أمين الإعلام بالعدل والمساواة: حاولنا تحرير (الحرية والتغيير) من (4 طويلة) ولكن؟!
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
(نجـــــــوم في الحــــرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمــد جمــال قنـــدول
الناطق الرسمي لـ(الكتلة الديمقراطية) د. محمد زكريا أمين الإعلام بالعدل والمساواة لـ(الكرامة):
قيادي بـ(قحت) حاول إقناعي بالمغادرة لأن الحرب (قاب قوسين)..
لو عادت عقارب الساعة ما شاركنا فى تغيير 2019 …
(….) هذا ما قاله وطلبه الفريق أول كباشي قبل الحرب بثلاثة ايام.
تعرضت السيارة التي يقودها سائقي الخاص لاطلاق نار وهذا ما حدث(….)
حاولنا تحرير (الحرية والتغيير) من (4 طويلة) ولكن؟!
(لجنة التفكيك) اصبحت ذراعًا باطشًا بسلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية
في هذه المنطقة كنا نسير بين الجثث (….)
(….) هنا عايشنا معاركًا ضاريةً وشرسة
قد تسكتُ حرب الرصاص ولكن (….)؟!
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو الناطق الرسمي لـ (الكتلة الديمقراطية) د. محمد زكريا أمين الإعلام بحركة العدل والمساواة، فماذا قال في إفاداته:
أول يوم الحرب أين كنت؟
في منزلي بالخرطوم بحري، وكنا نتأهبُ للخروج متوجهين إلى مسكن د. جبريل إبراهيم، وذلك في إطار جهود للتوسط لنزع فتيل الأزمة وقتها بين الجيش والميليشيا، كانت تقوم بها قيادات الكفاح المسلح، وبالتالي قبل الخروج اندلعت الحرب وأصبح التحرك صعبًا، وقبلها بثلاثةِ أيامٍ تناولنا إفطار رمضان في منزل الفريق أول ركن شمس الدين كباشي شخصي مع د. عشر وبابكر عبد الرحمن القيادي بالحزب الاتحادي الأصل ونور الدائم طه من حركة تحرير السودان، وانضم لاحقًا بعد الإفطار مبارك أردول، وكان حديث الفريق كباشي واضحًا بأنّ التقارير جميعها تفيدُ بتحركاتٍ للميليشيا وقتها، وعلينا نحن كقوى سياسية أن نتحرك لإدراك ما يمكن إدراكه، وذكر نصًا(تحركوا من هذه اللحظة). ومنذ وقتها ونحن كنا في عملٍ دؤوبٍ وحَراكٍ نشطٍ جدًا، وفي صبيحة السبت انفجرت الأوضاع لم يكن مدهشًا بالنسبة لنا.
يعني خيار الحرب كان متوقعًا؟
نعم، من واقع التوتر، وهنالك أيضًا شواهد أخرى بالإضافة إلى التوتر الماثل عسكريًا آنذاك مثل: مغادرة بعض قيادات القوى السياسية للخرطوم، وتحديدًا صبيحة يوم الجمعة.
أنت تقصد قيادات “قحت”؟
تحديدًا لا أُريد ذكر أسماءٍ، ولكن هنالك قيادي من مجموعة المركزي ذهب بسيارتي وسائقي الخاص للمطار، وحاول إقناعي أن أرافقه لأنّ الحرب قاب قوسين أو أدنى.
على مدار ثلاثة أيامٍ تحركتم لنزع فتيل الأزمة كما ذكرت، أذكر لنا بعضًا من تفاصيل تلك الأيام التي سبقت الحرب، هل التقيتم المتمرد “حميدتي”؟
نعم.. انعقدت عدة لقاءاتٍ مع “حميدتي” وقتها، شارك فيها من جانب قوى الكفاح المسلح د. جبريل، والحاكم مناوي، والسيد نائب رئيس مجلس السيادة عقار وعدد من قيادات الصف الأول من (الكتلة الديمقراطية).
