ساعة مارادونا في يد مادورو
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
بقلم : هادي جلو مرعي ..
ماذا يعني أن يوشم ذراع دييغو أرماندو مارادونا الأرجنتيني ولاعب أرجنتينيوس، ومن ثم برشلونة في تجربة فاشلة، ومن ثم نابولي الإيطالي في تجربة غيرت مجرى تاريخ كرة القدم حين قاد هذا النادي الفقير في الجنوب المهمل الى المجد منذ منتصف الثمانينيات بعد أن فاز ولأول مرة كلاعب شاب بكأس العالم للشبان في اليابان سنة 1979 ومن ثم سار على قدميه في رحلة مليئة بالمعاناة والتحدي من مشارف بوينس آيرس الى مختلف عواصم الدنيا، ماذا يعني أن يوشم ذلك الذراع بصورة تشي جيفارا الطبيب الثائر القادم من بوينس آيرس، والمكافح حتى النصر والصداقة مع كوبا المتحدية قبل أن يقتل غدرا في أحراش مرتفعات بوليفيا التي ينقصها الأوكسجين، ويخشاها الجميع خاصة الذين يأتون مع فرقهم الى الملعب الرئيس في مدينة لاباز العاصمة؟ وماذا يعني أن يجلس جوار فيدل كاسترو زعيم كوبا ليريه صورته على إحدى ساقيه معبرا عن الحب والإنتماء لليسار.. فقصة مارادونا يمكن أن تكون رواية عن اليسار العالمي، ويمكن أن تكون كتابا يستقل كل فصل فيه عن بطل من أبطال أمريكا اللاتينية فواحد منها لتشي جيفارا، وآخر لفيدل كاسترو، وثالث لهوغو تشافيز، ورابع لنيكولاس مادورو الذي مايزال صامدا في مواجهة فاشية الغرب المتوحش والمتحفز لنهب ثروات الشعوب، وتدمير البلدان المناوئة والتي ماتزال ترفض الهزيمة في قارة تغلغل فيها اللوبي الصهيوني مستغلا الفقر والعوز والديون في بعض بلدانها كالأرجنتين التي ملت حكم الدكتاتوريات، ولكنها تحولت الى معقل للصهيونية العالمية متناسية أثر مارادونا، وراكعة عند أقدام أصحاب الأموال اليهود المتحكمين بكل شيء في هذا العالم المهزوم الذي تترسخ فيها ثقافة الإنكسار والتسليم للإمبريالية الكونية التي تسيطر رويدا بالنار والحديد والدولار؟ يرفع الرئيس نيكولاس مادورو يده، ويتحدث عن الساعة التي تطوق معصمه بوصفها من أهم الهدايا التي تلقاها من اللاعب الأرجنتيني، بينما تظهر لقطات فديو فرحة اللاعب الشهير وهو يحمل كأس العالم في ملعب أزتيك الشهير حين كان هناك لاعبون عالميون لامثيل لهم كالبرازيليين الطبيب سقراط والهداف زيكو، والفرنسي ميشيل بلاتيني والحارس جويل باتس، ومن المكسيك البلد المنظم هوغو سانشيز ومن إنكلترا الحارس بيتر شلتون واللاعبون برايان روبنسون ومارك هاتلي وكلين هودل والهداف غاري لينكر الذي تشارك جائزة هداف البطولة مع مارادونا ولكن لايمكن نسيان ذلك الفوز العظيم الذي أبقانا حتى الفجر منتظرين نهاية المباراة التي قصمت ظهر الإنجليز بهدف إحتيالي باليد وضعه مارادونا في مرمى شلتون دون أن يراه الحكم التونسي الذي تحول الى عدو في شوارع لندن بينما كانت شوارع بوينس آيرس تضج بالفرح وكأنها تثأر من بريطانيا العظمى التي إحتلت جزر فوكلاند عام 1982وحينها إرتقت الأرجنتين الى النهائي ولتفوز على ألمانيا المدججة باللاعب كارل هانيز رومينيغه والحارس شوماخر واللاعب الملتحي برايتنر ورودي فوللر وغيرهم، وبالطبع كانت هذه هي النسخة اليتيمة للعراق الذي كان الفريق الوحيد في تاريخ كرة القدم الذي خاض جميع مراحل التصفيات خارج أرضه بسبب الحرب..