في الجزء الأول من المقال انتهى بنا الكلام إلى معايير الديموقراطية في الدول المتقدمة والقائمة على المشاركة، وفرقها عن الدول الناشئة، والتي يكون فيها النظام غالبا قائما على المغالبة.

يكمن التشابه بين المشاركة والمغالبة في:

⁠ 1- ⁠يتحقق كلاهما عبر مبدأ الديمقراطية كنظام سياسي.

2- صناديق الاقتراع هي الوسيلة التي تعبر فيها الجماهير عن وجهة نظرها، واختيار من يمثل وجهة النظر هذه.



3- التحالفات السياسية، والتي تؤثر على نتيجة الانتخابات.

الفارق الجوهري بين الشكلين هو:

المشاركة غالبا تنبني على أساس برامج إصلاحية، ويكون فيها الناخب متحررا إراديا في الاختيار لوجود استقرار سياسي واجتماعي وتحقق عدالة اجتماعية إلى حد كبير، بالتالي تكون خياراته متعددة في ظل دولة متحققة في الخارج، تقوم بواجباتها تجاه المواطن، ووجود برلمان يقوم بدوره في التشريع والرقابة، ونسبة فساد ضعيفة جدا في الدولة، وسلطة قضاء مستقلة تطبق القانون على الجميع، فهنا تتوسع الرؤى وتصبح إمكانيات المشاركة الحرة دون توجيه أكبر، بحيث يعبر الشعب عن خياراته ويحاسب في صناديق الاقتراع، ويكون مبدأ الكفاءة والاستحقاق هو المهيمن في عملية التوظيف والتوزير والانتخاب، وليس المحاصصات القائمة على الانتماءات المذهبية والطائفية والحزبية

أما المغالبة فتحدث في أجواء غياب الدولة عن أداء دورها تجاه المواطن، وانتشار الفساد، وعدم وجود عدالة اجتماعية مما يؤدي لوجود طبقية اجتماعية تتحكم فيها قلة بالاقتصاد والسياسة، ووجود تهديد إقليمي مستمر للدولة، أي غياب استقرار اجتماعي وسياسي في الدولة، وحضور التوازنات الطائفية والمذهبية والحزبية، بحيث تترجح الكفة السياسية في هذه الظروف وفق مبدأ المغالبة، التي تعبر عن ذاتها في صناديق الاقتراع وتتحول اللعبة السياسية إلى لعبة عددية، تغيب في ظلها مبدأ الكفاءة والاستحقاق، ويحضر مبدأ المحاصصات.

فالمشاركة، تحقق المشاركة الشعبية الحقيقية بكافة الأطياف، وتفعل الدستور بتشريع قوانين لا تخرج عنه، وبممارسة دورها الرقابي، وتحقيق التنمية المستدامة للدولة وللشعب، بينما المغالبة هي استبداد أكثرية عددية مع غياب واقعي لبرامج إصلاحية، أو خطط لمواجهة الفساد، وحضور المناكفات السياسية والخلافات الإقليمية على حساب الداخل الوطني، حتى لو خالفت هذه الممارسات الدستور، مستخدمة صناديق الاقتراع لتمارس استبدادها السياسي المبطن بالديمقراطية.

خنق محاولات التغيير قبل ولادتها، خاصة على مستوى الخيارات الاستراتيجية، ودلالات المفاهيم، كخيار المقاومة الاستراتيجي في منطقة يهيمن عليها استعمار غير مباشر كأمريكا، باستعمار صهيوني مباشر
وكان الحل بخنق محاولات التغيير قبل ولادتها، خاصة على مستوى الخيارات الاستراتيجية، ودلالات المفاهيم، كخيار المقاومة الاستراتيجي في منطقة يهيمن عليها استعمار غير مباشر كأمريكا، باستعمار صهيوني مباشر، وكربط دلالة ومفهوم المقاومة والجهاد سابقا بمفهوم الإرهاب، والذي لم يتم وضع تعريف صريح له حتى يبقى مفهوما مفتوحا على كل الدلالات، واستخدام الدلالة التي تناسب المرحلة وتكتيكاتها في وعي الشعوب، أو تذويب مفهوم المقاومة والجهاد، بمقابلته بمفهوم السلام الذي تم تمييع دلالته. وهذا يتطلب عملية تغيير استراتيجية لمناهج التعليم، وموقعية القرآن الكريم في فكر ووعي الجماهير والشعوب، من خلال حملات حرق وتوهين للقرآن، وتشكيك في وحيانية مصدريته.