القوات المسلحة في اللقاءات التي انعقدت كانت واضحةً في موقفها تجاه ما يسمى بعملية الإصلاح الأمني والمؤسسي والآجال التي يجب الالتزام بها لدمج الدعم السريع في القوات المسلحة، بينما قيادات التمرد وقتها كانت تمارس نوعًا من التهرب والمراوغة، وكذلك كان هنالك تبادل أدوار بين “حميدتي” وشقيقه كل طرف يرسلنا للآخر، وكنا نجتهد الالتقاء بالطرف الأول يعني باختصار (كان بضيعوا زمن) حتى اتفقنا أخيرًا على لقاءٍ مشترك يوم السبت يجمع بين البرهان و”حميدتي” ولكن سبق ذلك تمرد الميليشيا.
كيف مر اليوم الأول للحرب عليك؟
أنا أسكن “حلة حمد” بجوار الديار القطرية، والساعات الأولى قذيفة عشوائية أصابت العقار المجاور، وأدى إلى اشتعال العمارة، فاضطررت أن آخذ أُسرتي وأُغادر إلى منطقة الكدرو.
الرحلة ما بين حلة حمد والكدرو؟
شعرتُ بالبؤس والإحباط، وأننا كنُخبٍ سياسية جزءًا مما آلت إليه الأوضاع بالبلاد ونتحمل المسؤولية الأخلاقية، وفي المسار من حلة حمد ومرورًا بالمحطة الوسطى وشارع المعونة، كنا نسير وسط الجثث.
في تلك اللحظات وأنت تنظر إلى أطفالك، ماذا جال في خاطرك؟
الخوف وقتها لم يكن على الأسرة الصغيرة والوالدة، وإنما على الوطن ككل، وأنا أنتمي لحركة مسلحة ضاقت مآسي الحرب، وبالتالي أعلم أنّ الحرب ستكون لها آثارها المخيفة على الإنسان والحيوان، وكانت قراءتي من ذلك الوقت أنّ الحرب قد تبدأ ولكن النهايات غير معلومة.
كم مكثت في الكدرو؟
أكثر من شهرٍ.
ثم أين كانت الوجهة؟
في البدايةِ، رفضت الإخلاء رغم أنني أحمل الجنسية البريطانية، والوضع الصحي للوالدة أجبرني بعض مضي شهر لاصطحابها لإجراء عملية في القاهرة، وفور الاطمئنان على صحتها ذهبت للمملكة واديت عمرة ، لأنّ الإحساس بأنّ النخب وقيادات العمل السياسي يتحملون الوزر الذي حاق بالأمة السودانية.
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
كثيرٌ جدًا من المآسي مرت أيام الحرب منها: بعض الأهل وأفراد الأُسرة من الخرطوم كانوا يقصدون الوصول إلينا بالكدرو، وتعرضوا لإطلاق رصاص من الميليشيا بكبري كوبر، وقبيل صعود عربتهم من الخرطوم لكوبر حملوا أحد المارة الواقفين على الطريق، وحينما صعدوا لكوبر تعرضت السيارة التي يقودها سائقي الخاص الذي يقل بعض أفراد الأُسرة للرصاص، وشاءت إرادة المولى أن يتوفى الشخص الذي حملوه من الكبري وجاؤوا بالجثمان حتى البيت في الكدرو، وعايشنا كذلك معارك شرسةً ضاريةً دارت رَحاها في محيط العمارة التي أقطن بها بالكدرو، الأطفال كانوا يختبئون تحت الأسِرة، وزجاج النوافذ يتهشم، والسيارات أمام المنزل حُرقت.
