مقارنة مع الماضي قد تكون التحذيرات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة انطونيوس غوتيريس منذ بدء الحرب على غزة ولبنان أكثر من كل التحذيرات والنداءات التي أطلقها أسلافه طيلة سنوات. ولكن آخر تحذير له في ما يتعلق بالوضع اللبناني عندما أبدى خشيته من أن يتحّول لبنان إلى غزة ثانية فاق بخطورته كل تحذيراته السابقة المتعلقة بقطاع غزة، الذي أصبح أثرًا بعد عين.
وهذا التحذير أقلق جميع الذين كانوا حتى الأمس القريب يسعون إلى تجنيب لبنان ما لا طاقة له على احتماله، ومن بينهم الأميركيون والأوروبيون، الذين نصحوا رعاياهم بمغادرة لبنان على وجه السرعة طالما أن الوقت لا يزال متاحًا لهم قبل أن تصبح العودة إلى الوراء أمرًا متعذرًا، إن لم يكن مستحيلًا.
ولم يكد حبر التحذير الأممي ينشف حتى ردّت إسرائيل على استهداف "حزب الله" حيفا بصواريخ دقيقة استخدمها للمرة الأولى بشنّ غارات كثيفة طاولت مناطق في عمق البقاع والجنوب وصولًا إلى الهرمل وجزين، موقعة المزيد من الضحايا ومخلّفة الكثير من الدمار، ولكن من دون أن يعني ذلك بدء الحرب الشاملة والمفتوحة رسميًا. ولكن حدّة القصف ذكرّ الذين يتلقونه بالحروب السابقة، والتي كانت إسرائيل تستهدف المدنيين والبنى التحتية في أكثر من منطقة.
يقول بعض الخبراء في المجال العسكري إن ما تقوم به إسرائيل من أعمال عدائية لا يتعدّى في المرحلة الراهنة خطوط المواجهة التقليدية، وذلك بهدف الضغط على "حزب الله" لمنعه من استخدام صواريخه الباليستية والدقيقة والبعيدة المدى القادرة على أن تصل إلى ايلات. وهذا لا يعني أن ما يقوم به سلاح الجو الإسرائيلي من غارات هو الحرب، التي حذّر منها غوتيريس، ولكن لا أحد يعلم ماذا تخطّط له تل أبيب، وإذا كان ما سبق أن قامت به من خلال تفجير "البيجر" وأجهزة اللاسلكي هو مقدمة لعدوان أوسع وأشمل؟
أن يتحّول لبنان إلى نسخة طبق الأصل عمّا آل إليه وضع غزة، الذي حوّلته إسرائيل إلى أرض محروقة وغير صالحة للسكن لكثرة ما أنزلت عليه من أطنان من الحديد والبارود، ليس مستغربًا على عدو لم تردعه لا الضغوطات الخارجية، ولا التحذيرات الصادرة عن أكثر من مرجعية أممية، ولم يكترث كثيرًا لقرارات محكمة العدل الدولية وضرب بها بعرض الحائط، وتخطّى كل الخطوط ولم يترك لونًا يعتب عليه، وبالأخص اللون الأحمر.
فتحذيرات غوتيريس لم تأتِ من عدم، بل هي نتيجة معطيات تكّونت لديه من خلال ما يرده من تقارير ديبلوماسية ومخابراتية من أكثر من دولة على تماس مع إسرائيل، وهي نتيجة طبيعية لما خبره خلال متابعاته اليومية على مدى سنة في الحرب الإسرائيلية في غزة. وهذا ما يتوقع حصوله في لبنان إن لم يسارع المجتمع الدولي إلى التنبه لما يمكن أن تقوم به إسرائيل في لبنان، ومنه إلى المنطقة بأسرها. وهذا ما تلقفه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي اعتبر أن موقف الأمين العام للأمم المتحدة يجب أن يكون حافزًا لجميع ولاسيما لدول القرار للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها وتطبيق القرار الدولي الرقم 2735 الصادر عن مجلس الأمن وحل القضية الفلسطينية على قاعدة حل الدولتين والسلام العادل والشامل. وأكد أن العدوان الإسرائيلي على لبنان حرب إبادة بكل ما للكلمة من معنى، ومخطط تدميري يهدف إلى تدمير القرى والبلدات اللبنانية والقضاء على المساحات الخضراء.