وكذلك خنق محاولات التغيير في الوعي الثقافي والمعرفي، وفي تغيير الخيارات تجاه فلسطين، وإعادة تموضع المفاهيم في الوعي الجمعي وفق دلالاته التي رسمها القرآن، ورسمتها الفلسفة بمعطياتها المنطقية والعقلية، خاصة فيما يتعلق بمفهوم الإنسان، وحريته، ووظيفته، وخياراته في السلم والحرب، والمرجعيات المعيارية في تشخيص العدو، والحليف، والتي تُوَصّف آليات المواجهة مع العدو، والآلات التواصلية مع الحليف، كل ذلك وأكثر كان خنقه يتم بحبل المذهبية تارة، والقومية أو الطائفية تارة أخرى، أو حملات التخويف والتشويه والشيطنة التي كانت تتم بحق المقاومة والمقاومين، أو بحق التيارات الإسلامية الحركيّة، الخارجة عن سياق السلطة وفق منهج "طاعة ولي الأمر".

وكل ذلك يجد له صدى شعبيا نتيجة:

- تغلغل الفهم القبلي للحياة، وسيادة كثير من أعراف وتقاليد القبيلة على مستوى الحكم وعلاقته بالشعب، وعلى مستوى الشعب وطبيعته الاجتماعية، والتي غالبا لم تتحرر إلى الآن من العقل القبائلي والمنهج العنصري في التعامل مع الآخر المختلف مذهبيا، أو حتـى من حيث الهوية الوطنية، ورغم حصول نسبة كبيرة على شهادات عليا، إلا أن ذلك لم يحدث انزياحات في فهم العقل الجمعي، إلا عند قلة ليس لها صدى صوت في محيط ملتهب مذهبيا وقوميا.

- دور وسائل الإعلام التي تدعمها حكومات بشكل غير مباشر، وتنفذ بذلك عقيدتها في رسم وعي الجمهور وفق أجندة تتناسب ودور هذه الحكومات الوظيفي في المنظومة الدوليّة الحاكمة، هذا إضافة إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي حيث استطاعت تلك الأنظمة اختراقها بجيش من عملائها، لخلق أجواء تُبْقي الفضاء العام يدور في فلك إرادتها، وتوجه الوعي بالاتجاهات التي تريدها تلك الأنظمة.

- عدم وجود مراكز بحثية مستقلة خارج دائرة نفوذ السلطة، مع وجود قوانين مقيدة لتلك المراكز من خلال عمليات الرقابة والمنع، ومن خلال شروط شبه تعجيزية تفرضها السلطة. هذه الشروط ترسم وفق معايير لا يمكنها الانطباق إلا على اقتصاديين تجار تتقاطع مصالحهم مع السّلطة، أو نخب لها ثقلها الاجتماعي المؤثر وسلطتها الاقتصادية الفاعلة، وولاؤها للسلطة نافذ، وهو ما يوضح حجم تداخل السياسي والاقتصادي بالمعرفي، مما يُقَيّد المثقفين ضمن أجندة المُمَوّل.

- الاختراقات الثقافية السلبية للغرب التي ركزت على تدجين المثقفين والجمهور تدجينا استهلاكيا، كون الميل العام للخليج تاريخيا هو ميل تجاري، هذا فضلا عن ثروته النفطية المؤثرة في الولاءات والوظيفة والسياسات، التي لا بد أن تصب في مصلحة الاستعمار غير المباشر، وهو ما أنتج مع التقادم العقل الاستهلاكي الموازي، الذي يُضْعِف من إنتاجية الدولة رغم ثرائها، ويحول دون مبدأ اكتفائها الذّاتي، ويفتح فضاءها الاقتصادي للشركات الرّأسماليّة العابرة للحدود.

