتى حصلت على درجة الماجستير في ذلك الملف وبدأت أتحسس خطواتي تجاه الدكتوراه، وأدركت مدى حساسية ما نبحث فيه وعنه.
وفي كل الأحوال فإن كتاب "الاتحادية والباستور" لا يعد مجرد تأريخ لما كانت عليه حالة العلاقات المصرية الإيرانية في السابق، سواء منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي مرورًا بفترة الخميني وما تلاه من رئاسات لإيران، بل إن الكتاب يبدو من محتواه أنه يضع أجندة لما يجب أن يكون عليه شكل العلاقات بين البلدين، مستندًا إلى تاريخ البلدين العريق وجغرافيتها الممتدة، وجيوشهما المنظمة التي تضرب بأصالتها وقدمها في عمق التاريخ.
يحفل الكتاب بالكثير من الأحاديث التي أجراها أبو النور مع المسؤولين المهمين على مستوى الملف الإيراني، ومع زوجة شاه إيران الإمبراطورة فرح ديبا، التي كنت شاهدًا على أحد لقاءاتها معه، فضلًا عن أحاديث وتحليلات عميقة وتفنيدًا كثيرًا لما ذكره الصحفي المصري الأسطورة الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتاباته عن إيران، وهو ما يؤكد على ضرورة أن يحوذ كل باحث في الشؤون الإيرانية لهذا الكتاب الذي تقع بين دفتيه إجابات مستفيضة لكثير من علامات الاستفهام التي تشغل الكثيرين من المتخصصين أو غير المتخصصين، خاصة بعدما شاهد العالم كله صواريخ إيران وهي تعبر الشرق الأوسط كله إلى عمق تل أبيب في صراع متشابك بين قوى إقليمية عقدت المشهد السياسي منذ ما بعد السابع من أكتوبر من عام 2023.
لكن أبرز ما في الكتاب أنه يجيب ضمنيًا عن سؤال طالما شغل بال الكثيرين: "ماذا يعكر صفو العلاقات بين القاهرة وطهران على مر الزمن؟ ويضعنا أمام تفاصيل لأعقد الملفات السياسية والعقائدية على الإطلاق، ويجيب عليها بكل سلاسة ووضوح كأننا نعيش مع شخصيات الحدث.