تلك المباراة إنتهت بفوز رفاق مارادونا بثلاثية وماتزال تلك المباراة عالقة في ذاكرتي حين تألق مارادونا وفالدانو وباتيستا والحارس بومبيدو وبورتشاكا قبل أن تثأر ألمانيا بهدف أندرياس بريمه في مونديال إيطاليا عام 1990 وهي البطولة التي شهدت نهاية مأساوية للحلم الأرجنتيني الذي دمر بالكامل في مونديال 1994 وكان نهاية لأسطورة إسمها مارادونا الذي ظل رمزا لليسار حين أذل الإنكليز المحتلين لجزر بلاده ولقن الأندية الإيطالية الغنية دروسا لايمكن أن تنسى حين قاد نابولي للظفر بكأس الدوري ودوري الأبطال ولم يعبأ بتسميات شهيرة كاليوفي وقطبي ميلانو الأنتر وأي سي ميلان. كانت القاعة الكبيرة التي إحتشد فيها الآلاف في القاعدة الجوية في العاصمة الفنزويلية كاراكاس تهتز على وقع كلمات الرئيس نيكولا مادورو وهو يتحدث عن الأساليب الشريرة التي تتبعها واشنطن في محاصرة الدول التي ترفض مبدأ الهيمنة ونهب الثروات وسيطرة الشركات العابرة على المال والإقتصاد في العالم، والتحديات التي تعيشها الشعوب المحاصرة في ظل سياسة تقليدية عانت منها كوبا لعشرات السنين وإيران وروسيا والصين والعراق وسوريا وغيرها من بلدان كانت تنهج طريقا مختلفا لايلتقي والإمبريالية السيئة التي يتبعها الغرب في العالم، ومن الطبيعي أن يتغنى مادورو بمارادونا الذي أهداه تلك الساعة، فالفتى الأرجنتيني ولد لأسرة عمالية مكافحة، وحين إنتقل الى وسط العاصمة تنفس الصعداء، ولكنه إنتصر لأفقر الأندية نابولي التي جمعت المال عبر التبرعات، ولم تضع تلك الأموال هباءا حيث حقق ذلك اللاعب المكافح الفوز في الدوري العام، وإنتصر بعد ذلك لكوبا وفنزويلا وبلدان عدة في القارة الأمريكية الجنوبية، وليثبت إن تلك القارة ليست حديقة خلفية لأمريكا، بل هي ثورة تخمد، وسرعان ماتثور مجددا لتناغم أحاسيس اليساريين والتحرريين والمخلصين لبلدانهم الذين لايفكرون كثيرا في جني الأموال، بل هم أكثر قربا لفكرة الثورة ضد الظلم والجبروت والعنجهية التي تمثلها واشنطن وتصر عليها.. هادي جلومرعي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
ما حجم النفط الذي يمكن أن يضخَّه ترامب؟
ترامب رجلٌ لا يُعرَف عنه أنه يركِّز بَالَه كثيرا أو يتعمَّق في الأمور. فهو يحب الصيغ البسيطة. وسكوت بيسَنْت مرشحه لتولي وزارة الخزانة لديه واحدة. إنها صيغة "ثلاثة - ثلاثة -ثلاثة". بيسَنت يريد خفض العجز في الموازنة الفيدرالية للولايات المتحدة بنسبة 3% وزيادة نموها الاقتصادي السنوي بنسبة تساوي 3% من الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز انتاجها من النفط والغاز بما يكافئ 3 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2028 من 30 مليون برميل مكافئ نفط في عام 2024. الجزء الأخير من هذه الخطة هو الأكثر تقدما. فإدارة ترامب ستفتح المزيد من مناطق الامتياز البرية والبحرية لحفر الآبار وتصادق على تراخيص لمشروعات الغاز الطبيعي المسال. وترامب يريد إيجاد مجلس وطني للطاقة لتقليل الإجراءات البيروقراطية لكل شيء من إصدار الرخص والى التوزيع. (التوزيع هنا بمعنى إنشاء البنية التحتية لنقل وتسليم النفط والغاز المسال الى المستخدمين النهائيين أو أسواق التصدير- المترجم.) إنه يتطلع الى القضاء على الدعومات المالية والضوابط الإجرائية التي سَنَّها الرئيس جو بايدن لتعزيز التحول الى الطاقة الخضراء. والهدف من ذلك هو "الهيمنة العالمية على الطاقة،" وفقا لترامب. ازدهار انتاج النفط في بلاده سيخدم العديد من أهدافه الأخرى. فتصدير المزيد منه سيقلص العجز التجاري للولايات المتحدة. وتحصيل المزيد من العائد الضريبي سيعزز موازنتها. إلى ذلك تحقيق قفزة في إنتاج النفط سيمكن واشنطن من تشديد العقوبات على إيران وفي ذات الوقت يحافظ على رخص الأسعار في محطات الوقود.