ومن المفاهيم الخطرة التي يتم العمل عليها في هوية هذه المنطقة، التي يغلب عليها الطابع الإسلامي المحافظ، هو مفهوم الرفاه وفق المنظور الإسلامي، وترتيب الأولويات، واستبداله تدريجيا بمفهوم الرفاهيّة الرأسمالي الاستهلاكي، وعلى ضوئه تبديل أولويات الفرد والمجتمع واهتماماته.

الحركة الثقافية في الخليج غالبا ما زالت تخضع إما للسلطة أو للاقتصاديين أو للتيارات الموجودة في المجتمع، سواء الإسلامية منها أو العلمانية، وهو ما يؤثر على موضوعية الحراك الثقافي ويؤدلج فضاءاته المعرفية أو يعسكرها، بل يبني حواجز بينه وبين الجوار الجغرافي، والجوار الهوياتي
فالحركة الثقافية في الخليج غالبا ما زالت تخضع إما للسلطة أو للاقتصاديين أو للتيارات الموجودة في المجتمع، سواء الإسلامية منها أو العلمانية، وهو ما يؤثر على موضوعية الحراك الثقافي ويؤدلج فضاءاته المعرفية أو يعسكرها، بل يبني حواجز بينه وبين الجوار الجغرافي، والجوار الهوياتي، أو حتى مع شريكه في الوطن، تشكل حاجزا أمام التلاقح الثقافي، والنهوض الحضاري، وصناعة وعي حركيّ تنموي متصاعد عند الشعوب، وهو ما يصب في صالح نهضة شاملة في المنطقة كلها، مما يضعف الوجود الصهيوني، ويكرّس استعماريته، ويمنع اندماجه فيها، أو تمركزه كقوة عظمى فيها.

إلا أن المنهج العام يصب في صالح تكريس الكيان الصهيوني كقوة لها شكل حضاري ديمقراطي متقدم تكنولوجيا، يجعل منها القوة العظمى، ويُعَبّد طريق اندماجها الذي امتد من دول الطوق، واخترق الخليج، ضمن معاهدات سميت بالاتفاقيّات الإبراهيمية.

هذا فضلا عن أن أغلب المثقفين في الخليج يعيش ازدواجية تشبه ازدواجية العصر العباسي، فبينما في العصر العباسي كان النظام الحاكم على مستوى التنظير يؤمن بالله ويتأثر بكلام الوعاظ، لكنه عملانيا كان يعربد بمقدرات الأمة ويسرقها ويحكمها بالسوط والحديد والنار، ليبقى كنظام حاكم في محورية صناعة الخوف في فكر ووعي الشعوب.

فكثير من مثقفي الخليج باتوا إما أدوات بيد السلطة، أو أدوات لأجندات خاصة، أو أسرى الوجاهة الاجتماعية التي تتطلب نزول المثقف على رغبات الجمهور ليصبح مثقفا شعبويا، بدل أن يتحول الجمهور بوعي المثقف إلى جمهور مثقف نخبوي.

وليس الخليج فقط مبتلى بهذه النماذج من المثقفين، وبهذا المنهج السلطوي الذي يستخدم المعرفة في غاياته السلطوية، بل تُدفع ثروات هذه المنطقة لعملاء وزعامات ونخب ومثقفين في دول أخرى، لتحقيق غايات لا تصب أبدا في صالح شعوب تلك الدول، ولا قضاياها المحورية كقضية فلسطين، بل في صالح هذه الأنظمة ومشغليها. ولبنان يعد النموذج الأبرز كساحة تشغيلية لأموال الخليج، في شراء الذمم وطعن المقاومة، وخلط الأوراق السياسية لتصب في إرادتها وغايتها وأهدافها فقط.

ولا يمكننا إغفال القلة المثقفة التي ما زالت تسعى وتكدح نظريا وعمليا لأجل تغيير مسارات الوعي، لتحويلها من فهم قبائلي إلى فهم علمي موضوعي منفتح على كل الآراء لأجل الحقيقة، وصناعة وعي وازن ومتناغم مع معطيات واقعه، ومستقبل الأحداث، وليس كما يقوم كثيرون ببيع الوهم للشعوب على أنه الحقيقة.

