لم يفصح صاحب التسجيل المجهول عن اسمه وهو يتحدث عن طائرة نفاثة أفرغت شحنة عسكرية في مطار نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، ثم حملت على متنها، بعد ذلك، قادة من الدعم السريع أصيبوا في معارك الفاشر الآخيرة لتلقي العلاج بالخارج، لكن موقع “دارفور 24” نسب إلى ثلاثة مصادر داخل قوات الدعم السريع المتمردة، هبوط طائرة شحن عملاقة في مطار نيالا، وذلك فجر السبت الماضي، فيما لم تعلق الدوائر الرسمية على تلك المعلومات المتضاربة، واكتفت القوات المسلحة السودانية بالصمت، كدأبها مؤخراً، لكن خبراء في مجال الطيران استبعدوا في حديثهم لموقع “المحقق” الإخباري فرضية ذلك الهبوط، لأن الأجواء مغلقة بالكامل، وتحلق فيها فقط مقاتلات الجيش التي تتعامل مع كافة الأهداف المُعادية، إلى جانب أن الحدود كلها مُراقبة، فضلاً على أن هبوط طائرة بتلك الضخامة يصعب التستر عليها أمام سكان مدينة تعج بالحركة مثل نيالا، فمن هو ذلك الطيار الذي سيغامر بالتحليق في مدرج غير صالح للهبوط والإقلاع، وتحاصره الأجواء الحربية؟

الدعاية والمنصات
فيما تظل الحقيقة دائماً بنت الجدل، فإن أمراً بهذه الخطورة، أو بالأحرى، اختراقاً بهذا الحجم يصعب تجاهله من السلطات الرسمية، أو حتى منصات رصد حركة الطيران، وقد أجرينا عملية مسح داخل موقع (Flightradar24)، والذي يحيط بكل صغيرة وكبيرة بخصوص الأجواء العالمية، فلم يظهر أي هبوط لطائرة شحن داخل مطار نيالا، خلال الـ 48 ساعة الماضية، وقد أظرت خارطة جوجل إيرث – وهو برنامج كمبيوتر يعرض تمثيلًا للأرض عبر صور الأقمار الصناعية – مطار نيالا خالِ تماماً من أي حركة طيران، أو آليات تقوم بالصيانة أو تشغيل المطار، يومي الأحد والإثنين، ما يعني أن قصة الطائرة ربما تدخل ضمن الحرب الدعائية التي تعتمد عليها المليشيا، لإظهار قدرتها على التحكم في الأراضي السودانية، دون حاجة لإذن هبوط من هيئة الطيران المدني، أو حتى التقييد بمعايير السلامة لدى الملاحة الجوية!

إخلاء آدم الساير
حسناً، الأمر لم ينتهي في نيالا البحير غرب الجبيل، والتي كتمت على أنفاسها دُهمة متوحشة من الجنجويد، أحالتها إلى مدينة رعب، ولكن ثمة طائرة إماراتية بالفعل، تتحرك بصورة دائمة بالقرب من الحدود السودانية، تحديداً في مطار أم جرس شمال تشاد، هى الأكثر نشاطاً منذ بدأت الحرب في دارفور، تحمل في جوفها شحنات الأسلحة والعتاد الحربي، ثم تقفل عائدة بجرحى مليشيا الدعم السريع إلى أبوظبي، وهى نفسها تقريباً الطائرة التي أخلت حميدتي عبر منطقة حمرة الشيخ، تحت الاسم الحركي (آدم الساير)، وفقاً لرواية صحفية مبذولة في محركات البحث.

الطائرة الإماراتية التي نحن بصدد الكشف عن حقيقتها من طراز إليوشن إي أل-76، وهي طائرة ذات أغراض متعددة، وشاحنة جوية إستراتيجية، بأربعة محركات، تحمل رقم التسجيل EX-76015، وهى كذلك قادرة على حمل 40 طن لمدى يزيد عن 5000 كلم بأقل من 6 ساعات، وتستطيع الهبوط والإقلاع من مدارج غير معبدة، وهنا مربط الفرس، لأنها ربما تكون الأقرب للاستخدام العسكري من قبل حُكام أبوظبي في دعمهم للمليشيا، بينما يمكن أيضاً تفسير حركتها في أجواء الملاحة الجوية الطبيعية بقصد التمويه.

رحلات دعم التمرد
آخر رحلة لليوشن الإماراتية، بنفس الرقم EX-76015 كانت يوم أمس (الأحد)، حيث هبطت في مطار أبوظبي في تمام الساعة (8: 25م)، أما الجهة التي أقلعت إليها قبل العودة فقد تم التشويش عليها، واكتفى الرادار الجوي بعبارة “غير متوفر”، فيما ظلت نفس هذه الطائرة، طيلة أيام الأسبوع الماضي، تتحرك في مسار واحد، ذهاباً وعودة، من مطار أبوظبي أو رأس الخيمة إلى مطار بوصاصو في الصومال، بصورة تبدو مُريبة للغاية، خصوصاً وأن هذا المطار الذي طورت الإمارات قاعدة عسكرية بالقرب منه، تحديداً في عاصمة جوبالاند، كيسمايو، على تخوم ساحل البحر الأحمر، وقد حصل موقع “المحقق” الإخباري على معلومات عن قيام الإمارات، في الأونة الآخيرة باستخدام مطار بوصاصو بديلاً لأم جرس، لدعم مليشيا آل دقلو الإرهابية، وذلك بعد توسيع قاعدتها العسكرية هنالك، لتتنوع محطات التأمر الدولي بدءاً بالكفرة الليبية ومن ثم أم جرس، مروراً بميناء دوالا الكاميروني وليس إنتهاءا بمطار بوصاصو.

