قصة أول أمير للمحتوى الإلكتروني.. وكيف خطط لاغتيال سيد القمني؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق حقيقة أبو عكرمة المصرى وأسرار القبض عليه وهروبه من مصر إلى سوريا وكيف تحالف مع الإخوان
تاريخ تطور المحتوى المتطرف فى العالم الرقمى
نشاط متزايد للتشدد فى عالم الأنفاق الشبكية
خمسة مشروعات إرهابية ينتظرها عالم الفضاء الإلكترونى المظلم
يعتبر المحتوى الرقمى المتطرف فى العالم الرقمى اليوم أحد أهم التحديات الكبيرة التى تواجه المجتمعات والحكومات فى العصر الحديث.
وفيما يلى نستعرض تطور المحتوى المتطرف وأبعاده الأيديولوجية، ثم قصة أول أمير للمحتوى الإلكترونى فى عالم الإرهاب الذى وضع أسس ذلك المحتوى المتشدد وكيف حاول قبل هروبه من مصر اغتيال الكاتب سيد القمنى ورحيله إلى سوريا بعد احتجاجات يناير عام 2011م، وقصة تأسيس "كتيبة التاريخ" والتى استمد كثير من الإرهابيين أفكارهم المتشددة حتى الآن، وأخيرا أهم خمسة مشروعات لإدارة المحتوى المتطرف وإعداد مئة جهادى ينتظرون الانطلاق فى أى وقت، وآليات مواجهة المحتوى المتطرف فى العالم الرقمى الآن وفيما يلى التفاصيل:1- تاريخ الفكر المتطرف وتطوراته
دعونا نستعرض تطور هذا المحتوى وأبعاده الأيديولوجية والوسائل المستخدمة لنشره، وكذلك طرق التصدى له.
مراحل تطور المحتوى المتطرف
١. البدايات: كانت الوسائل التقليدية من الخطب والدروس والمنشورات السرية والمطبوعات الأيديولوجية التى كانت توزع بطريقة إما يدوية أو عبر تركها فى المساجد والجوامع الكبرى أو عن طريق توزيعها عبر معارض الكتاب الإسلامى أو اتحادات الطلاب فى الجامعات المصرية.
٢. شرائط الكاسيت: ومع تطور الأجهزة الكهربائية ووصل الكاست المستورد من الخارج وخاصة ذو القدرة على نقل الشرائط المسجلة وطبعتها بأكثر من نسخة، بدأت تنتشر طباعة نسخ من الشرائط وتوزيعها ونقلها للمساجد عن طريق عمل مكتبة صوتية بفهارس توزع مجانا أو تستأجر بمبالغ زهيدة توضع فى طباعة ونسخ المحتوى مرة أخرى.
٣. شريط الفيديو: ثم جاء جهاز الفيديو حيث حرمها فى البداية دعاة الحركات المتطرفة بسبب أفلام المقاولات التى انتشرت فى فترة أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، ونتج عن هذا حرائق الفيديو، لكن سرعان ما قامت هذه الجماعات بتأجير أجهزة الفيديو وعرض محتوى الحرب الأفغانية الروسية، وشرائط حول الاعجاز العلمى للقرآن الكريم وبعض أنشطة الجماعات فى المعسكرات الشبابية.
٤. ثم جاءت مرحلة انتقال المحتوى الرقمى على وسائط تكنولوجية منها الفلوبى دسك ثم السى دى ثم الفلاشات المختلفة والتواعد على مشاهدتها حول شاشات الكمبيوتر الكبيرة.
٥. عصر الانترنت المنتديات وغرف الدردشة
o المنتديات الإلكترونية: كانت المنتديات وغرف الدردشة أولى المنصات التى استخدمها المتطرفون لتبادل الأفكار والتجنيد مع انتشار الانترنت، هذه المنصات كانت توفر بيئة شبه مغلقة حيث يمكن للأفكار المتطرفة أن تنتشر دون رقابة.
o المواقع الشخصية: فى البداية، اعتمد المتطرفون على إنشاء مواقع شخصية لنشر خطاباتهم وبياناتهم، مستفيدين من قلة الرقابة وضعف تنظيم الإنترنت فى تلك الفترة.
