التصعيد في لبنان.. موقف أميركي حذر وجهود لمنع حرب شاملة
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
تدعم الإدارة الأميركية الهجمات الجوية التي تشنها إسرائيل على حزب الله في لبنان، لكنها تعارض حاليا احتمال غزو بري، وفقا لما صرح به مسؤولون أميركيون كبار لصحيفة "هآرتس" في أعقاب التصعيد المستمر على الحدود الشمالية لإسرائيل والمخاوف من أن تتطور جبهة لبنان إلى حرب شاملة.
وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت الصحيفة الإسرائيلية نقلا عن المسؤولين الذين لم تذكر هوياتهم، أن الإدارة الأميركية تحاول منع إيران من المشاركة المباشرة في القتال، مما قد يزيد من فرص اندلاع حرب إقليمية.
وخلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على أهداف لحزب الله في مناطق عديدة في لبنان، الإثنين، 492 قتيلا، بينهم 35 طفلا، وفق السلطات اللبنانية، في أعنف قصف جوي على الإطلاق يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.
وأرسلت إسرائيل رسائل إلى الإدارة الأميركية، خلال الأيام القليلة الماضية، موضحة أنها قررت تصعيد هجماتها على حزب الله في محاولة لدفع الجماعة، المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى، لوقف القتال على طول الحدود.
ووفقا لمصادر الصحيفة، فقد تم عرض هذا الموقف من قبل وزير الدفاع، يوآف غالانت، الذي يتواصل باستمرار مع نظيره الأميركي لويد أوستن، مشيرة إلى أنه بينما لم تعرب واشنطن عن معارضتها، لم تكن مقتنعة أيضا بأن هذه الخطوة ستنجح.
وفي إحدى محادثاته مع غالانت، خلال الأيام القليلة الماضية، أعرب أوستن عن قلقه من أن تحرك إسرائيل سيؤدي إلى تصعيد قد يستمر لأسابيع إن لم يكن لشهور.
وحضّت الولايات المتحدة مواطنيها على مغادرة لبنان، مؤكدة في الوقت عينه مواصلة العمل على لجم التصعيد، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها بصدد إرسال "عدد محدود" من القوات الإضافية إلى الشرق الأوسط، بدون أن تذكر تفاصيل إضافية.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الإثنين "نعمل على احتواء التصعيد"، وكان أشار إلى أن الولايات المتحدة "ستبذل قصارى جهدها لتجنب اندلاع حرب أوسع نطاقا".
إسرائيل وحزب الله.. هل بدأت الحرب الشاملة؟ في شمال إسرائيل وجنوب لبنان، حيث تتصاعد أصوات الصواريخ وتشتعل السماء بوميض الانفجارات، تقف المنطقة على حافة الهاوية التي يحذر منها العالم القلق من حرب شاملة ومكلفة.وفي السياق ذاته، واصل المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان، عاموس هوكستين، جهود الوساطة بين الأطراف حتى نهاية الأسبوع الماضي. كما حاولت الحكومة الفرنسية، التي تحتفظ بعلاقات مع جميع الكيانات السياسية في لبنان، بما في ذلك حزب الله، اقتراح صيغة جديدة لوقف التصعيد.
ومع ذلك، تعترف الإدارة الأميركية بأن هذه الجهود لم تنجح حتى الآن، وأن فرص نشوب حرب شاملة قد زادت بشكل كبير في الأيام الأخيرة.
وعلنا، أوضحت الصحيفة، أن الإدارة الأميركية، قدمت حتى الآن دعما كاملًا لأعمال إسرائيل. حتى أن كبار مسؤولي البيت الأبيض أشادوا ببعض عمليات الاغتيال الإسرائيلية لكبار قادة حزب الله المتورطين في هجمات سابقة ضد الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يشعر البيت الأبيض بالقلق من أن رد حزب الله على الضربات الإسرائيلية قد يؤدي إلى غزو بري إسرائيلي لجنوب لبنان، وهي خطوة ستجد الولايات المتحدة صعوبة في دعمها. وتقدّر الإدارة أنه في هذه المرحلة، لم يتخذ المسؤولون السياسيون والأمنيون بإسرائيل قرارًا بعد بتنفيذ مثل هذا الغزو، وبالتالي فقد حذروا إسرائيل من العواقب المحتملة.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير مشارك في المحادثات مع الإدارة الأمريكية لصحيفة هآرتس إن الاستراتيجية التي اتبعتها الإدارة في الأشهر الأخيرة - محاولة منع التصعيد في الشمال من خلال المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة - فشلت بسبب الفجوات الكبيرة بين إسرائيل وحماس في المحادثات، وكذلك الصعوبة في التواصل مع زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار.
ولا تمتلك الإدارة حاليا استراتيجية بديلة، وبالتالي تقتصر على الحوار المستمر مع المسؤولين الإسرائيليين والحكومة اللبنانية، محاولة ضمان ألا يؤدي تبادل إطلاق النار بين الأطراف إلى غزو بري إسرائيلي أو سقوط ضحايا مدنيين بشكل جماعي، وفقا للصحيفة.