طائرة الموت المحمول
بالعودة إلى رحلات إليوشن إي أل-76 فقد كثفت عملياتها في شهر مايو الماضي، لتمد الدعم السريع بأكبر شحنات الأسلحة، وفقًا لصحيفة (نيويورك تايمز)، والتي نشرت مادة استقصائية مهمة كشفت فيها عن هبوط طائرات الشحن في مطار أم جرس، على بعد 600 ميل شرق العاصمة التشادية أنجمينا، تحت مزاعم إنشاء مستشفى ميداني للاجئين السودانيين، وهو المستشفى الذي تم تجهيزه خصيصاً لعلاج مقاتلي قوات الدعم السريع المتمردة، كما أن طائرات الشحن أيضاً تحمل أسلحة تم تهريبها لاحقاً إلى المقاتلين داخل السودان، وفقاً للصحيفة الأمريكية التي أظهرت عبر صور الأقمار الصناعية وسجلات الرحلات الجوية أن الإماراتيين قاموا بتركيب نظام الطائرات بدون طيار في أم جرس في نفس الوقت الذي كانوا يروجون فيه لعمليتهم الإنسانية، إلى جانب دعم التمرد بمدافع الهاوتزر وقاذفات الصواريخ المتعددة وأنظمة الدفاع الجوي.

يوم الثلاثاء 7 مايو الماضي أقلعت طائرة الشحن إليوشن إي أل-76، من مطار الريف العسكري في أبوظبي وهبطت في رأس الخيمة، ومنها غادرت يوم الأربعاء إلى العاصمة الكينية نيروبي التي هبطت فيها عند الساعة 05:03 صباحاً، ثم غادرتها عند الساعة 07:17 ص إلى مدينة أم جرس التشادية، وقبل ذلك في الثالث من مايو قامت نفس الطائرة، التي تخصصت في جلب الموت للسودان، برحلة مشابهة، أقلعت فيها من رأس الخيمة لتهبط في مطار أديس أبابا، ثم أخذت رحلتها الثانية إلى مسار العاصمة التشادية أنجمينا، وقامت أيضًا برحلة داخل الأراضي التشادية، وهى بلا شك تقوم بنقل قادة الدعم السريع من منطقة الصراع الملتهبة في دارفور، إلى طاولات الاجتماعات السرية، في العواصم الباردة، وتقوم كذلك بنقل المصابين لتلقي العلاج في مشافي الخليج – واهبَ المحار والردى – وذات إليوشن إي أل-76 تعمل كآلة قتل، بمحركات نفاثة، في خدمة الجنجويد.

المحقق – عزمي عبد الرازق

 

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع فی مطار أم جرس

إقرأ أيضاً:

كشف عدد ركاب الطائرة الأميركية المنكوبة.. والمروحية المحطمة

أعلنت الخطوط الجوية الأميركية أن 60 راكبا و4 من أفراد الطاقم كانوا على متن طائرة الركاب التي اصطدمت بطائرة مروحية أثناء الهبوط في مطار رونالد ريغان الوطني قرب واشنطن.

ولم يتضح على الفور مصير من كانوا على متن الطائرتين.

ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحادث بـ"المروع" مضيفا: "رحم الله أرواحهم"، في إشارة لسقوط ضحايا جراء الحادث.

وأكد اثنان من مسؤولي الدفاع الأميركيين حادث الاصطدام لمروحية تابعة للجيش الأميركي من طراز بلاك هوك (إتش-60) بطائرة ركاب بالقرب من واشنطن، الأربعاء.

من جانبه، قال مسؤول أميركي إن 3 جنود بالجيش الأميركي كانوا على متن طائرة هليكوبتر بلاك هوك اصطدمت بطائرة ركاب بالقرب من مطار رونالد ريغان الوطني في واشنطن.

وأفادت قناة "إن بي سي" بانتشار جثتين على الأقل من نهر بوتوماك عقب الحادث.     

ماذا حدث؟

وقع الحادث حوالي التاسعة مساء بتوقيت واشنطن (الثانية صباحا بتوقيت غرينتش). طائرة الركاب كانت في رحلة قادمة من مدينة ويتشيتا بولاية كانساس. أعلن مطار ريغان عبر منصاته الإعلامية أن جميع عمليات الإقلاع والهبوط تم تعليقها مؤقتا.

مقالات مشابهة

  • روسيا.. بوتين يعزي ترامب في ضحايا حادث تحطم الطائرة
  • من الجو.. نقطة اصطدام طائرة الركاب الأمريكية والمروحية العسكرية في واشنطن
  • كانت تقل 60 راكبًا و4 من الطاقم.. تفاصيل الطائرة المنكوبة بواشنطن
  • تصادم طائرة ركاب بمروحية عسكرية قرب مطار واشنطن
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • كشف عدد ركاب الطائرة الأميركية المنكوبة.. والمروحية المحطمة
  • الـ 15.. طائرة مساعدات سعودية جديدة تصل مطار دمشق
  • إصابة 7 أشخاص جراء اندلاع حريق داخل طائرة ركاب
  • الدعم السريع تغتصب سيدة بريف “أبو قوتة” حتى الموت
  • السودان: قصة ناجٍ من الموت بين مطرقة الدعم السريع وسندان الجيش