٦. الانتقال إلى وسائل التواصل الاجتماعي
o فيسبوك وتويتر: مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وجد المتطرفون منصات أوسع وأكثر تأثيرًا لنشر أفكارهم، سهولة الوصول إلى جمهور كبير ومتنوع جعلت من هذه المنصات أداة فعالة لنشر الدعاية والتجنيد.
o يوتيوب: استخدم المتطرفون فيديوهات الدعوة والتحريض، حيث تمكنوا من الوصول إلى الشباب بشكل خاص من خلال المحتوى المرئى المؤثر.
٧. استخدام التطبيقات المشفرة
o تيليجرام وواتساب: نظرًا للرقابة المتزايدة على وسائل التواصل الاجتماعى التقليدية، انتقل المتطرفون إلى التطبيقات المشفرة مثل تيليجرام وواتساب للتواصل الآمن وتبادل المعلومات، هذه التطبيقات توفر درجة عالية من الخصوصية، مما يصعب على السلطات تتبع المحتوى المتطرف.
o الدارك ويب: يلجأ بعض المتطرفين أيضًا إلى الدارك ويب لنشر وتبادل المواد المتطرفة دون الخوف من الرقابة أو التعقب.
٨. تقنيات الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا المتقدمة
o البوتات الذكية: استخدمت الجماعات المتطرفة بوتات الذكاء الاصطناعى لنشر المحتوى بشكل آلى على نطاق واسع، مما يزيد من تأثيرها وانتشارها.
o التقنيات الغامرة: هناك توجه نحو استخدام تقنيات الواقع الافتراضى والواقع المعزز لتدريب المجندين الجدد وغمرهم فى بيئات افتراضية تعزز من ولائهم للأيديولوجية المتطرفة.
الأبعاد الأيديولوجية للمحتوى المتطرف
١. التجنيد والتعبئة
o استهداف الفئات الهشة: يركز المتطرفون على استهداف الشباب والعاطلين عن العمل والأفراد الذين يعانون من التهميش الاجتماعي، مستغلين مشاعر الإحباط والغضب لتجنيدهم.
o الهوية والانتماء: يستخدم المتطرفون الخطاب الأيديولوجى لتعزيز مشاعر الانتماء والهوية، غالبًا من خلال تقديم رؤى متطرفة تتعلق بالدين أو القومية.
٢. التبرير والتحريض
o تأويل النصوص الدينية: يعتمد المتطرفون على تأويل النصوص الدينية بشكل متشدد لتبرير أفعالهم والدعوة إلى العنف.
o إثارة الكراهية: يسعون إلى خلق حالة من الكراهية تجاه الآخر، سواء كان دينيًا أو عرقيًا أو سياسيًا، لتبرير العنف والإقصاء.
طرق التصدى للمحتوى المتطرف
١. المراقبة والرقابة
o الرقابة الحكومية: تعتمد الدول على أجهزة الأمن والرقابة الإلكترونية لرصد المحتوى المتطرف وحذفه، بالإضافة إلى متابعة الأفراد المتورطين فى نشره.
o التعاون مع الشركات التقنية: تتعاون الحكومات مع شركات التواصل الاجتماعى والتقنية لتعزيز سياسات الحذف والحظر للمحتوى المتطرف.
٢. التوعية والتعليم
o برامج التوعية: إطلاق حملات توعية تستهدف الشباب لتعليمهم مخاطر التطرف وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة للتعرف على المحتوى المتطرف وتجنبه.
o التعليم والتدريب: إدراج مواضيع تتعلق بالتفكير النقدى والوعى الرقمى فى المناهج الدراسية للمساهمة فى بناء وعى مجتمعى يمكنه التصدى للأفكار المتطرفة.
٣. إعادة التأهيل والدعم النفسي
o برامج إعادة التأهيل: تطوير برامج لإعادة تأهيل الأفراد الذين تراجعوا عن الفكر المتطرف، وتقديم الدعم النفسى والاجتماعى لهم لدمجهم مرة أخرى فى المجتمع.
o الدعم المجتمعي: تعزيز دور المجتمع والأسرة فى مراقبة ودعم الأفراد المعرضين لخطر التطرف، وتوفير بيئة داعمة تسهم فى تقليل فرص انجرافهم نحو الأفكار المتطرفة.