حسرةٌ شديدة؟
لو كان هنالك من ندمٍ، أنا سعيدٌ بأن التغيير الذي حدث 2019، قاد لتوقيع اتفاق السلام الذي أوقف الدماء، ولكن في ذات الوقت هذا التغيير والفشل في إدارته من قبل الفاعلين السياسيين، أدى لوقوع الحرب، ولو عادت عقارب الزمن للوراء لما شاركنا في هذا التغيير بهذا الشكل.
حكومة حمدوك ضخمت الميليشيا؟
مجمل فترة الانتقال الممارسة السياسية شابها روح التشفي والانتصار للذات، لم يكن هنالك وعي بالمخاطر المحدقة بالبلاد، وانفتحت القوى السياسية بشكل كبير على الخارج (المجتمع الدولي)، لكي يتدخل بالشأن السوداني، وهذا التدخل واحدٌ من أسباب تقاطع المصالح ونشوب الحرب.
هذه حربٌ مختلفة عن سابقاتها؟
(الكفاح المسلح) طوال نضالها ضد النظام السابق، كانت تقاتل وفق قواعد الاشتباك والاحترام للقانون الدولي والإنساني، أما هذه الحرب التي نعانيها الآن، يقودها التمرد ضد الدولة بلا ضوابط أو مراعاةٍ لأي قيمٍ، فهي حربٌ موجهةٌ ضد الإنسان السوداني، والوطن ومقدراته، لا تحمل مشروعًا سياسيًا أو هدف، ويقيني أنّ المتسبب فيها الدوائر الإقليمية والدولية، وأنّ قيادة الدعم السريع لو حاولت أن تختار سبيلًا غير الحرب لتمت تصفيتها من الخارج، وأستشهدُ بجون قرنق الذي دعمته الإمبريالية العالمية، وعقب توقيع اتفاق سلام “نيفاشا”، أراد أن يتخلى عن مشروع فصل جنوب السودان ليحكم السودان كله، هذا الأمر تعارض مع مخططات الدوائر الإمبريالية والغربية، وتخلصوا منه، وإذا كان آل دقلو حاولوا كذلك طريقًا غير الحرب لكان تم التخلص منهم بسيناريو أو بآخر، وعمدت لاستبدالهم بآخرين يعملون على تنفيذ أجنداتهم في تفكيك الدولة وإضعاف جيشها الوطني.
عادة فقدتها مع الحرب؟
فقدنا كل ما هو جميل في السودان، من زياراتٍ واجتماعيات الأهل.
بعد عامٍ وأشهر من الحرب، ماذا أنت قائلٌ؟
لايزال الأملُ يحدونا بأن يعُم السلام السودان، وإني على يقينٍ من حدوث ذلك، فقط يقلقني ومهمومٌ كثيرًا بتداعيات الحرب وإفرازاتها على النسيج السوداني، وقد تسكت الحرب بالرصاص ولكن، قد تكون هناك حروبٌ أخرى بأسلحة الكراهية وعدم قبول الآخر، وهذا أكبر تحدٍ بعد الحرب.
ماذا خسرت في الحرب؟
كل ما تم خسارته ماديًا قابلٌ للتعويض، ولكن خسرنا الطمأنينة، وخسرنا الرحابة والطيبة بين السودانيين، وأخشى ألا نجدها بعد الحرب.
الثقة بين المواطن والقوى السياسية تكاد تكون انعدمت؟
هذا طبيعي جراء فشل النخب السياسية في إدارة شأن الدولة، وحياتنا السياسية تحتاج إلى تصحيحٍ، ونحتاج إلى التوافق على عِقدٍ اجتماعيٍ جديد، يؤطر الممارسة السياسية ويجعلنا نتفق على خطوطٍ حمراء مثل: وحدة البلاد، وعدم الخضوع للخارج، وإعلاء الحرية والقيمة الوطنية بالداخل.