فالرئيس ميقاتي، الذي يبقي خطّه مفتوحًا مع جميع المعنيين في الخارج، ينطلق في حركته من أنه لن يوفر أي فرصة تساعد لبنان وتؤدي الى منع إسرائيل من تنفيذ عدوانها ضد لبنان، ويؤكد نقطة أساسية هي بذل كل المساعي والقيام بالاتصالات المطلوبة "من أجل تجنيب لبنان التصعيد الكبير".
وفي ضوء ما يتعرّض له لبنان من اعتداءات إسرائيلية غير مسبوقة، حيث سجل سقوط أكثر من 300 شهيد وأكثر من ألف جريح في حصيلة اليوم الدموي بفعل القصف المدمر، الذي تعرّضت له مختلف المناطق، التي يعتقد العدو أن فيها مخازن أسلحة ومنصات صواريخ لـ "حزب الله"، اتخذ رئيس الحكومة قرار عدم التوجّه الى نيويورك بناءً على قاعدة أنه من الأسلم أن يتابع اتصالاته من السرايا ويبقى على مواصلة علاج أي طارئ مع الوزراء على الأرض لمواكبة التطورات أولًا بأول، ومحاولة تفعيل الإجراءات، التي يمكن اللجوء إليها عبر لجنة الطوارئ الوزارية، التي تعمل كخلية نحل تلافيًا لما هو أسوأ.
إنها الحرب؟
المطلعون يتخوفون ويضعون أيديهم على قلوبهم، فيما لبنان يقف على فوهة بركان. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: أکثر من
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: لبنان سترد على مقترح وقف إطلاق النار خلال 24 ساعة
أعلنت وسائل إسرائيلية، مساء اليوم الخميس، عن ترقبها لرد بيروت على مقترح وقف إطلاق النار الذي أرسلته الولايات المتحدة إلى لبنان، ومن المنتظر أن يصل خلال 24 ساعة.
وحسب موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الولايات المتحدة وإسرائيل متوافقتان بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وأن على واشنطن التوصل إلى تفاهم مع اللبنانيين بشأن وقف النار.
وكان وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر قد زار واشنطن هذا الأسبوع، والتقى مسؤولي إدارة بايدن بشأن اللمسات الأخيرة على الاقتراح، بما في ذلك الضمانات المكتوبة بأن إسرائيل تتمتع بحرية العمل ضد تهديدات حزب الله في لبنان.
والتقى ديرمر أيضا بالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال زيارته، بحسب ما ذكره موقع "أكسيوس".
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس
و تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بمواصلة القتال في لبنان وعدم قبول أي تسوية لا تحقق أهداف الحرب، في حين قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إن أولوية بلاده هي وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان.
وأكد كاتس، خلال جولة على الحدود اللبنانية، أن تل أبيب لن تخفض وتيرة الحرب ولن تسمح بأي اتفاق لا يتضمن تحقيق أهداف الحرب لا سيما حق إسرائيل في التصرف منفردة ضد ما وصفه بأي نشاط إرهابي.
وأضاف: "وجهنا ضربات قوية لحزب الله وقمنا بالقضاء على زعيمه حسن نصر الله وهو تحديدا الوقت الأنسب لمواصلة ضرباتنا بكل قوانا كي نجني ثمار النصر".
وشدد على ضرورة أن تواصل إسرائيل ضرب حزب الله في بيروت وبقية أنحاء لبنان حتى تحقيق أهداف الحرب بـ"نزع سلاح حزب الله ودفعه إلى ما وراء نهر الليطاني وإحداث الظروف اللازمة لعودة سكان شمال إسرائيل إلى ديارهم".
ورافق الوزير الإسرائيلي في جولته رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي وقائد القيادة الشمالية أوري غوردين وعدد من كبار الضباط.
وجاءت تصريحات كاتس بعد يوم من تصريحات للمبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين تحدث فيها عن فرصة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان قريبا.
وأطلقت إسرائيل مطلع أكتوبر 2024 عملية برية جنوب لبنان سبقتها غارات مكثفة، ولكن قواتها تواجه مقاومة من قبل حزب الله.
وأسفر القصف الإسرائيلي على لبنان عن مقتل 3386 شخصا وإصابة 14 ألفا و417 آخرين، وفق آخر حصيلة نشرتها وزارة الصحة اللبنانية.