تطور المحتوى المتطرف فى العالم الرقمى يعكس التغيرات السريعة فى التكنولوجيا وتأثيراتها على المجتمع. من خلال تحليل الأبعاد الأيديولوجية والتقنيات المستخدمة، يمكننا فهم كيف يتكيف المتطرفون مع التغيرات التقنية لاستمرار نشر أفكارهم. التصدى لهذا المحتوى يتطلب جهودًا متكاملة تشمل الرقابة، التوعية، والتعليم، بالإضافة إلى الدعم النفسى والمجتمعي، لضمان حماية الأفراد والمجتمعات من مخاطر التطرف الرقمي.
حاول اغتيال سيد القمنى هرب إلى سوريا وأسس «كتيبة التاريخ» ومات بكورونا وضع أسس المحتوى الإلكترونى فى عالم التطرف
يُعتبر المحتوى الرقمى المتطرف الآن أحد أهم التحديات الكبيرة التى تواجه المجتمعات والحكومات فى العصر الحديث. لقد أسهم الانتشار السريع للمعلومات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى فى زيادة انتشار الأفكار المتطرفة وتأثيرها على الأفراد والمجتمعات. لكن علينا أن ندرك أن تطور المحتوى الإلكترونى المتطرف كان لظهوره عدة عوامل هامة يجب أن ننتبه لها جيدًا فى هذه الأيام، لأن تطوره يصب فى مصلحة قوى التطرف والإرهاب التى تستغلها قوى دولية تعمل على إرهاق الشعوب، تشتيت الدول، وتدمير الشباب المصرى والعربى فى قضايا لا طائل منها. ربما تستغل قوى التطرف إنتاج مفكر أو أديب أو فنان، وتعمل على إثراء محتواه وتوصيله للجمهور باعتباره ضد الدين والعقيدة والإسلام، مما يجعل الشباب فريسة لهؤلاء بشكل كبير فى هذه الأيام، دعونا نروى هذه القصة:
تهديد الكاتب سيد القمني
فى صباح أحد أيام شهر يوليو من عام ٢٠٠٥، تلقى الكاتب سيد القمنى هذه الرسالة:
"اعلم أيها الشقى الكفور المدعو سيد محمود القمني، أن خمسة من إخوة التوحيد وأسود الجهاد قد انتدبوا لقتلك، ونذروا لله تعالى أن يتقربوا إليه بالإطاحة برأسك، وعزموا أن يتطهروا من ذنوبهم بسفك دمك، وذلك امتثالا لأمر جناب النبى الأعظم صلى الله عليه وسلم إذ يقول: 'من بدل دينه فاقتلوه'. توقيع: جماعة الجهاد المصرية".
كان سيد القمنى ذائع الصيت فى تلك الأيام، وكانت كتاباته مثيرة للجدل. لكنه لم ينتبه إلى أن هناك أفكارًا تثير الجدل للعامة والبسطاء، وأخرى تناقش فى أروقتها العلمية والفكرية وتثمر وتؤثر.
توبة سيد القمنى من أفكاره
سريعًا ما نصح مقربون من الكاتب الراحل سيد القمنى بإعلان التبرؤ من أفكاره لأن الخطاب جاد، وهناك احتمال أن تكون المجموعة منظمة وتملك القدرة على تنفيذ عملية قتله وتصفيته. فخرج ببيان فى اليوم الثالث يقول فيه:
"أعلن براءة صريحة من كل ما سبق وكتبته، ولم أكن أظنه كفرًا فإذا به يُفهم كذلك، لهذا أعلن – كما نص البيان – 'توبتى وبراءتي' من كل 'الكفريات' التى كتبتها فى مجلة 'روزاليوسف' وغيرها، 'براءة تامة صادقة يؤكدها عزمى على اعتزال الكتابة نهائيًا من تاريخ نشر هذا البيان'".
كان نص البيان صادمًا لأتباع سيد القمنى ومريديه، وفى الوقت نفسه كان كاشفًا لأجهزة الأمن المصرية التى استطاعت الوصول إلى المجموعة ورصدها باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية الحديثة. قبل أن تصدر المجموعة الجهادية أى بيان تعلن فيه الانتصار، أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على خمسة من العناصر المتطرفة من محافظة الدقهلية، اتُهموا برصد الكاتب سيد القمنى والإعداد لاغتياله وتكدير السلم والأمن العام، وإرسال تهديدات صريحة بقتله. وكان على رأس هذه المجموعة شاب يُدعى محمد حافظ (١٩٨٣-٢٠٢١).