بعد التغيير كما ذكرت، كان الاعتماد على المجتمع الدولي، هنالك اتهامات للمكونات السياسية بالعمالة؟
هي تهمةٌ قاسية، ولكن أخشى أنّها تحمل كثير من الصحة، والقوى السياسية لفترة الانتقال تعاملت مع اليمين السوداني بتشفي وانتقام، هذا أدى إلى صراعاتٍ بين قوًى وطنية راشدة حاولت تصحيح مسار الانتقال برفض الممارسات الشائهة على سبيل المثال لا الحصر، ما عرف بلجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو التي أصبحت بقدرة قادر ذراعًا باطشًا يمتلك السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية حتى، في سقوط مريع أيضًا حاولنا تصحيح الأوضاع داخل التحالف الحاكم (الحرية والتغيير) بتحريره من محاولات الاختطاف بواسطة قلةٌ من القوى المدنية تعارفنا على تسميتها (4 طويلة) حتى نصل لقرارٍ مؤسسيٍ داخل (الحرية والتغيير) لبرنامجٍ وطنيٍ، ولكن هذه المحاولات تم رفضها من قبل مجموعات الاختطاف، فأنتج ذلك الوضع التشظي وسط القوى المدنية لمجموعات منها “المركزي” و”الكتلة الديمقراطية” وأخرى.
(تقدم) بعد الحرب، هل بالإمكان أن نقول بإنّها انتهت سياسيًا؟
توقعت جراء مأساة حرب أبريل أن تقوم القوى السياسية بمراجعاتٍ حقيقيةٍ، وأنّ الموت والدمار الذي حاق بالبلاد يمكن أن يشكل صدمةً تنتشلُ قيادات المجلس المركزي من ممارساتهم السابقة في الإقصاء والاختطاف وعدم قبول الآخر، جاءت (تقدم) في محاولة للقفز على كل التعقيدات والتشوهات التي صاحبت المجلس المركزي دون معالجة حقيقةً، وكانت أكبر سقطاتها تحالفها مع الميليشيا التي قتلت الأبرياء وأعني هنا التوقيع الذي جرى بأديس في ٢ يناير مطلع هذا العام.
ما هي العبر والفوائد المستفادة من الحرب؟
الحرب كُلها شرٌ، وإن كانت من عِبرةٍ، فانّ الوطن غالٍ، وأن نعمل لأجل إعلاء قيم التسامح والقبول بالأخر، وأن ننتبه جيدًا للتحديات الأمنية وقضايا المهاجرين الذين فتحنا لهم أبواب الوطن دون رقابةٍ، وكذلك ألا تنساق المجموعات الشبابية والوطنية خلف دعوات التغيير المستجلبة من الخارج.إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الکتلة الدیمقراطیة الحریة والتغییر القوى السیاسیة
إقرأ أيضاً:
موقف الحزب الشيوعي العراقي من المنظومة السلطوية في العراق والتغيير المطلوب
آخر تحديث: 26 دجنبر 2024 - 9:55 ص بقلم:د.كاظم المقدادي
للحزب الشيوعي العراقي موقفه المُعلن والمتميز من مطلب التغيير الجذري للمنظومة السلطوية في العراق.وهو موقف مسؤول ومبدأي، ومدروس جيداً، ومتابع من قيادته بإهتمام ومثابرة..تأريخياً، يُعتبر الحزب من أوائل المنادين بالتغيير الجذري.وقد أقر مؤتمره الوطني العاشر في عام 2016 مشروعا للتغيير والإصلاح، يهدف إلى عبور الطائفية السياسية، ونبذ المحاصصة الطائفية والاثنية، ومحاربة الفساد، وحصر السلاح بيد الدولة، وصيانة القرار الوطني العراقي المستقل، والتوازن والتكافؤ في العلاقات الخارجية، وضمان التمتع بالحريات الدستورية، وعدم التمييز بين المواطنين، والسير نحو تحقيق دولة المواطنة والديمقراطية والقانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية”. وفي هذا المضمار إنضم مشاركاً فاعلآ وداعماً لإنتفاضة تشرين المجيدة ومطالبها المشروعة، وقدم كوكبة من أعضائه ضمن شهداء وجرحى القمع الدموي الذي مارسته حكومة القتلة في تشرين 2019.وفي تشرين الثاني 2021 عقد مؤتمره الوطني الحادي عشر في بغداد تحت شعار ” التغيير الشامل : دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية” ، وصدرت عنه وثيقة:”قدماً نحو التغيير الشامل”-إحدى أهم الوثائق.
