زيارة البرهان لنيويورك.. ماذا ينتظر ملف الحرب بالسودان؟
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
واشنطن- رغم تصدّر قضايا خطيرة سواء في قطاع غزة ولبنان، أو الحرب في أوكرانيا، فرض السودان نفسه على جدول أعمال الفعاليات المرتبطة بانعقاد دورة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وسيستضيف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اجتماعا لوزراء الخارجية، الأربعاء المقبل، للفت الانتباه إلى الأزمة السودانية.
وأصبحت الأراضي الأميركية محورا سياسيا للحرب المستمرة منذ 17 شهرا. وقبل أيام، وفي واشنطن، أكد الرئيس جو بايدن أن بلاده "لم تتخل عن التزاماتها تجاه الشعب السوداني الذي يستحق الحرية والسلام والعدالة"، ودعا طرفي الصراع إلى "وضع حد لأعمال العنف والكف عن تغذية النزاع".
في الوقت ذاته، يصل إلى نيويورك رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لترؤس وفد بلاده في اجتماعات الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
توقيت مهموكان بايدن قد دعا الجانبين إلى العودة للانخراط في مفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة، وذلك في بيان نادر صدر الثلاثاء الماضي، قال فيه "ندعو الجميع إلى إنهاء هذا العنف والتوقف عن إذكائه من أجل مستقبل السودان والشعب السوداني بأكمله".
وأضاف "أدعو الطرفين المتحاربين المسؤولين عن معاناة السودانيين -القوات المسلحة وقوات الدعم السريع– إلى سحب قواتهم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق". وأكد أن "هجمات الدعم السريع تلحق أضرارا بشكل غير متناسب بالمدنيين"، ودعا الجيش إلى "وقف القصف العشوائي الذي يدمر حياة المدنيين والبنية التحتية".
وعن أهمية بيان الرئيس الأميركي، قال السفير ديفيد شين، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق للشؤون الأفريقية، إن توقيت صدوره شديد الأهمية كونه يأتي مباشرة قبل عقد اجتماعات هامة على هامش دورة أعمال الجمعية العامة.
ويضيف -للجزيرة نت- أن قضية السودان ستكون على جدول أعمال إدارة بايدن في نيويورك، بما في ذلك خلال اجتماعه مع ولي عهد الإمارات محمد بن زايد في واشنطن، أمس الاثنين، قبل مغادرته لنيويورك.
وخلال اجتماعه مع نظيره المصري عقب انتهاء جولات الحوار الإستراتيجي بين البلدين، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "يجب على قوات الدعم السريع أن تتخذ كل الخطوات اللازمة لحماية أرواح الأبرياء واحترام التزامها بحماية المدنيين".
وتابع "على القوات المسلحة السودانية أن توقف القصف العشوائي. وعلى الطرفين أن يجتمعا ويجلسا على طاولة المفاوضات للاتفاق على تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جدة ووقف هذه الحرب الوحشية".
استعدادوحسب السفير شين، يمكن أن يكون هناك دائما انفراجة في عملية السلام في السودان من الآن وحتى نهاية ولاية بايدن في 20 يناير/كانون الثاني 2025، لكن النجاح -برأيه- سيعتمد على استعداد الجيش والدعم السريع لفعل الشيء الصحيح ووضع شعب السودان قبل مصالح هذين الجانبين المتحاربين.
ومن المقرر أن يلقي البرهان خطابا يوم الخميس المقبل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ويلتقي بالعديد من قادة العالم وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية. وتعقيبا على الزيارة، قال شين إن مشاركة البرهان تثبت أنه القائد الرئيسي في السودان مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع "شبه العسكرية".
من جانبه، اعتبر كاميرون هدسون، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إلى السودان، والخبير حاليا بمركز السياسات الإستراتيجية بواشنطن، أنها لحظة مهمة للبرهان والقوات المسلحة السودانية لأن لديهم فرصة للتفاعل مباشرة مع قادة العالم لتقديم حجتهم حول سبب عدم معاملتهم مثل الدعم السريع.
وقال للجزيرة نت إن لدى الجيش السوداني الفرصة للاعتراف بهم كسلطة للدولة "في حين أن قوات الدعم السريع، التي كرست المزيد من الاهتمام لحرب المعلومات، تُمنع من حضور الأمم المتحدة".
ووفق هادسون، لكي تتمكن واشنطن من تحقيق اختراق فيما يتعلق بالسودان سيتطلب ذلك من الوزير بلينكن والرئيس بايدن إظهار أنهما ملتزمان بحل الصراع. "وحتى الآن، لم يظهرا مستوى كافيا من المشاركة أو التصميم".
وفي إفادة صحفية، أشارت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، إلى عدد من الاجتماعات الوزارية التي نظمتها بلدان مختلفة حول السودان، إضافة للولايات المتحدة.
وقالت "ستعقد اجتماعات حول قضايا الأمن الغذائي، وحماية ودور النساء، وسيشارك مبعوثنا الخاص للسودان توم بيرييلو في عدد منها، وسيشارك بلينكن وسأفعل ذلك أيضا. ونأمل ألا نتمكن من تسليط الضوء على ما يحدث في السودان فحسب، بل أيضا إيجاد طريقة للاقتراب من تحقيق السلام".
