توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى نيويورك في أول إطلالة دولية له بعد انتخابه قبل أشهر، للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة حيث يتشارك أول صورة مع الأمين العام للمنظمة الدولية انطونيو غوتيريس. ويتزامن ذلك وإعلان وزير خارجيته عباس عراقجي أن إيران مستعدة لبدء محادثات نووية في نيويورك، مع مفارقة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اضطر تحت وطأة الحرب المستعرة إلى إلغاء زيارته نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية وإلقاء كلمة لبنان.


ولذلك فإن السؤال الأساسي هو: هل تفتتح إيران من نيويورك حملتها الديبلوماسية بالتحاور مع الدول المؤثرة حول تهدئة جبهة الجنوب والمساومة للضغط من أجل ملفها النووي؟ هذا الهاجس عن تغييب لبنان سياسيا وضعفه وعدم وجود سلطة قوية فيه وامتلاك إيران راهنا أوراق القوة والنفوذ فيه بحيث يقرر الآخرون عنه، لازم ويلازم دوما أوساطا سياسية لبنانية عدة ولا سيما إذا وصلت الأمور إلى درجة كبيرة من الخطورة يستشعرها الخارج. ولا يلام اللبنانيون على هذه المخاوف نتيجة النصائح التي قدمها ديبلوماسيون كثر إلى لبنان بوجوب انتخاب رئيس للجمهورية، فيكون لبنان جاهزا حين يحصل أي تفاوض في المنطقة.
ولعل اللافت في كل ما حصل أخيرا أن "حزب الله" اضطر إلى أن يسرب على نحو غير معهود أسماء بدائل قادته الذين استهدفتهم إسرائيل، في حين أن هرمية قيادته ظلت طويلا جزءا من هالته السرية، وقد انتقل حديثا إلى الكشف عن ذلك بعد انكشافه بقوة أمام الاستخبارت الإسرائيلية، وتاليا، يصعب أن يكون انتقال إسرائيل إلى الضغط عبر حملة تبعد سكان قرى الجنوب وتطاول مناطق البقاع مغايرا لأهدافه، وقد غدا في موقع دفاعي أكبر من ذي قبل. فهو لا يود النظر إليه ضعيفا لارتداد ذلك عليه في الداخل والخارج على حد سواء، بالإضافة إلى ما يعكسه الأمر على موقع إيران وقوتها في المنطقة استنادا إلى موقع الحزب في محور نفوذها.

والحزب نفسه الذي برر خلال أحد عشر شهرا من الحرب في غزة دخوله الحرب بالتوازن الإستراتيجي في المنطقة، لا يستطيع إلا أن يدفع بالأمور إلى الأقصى، وهو سبق أن أعلن ذلك أيا تكن الأكلاف والتبعات على كل المستويات على لبنان واللبنانيين، وفق قوله.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ما رسائل إيران من عرض أسلحة جديدة قبيل زيارة بزشكيان لنيويورك؟

طهران- في ظل التوتر المتصاعد في الشرق الأوسط تستعرض إيران أبرز قدراتها العسكرية في العاصمة طهران ومختلف المحافظات الأخرى بمناسبة الذكرى الـ44 للحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، مؤكدة عزمها تغيير مسار أي سيناريو يخطط له "العدو" وإفشال حساباته.

وبهذه المناسبة أجرى الجيش الإيراني والحرس الثوري مناورات بحرية مشتركة في المياه الخليجية بمشاركة أسطول مكون من 548 قطعة حربية -بما فيها المدمرات والسفن العابرة للمحيطات- إحياء لأسبوع الدفاع المقدس الذي تستمر فعالياته من 21 حتى 28 سبتمبر/أيلول من كل عام.

ومن بين الأسلحة التي عرضتها إيران خلال اليوم الأول من الفعاليات على مقربة من ضريح مؤسس ثورتها آية الله الخميني جنوبي طهران الصواريخ الفرط صوتية مثل "فتاح" والباليستية مثل "خيبر شكن"، وكشفت عن أسلحة نوعية للتلويح باستخدامها في حال تعرضت مصالحها للخطر.

