كيف غيرت الحرب قطاع التكنولوجيا في أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
تضامن خبراء التكنولوجيا في جميع أنحاء أوكرانيا لمواجهة الغزو الروسي، مستخدمين جميع الوسائل التكنولوجية الممكنة من الطائرات المسيرة وحتى الأمن السيبراني، ولكن بعد الحرب يأمل رواد التكنولوجيا أن تساعد ابتكاراتهم في تعزيز مستقبل أوكرانيا.
وتغيرت مسارات شركات التكنولوجيا في أوكرانيا بعد الحرب، فبالنسبة لأندري كلين المؤسس المشارك والمدير المالي لشركة "بيتكيوب" (Petcube) المختصة بتصميم وتطوير الأجهزة الذكية الخاصة بالحيوانات الأليفة، لم يعد الأمر يقتصر على إشعارات البريد الإلكتروني التي تظهر على شاشة الهاتف المحمول، بل يشمل أيضا تنبيهات لدخول الصواريخ.
وفي نفس الوقت، يساهم العديد رواد التكنولوجيا الأوكرانيين في المجهود الحربي بينما يحلمون بمستقبل ما بعد الحرب.
قطاع التكنولوجيا يدعم الاقتصاد الأوكرانييبذل العاملون في قطاع التكنولوجيا قصارى جهدهم للاحتفاظ بالحرية التي اكتسبوها بشق الأنفس. مثلا: كلين هو أحد المبادرين وراء منظمة "أنفق لأجل أوكرانيا" وهي غير ربحية تدير منصة ويب تحتوي على دليل يضم أكثر من 240 شركة ذات جذور أوكرانية.
وهذه المنظمة تدرك أن الناس قد يترددون في تقديم المساعدة المباشرة في الأمور العسكرية، ولهذا أراد مؤسسوها إيجاد طرق أخرى لدعم أوكرانيا واقتصادها.
يقول كيلن "هذا الأمر مهم حقا، لأننا ما زلنا بحاجة إلى أن يكون هذا المكان مُنتِجا ومزدهرا ليؤدي دوره الأساسي. نحن نعتقد بأنه يمكننا الاستمرار في ذكر اسم أوكرانيا في سياق إيجابي، والدعاية والترويج للمنتجات والخدمات الأوكرانية".
وكان لشركتي "بيتكيوب وريسبيتشر" خطط طوارئ جاهزة قبيل الغزو الروسي، وحين اضطر ملايين الأشخاص إلى إخلاء منازلهم تبرعت الشركات بالأموال لمختلف المنظمات الإنسانية والدفاعية، وفقا لموقع ذا نيكست ويب.
الأمن السيبراني للدفاع عن أوكرانياأحد أبرز الشخصيات في مجال الأمن السيبراني بأوكرانيا هو سيرجي كريفوبلوتسكي رئيس قسم الأبحاث والتطوير التقني بشركة "ماك بو" (MacPaw) وهي مختصة في برمجيات أوكرانية. وقد ابتكر تطبيقا أطلق عليه اسم "سباي باستر" (SpyBuster) يعمل على فحص الهاتف بحثا عن أي تطبيقات تتصل بخوادم في روسيا أو بيلاروسيا والتي قد تكون برامج تجسس تابعة لطرف روسي.
وبحسب الموقع الرسمي للإذاعة الوطنية العامة (RNP) فإن شركات مثل "ماك بو" تشكل جزءا رئيسيا من الحرب ومن مستقبل أوكرانيا، فهم يقدمون كل الخدمات التكنولوجية من أجل تحقيق النصر من جهة وإنعاش اقتصاد أوكرانيا من جهة أخرى.
تقوم شركة "إسبير بايونكس" الناشئة في مجال تعزيز قدرات الإنسان بتصنيع أطراف صناعية آليه تأتي مزودة بمستشعرات على سطح الجلد تنقل الإشارات من العضلات وترسلها إلى اليد الروبوتية، ومن ثم تقوم هذه اليد بتنفيذ الوظيفة عوضا عن اليد البشرية.
وتقول آنا بيليفانتسيفا المؤسسة المشاركة والمديرة التنفيذية للشركة "أردنا التركيز على التحكم وسهولة الاستخدام، كما أردنا أن نكون قادرين على جمع البيانات من مستخدمينا لإنشاء جهاز طرف صناعي متصل بالإنترنت، لربطه بأجهزة أخرى مختلفة في المنزل".
وتوجد بيليفانتسيفا حاليا في نيويورك، حيث إن السوق الرئيسي للشركة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، تصنع "إسبير بيونكس" معداتها في كييف، وعندما بدأت الحرب الشاملة، قرر غالبية الفريق في أوكرانيا البقاء في البلاد.