ضرورة ملحةمن جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى "التصرف بمسؤولية والأمر فورا بوقف هجوم قواته"، حسب بيان صادر أمس الاثنين عن المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك.
وأضاف غوتيريش "من غير المعقول أن تتجاهل الأطراف المتحاربة مرارا وتكرارا الدعوات لوقف الأعمال العدائية، أي تصعيد إضافي سيهدد أيضا بانتشار النزاع على أسس طائفية في جميع أنحاء دارفور". وأوضح دوجاريك أن الأمين العام يشدد على أن وقف إطلاق النار ضرورة ملحة، سواء في الفاشر أو في جميع مناطق النزاع الأخرى في السودان.
من جانب آخر، دعا أعضاء منتدى المنظمات غير الحكومية السودانية المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على أطراف النزاع لتسهيل الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية عبر جميع الطرق الممكنة والحدود وخطوط التماس. وطالبوا بإنشاء آليات لحماية المدنيين والبنية التحتية الأساسية من الهجمات العشوائية، وزيادة التمويل والمبادرات لدعم استجابة المجتمعات على نطاق واسع لهذه الأزمة.
وتنظم السعودية ومصر والولايات المتحدة والاتحادان الأفريقي والأوروبي والأمم المتحدة فعالية خاصة على المستوى الوزاري لدعم الاستجابة الإنسانية في السودان. وسيكون هذا الحدث بمثابة دعوة لاتخاذ إجراءات عالمية متضافرة لمعالجة عواقب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد وتأثيرها على المنطقة، وزيادة الدعم لجهود الاستجابة الإنسانية الجارية، ومن المتوقع أن يشارك البرهان في هذه الفعالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للأمم المتحدة الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
أعضاء في الكونغرس يعملون على حظر مبيعات الأسلحة للإمارات.. ما فرص نجاحه؟
منع الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي غريغوري ميكس، مبيعات الأسلحة لدولة الإمارات، التي تعد شريكا رئيسيا في الشرق الأوسط، بسبب دورها المزعوم في الحرب الأهلية الجارية حاليا في السودان.
وذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن هذا المنع "تم بهدوء منذ أواخر العام الماضي"، إلا أن ميكس يخطط للكشف عن ذلك بشكل علني عندما يقدم مشروع قانون لـ"اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يغذون الحرب في السودان".
وأوضحت الصحيفة أن "الإمارات اتُهمت على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان ومراقبي الصراع الخارجيين بتسليح وتمويل مليشيا متهمة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب في السودان سرا".
ويستطيع أي من كبار المشرعين الأربعة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب فرض حظر على مبيعات الأسلحة، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان حظر ميكس قد منع بنشاط أي عمليات نقل أسلحة إلى أبو ظبي حتى الآن.
ومن غير الواضح ما إذا كان الرئيس دونالد ترامب سيلتزم بمثل هذا الحظر، ففي الشهر الماضي، أعلن عن بيع أسلحة بقيمة 7.4 مليار دولار لـ"إسرائيل" على الرغم من طلب ميكس إيقاف البيع مؤقتًا حتى يتلقى مزيدا من المعلومات، وهو ما مثّل سابقة بشأن مراجعات الكونغرس لمبيعات الأسلحة الكبرى.
وأسفرت الحرب الأهلية التي استمرت قرابة العامين في السودان عن مقتل ما يقدر بنحو 150 ألف شخص وتركت حوالي 30 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات غذائية وطبية. واتهمت الولايات المتحدة كلا الطرفين المتحاربين، الجيش السوداني ومليشيا قوات الدعم السريع، بارتكاب جرائم حرب وفظائع.
وقبل وقت قصير من مغادرة الرئيس جو بايدن منصبه، قررت إدارته أن قوات الدعم السريع كانت ترتكب إبادة جماعية واتهمت القوات المسلحة السودانية باستخدام الأسلحة الكيميائية.
وأكدت الصحيفة أن "الحرب الأهلية في السودان أصبحت بمثابة حاضنة للقوى بالوكالة التي تتنافس على النفوذ، حيث تُتهم الإمارات بتسليح قوات الدعم السريع، بينما تتلقى القوات المسلحة السودانية الدعم من مصر والسعودية وإيران".
وذكرت أن "مشروع قانون ميكس يهدف إلى دفع الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لإنهاء الصراع في السودان".
ونقلت عن ثلاثة مساعدين في الكونغرس مطلعين على الخطة تأكديهم أن هذا "يشمل منع نقل المعدات العسكرية الأمريكية إلى أي دولة تسلح أي من الجانبين في الحرب، كما أن مشروع القانون الذي يحمل عنوان "قانون المشاركة الأمريكية في السلام السوداني"، يحمل خططًا لتعزيز العقوبات على الأطراف المتحاربة ويخصص التمويل لمبعوث خاص للسودان".
وبيّنت أن الطريق إلى أن يصبح مشروع قانون ميكس قانونا غير مؤكد؛ نظرا لسيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، وحتى الآن لم تقل الإدارة الجديدة الكثير عن نهجها تجاه الحرب الأهلية في السودان.