متطرف يهوى تهديد الكتاب والصحفيين
إذًا، من هو ذلك الشاب المتهم محمد حافظ؟ وما الذى قاده إلى التطرف؟ دعونا ننطلق فى رحلة البحث عن محمد حافظ وكيف تلقى الأفكار المتطرفة، وكيف أصبح أحد أهم القيادات فى الخارج لنشر المحتوى المتطرف.
تخرج المتهم من كلية الآداب والتربية قسم التاريخ جامعة المنصورة عام ٢٠٠٥، وفى نفس عام التخرج تم القبض عليه كان دائم حضور دروس التيارات السلفية أبو إسحاق الحوينى ومحمد حسان ويحصل على مؤلفات جمال عبد الهادى.
ما الذى دفع هذا الشاب محمد حافظ، الذى تحول إلى أبو عكرمة المصرى أو أبو حازم المصري، ليصبح أحد أهم مديرى المحتوى الإلكترونى فى عالم التطرف والإرهاب؟
استقر المقام بأبو حازم المصرى بعد القبض عليه فى سجن برج العرب فى عنبر التأديب لبضعة أشهر، ثم نُقل إلى سجن وادى النطرون عام ٢٠٠٩، وبقى فيه حتى استطاع الهروب فى مطلع احتجاجات يناير ٢٠١١، حيث هرب من سجن وادى النطرون المعروف بـ٤٤٠ ( حصلنا على تفاصيل العملية بخط يده فى مقال بعنوان "يوم طار الفيل".)
بعد هروبه، كثّف حملته ضد أبناء الجماعة الإسلامية والجهاد الذين وافقوا على المراجعات مع الدولة المصرية، وكان ينشط فى الكتابة فى مواقع مثل "المجاهدون فى مصر" و"مصر فى الزنزانة" (تم حجب هذا المواقع)، لنقل تجارب المسجونين السياسيين. وعندما أعلنت جماعة الإخوان التصويت على الدستور فيما عرف فى ذلك الوقت الدستور أولا ام الانتخابات، كتب رسالة مختصرة بعنوان: "الإيضاح لما فى الدستور الجديد من الكفر البواح: لماذا أرفض الدستور؟".
رحلة هروبه إلى سوريا
ومع اعتصام رابعة العدوية، استقطب القيادى الإخوانى خيرت الشاطر هذه المجموعة، وقام هو ومجموعته بالاستعداد للمواجهة مع الأجهزة الأمنية. فقد شوهد فى اعتصام رابعة داخل "طيبة مول"، حيث كان يتواجد الشباب الذين يحملون السلاح ويرفضون ما يُطلق عليه السلمية. كانوا يحوزون الأسلحة للمواجهة الشرطة، وهربوا بعد ذلك من المواجهة.
بعد فشل اعتصام رابعة وفض بقية الأماكن التى كان الإخوان يحشدون فيها الأتباع، اتفق مع مجموعته على الهروب إلى سوريا. فى ذلك الوقت، كانت القاعدة، وداعش، والنصرة، والسلفية الجهادية فى أوج نشاطها، فدخل سوريا فى الشهر الثامن من عام ٢٠١٣.
انضم فى البداية إلى لواء بدر التابع لحركة أحرار الشام، ومكث مع الأحرار مدة وجيزة؛ حيث حضر خلالها معسكرًا للألغام والمتفجرات، وشارك فى معارك صد النظام السورى عند "النقارين" فى حلب.
ثم انتقل إلى فصيل جند الأقصى، ولما ظهرت بيعة داعش والبغدادي، هرب إلى دولة أوروبية فمكث فيها فترة قصيرة، ثم عاد إلى سوريا وانضم إلى كتيبة تُسمى جنود الرحمن المهاجرين، وكانت تابعة لجبهة النصرة قبل فك الارتباط بينها وبين القاعدة، وبقى معهم مدة محدودة.