وأكد المؤتمر على مشروع التغيير، وتناولته المتابعات السياسية اللاحقة لإجتماعات قيادة الحزب الدورية، وقدمت رؤية وتعزيز لمشروع التغيير الجذري والشامل.وأوضحت بان الحزب يرى بأن مشروع التغيير الشامل الذي يطرحه على جدول العمل، يمثل الخلاص لأبناء الشعب من نظام المحاصصة، ومن هيمنة قواه السياسية المرتهنة للمصالح الضيقة والاجندات. وفي بلاغ إجتماع المكتب السياسي ( 2- 3 حزيران 2022) جدد الحزب تأكيد انحيازه التام إلى قضايا الشعب وتطلعاته في حياة حرة كريمة، وفي ظل دولة مدنية ديمقراطية.وأكد وجهته بشأن مشروع التغيير الشامل، وفي تموز 2022، صرح رائد فهمي، سكرتير الحزب بإن عملية التغيير في ظروفنا الحالية أصبحت حاجة ملحة وهي ضمن الأولويات، ونريدها ان تكون سلمية ودستورية، وان إنجازها يتطلب تعديل موازين القوى السياسية لصالح القوى التي تتبنى مشروع التغيير بعناوينه ومضامينه الأساسية، ولصالح الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية التي لها مصلحة في تحقيقه. ونرى أن على جميع القوى الوطنية والمدنية الديمقراطية، والحراكات الاحتجاجية والأحزاب الناشئة من رحم انتفاضة تشرين والنواب المستقلين المنبثقين من رحم الحراك الاحتجاجي والانتفاضة، أن تلتقي رؤاها ومشاريعها السياسية في الأهداف المتمحورة حول رفض نهج المحاصصة وحكوماته التوافقية الراعية للفساد، وان تشكل بديلا سياسيا لمنظومة المحاصصة والفساد، وان يكون مقنعا للمواطنين (“طريق الشعب”، 7/ 7/ 2022). وفي عام 2023 كرست مجلة “الثقافة الجديدة” إفتتاحيتها لعدد اَيار(437) لموضوع:” التغيير.. ومستلزمات تحقيقه”، جاء فيه: لا يمكن تذليل المصاعب الا بإرادة وطنية صادقة، قادرة على قلب موازين القوى واحداث التغيير المطلوب. وهذا يتطلب اصطفافاً وطنياً واسعا يضم أوسع طيف ممكن من القوى الوطنية والاجتماعية الداعمة، وإن ضمنا، لمشروع التغيير. وبالتالي على قوى التغيير المدنية والديمقراطية ان تكون منفتحة للتعاون والتنسيق مع كل الطامحين للخلاص من منظومة ونهج المحاصصة. وفي النهاية، يشترط مشروع التغيير وضع برنامج تفصيلي واقعي. تقدم من خلاله قوى التغيير المدنية والديمقراطية رؤيتها في إعادة بناء مختلف مفاصل الحياة السياسة والاقتصادية ولاجتماعية والثقافية في البلاد. وجاء في التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية (4-5 تموز 2024) : يُواجه بلدنا أزماتٍ وصعوبات تتعقد مع مرور الوقت، وتُظهر القوى السياسية الماسكة بالحكم عجزاً واضحاً عن تقديم الحلول والمعالجات الجذرية، ليس لمجرد أنها لا تريد ذلك، بل لتشبثها بمنهج فاشل في إدارة الدولة ومؤسساتها. إنه منهج المحاصصة سيّئ الصيت؛ منهج تقاسم السلطة والثروة بين اقلية حاكمة (أولغارشية)، متماهية مع الفساد، تستميت للحفاظ على سلطتها السياسية ومصالحها ونفوذها بأثمانٍ باهظة يدفعها العراقيون على اختلاف انتماءاتهم.