في البداية، نقلت "إسبير بيونكس" عمليات التصنيع إلى المناطق الغربية. ومع ذلك، وبعد أن اتضح أن الشركة لم تتمكن من توظيف المزيد من المهندسين في تلك المواقع، قرروا العودة إلى كييف حيث زاد عدد الموظفين من 14 إلى 25 موظفا من بداية عام 2022 حتى نهايته (والآن هم فريق مكون من 60 موظفا).
وتضيف بيليفانتسيفا "تلقينا الكثير من الطلبات من الناس والشركات والمنظمات الحكومية حول منتجنا، وكانوا يتوقعون منا أن نكون قادرين على توفير منتجاتنا للجنود الذين فقدوا أيديهم بأسرع وقت. وهنا شعرنا بهذه المسؤولية الكبيرة، لهذا السبب كان علينا المضي قدما بسرعة كبيرة."
وتُشغّل الشركة برنامج "إسبير فور يوكرين" الذي يوفر أطرافا صناعية لمن فقدوا أطرافهم في الحرب بتكاليف التصنيع. كما تدير دورات تدريبية للأطباء في أوكرانيا حول كيفية تركيب هذه الأجهزة.
وفي الوقت الحالي، يتركز اهتمام الفريق على توسيع منشأة التصنيع في كييف، بينما يعملون على توسيع سوقهم في الولايات المتحدة وإطلاق عملياتهم بأوروبا.
ومع ذلك، فإن "إسبير بيونكس" تتطلع في المستقبل للانتقال إلى زراعة الأطراف التي ستسمح للناس بالتواصل مع الأيدي الآلية وأجهزة الحاسوب المحمولة وأنظمة الإضاءة وغيرها، دون أي حساسات خارجية على الإطلاق.
حماية الثقافة والهندسة المعمارية الأوكرانية باستخدام التكنولوجياإنها ليست مجرد حرب على الدولة فحسب، بل أيضا حرب على الهوية. ولذلك، يأخذ الحفاظ على الثقافة اهتماما إضافيا للمحافظة عليها.
وهنا تأتي التكنولوجيا لتدعم، وأبرز مثال هو "بالبيك بيرو" أحد أبرز الشركات في هذه الحرب وهي معمارية مشهورة عالميا، فازت بالعديد من الجوائز، ويقع مقرها في كييف.
وبينما لا تزال تعمل على تصميمات صناعية أنيقة في مجالات الضيافة والتجزئة والعافية، حولت الشركة حماسها الإبداعي لدعم الأوكرانيين المهجرين وجهود إعادة الإعمار مع الحفاظ على التقاليد الوطنية.
وتندرج مبادراتها الاجتماعية تحت مشروع يُسمى "ري يوكرين" الذي يهدف إلى استضافة العائلات النازحة داخليا في وحدات سكنية مؤقتة على المدى القصير والطويل مع وضع الاحتياجات الإنسانية والكرامة في تصميمها الأساسي.
وهناك العديد من المشاريع التقنية مثل "ري يوكرين فيجن" (Re:Ukraine Vision) وهو مشروع لا يزال في مرحلة البحث والتطوير، والذي تريد "بابليك بيرو" هو فهم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل في مجال العمارة بشكل عام، وفي إعادة بناء المباني المدمرة بشكل خاص.
وتتعاون الشركة مع الجامعات التقنية في أوكرانيا لتطوير خوارزميات من شأنها توليد صور لكيفية إعادة بناء المباني المدمرة، حسب ما ذكر موقع "ذا نيكست ويب".
ويقول المهندس المعماري الرقمي سلافا ستوبول "الفكرة هي تطوير تطبيق يتيح للشخص التقاط صورة لمبنى مدمر، ثم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء رؤية جديدة لكيفية إعادة بناء هذا المنزل. وسيوفر ذلك للناس فهما أعمق ويبدؤون محادثة حول كيف يمكن أن تكون الأمور بعد النصر، والاتجاه الذي نريد التحرك فيه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
الحرب والتعديل والوزاري الكيزان غيّروا القشرة.. واللب باقي زي ما هو!
من شعار الشريعة إلى شيفرة السوق
لم تعد التيارات الإسلامية السياسية في السودان بحاجة إلى رفع الشعارات الأيديولوجية القديمة (مثل "الحاكمية لله" أو "دستور إسلامي")؛ فقد استبدلتها بـ"برمجيات تحديثية" تعزف على وتر التقنية، الكفاءة، والدبلوماسية.
لكن خلف هذه الواجهة، يجري إعادة بناء سلطوي هادئ ومدروس يستغل لحظة الإنهاك الشعبي والفوضى السياسية.
أولًا: "التكنوقراطية المغشوشة" كقناع جديد للهيمنة
مع صدور قرار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بتعيين السفير دفع الله الحاج أحمد وزيرًا لشؤون مجلس الوزراء ومكلّفًا بمهام رئيس الوزراء، تنكشف معالم استراتيجية الإسلاميين الجدد
اختيار وجوه بيروقراطية ناعمة تنتمي للنظام السابق، لكن بخطاب تقني محايد، بلا عمامة ولا شعارات.