لكن هؤلاء هم المقاومون في الفضاء المعرفي والثقافي، لسيرهم عكس التيار العام، ولأنهم معرّضون لمواجهة السلطة بشكل غير مباشر، أي مواجهة أدوات السلطة من المثقفين، وأدواتها الإعلامية، وجيشها المجند في وسائل التواصل الاجتماعي. وأحد أهم أدوات القتل الذي يستخدمه هؤلاء هو التشهير والإسقاط الاجتماعي لكل من يمشي عكس التيار، كون هذه المجتمعات ما زالت مجتمعات محافظة تراعي جدا الجو العام، وتظهر التزاما خلاف ما تبطنه من تفلتات من العادات والتقاليد، وهي تفلتات خفيّة خوفا من تشهير المجتمع، وهو ما يخلق حالة الازدواجية في الشخصية الخليجية والعربية، والتي يغلب عليها التعقيد والتركيب نتيجة المناخ العام الاجتماعي الذي تعيشه.

وعند التشهير بالشخصيات المُصلحة المقاوِمة في الفضاء المعرفي والثقافي، فهي تُسقط الشخص وتسقط معه أفكاره وثقافته ومشروعه المقاوم النهضوي، وتبني بينه وبين عقل المجتمع حاجزا كبيرا يمنعه من قبول ما اعتاد عليه أولا، وقبول ما يعتبره المجتمع ساقطا في أعرافه.

وهذا ينعكس على كثير من مثقفيها، إلا القليل الذين استطاعوا التفلت من هذه الازدواجية وحملوا على عاتقهم قول الحقيقة، حتى لو كلفهم ذلك الكثير، وهم قلة إلى الآن مشتتة الوجود والقدرات، لا تملك نفوذا لا في السلطة ولا في وسط الجمهور.

إن جدار العزل العنصري الذي بناه مثقفو الخليج خاصة أو ما يمكن تسميته بـ"خلجنة الثقافة" وبعض الدول العربية، أثر في الحراك الثقافي تأثيرا كرس الحالة القبائلية وهمش الفهم المدني، هذا فضلا عن تداخل الفهم القبلي بفهم الدين، وبروز مثقفين متطرفين استطاعوا التأثير في الجو العام، وتكريس الفهم النصي المتطرف من كل المذاهب للحياة من جهة، وللعلاقة بالسلطة من جهة أخرى.

هذه "الخلجنة" التي يحاول الغرب بأدواته، والأنظمة الوراثية بسلطتها المالية والإعلامية الترويج لها، عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والتدجين باسم الثقافة، من خلال افتتاح مراكز فكرية وثقافية ضخمة التمويل، ونشر ترجمات غربية بشكل يغرق الفضاء المعرفي والثقافي، ممولة حكوميا، ويُراد لها الهيمنة على الساحة العربية والإسلامية، لإضعاف الخيارات الأخرى للنخب المُقاوِمة لها في المنطقة، وإضعاف مسار الرفض مقابل مسار التطويع والتطبيع، لتكون لها كأنظمة المركزية والهيمنة الثقافية والمعرفية، بما تملكه من سلطة مالية مركزية، ونفوذ على مستوى القرار والتقنين.

لذلك نجد تبدلات على مستوى المفاهيم والفكر عند كثير من المثقفين والمؤثرين في المنطقة، أو المثقفين الناشئين ذوي المستقبل الواعد، خاصة في الدول المستباحة اقتصاديا، والمنتهكة بالفقر والجهل، فنجد هؤلاء تحت ضغط الوضع الاقتصادي، يبحثون لهم عن فرص واعدة تحقق طموحاتهم وتخرجهم من حالة القلق الوجودي، أو بعضهم تجذبهم الشعارات القومية العروبية المتحيّزة للقبول بـ"الخلجنة" بحجة مواجهة ما يسمونه التمدد الإيراني والتوسع، متكئين على مسارات تاريخية سابقة، دون النظر وإمعان النظر بين الفروقات الزمكانية بين التاريخ والحاضر، والفروقات العقدية والفكرية كذلك.