إنتاج المزيد من الغاز سيساعد أيضا على الوفاء بالطلب المتصاعد للطاقة من الذكاء الاصطناعي وفي ذات الوقت يعزز اعتماد أوروبا الاقتصادي على شريكتها في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. المشكلة هي أن رغبة ترامب في "حفر المزيد والمزيد من الآبار" ستصطدم بالحقائق الملموسة لسوق الطاقة. الرئيس المنتخب في الواقع يهيئ نفسه للفشل.
فالنفط الأمريكي، خلافا لمعظم الدول البترولية التي تهيمن فيها الشركات المملوكة للحكومة على حفر الآبار، يُضخ بواسطة شركات خاصة تتخذ قراراتها بنفسها. زادت هذه الشركات إنتاجها منذ عام 2022 عندما شرعت أوروبا في التخلي عن البراميل الروسية وذلك بكميات جعلت الولايات المتحدة أكبر بلد منتج للنفط في العالم. وفي أكتوبر سجلت إنتاجا قياسيا بلغ 13.5 مليون برميل في اليوم ارتفاعا من 11.5 مليون برميل عندما بدأت حرب أوكرانيا.
لكي تنتج شركات النفط الأمريكية المزيد منه ستحتاج الى سبب مقنع. لكنها قد لا تجد سببا واحدا يبرر لها ذلك. فالنفط الصخري الذي يشكل معظم إنتاج الولايات المتحدة كان يستخرج بواسطة آلاف الشركات الصغيرة التي لا تتحسب للأمور. وتعني موجة الاندماجات والإخفاقات وسط هذه الشركات منذ أواخر العشرية الثانية عندما تسبب فرط الإنتاج في انهيار الأسعار أن صناعة النفط تتحكم فيها شركات كبيرة وقليلة وتكره المخاطرة.
فَحَمَلة أسهمها يطالبون بتوزيع ثابت للأرباح وعائدات من رقمين (أكثر من 9%.) كما تزيد ندرة رأس المال من ارتفاع التكاليف المرتفعة أصلا. فمع ازدياد الإنتاج نضبت الآبار الأفضل إنتاجا. لذلك شركات النفط الصخري ليس لديها حافز يذكر لحفر المزيد منها ما لم تصل أسعار النفط الى 89 دولارا للبرميل، وفقا لدراسة أعدها البنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كنساس سيتي. فسعر نفط غرب تكساس الوسيط وهو السعر المعياري لنفط الولايات المتحدة عند أقل من 70 دولارا للبرميل اليوم. وهو بعيد جدا عن تلك العتبة (أي 89 دولارا للبرميل.)
من المستبعد حسبما يبدو أن تتحرك سوق الطاقة في اتجاه يساعد ترامب على بلوغ هدفه. فإمدادات النفط العالمية ليست وفيرة فقط بل لدى أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) احتياطيات وفيرة أيضا. في ذات الوقت الطلب ضعيف بسبب النمو الاقتصادي العالمي الفاتر وإحلال سيارات محرك الاحتراق الداخلي بالسيارات الكهربائية. لذلك لا غرابة في أن إدارة معلومات الطاقة وهي وكالة أمريكية فيدرالية تتوقع ارتفاعا طفيفا في إنتاج النفط الأمريكي بحوالي 0.6 مليون برميل في اليوم فقط بحلول عام 2028. وفي يوم 5 ديسمبر قلصت شيفرون ثاني أكبر شركة نفط في الولايات المتحدة توقعاتها للإنفاق الرأسمالي في عام 2025.
وعلى الرغم من احتمال إلغاء ترامب الضرائب التي فرضها بايدن على شركات الطاقة كالرسوم على تسربات غاز الميثان إلا أن قيامه بذلك سيفيد في الغالب شركات استخراج النفط الصغيرة والمسؤولة عن كمية من الانبعاثات لا تتناسب مع حجم إنتاجها. وبحسب مايكل هيغ المسؤول ببنك سوسيتيه جنرال قد يزيد خفض الضرائب لشركات الطاقة الإنتاج بحوالي 200 ألف برميل في اليوم على أفضل تقدير. كما أن تقديم دعم مباشر للإنتاج سيكون ضارا بالحكومة ومناقضا لهدف آخر من أهداف بيسنت وهو خفض عجز الموازنة (بنسبة 3%.)