هذه الشخصيات، وإن بدت إدارية مستقلة، فهي في الواقع جزء من بنية النظام العميق، تُجيد لغة العصر-
"نحن لا نُعارض الثورة، بل نُحسّن أداءها".
وهكذا، يتحوّل "الحياد الإداري" إلى واجهة سياسية ناعمة للعودة السلطوية.
ثانيًا: "الدبلوماسية الروبوتية" وإعادة تعريف الذاكرة
حين يصبح السفير السابق للإنقاذ رئيسًا للوزراء، تكون الرسالة واضحة:
جرائم الماضي تُعاد تسويقها كـ"خبرات دولية"،
وخطاب "نحن ضد الإرهاب" يُستبدل بـ:
"نحن نتحدث الفرنسية، وارتدينا بدلات دبلوماسية في الفاتيكان , ولكن لا فرق بين أخ مسلم يلبس الجلباب واخر غير ملتحي برباطة عنق من باريس أو روما أو اشهر بويتات الازياء
إنها محاولة واعية لـإعادة تدوير الذاكرة الوطنية بلغة اليونسكو لا بلغة النيابة العامة.
ثالثًا: "الاستعمار الداخلي" إعادة احتلال الدولة من داخلها
الإسلاميون لا يسعون إلى انقلاب ظاهر، بل إلى تغلغل بطيء ومؤسسي-
المجال آلية الهيمنة
الخدمة المدنية شبكة موظفين "غير حزبيين" يُعطلون أي تغيير حقيقي.
النقابات واجهات تمويل وضغط ناعم باسم المهنية.
القطاع المصرفي أدوات لتبييض الأموال وإعادة ضخها سياسيًا.
هذه الشبكات تشكّل "البيئة الحاضنة" للعودة الإسلامية، دون الحاجة إلى صدام مباشر.
رابعًا "الإسلام الميتافيرسي": الواقع البديل كأداة هيمنة
استفاد الإسلاميون من أدوات العصر لصناعة واقع رمزي موازٍ، من خلال:
خطاب ديني مرن على وسائل التواصل: يُركز على الوسطية والمواطنة لا على الشريعة.
أنشطة خيرية موسمية تستدعي "نوستالجيا الإنقاذ".
إنتاج درامي وإعلامي يعيد تقديم رموز قديمة بوجوه شابة، كمنقذين لا كقادة ماضٍ.
النتيجة: مسح تدريجي للذاكرة الثورية، واستبدالها بأحلام استقرار مزيّفة.
خامسًا "الديمقراطية العكسية": إنتاج معارضة موالية
تكتيك محكم: صناعة معارضة داخلية مأمونة، تنشغل بقضايا ثانوية:
إيهام الجمهور بوجود مساحة للنقد.
توجيه الاحتجاج الشعبي نحو ملفات رمادية (مثل المناهج، الغلاء)، بدلًا من مساءلة السلطة الحقيقية.
وبهذا، تتحول المعارضة إلى صمام أمان للنظام بدلًا من تهديده.
سادسًا "الاستثمار في الفوضى": صناعة الأزمة لبيع الحل
الإسلاميون اليوم لا يحكمون من خلال الإنجاز، بل من خلال هندسة الفشل:
يضخّمون التهديدات (الانفصال، التمدد المسلح، التدخلات الأجنبية).
يُديرون الأزمات الاقتصادية بطريقة مدروسة لتبرير تدخلهم لاحقًا كمُنقذين.
يُفاوضون على قروض بغطاء إنساني، لكنها تُضخ في شبكات نفوذهم.
النتيجة شرعنة حضورهم بوصفهم "الخيار الأقل سوءًا".
لماذا ينجح الإسلاميون رغم فشلهم؟
الإسلاميون في نسختهم 2.0 لا يطرحون أيديولوجيا، بل يبيعون وهم الاستقرار، مستفيدين من:
الشعب المنهك: الذي يبحث عن أي "حل واقعي"، لا عن "حلم ثوري مؤجل".
الجيش: الذي يحتاج شريكًا يحمل عنه الفشل أمام الرأي العام.
المجتمع الدولي -في ظني كل العالم الان يفضل المجرّب المألوف على المجهول المحتمل.
*سؤال تحريمي في زمن التجميل السياسي:
متى يدرك السودانيون أن "التحديث الإسلامي" ليس إلا إعادة تسويق لمنتج قديم، مع تغليف جديد وإعلانات ناعمة؟
الجواب لا يُنتظر من الشارع، بل من وعيٍ قادر على التمييز بين ما من يغيّرون الأقنعة… ومن يغيّرون النظام والفرق كبير
zuhair.osman@aol.com