يرزح الحراك الثقافي تحت مراوحة مذهبية و"خلجنة" تعجزه عن النهوض وتطوير سؤال الهوية، وتشخيص الأولوية الأهم للأمة كقضية فلسطين، بل صنعت له هوية دوغمائية غير قادرة على انتزاع الحقيقة، فصاغت حقيقتها من وهم العصبيات، لتغرق في وحلها وتُغرق الجمهور معها
وفي ظل صراع الإسلامي والعلماني، لم يقدم أي طرف منهما مشروعا ناهضا، لانغماسهما في الصراع وفي كيل التهم وفي التسابق على السلطة والنفوذ، خاصة أن كليهما تم تدجينهما إما بانتخابات عددية وليست برامجية، أو من خلال تحويلهما كأوراق بيد السلطة تبقي فيها حالة الخلاف قائمة لإشغالهما عما يجب أن ينشغلا به.

اليوم يرزح الحراك الثقافي تحت مراوحة مذهبية و"خلجنة" تعجزه عن النهوض وتطوير سؤال الهوية، وتشخيص الأولوية الأهم للأمة كقضية فلسطين، بل صنعت له هوية دوغمائية غير قادرة على انتزاع الحقيقة، فصاغت حقيقتها من وهم العصبيات، لتغرق في وحلها وتُغرق الجمهور معها.

ولم تستطع أغلب التيارات الاسلامية والعلمانية في الخليج خاصة والوطن العربي بشكل مجمل، أن تقدم نموذجا ثقافيا صادقا على مستوى التنظير والتطبيق، كون الثقافة عابرة للهويات ومنفتحة على كل العقول والمكونات، إلا أن أغلب النشاطات الثقافية العلمانية والإسلامية منغلقة على ذاتها، وتدور في حلقتها المغلقة وبين جمهورها المنتمي إليها فقط، حيث تجعل عقل محيطها في صندوق أيديولوجي محدد يعجز عن رؤية الواقع الخارجي الرحب، وهو ما أسميه "عسكرة الثقافة والمعرفة".

إذا، هناك عدة جهات تتحكم في مسارات الحراك الثقافي في الخليج وبالتالي بغالبية مثقفيه:

1- السلطة ومنهجية تعاطيها مع الثقافة والمثقفين.

2- الاقتصاديون المرتبطون بمصالح مع السلطة، أو لهم تطلعاتهم في الحكم.

3- التيارات والأحزاب الإسلامية منها والعلمانية، وصراعاتها الأيديولوجية.

4- الإعلام وأدواته وتداخلاته مع السلطة، والاقتصاديين، والتيارات، والأحزاب.

5- المثقف بذاته وطموحه للوجاهة والشهرة، ومصالحه المرجحة على مصلحة الأمة وقضاياها المصيرية وخاصة قضية فلسطين كقضية مركزية تقع في مركز الأولويات، والتي تفرض عليه ارتباطات ينزع خلالها كثير من نظرياته الناهضة، ليتحول إما إلى بوق للقوى النافذة، أو طبال للجمهور.

6- النظام الرعوي الذي ما زال يدجن الجمهور ويرضخه لفهم قبائلي على مستوى علاقته بالسلطة، وينساق على فهمه للدين والمجتمع والمحيط فهما عصبويا ديموغائيا.

7- الاختراق الثقافي الغربي ونفوذه الناعم في المجتمعات بشكل عام، والخليجية بشكل خاص لفقدانها المناعة الذاتية.

8- الوضع الإقليمي ومحاوره والتي ينسب الخليج لأحدها، وانعكاس ذلك على تداخل السياسي بالمعرفي، وتوجيه السياسي للمعرفي وفق إرادات الأنظمة الحاكمة وتحالفاتها.