مسعود بزشكيان (يمين) خلال الاستعراض العسكري لطائرة مسيرة إيرانية من طراز "شاهد-136 بي" (الفرنسية) قدرات عسكرية

واستعرضت إيران عشرات الصواريخ الباليستية وكروز ومنصات إطلاقها وعددا من الطائرات المسيرة من أجيال "مهاجر" و"أبابيل" و"آرش" وأنظمة رادارات ومضادات جوية، منها منظومة "15 خرداد" و"صياد" و"دماوند" ونظام الرادار كاشف 99، إلى جانب أنظمة اتصالات ومركبات ودبابة "ذو الفقار" وزوارق رعد متعددة الأغراض.

ووسط اتهامات غربية لها بتصدير صواريخ باليستية وطائرات مسيرة إلى روسيا لمساعدتها في حربها مع أوكرانيا عرضت طهران لأول مرة صاروخين باليستيين من طراز "جهاد" الذي يصنف في خانة صواريخ "فتح"، ويبلغ مداه ألف كيلومتر ويعمل بالوقود السائل، إلى جانب نسخة مطورة لطائرة "شاهد 136" الانتحارية تحت عنوان "شاهد بي-136" قادرة على ضرب أهداف على بعد 4 آلاف كيلومتر.

ووُصفت استعراضات الوحدات البحرية بأنها "ضخمة"، وتضمنت 548 قطعة حربية، بينها 180 بارجة ومدمرة وقاذفات صواريخ بحرية وغواصات وزوارق سريعة وعوامات.

ويعتقد الخبير العسكري والعقيد المتقاعد في الحرس الثوري محمد رضا محمدي أن تطورات الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة والتصعيد المتزايد بين الاحتلال وحزب الله اللبناني خيمت على فعاليات هذا العام.

ويبدو لمحمدي أن تركيبة الأسلحة التي عرضتها طهران جاءت لتتناسب والتهديدات التصاعدة في الإقليم وخارجه، موضحا أن المناورات البحرية أجريت ردا على التحشيد الغربي في المياه الإقليمية ودعما لجبهة البحر الأحمر التي يتولاها الحوثيون في اليمن.

وفي حديثه للجزيرة نت، يكشف محمدي أن بلاده تعمدت استعراض أسلحة بحرية مناسبة لاستهداف القطع البحرية الغربية في حال تهديدها المصالح الوطنية في العمق الإيراني أو في أعالي البحار.

وأضاف أن هذه المناورات لم ولن تمثل تهديدا للدول الجوار، لكنها تحذر في المرحلة الراهنة من مغبة السماح باستخدام القواعد الغربية في المنطقة ضد الأراضي الإيرانية.

دبابات تابعة للجيش الإيراني خلال العرض العسكري بالذكرى الـ44 للحرب العراقية الإيرانية (الفرنسية) رسائل

ورأى الخبير العسكري محمدي أن الاستعراض العسكري الأخير جاء بعد أيام قليلة من وضع طهران قمرها الصناعي "جمران-1" في مدار 550 كيلومترا عن سطح الأرض بواسطة صاروخ "قائم 100″، مؤكدا أنه عابر للقارات ويدل على استعداد إيران لتسديد ضربات "للأعداء" في القارات الأخرى في حال تجاوزت على الأمن القومي للجمهورية الإسلامية.

ولدى إشارته إلى استعراض طهران عددا من صواريخها ومسيّراتها المتنوعة والمختلفة، يقول محمدي إنها تبعث رسائل واضحة إلى حلفاء الاحتلال بأنها تتوفر على الأسلحة المناسبة للرد عليه في عقر داره في حال انخرطت إلى جانبه في أي مواجهة محتملة.

وأكد أن بلاده لم ولن تستعرض أحدث قدراتها وكفاءاتها العسكرية، وأن الجانب المخفي منها أعظم.

وبرأيه، فإن الاستعراض العسكري الإيراني هذا العام والذي يتزامن مع التصعيد الإسرائيلي علی لبنان يبعث رسائل طمأنة إلى جمهور محور المقاومة بشأن وصول هذه التكنولوجيا العسكرية إلى فصائل المقاومة، وأن الأسلحة المتوفرة لدى حلفاء طهران الإقليميين قد تفاجئ "الأعداء" عندما تستدعي الحاجة.

