موقع 24:
2025-02-01@12:58:08 GMT

صمت ينطق بالألم

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

صمت ينطق بالألم

يقترب عام مأساة غزة من الاكتمال، لكنّ آثاره، حتى إذا توقفت الحرب العبثية، ستعيش طويلاً في النفس.

الأجيال الفلسطينية التي تتوارث النكبة تميّزها بلاغة خاصة بالقضية تمكّنها من الصراخ بآلامها وفضح العجز الدولي عن حلّها في كل المنابر، غير أن هذه الميزة مهددة بالفقدان.
قد لا يعيب الفلسطيني على أخيه العربي صمته في المستقبل عن نصرته ولو بأضعف الإيمان، لأن صاحب القضية الأول قد يكون أخرس، أو متلعثماً إذا أسعفه الحظ بالإفلات من ويلات غزة وغيرها من أرجاء فلسطين وبقية مساحات الأسى في المنطقة.


قيل الكثير في تأثيرات الحرب على الأطفال في فلسطين، وتكاد صور مأساتهم الخاصة وتفرقهم بين التشريد والاستهداف المباشر وفقدان الأهل تدخل دائرة الاعتياد من كثرة التكرار.
ورغم ذلك لا يزال في جعبة الطفل الفلسطيني ما يفجع، ولا يزال في واقعه ما هو أبلغ من الكلام وأنفع من أطنان الحبر والورق التي استهلكتها تغريبته منذ بدأت.
لم يعد الطفل الفلسطيني في غزة فقط مطارداً بالموت والإصابة والتشريد واليتم، إنه على أعتاب صمت قد يكون أبلغ ما ينطق بوجعه التاريخي، وأفصح من كل الذين يشاطرونه فصول مأساته.
تقول الأمم المتحدة إن الخوف والقلق في قطاع غزة يلقيان أطفالها في مشاكل النطق، بل إن بقية الفئات ماضية إلى هذا المصير، وكأننا أمام فقدان الفلسطيني مجدداً أحد حقوقه وأقلها، وهو الصراخ باسم قضيته.
ستة من كل عشرة أطفال في أحد مخيمات دير البلح يصعب عليهم النطق فيتلعثمون، وتنقل الأمم المتحدة عن مختصة أن الطلب على خدماتها يتزايد.
قيل قبل ذلك إن إعادة إعمار غزة تتطلب عقوداً، لكن الأمر لا يتعلق بالمباني والبنى التحتية فقط، فلا خلاف على أن استعادة روح إنسان القطاع بحاجة إلى أضعاف ما يستلزمه العمران.
حذّر كثيرون من آثار ما يجري في المنطقة على أطفالها ومن إلقاء أطفالٍ في فلسطين وسوريا وليبيا واليمن والعراق في دائرة النار التي تحرق المستقبل، وحذروا من شيب قبل الأوان يغزو أرواح أجيال محرومة من أبسط الحقوق، لكن أحداً لم يتوقع عجزاً عن مجرد الكلام.
حين تتوقف الحرب وينجلي غبارها، والعهدة على الأمم المتحدة، سيتجلى عدد من فقدوا القدرة على النطق في غزة من الصغار والكبار، أو من يشتت التلعثم قدرتهم على تكملة الحديث عما جرى ويجري، وهو هذه المرة أكبر من قدرتهم على الاحتمال والصراخ.
كأن أطفال المأساة يبادلون العالم صمته وعجزه عن وقفها. لعلهم يراهنون، رغماً عنهم، على أن صمتهم عن الكلام يجدي أكثر مما يتردد في أروقة المنظمات الدولية، وعلى الشاشات، وفي التظاهرات، وتحليلات الخبراء الاستراتيجيين والعالمين ببواطن وظواهر القضية، ونقاشات تبادل التهم والتخوين والتنظير.
إن من أخرستهم المأساة صور عصرية لحنظلة، يديرون ظهرهم للعالم وينتظرون صامتين معجزة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة بشأن احتجاز المهاجرين في غوانتانامو بأمر ترامب: هذا الملاذ الأخير

الأمم المتحدة بشأن احتجاز المهاجرين في غوانتانامو بأمر ترامب: هذا الملاذ الأخير

مقالات مشابهة

  • مقال في فورين أفيرز: هذا ثمن سياسة القوة التي ينتهجها ترامب
  • الأمم المتحدة بشأن احتجاز المهاجرين في غوانتانامو بأمر ترامب: هذا الملاذ الأخير
  • الكوميدي الفلسطيني الأمريكي محمد عامر يتحدث عن فلسطين وترامب وعودة مسلسله الناجح
  • تصل إلى القدس.. الأمم المتحدة: عيادات أونروا مفتوحة في الضفة الغربية
  • الأمم المتحدة تكثف من جهود الإغاثة في غزة مع تزايد خطر الألغام غير المنفجرة
  • الأمم المتحدة: 423 ألف نازح عادوا إلى شمال قطاع غزة
  • الأمم المتحدة: أكثر من ٤٢٣ ألف نازح عادوا إلى شمال غزة
  • الأمم المتحدة: أكثر من 423 ألف نازح عادوا إلى شمال قطاع غزة
  • الأمم المتحدة تطالب حكومة الاحتلال بسحب قرار وقف "الأونروا" في فلسطين
  • هوميلز يشعر بالألم لرؤية معاناة دورتموند هذا الموسم