ودعم الجمهوريون في مجلس الشيوخ ومجلس النواب قرارات ومشاريع قوانين تدين الحرب في السودان في الماضي، لكنهم لم يقدموا أي تشريع مهم بشأن الصراع منذ تولي ترامب منصبه.
ونهاية الأسبوع الماضي، رفعت الحكومة السودانية دعوى أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية، متهمة الإمارات بالتواطؤ في الإبادة الجماعية بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.
ورد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، على الاتهامات قائلا: "يجب أن تكون أولوية السودان وقف إطلاق النار في هذه الحرب السخيفة والمدمرة ومعالجة الكارثة الإنسانية الهائلة"، مضيفا أن القوات المسلحة السودانية كانت بدلاً من ذلك تجري "مناورات إعلامية ضعيفة لتبرير رفضها للسلام والمسار السياسي".
يذكر أن مشروع ميكس ليس الوحيد الذي يفحص دور الإمارات في الحرب الأهلية في السودان، نظرا لأن السيناتور كريس فان هولين، والنائبة سارة جاكوبس يعملان على تقديم تشريع منفصل خاص بهما بشأن هذه المسألة خلال الأسبوع الجاري.
وعلى عكس مشروع قانون ميكس، الذي يدعو إلى منع مبيعات الأسلحة لأي دولة متورطة في الصراع، فإن مشروع قانون فان هولين وجاكوبس يدعو صراحة إلى منع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.
وفي الأيام الأخيرة من ولايته، قال فان هولين وجاكوبس إن مسؤولي إدارة بايدن أكدوا لهما أن الإمارات كانت تزود المجموعة بالأسلحة، في تناقض مباشر مع التأكيدات التي قدمتها لواشنطن.
وقال جاكوبس: "بينما الإمارات العربية المتحدة شريك مهم في الشرق الأوسط، لا ينبغي لأمريكا أن تزود أي دولة تستفيد من فظائع قوات الدعم السريع بالأسلحة".
قرار رفض
وبخلاف عملية مراجعة مبيعات الأسلحة من قبل قادة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قال فان هولين في مقابلة إنه ينوي اتخاذ خطوة أخرى لمنع المبيعات، ستكون بتقديم قرار مشترك بالرفض، وهي وسيلة تشريعية يمكنها تجاوز قادة مجلس الشيوخ للحصول على تصويت تلقائي، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يمر في ظل أغلبية جمهورية.
ولم يسبق لأي قرار رفض أن يُمرر في مجلس النواب والشيوخ وينجو من الفيتو الرئاسي، وقد أدت مثل هذه القرارات في بعض الأحيان إلى مناقشات ساخنة سلطت الضوء على مخاوف حقوق الإنسان واستياء المشرعين من مبيعات الأسلحة.
ولطالما كانت الإمارات مشتريا رئيسيا للأسلحة الأمريكية. ففي أكتوبر، أعلنت إدارة بايدن، على سبيل المثال، أنها وافقت على بيع محتمل لذخائر "GMLRS" و"ATACMS"، والدعم المرتبط بها، مقابل 1.2 مليار دولار.
وتصنع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية صواريخ نظام إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة (LMT.N)، مع إنتاج محرك الصواريخ الذي يعمل بالوقود الصلب للنظام، إضافة لتصنيعها أيضا صواريخ "ATACMS" طويلة المدى.
وتسعى القرارات والتحركات الحالية في الكونغرس حديثًا لوقف عمليات البيع هذه بالتحديد.
ويذكر أن الرئيس السابق جو بايدن، اعترف هذا العام بالإمارات كشريك دفاعي رئيسي، وتستضيف الدولة الخليجية قاعدة الظفرة الجوية التي تضم طائرات عسكرية أمريكية وآلاف الأفراد الأمريكيين.
واتهم جيش السودان الإمارات العربية المتحدة بتقديم الأسلحة والدعم لقوات الدعم السريع في حرب السودان التي استمرت 17 شهرًا. وتنفي الدولة الخليجية هذه المزاعم. ووصف مراقبو عقوبات الأمم المتحدة الاتهامات بأن الإمارات العربية المتحدة قدمت دعمًا عسكريًا لقوات الدعم السريع بأنها ذات مصداقية.
ونفت الإمارات ضلوعها في الدعم العسكري لأي من الأحزاب المتنافسة في السودان.
اندلعت الحرب في نيسان/ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشأن الانتقال إلى انتخابات حرة، حيث قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص. وقالت الأمم المتحدة إن ما يقرب من 25 مليون شخص - نصف سكان السودان - بحاجة إلى المساعدة، والمجاعة تلوح في الأفق وفر حوالي 8 ملايين شخص من منازلهم.
وقالت جاكوبس، التي التقت اللاجئين السودانيين على الحدود مع تشاد هذا العام، في بيان: "الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أكبر الجهات الخارجية التي تغذي العنف في السودان، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة على وشك بيع أسلحة أخرى لها بقيمة 1.2 مليار دولار قد تنتهي في أيدي قوات الدعم السريع".