في الأثناء، تخطط الإدارة الأمريكية لتسريع التراخيص لخطوط الأنابيب الجديدة. ذلك قد يزيد من الجدوى الاقتصادية لاستخراج النفط من الآبار التي يصعب ربط إنتاجها بالسوق. لكن العدد الموجود من مثل هذه الآبار ليس واضحا. ومع ترجيح تولي مسؤولين جدد ليست لديهم خبرة إدارة الوحدات الحكومية التي تصدر التراخيص قد تتعثر المشروعات كما حدث في الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب عندما تخطى المسؤولون الإجراءات ما جعل التراخيص عرضة لمواجهة دعاوى قضائية.
لتحسين الجدوى الاقتصادية لمزيد من الآبار قد يحاول ترامب تعزيز أسعار النفط بفرض عقوبات على أي جهة تشتري النفط من إيران أو فنزويلا وأولئك الذين يساعدونهما. لكن من غير المؤكد كيف ستنجح هذه الخطوة. إذ من المحتمل أن يزيد أعضاء أوبك الآخرون الإنتاج لكسب حصة سوقية.
زيادة إنتاج الغاز بكمية كبيرة تبدو يسيرة على الأقل في الورق (نظريا). فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا كثرت مشروعات الغاز الطبيعي المسال التي كانت كثيرة أصلا. وتتوقع شركة ريستاد انيرجي الاستشارية أن تصل الطاقة الإنتاجية للولايات المتحدة إلى 22.4 بليون قدما مكعبا في اليوم عام 2030 إذا نفذ ترامب تعهداته في الحملة الانتخابية وذلك ارتفاعا من 11.3 بليون عام 2023. هذه الزيادة تساوي 1.9 مليون برميل مكافئ نفط في اليوم (بحسب مصطلحات الطاقة هذه الكمية من الغاز المُقاسة بالأقدام المكعبة مكافئة لكمية النفط المذكورة من حيث قيمتها الحرارية- المترجم).
ما يعنيه ذلك بالنسبة للإنتاج الفعلي غير مؤكد إلى حد بعيد. تتوقع شركة ريستاد أن يرتفع بحوالي 2.1 مليون برميل مكافئ نفط في عام 2028 مع استهلاك جزء منه محليا. أما الآخرون فأقل تفاؤلا. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة حتى في السيناريو الأكثر تفاؤلا أن يرتفع الإنتاج في المتوسط بحوالي نصف مليون برميل مكافئ نفط في اليوم في ذلك العام عن مستواه في عام 2024.
لكي يزداد الإنتاج حقا يجب أن ترتفع أسعار الغاز الى أعلى من 4.24 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، حسب منتجين استطلع آراءهم البنك الاحتياطي الفدرالي بمدينة كنساس سيتي. مع ذلك يتوقع أولئك المنتجون أن ترتفع الأسعار الى 3.33 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية فقط خلال سنتين (من حوالي 3 دولارات اليوم.)
وعلى الرغم من أن الطلب على الغاز وهو الوقود الأحفوري الأقل تلويثا سيرتفع إلا أن كميات كبيرة من الإنتاج من أستراليا وقطر وبلدان أخرى ستصل الى السوق خلال فترة ترامب الرئاسية ، وهذا سيحدّ من ارتفاع الأسعار.
كل هذا سيسبب متاعب لطموحات ترامب وبيسنت. يقول بوب مكنالي وهو مستشار سابق للرئيس جورج دبليو بوش "الكميات التي ستنتجها الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة القادمة ستعتمد أكثر على القرارات التي تُتَّخذ في فِييَنَّا (حيث تجتمع أوبك) من تلك التي تتخذها واشنطن."
بل يمكن أن تُلحِق سياسات ترامب ضررا بالإنتاج. فرسومه الجمركية قد تجعل مواد مثل الألمونيوم والصلب أغلى لشركات النفط. وقد تردُّ البلدان الأخرى بفرض رسوم جمركية على صادرات الطاقة الأمريكية. وستُضعِف الحروب التجارية النموَّ في كل مكان وتقلل الطلب على النفط والغاز. وقد يتضح أن طموح ترامب في أن يصبح "بارون نفط بلا منافس" ليس أكثر من أضغاث أحلام.