ووفق محمدي، فإن "الأيادي الإيرانية على الزناد للثأر لدماء رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشهيد إسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران، وإن هذه الأسلحة وغيرها ستدخل المعركة في 3 حالات كالتالي:

في حال استهداف الأراضي الإيرانية. في حال تعرض حزب الله إلى تهديد وجودي. عندما تريد طهران حسم المعركة بعد استنزاف طاقات الاحتلال. إيران كشفت عن أسلحة نوعية للتلويح باستخدامها في حال تعرضت مصالحها للخطر (الصحافة الإيرانية) مواقف سياسية

وخلال الاستعراض العسكري، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن "قدرات إيران الدفاعية والردعية نمت كثيرا، لدرجة أنه لا يمكن لأي قوة شيطانية أن تفكر وتتصور في ذهنها جرأة العدوان على أرضنا العزيزة".

وأضاف "نعلن للعالم بقوة أنه فضلا عن الدفاع عن بلدنا يمكننا من خلال الوحدة والانسجام بين الدول الإسلامية الحفاظ على السلم والأمن في منطقتنا وإيقاف جرائم الكيان الإسرائيلي".

ومن المنصة ذاتها، شدد العميد محمد رضا آشتياني نائب رئيس هيئة الأركان الإيرانية ووزير الدفاع السابق على أن "محاسبة الكيان الصهيوني تقع على جدول الأعمال"، مؤكدا أن "طهران ستغير مسار أي سيناريو يخطط له العدو ويمكنها إفشال حساباته بقوة".

وفي قراءتها للمواقف الإيرانية التي صاحبت الاستعراض، ترى الباحثة في الشؤون الدولية برستو بهرامي راد أن بزشكيان ترك الحرب النفسية للقادة العسكريين الذين "توعدوا بإنزال العقاب بالكيان الصهيوني لاغتياله هنية في قلب طهران والتحذير من مغبة التآمر على إيران".

وفي حديثها للجزيرة نت، رأت بهرامي راد أن بزشكيان اكتفى بالتذكير بمرتكزات القوة الوطنية قبيل زيارته إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتسليطه الضوء على قدرة الوحدة الإسلامية أو وحدة الساحات لإحداث تحولات كبرى على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ورأت أنه أبقى الباب مفتوحا أمام القوى الغربية وخيّرها بين الانخراط بالمفاوضات مع إيران لحلحلة القضايا الشائكة، أو التمادي في دعم الاحتلال في حربه على غزة وحزب الله والتحذير من تداعيات اللجوء إلى الخيار الثاني.

وحسب الباحثة، أجّلت إيران "الانتقام لهنية" حتى بعد اجتماعات الجمعية العامة ليُظهر بزشكيان حسن نيته للمجتمع الدولي ويطالبه بردع إسرائيل قبل أن تضطر بلاده للقيام بذلك، موضحة أن الرد على اغتيال هنية سيختلف تناسبا مع تجاوب الأوساط الغربية مع الرؤية الإيرانية.

وبينما تحرص طهران على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس مقابل العمليات الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت من أجل إنجاح زيارة بزشكيان إلى نيويورك يرى مراقبون في إيران أن هذه السياسة قد تجعل تل أبيب أكثر جرأة على ارتكاب المزيد من المجازر لعلمها بعدم الرد الإيراني خلال الفترة الحالية.

مقالات مشابهة

  • تجاهل السؤال عن رد إيران..بزشكيان: إسرائيل تريد توسيع الحرب
  • إيران: مستعدون للتفاوض حول النووي إذا رغبت الأطراف المعنية
  • بزشكيان من نيويورك.. رسالة إيران للعالم هي الأمن والسلام
  • ما رسائل إيران من عرض أسلحة جديدة قبيل زيارة بزشكيان لنيويورك؟
  • بزشكيان من نيويورك: رسالة إيران للعالم هي الأمن والسلام
  • نداء عاجل من إيران بشأن السلاح النووي الإسرائيلي
  • وزير خارجية ايران: نتنياهو يحاول جر المنطقة برمتها إلى الحرب
  • بزشكيان يحذر أي قوة شيطانية من العدوان على إيران
  • ما موضع برنامج إيران النووي في عقيدتها الدفاعية؟