أدى هذا الفشل المتراكم إلى إضعاف مؤسسات الدولة، وتسيّد المصالح الضيقة، واضمحلال الحدود بين السلطات، على حساب نفاذ القانون والدستور، الذي صار يُفسر وفق أهواء سياسية واضحة.
وفي ظل ارتهان قوى متنفذة وحاكمة لأطراف خارجية، دولية وإقليمية، يستمر التدخل الأجنبي في شؤون بلدنا على حساب سيادته واستقلاله وقراره الوطني المستقل.
إن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية المتردية والتمايزات الاجتماعية الحادة السائدة حاليا في العراق، لا تنسجم مع أي حديث عن الاستقرار والتنمية والتقدم.ان التوافقات المحاصصاتية التي تحكم إدارة الدولة حققت توازناً شكلياً هشاً سرعان ما انهار مع توالي الأزمات وتصاعد الصراع على المكاسب والمغانم. فالائتلاف الأكبر الراعي للحكومة، المتمثل بتحالف «إدارة الدولة»، قد شلّ دوره بعد أزمة انتخاب رئيس البرلمان. وأخذت الصراعات التناحرية بين الأطراف السياسية المكونة له تطفو إلى السطح أكثر فأكثر، ليس داخل تحالف إدارة الدولة فحسب، وانما حتى داخل «الإطار التنسيقي» والكتل السياسية المتنفذة الأخرى”.
وجدد الحزب موقفه الثابت في رفض نهج المحاصصة واعتماده كمبدأ في عملية تشكيل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وهو نهج أثبت فشله المؤكد على مر السنوات العشرين الماضية، وان التشبث به لا يعني الا مزيدا من الأزمات. ونسعى مع القوى المدنية والديمقراطية والحركات والشخصيات، والجماهير المتطلعة الى التغيير، الى دحر منظومة المحاصصة والفساد ونهجها والعمل على بناء دولة مدنية ديمقراطية يحترم فيها الانسان وتصان حقوقه ، وتوفر له سبل العيش الكريم.
وإختتم: إن التغيير الذي نشدد على تحقيقه، ليس مجرد رؤية سياسية للخلاص من الوضع الراهن. أنه مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي نسعى إلى التأسيس له، ليكون البديل المنشود الذي تتطلع له جماهير شعبنا، ويبقى التعويل الأساس في ذلك على استنهاض حركة جماهيرية فاعلة تتعشق مع اصطفاف شعبي وسياسي واسع لفرض إرادة التغيير. و في 11-12-2024، طرحت المتابعة السياسية لاجتماع المكتب السياسي للحزب: ان ترميم وتعزيز النسيج الوطني، يتطلب معالجة كل الثغرات: المصالحة الوطنية، جرف الصخر، المهجرين، السجناء، ويمكن تشريع عفو خاص واسع لا يشمل الارهابيين، كونها ثغرات يمكن استغلالها.