ما يحتاجه الحراك الثقافي هو ابتعاد نخبه عن التوجيه السياسي السلطوي ومحاولات "خلجنته"، وتخلصهم من جنوحهم نحو الوجاهة وطلب السلطة والنفوذ، وعدم انتمائهم لتيارات أو أحزاب، فصاحب الفكر الحر لا يمكنه أن يخلق سؤال الهوية ويبدع ثقافيا بالانتماءات المذهبية والحزبية والتيارية، إضافة لاستقلالهم المادي الذي يمكنهم من رسم مشروع ثقافي خاص قادر على أن يحدث انزياحات حقيقية في وعي المجتمعات الخليجية خارج الفهم القبائلي والديني المتطرف، وتوجيهات السلطة المعرفية المستعمَرة، ليحطم جدار العزل العنصري ويخرج عابرا لكل المراوحات المذهبية، إلى الفضاء الإنساني الرحب الذي يرجح مصلحة الأمة على مصلحة السلطة، ويحدد أولوياتها على ضوء القيم والمبادئ الإنسانية الحقيقية، والتي غايتها تحقيق العدالة دون النظر للثقافة الشعبوية ولا لنفوذ السلطة ومقوماتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الديمقراطية الوعي فلسطين الخليج الثقافة الخليج فلسطين الديمقراطية الوعي الثقافة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صنادیق الاقتراع الحراک الثقافی فی الخلیج على مستوى غیر مباشر فی الدول کثیر من فی صالح من خلال ما زالت وهو ما

إقرأ أيضاً:

أدباء وباحثون: القراءة.. صانعة الخيال والابتكار الثقافي

أكّد مثقفون ونقّاد وأدباء أهميّة الابتكار الثقافي، كموضوع عماده القراءة والاطلاع، والرغبة في التميّز والفرادة، وقالوا في حديث إلى «الاتحاد»، إنّ الدعم المؤسسي من الدولة يسرِّع من الابتكار الثقافي ويعزز من نتائجه، كما في كلّ المقترحات والمؤسسات والجهات التي أنشأتها الإمارات لهذا الغرض، في موضوعي تحدي القراءة وحفز الجهود الفردية والعامة على الابتكار.
ويرى الكاتب محمد الحبسي أنّ القراءة والابتكار عنصران أساسيان في تشكيل الثقافة والمجتمع، إذ توفّر القراءة نافذة على المعرفة، وتحفّز الفكر النقدي، وتفتح نقاشات حول القضايا الراهنة، فمن خلال الاطلاع على الأفكار الجديدة تتولد رؤى مبتكرة تعزز الإبداع الثقافي وتدفع نحو تطور الفكر الإنساني. ولطالما كانت القراءة مصدر إلهام لشخصيات ثقافية بارزة مثل نجيب محفوظ، الذي استلهم من التراث الأدبي رؤى جديدة، وستيف جوبز، الذي مزج بين الفنون والتكنولوجيا بفضل قراءاته المتنوعة. وعبر التاريخ، كانت القراءة حجر الأساس للابتكار، حيث ساهمت في تطوير المجتمعات من خلال تمكين الأفراد من التفكير المستقل والإبداع في مختلف المجالات.
إنتاج الأفكار
ويؤكّد الكاتب والباحث فهد المعمري أنّ القراءة ليست مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هي أداة حيوية لإنتاج الأفكار الجديدة وإعادة تشكيل المفاهيم الثقافية، فهي تساعد على توسيع الأفق الفكري عبر التعرّف على تجارب وثقافات متعددة، وهو ما يسهم في بناء فكر نقدي قادر على توليد رؤى جديدة. كما أنّ الربط بين المجالات المختلفة يُعدّ إحدى الفوائد الجوهرية للقراءة، حيث إنّ الاطلاع على مجالات متنوعة، مثل الفلسفة والتاريخ والعلوم، يتيح توليد أفكار إبداعية من خلال التفاعل بين التخصصات.
وأضاف المعمري أنّ القراءة تحفّز الكتابة الإبداعية، إذ تؤدي إلى تحسين الأسلوب والتقنيات السردية، وهو ما يدعم ظهور أصوات جديدة وأساليب مبتكرة في الأدب، كما أنّ القراءة ليست مجرد فعل فردي، بل هي ممارسة اجتماعية تؤدي إلى تفاعل الأفكار وتوليد الابتكار الثقافي، ما يجعلها عاملاً رئيساً في تقدم المجتمعات وتطورها.
من جانبه، يرى الكاتب سلطان المزروعي أنّ القراءة تلعب دوراً جوهرياً في تشكيل الوعي الثقافي والإبداعي، فهي ليست مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل محفّز أساسي للابتكار والتجديد الفكري، فمن خلال الاطلاع المستمر، يستطيع الأفراد استكشاف آفاق جديدة، وتطوير أفكار إبداعية تُسهم في بناء هوية ثقافية غنية ومتجددة. ويضيف المزروعي أنّ القراءة كانت دائماً عنصراً مشتركاً في تجارب الشخصيات الثقافية والإبداعية، إذ منحتهم الأدوات اللازمة لفهم الواقع وتحليله، وهو ما مكّنهم من تقديم رؤى جديدة والتفاعل مع قضايا المجتمع بعمق ووعي، فالكتب تفتح نوافذ للحوار، وتغذي النقاشات حول القضايا الراهنة، مما يخلق بيئة ثقافية حيوية تُشجع على التطور المستمر.
تجدد المفهوم
ويؤكّد الكاتب والباحث محمد بن جرش السويدي أنّ الابتكار الثقافي هو شرارة التجديد التي تضيء دروب الإبداع، إذ يتجلى الابتكار في تقديم أفكار وتصاميم جديدة تثري المشهد الثقافي في الأدب والفنون والموسيقى والعمارة وسائر مجالات التعبير الإنساني. وقد يكون الابتكار ثورة على القوالب التقليدية، أو لمسة تحديث تضيف بُعداً جديداً إلى المألوف، كما أنّ الابتكار لا يقتصر على المنتج ذاته، بل يشمل أيضاً آليات إدارة المؤسسات الثقافية، وأساليب إنتاجها وتمويلها، مما يضمن تدفق الثقافة وتجددها باستمرار.
ويرى محمد بن جرش أنّ للقراءة دورها الجوهري في تحفيز الابتكار الثقافي، ومنحنا القدرة على التفكير النقدي والتحليلي، وتوسيع الأفق الفكري، وتوليد الأفكار، وهو ما يسهم في بناء رؤى جديدة تثري الثقافة، ويعزز من تحدي السائد وإعادة تشكيل المفاهيم، وابتكار أشكال جديدة من الفنون والآداب والفكر. 