في سياق متصل، قال مسؤول أميركي لفرانس برس، الإثنين، أن الولايات المتحدة بصدد تقديم "أفكار ملموسة" لاحتواء الأزمة في لبنان، مجددا معارضة واشنطن غزوا بريا إسرائيليا يستهدف حزب الله.
ومع توافد قادة العالم إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال المسؤول الأميركي الرفيع طالبا عدم ذكر اسمه "لدينا أفكار ملموسة سنناقشها مع حلفائنا وشركائنا هذا الأسبوع لمحاولة إيجاد سبيل للمضي قدما على هذا الصعيد".
وأضاف أنّ الولايات المتحدة تسعى لإيجاد "مخرج يمنع في المقام الأول مزيدا من التصعيد في القتال".
إسرائيل تتحدث عن سيناريوهات "بينها الاجتياح البري" وتشن غارات "مكثفة" على لبنان أكد الجيش الإسرائيلي، الإثنين، أنه مستعد لتنفيذ عملية برية في لبنان لو تطلب الأمر ذلك، في وقت ارتفعت فيه حدة التصعيد على جانبي الحدود مع حزب الله.وأعرب عن أمله بأن تتيح المقترحات الأميركية "خفض التوترات والانتقال إلى عملية دبلوماسية تتيح للمجتمعات على جانبي الحدود، على جانبي الخط الأزرق، أن تعود بأمان إلى ديارها في المستقبل القريب".
ولم يشأ المسؤول شرح الأفكار الملموسة بشكل مفصّل، لكنه أشار إلى أنّ وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، وغيره من كبار المسؤولين الأميركيين سيناقشونها خلال اجتماعات ستعقد على هامش أعمال الجمعية العامة.
والاثنين، قال بلينكن إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع مزيد من التصعيد، لكنه لم يوضح كيف تعتزم الإدارة تحقيق ذلك.
والأسبوع الماضي، أعرب عن إحباطه من تأثير التصعيد الشمالي على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، قائلاً إنه "مرارا وتكرارا" تعطل الأحداث الخارجية المفاوضات في اللحظات الحرجة.
ومع ذلك، على عكس التفاؤل الذي أعرب عنه لعدة أشهر بشأن محادثات وقف إطلاق النار، لم يكرر بلينكن في الأيام الأخيرة تصريحات مفادها أن الاتفاق في المتناول، أو أن الفجوات المتبقية صغيرة. على العكس من ذلك، أجلت الإدارة خطتها لتقديم اقتراح وساطة جديد، وفقا لهآرتس.
ومن المتوقع أن يلتقي بلينكن في الأيام القادمة بعدد من قادة الشرق الأوسط الذين يحضرون الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما من المقرر أن يصل نتانياهو إلى نيويورك قبل مخاطبة الجمعية العامة، الجمعة، ولكن اعتمادا على الوضع في الشمال، قد يضطر إلى إلغاء الزيارة، وفقا للصحيفة التي أشارت إلى أنه لم يتم اتخاذ قرار المشاركة بعد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة الجمعیة العامة إطلاق النار حرب شاملة حزب الله فی لبنان فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد مهلة الـ60 يوما.. انتهاكات الاحتلال مستمرة وحزب الله يلوّح بالرد
بيروت- مع انتهاء مهلة الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، أعلنت واشنطن عن التوصل لاتفاق لتمديد المهلة إلى 18 فبراير/شباط المقبل، وذلك بالتزامن مع رفض إسرائيل إتمام انسحابها من جنوب لبنان.
وخلال فترة الـ60 يوما انتهكت إسرائيل بنود وقف إطلاق النار من خلال خروقات يومية تجاوزت الـ1100 خرق، ما دفع وزارة الخارجية اللبنانية إلى تقديم عدة شكاوى إلى الأمم المتحدة بهذا الشأن، حيث شملت تلك الخروقات غارات وعمليات قصف وتوغلات برية.
بالإضافة إلى منع عودة النازحين إلى قراهم وصولا إلى عمليات التدمير الممنهج والتفخيخ في المناطق التي توغلت فيها، فضلا عن عمليات اختطاف ممنهجة وتجريف للأراضي الحدودية وتدمير مئات الوحدات السكنية.
ومع انتهاء المهلة المحددة، صعّدت إسرائيل تهديداتها حيث حذر متحدث باسم جيش الاحتلال من عودة السكان إلى قراهم، وفي المقابل، أعلن مسؤولون أميركيون، الأحد، أن إسرائيل ولبنان وافقا على تمديد وقف إطلاق النار حتى 18 شباط/فبراير، بعد انتهاء المهلة الأساسية التي دخلت حيز التنفيذ في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، وكان يفترض أن تنتهي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.
قوات الاحتلال تمنع السكان من العودة إلى منازلهم (وكالة الأناضول) ضغط دوليمن جهته، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن الموافقة على تمديد المهلة "يجب أن تقترن بضغط دولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وضمان الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة.