ومن جهة اخرى، ضرورة حصر السلاح بيد الدولة. والخوف يكمن بأن أي محاولة لضرب الفصائل المسلحة سيؤثر على البلد ويعزز الهيمنة لتصبح لإسرائيل القدرة على التدخل السياسي بشكل الأنظمة في المنطقة. إن حصر السلاح بيد الدولة يُعتبر أحد مقومات تعزيز بناء الدولة، لذا فإن العراق مطالب بإتخاذ إجراءات عملية نحو تحقيق ذلك وتعزيز استقلالية قراره السياسي عن التأثيرات الخارجية. ورأى ان التركيز على القوى العسكرية لضبط الحدود رغم اهميته، بدون معالجة الأوضاع الداخلية ومنها السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، وخاصة في المناطق التي تشعر بالغبن نتيجة سيطرة الحشد الشعبي وفصائل مسلحة على مراكز النفوذ الأمنية والسياسية والاقتصادية، لا يُعد أمرا كافيا. وحدد المطلوب خلال هذه الفترة:حصر السلاح بيد الدولة وتعزيز الجانب الأمني.الشروع بفعل جدي لمحاربة الفساد.تفعيل دور القوى المدنية والوطنية في التشاور والتداول في القضايا الوطنية.حل قضية النازحين والمهجرين وتأمين عودتهم إلى مناطقهم.حسم موضوع العفو عن السجناء والمعتقلين من غير المتورطين بجرائم فساد وإرهاب.معالجة موضوع الحريات والتصدي لمحاولات التضييق عليها. وناقش الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية للحزب في 21-12-2024 التطورات في المنطقة وانعكاساتها على الوضع العراقي الداخلي، ونبه إلى محاذير التعويل على التغيير جراء تدخلات خارجية وتداعياتها المحتملة المحفوفة بالمخاطر على شعبنا وسيادة العراق واستقلاله، مؤكداً أن التغيير الذي ينشده الشعب ويدعو حزبنا إلى تحقيقه يستند إلى مشروع وطني ديمقراطي، يستهدف منظومة الحكم ومنهجها القائم على المحاصصة الطائفية والإثنية، الغارقة بالفساد. وأشار إلى أن هذا التغيير بات مطلباً شعبياً وسياسيا وحاجة ملحة في ضوء المخاطر والتحديات الكبيرة التي تفرضها التطورات والتغيرات التي شهدتها المنطقة وتداعياتها المحتملة، وتفاقمها.ودعا الاجتماع القوى السياسية الديمقراطية والوطنية إلى إطلاق حوار واسع يستهدف إعادة النظر بالعملية السياسية التي انتهت إلى طريق مسدود جراء تعمق الأزمة البنيوية لمنظومة المحاصصة والفساد، بما يمهد الطريق لقيام الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.وفي هذا السياق أيضا، جرى التأكيد على أهمية الشروع العاجل في حصر السلاح بيد الدولة، وحظر نشاط أي تشكيل أو فصيل مسلح خارج إطار القانون. كما شدد الاجتماع على تطبيق قانون الأحزاب الذي يحظر على الكيانات السياسية إنشاء مجاميع مسلحة. ودعا الحكومة إلى أخذ دورها في ذلك، مؤكدا أهمية تقوية المؤسسة العسكرية وبنائها على أساس المواطنة والولاء للوطن، والتصدي بحزم لأية ممارسة مثيرة للنعرات الطائفية في صفوفها، وتسليم أجهزة الأمن الداخلية، مهام حماية المدن، بدلا من أي قوات أخرى، لاسيما في المناطق المحررة من تنظيم داعش الإرهابي التي تشهد توترات متزايدة. وفي هذا الإطار، دعا الاجتماع إلى تعزيز عملية اندماج قوات متطوعي الحشد الشعبي بالقوات المسلحة، بما يضمن وحدة القيادة والسيطرة تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة بعيدا عن أية مؤثرات سياسية خارجية، وحفاظًا على حقوق وتضحيات المقاتلين.وناقشت اللجنة المركزية للحزب أهمية توسيع دائرة حراك الحزب ومنظماته، والتوجه لتحقيق تواصل واسع مع مختلف القوى والشخصيات الديمقراطية والوطنية، والنقابات والاتحادات والفعاليات الاجتماعية، في سبيل صياغة مبادرة وطنية تطرح مشروع التغيير الشامل، وتتبنى حراكاً سياسيا وطنيا وشعبيا لإزاحة منظومة المحاصصة والفساد عبر مختلف طرق النضال السلمي.