وصحب خلال هذه الفترة القناص الشهير أبا يوسف التركي، المدرب على القنص والاغتيالات، الذى قُتل فى أول غارة للتحالف الدولى على الارهاب عام ٢٠١٥.
تخصص حافظ فى سلاح القنص بعد ذلك فى منطقة "المكانظمة "، وكان يخرج إلى الجبهات ويقوم بالقنص، إلا انه فشل فى هذه المهمة، فأسس فيما بعد كتيبة أطلق عليها "كتيبة التاريخ"، وأنشأ حسابًا على تويتر بعنوان "كتيبة التاريخ"، وكانت بداية لتطوير المحتوى الإلكترونى المتطرف. أعد مجموعة لتصوير الكتب العسكرية التى كانت موجودة فى كلية المدفعية السورية فى الراموسة عقب السيطرة عليها من قبل المجموعات الجهادية، وكان يعمل على نشرها بصيغة الكتب المصورة (PDF) بعد تصويرها إلكترونيًا باستخدام الماسح الضوئى (سكنر)، وكان يكتب: "ينشر لأول مرة على عدد من المواقع الجهادية".
كانت "كتيبة التاريخ" على تويتر أو منصة X حاليًا، ثم صفحات تلجرام توضع فيها أفكار المجموعة وتطور المحتوى الإلكترونى بشكل دائم ومستمر، وجنّد فيها عددًا كبيرًا من الشباب عن طريق تذكيرهم بأمجاد أجدادهم وبشدة عداوة الكافرين لهم. كان يهتم بمشروعات المجموعات الجهادية الجديدة ( التى سنلقى عليها نظرة فيما بعد فى الجزء الثالث من هذا الموضوع).
كان حسابه "الكتيبة" على تويتر يتابعه ١١٦ ألفًا، بينما كان يتابع حساب حازم المصرى ٤٥ ألفًا.
ألّف حافظ كتابًا عن "تاريخ جهاد القبائل الذهبية فى القوقاز"، وكان مهتمًا جدًا بهذا الموضوع، وكان يقول: "لا توجد كتابات عن هذا الموضوع سوى فى الكتب الأجنبية، ولا أدرى لماذا أهمله المؤرخون المسلمون!".
أعد مشروعًا لتراجم الإرهابيين القدماء و"سير أعلام ا المتطرفين المعاصرين" مقابل سير أعلام العلمانيين والمرتدين على حد وصفة لهم، وقابل بعض الإرهابيين القدماء، وأعد من خلال مقابلاتهم تراجم عن خمس عشرة شخصية إرهابية، حيث كان يسعى لتوثيق تاريخ التطرف فى مصر بمعلومات دقيقة وموثقة.
أسس أول كتيبة إلكترونية للدفاع عن الحركات المتطرفة ودرب عشرات الشخصيات المتطرفة على إدارة المحتوى الإلكترونى وتأمينه، وكذلك كيفية تأمين المستندات والوثائق والأرشيفات المتطرفة.
وفاته
أصيب أبو عكرمة المصرى هو وزوجته فى آخر أيامه بفيروس كورونا، وفقد حاسة الشم، وأصابه ضيق شديد فى التنفس؛ حتى جلب جرة أكسجين للتنفس فى منزله بسبب زحام المستشفيات فى ذلك الوقت.
وحين اشتد به المرض، أُدخل المستشفى، وفيها لم يعد قادرًا على الكلام، فكان يكتب الضرورى بيده ويصحح بعض المحتوى الإلكترونى لتلاميذه، ثم غاب عن الوعى لثلاثة أسابيع حتى توفى في١٨ أكتوبر ٢٠٢١.
ترك المصرى كتابًا نشره قادة القاعدة فى سوريا والعراق بعنوان "كتيبة التاريخ"، واهتم فيه بقضية العلمانية وتأثيرات الغرب، مسلطًا الضوء على "تاريخ الغرب المظلم وحضارته الزائفة". أخطر ما فى الكتاب كان فكرة التصنيفات الزائفة وفهم معانى القرآن الكريم بطريقة مغلوطة، وتفسير التاريخ تفسيرًا مؤامراتيًا فى كل جوانبه، بالإضافة إلى الحملة الشديدة على الدولة والمجتمع ودعاة ما يسميه " الكفار الجدد ". محمد حافظ أو أبو حازم المصرى كان أول من وضع إدارة المحتوى الإلكترونى المتطرف على جبهات التطرف فى سوريا والعراق وبلاد الشام. مات بالطبع، لكن الأفكار لا تموت، ولن يكون موتها إلا بأفكار أخرى بنفس قوتها وتأثيرها.