إعلانأما حزب الله فقد جدد رفضه التمديد، وشدد أمينه العام نعيم قاسم في كلمة متلفزة على أن "أي تأخير في الانسحاب تتحمل مسؤوليته الأمم المتحدة وأميركا وفرنسا وإسرائيل"، معتبرا أن "استمرار الاحتلال يمثل عدوانا واضحا يمنح المقاومة حق الرد وفق ما تراه مناسبا".
ويرى الكاتب والباحث السياسي هادي قبيسي أن المشهد السياسي العام شكّل مفاجأة للعدو الإسرائيلي وكذلك للجنة الخماسية التي تديرها الولايات المتحدة وذلك بسبب التحرك الشعبي اللبناني باتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة، وقد دفع ذلك الأطراف المعنية إلى محاولة تعديل الاتفاق خلال ساعات قليلة حيث صدر بيان من البيت الأبيض عند منتصف ليل يوم الأحد بهدف فرض التعديلات على لبنان.
ويضيف قبيسي، في حديثه للجزيرة نت، أن جيش الاحتلال انسحب من القطاع الغربي ومعظم القطاع الأوسط بينما بقي متمركزا في القطاع الشرقي، ويظهر هذا التطور أن العملية العسكرية قد وصلت إلى منتصفها أو أكثر بقليل.
ويشير إلى أن الإسرائيليين سارعوا إلى استدراك الموقف بعدما لمسوا تجذّر ثقافة المقاومة في لبنان والتزام أهالي الجنوب الطبيعي بالدفاع عن أرضهم، لذلك حاولت إسرائيل تعديل إستراتيجيتها في التعامل مع الوضع.
نعيم قاسم يحمّل الأمم المتحدة وواشنطن وإسرائيل وفرنسا مسؤولية تأخير الانسحاب (رويترز) الجهة العازلةأما فيما يتعلق بالجيش اللبناني، فيرى قبيسي أنه يتكيف مع الظروف المحيطة ولا يسعى إلى تغييرها، بل يكتفي بلعب دور الجهة العازلة والمخففة للصدمات بين الأهالي وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ضمن نطاق محدود جدًا.
وفيما يخص المقاومة، يعتقد قبيسي أنها ستمنح الأهالي فرصة أوسع لخوض تجربة الاقتحام الشعبي للمناطق المحتلة نظرا لجدواها العالية في وقت قصير، فضلا عن آثارها السياسية التي تسهم في إبراز رؤية لبنان لمستقبله.
إعلانفي المقابل، يرى المحلل السياسي جورج علم أن المشهد السياسي في لبنان يتكون من بعدين رئيسيين، البُعد الأول يتعلق بعودة أهالي الجنوب إلى أراضيهم حيث يعتقد أن هذه العودة لم تكن في محلها.
ويشير إلى وجود فراغ بين الدولة والمواطنين المؤيدين للمقاومة، مما يعكس غياب التنسيق بين السلطة والمقاومة رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري.
قوات الاحتلال تعتقل مواطنين لبنانيين اقتربوا من نقاط تمركزها (رويترز) إدارة العودةويعتقد علم أنه كان من المفترض أن تتولى الدولة اللبنانية عبر الجيش إدارة عملية العودة بالتنسيق مع اللجنة الأمنية على أعلى المستويات لتجنب وقوع أي مشاكل كما حدث في بعض الحالات في القرى الحدودية.
ويوضح أن حزب الله "حاول استغلال هذه العودة، رغم التضحيات والشهداء، ليؤكد أن الجنوب هو بيئة مقاومة"، لكن علم يشير إلى أن هذا لا ينفي وجود أهداف شعبية حيث إن إسرائيل كلما رأت أن نفوذ حزب الله لا يزال قويا في الجنوب يحفزها ذلك للاستمرار في تمسكها بمواقعها العسكرية.
أما البُعد الآخر الذي يشير إليه علم فهو البُعد الدولي، حيث يعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال تمسك بزمام الأمور حيث فرضت مهلة حتى 18 فبراير/شباط، وكان هناك توافق بين الثنائي الشيعي والدولة اللبنانية حول هذه المسألة.
لكن علم يحذر من خطورة هذا الوضع، معتبرا "أننا بذلك نسمح للإدارة الأميركية بالتعاون مع فرنسا -التي يبدو دورها شكليا أكثر من جوهري- بالتدخل المباشر".
لذلك، يرى أنه من الضروري أن يتم التوصل إلى تفاهم جاد بين المقاومة والسلطة السياسية حول الإطار الجديد في الجنوب لضمان استقلال لبنان بعيدًا عن المصالح الأميركية والأطماع الإسرائيلية، ويشدد المحلل السياسي على أهمية التنسيق مع الإدارة الأميركية لضمان مصداقية العهد الجديد دون أن تكون الكلمة الفصل للولايات المتحدة أو إسرائيل.
وفي ختام حديثه، يوضح علم أنه يجب اختبار المرحلة المقبلة حتى 18 فبراير/شباط لمعرفة كيف ستتبلور الأمور، محذرًا من أن الثغرات لا تزال كثيرة ما يثير العديد من التساؤلات.