ويشير ابن جرش إلى مبادرات الإمارات في موضوع القراءة، مثل «تحدي القراءة العربي»، و«الاستراتيجية الوطنية للقراءة»، وأهمية التكنولوجيا كلغة جديدة تترجم من خلالها الرموز الثقافية إلى فضاءات افتراضيّة بلا حدود، ذاكراً أهميّة المتاحف الرقمية في إحياء تراث الأجداد.  ويقول الكاتب والإعلامي السوداني عمرو دهب إنّ الأمم تتشكل بالمعرفة، والقراءة كانت وما تزال أحد أبرز أسباب المعرفة إن لم تكن أبرزها على الإطلاق، وإنّ الإبداع والابتكار من أسمى تجليات المعرفة، كما أنّ من المهم الانتباه إلى أن القراءة العميقة لا تعني بالضرورة القراءة بكثرة، فالعمق يكمن في التأمّل والتدبّر، أي في نوعية القراءة لا كمية الكتب المقروءة، ولذلك كان التنوع في القراءة لا يقل أهمية عن العمق، فتنوع مجالات القراءة أحد أهم الأبواب المفضية إلى الابتكار الذي لا يعرف الحدود. ورأى دهب أنّ الابتكار الثقافي يشمل أشكالاً فكرية وأدبية وفنية جديدة، واستحداث أساليب ضمن الأشكال الفكرية والأدبية والفنية الموجودة أصلاً.
التفكير النقدي
ويؤكد الشاعر والإعلامي المصري أشرف عزمي أهمية ترسيخ ثقافة الابتكار في مختلف القطاعات، وتحفيز الأفراد والمؤسسات على تقديم أفكار ومشاريع مبتكرة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، كما في الإمارات، مضيفاً أنّ توسيع الآفاق المعرفية والثقافية هو بالتعرف على ثقافات وحضارات مختلفة واكتساب معرفة واسعة، وتحفيز التفكير النقدي والإبداعي، وتوسيع الخيال والإبداع، وتشكيل الوعي الثقافي وتطويره بفهم الهوية الثقافية، نحو المساهمة في الحوار الثقافي، واكتساب مهارات لغوية وتعبيرية بتحسين مهارات الكتابة والتعبير.
تحولات فكرية
ويرى الأديب زايد قاسم أنّ القراءة كانت وما زالت وقوداً لإبداع الشخصيات الثقافية العظيمة، حيث ألهمت الفلاسفة والأدباء والفنانين لتجاوز حدود الواقع وإنتاج أفكار غيّرت من مجرى الحضارة. ومن خلال الاطلاع على تجارب الأدباء والمفكرين الذين أحدثوا تحولات فكرية في الشرق والغرب، مثل المتنبي وطه حسين من جهة، ودوستويفسكي وشكسبير من جهة أخرى، تتشكل لدى القارئ حساسية إبداعية أعمق تجاه قضايا العصر، فالقراءة تلهم العقول لتجاوز المألوف، وتفتح المجال لنقاشات غنية تسهم في إعادة تشكيل الوعي الثقافي. وتؤكد الناقدة البحرينية د. رفيقة بن رجب أنّ القراءة بمفاهيمها المتعددة تشكل تداعيات ونقلات نوعية تتجاوز فهم المقروء، لترسم للقارئ أو المتلقي مادة ثرية عميقة تستوعب كل الأنساق بصياغاتها وفضاءاتها اللامحدودة حتى تستوعب جميع أنواع الخطاب، كما أنّ أهمية القراءة والابتكار اللصيق بها لا تقف عند هذه الحدود المجتمعية فحسب، بل بالقراءة يكون المرء قادراً على فتح أكبر القضايا وأكثرها صعوبة وتعقيداً.
الحصيلة اللغوية
ترى الشاعرة السعودية العنود الزير أنّ للحصيلة اللغوية الكبيرة دوراً كبيراً ومهمّاً في توسيع المدارك والآفاق، كما تسهم كثرة القراءة والاطلاع في القدرة على الحوار والاستيعاب، وتركيب الجمل وزيادة مستوى الذكاء، وتزيد من الثقافة وتساعد في قوة الفكر.
وتؤكد الشاعرة الإماراتية حمدة العوضي أهميّة القراءة في تحرّر العقل من قيود الواقع، وتنمية الخيال الذي يعدّ ركيزة أساسية للابتكار، فعندما يقرأ الشخص أعمالاً أدبية أو فلسفية، يبدأ بتخيل عوالم مختلفة ويربط الأفكار بطريقة إبداعية، مما يولّد رؤى جديدة في مجالات الفنون، والأدب، والتصميم الثقافي. وأشارت العوضي إلى أهمية الكتب في تعريفنا بثقافات مختلفة وأساليب حياة متنوعة، وهو ما يجعل القارئ أكثر قدرة على الدمج بين عناصر من ثقافات متعددة في إبداعه، سواء كان ذلك في الأدب، أو الفن، أو حتى المشاريع الثقافية الكبرى على سبيل المثال، حيث المزج بين الأدب العربي الكلاسيكي والفكر الغربي الحديث يولد رؤى ثقافية فريدة.

 

أخبار ذات صلة «أوبك+» تشدد على ضرورة الالتزام بسياسة الإنتاج البرنامج النووي السلمي الإماراتي يرسخ ريادته العالمية

مقالات مشابهة

  • هل يؤثر عودة الحراك الجماهيري على واقع حرب الإبادة بغزة؟
  • ماكرون في مصر| ما الذي تقدمه هذه الزيارة؟.. محمد أبو شامة يوضح
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • إصابة مواطن من كوبر برصاص الاحتلال في الرام
  • أسواق الخليج تفتتح التعاملات على خسائر حادة
  • الابتكار الثقافي.. تصميم المستقبل بمقاييس إماراتية
  • أدباء وباحثون: القراءة.. صانعة الخيال والابتكار الثقافي
  • استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على جنوب غزة
  • شبان بدرعا يخترقون جدار الاحتلال ويوقعون خسائر بصفوفهم.. فيديو
  • مسرحية “بحر” تجذب جمهور المسرح في الباحة وتعزز الحراك الثقافي