يعتقد المتطرف أنه جندى فى معركة الإسلام الكبيرة، ويدرب على ذلك دائمًا، ولا يتخلى عن هذه الروح رغم الظروف القاسية التى يمر بها فى هذا المستنقع المظلم، فيجدد خطابه ويحاول تطوير ذاته دائمًا.
تستغل التنظيمات والجماعات المتطرفة أرضية الصراعات الإقليمية والأزمات الاقتصادية الداخلية وتناميها، وتعمل على إثراء هذه النوعية من النزاعات والحروب، وتدخل لاستثمارها سواء فكريًا أو حركيًا. مع المضى قُدُمًا فى الأحداث التاريخية المتعاقبة، تطورت نظرية صناعة الحروب والأزمات لدى هذه التنظيمات وحركات التطرف، وأصبحت تعرف الآن بـ"الحرب الهجينة". وهذه النوعية من الحروب غير التقليدية تستخدم على نحو سياسى فى كل من الغرب وروسيا وأمريكا، وهو المفهوم الذى أُريد منه فى البداية أن يقدم فهمًا عن طبيعة الصراعات المعاصرة وتطورها وكيفية استغلالها، والتى عرفت بـ "العصى الغليظة" أو نظرية "مخالب القط"، التى سُلحَت وأصبحت أداة للمناورة الداخلية للحصول على التمويل وجذب الرأى العام الإسلامى والعربى والعالمى لصالح هذه الأهداف التى يقال عنها ثورية أو نضالية أو جهادية، وكذلك وسيلة للترهيب فى العلاقات بين أطراف النزاع المختلفة، وفيما يلى قصة أهم خمسة مشروعات فكرية فى عالم التطرف والإرهاب:
مشروع العصرانيين الجدد
يعد مشروع العصرانيين الجدد دراسة لمئة شخصية علمانية تراها الجماعات المتطرفة كافرة مرتدة، تعمل على تغييب الدين من الحياة العامة ورفض حاكمية الله على الأرض.
يقود هذا المشروع فى السابق سليمان الخراشى و(حاليًا قتال العبدلى أحد قيادات القاعدة)، وهو أحد شيوخ السلفية الجهادية، وقد وضع نواة لهذا المشروع باسم "نظرات شرعية فى فكر منحرف"، وقدم لأكثر من مئة شخصية تنويرية مثل أحمد لطفى السيد، جبران خليل جبران، أبو القاسم الشابي، محمد سعيد العشماوي، عبد الرحمن منيف، عبد الله العروي، يوسف إدريس، نوال السعداوي، فرج فودة، فؤاد زكريا، أمينة السعيد، طه حسين وغيرهم.
وألحق بالمشروع المآخذ الشرعية التى يتصورها مؤسسو مدرسة الإسلام المستنير، كما وصفها، مثل محمد عمارة، وطارق البشري، محمد سليم العوا، أحمد كمال أبو المجد، محمود شلتوت، واعتبر هذه المدرسة أخطر من المدرسة العلمانية لأنها تدفع إلى علمانية مستترة مختلطة بثوب الدين.
مشاهير فى الميزان
يعد مشروع "مشاهير فى الميزان" من أهم الأعمال التى تعدها القاعدة الآن، حيث وضعوا دراسة عن ميزان الاعتدال الذى يرونه مناسبًا لقادة ومفكرى العصر، والذى يقيس به مدى انحراف هؤلاء وقربهم من الدين وبعدهم عنه.
لم يقترب هؤلاء من ميزان الاعتدال أدوات العلوم الشرعية التى تعارف عليها أهل العلم فى كل عصر ومصر، فهناك كتاب "ميزان الاعتدال" للإمام الحافظ الذهبى الذى وضع أسس علم الجرح والتعديل فى صدر الإسلام، وقيمهم بميزان أهل العلم كما اهتم الحافظ بن حجر بميزان الاعتدال للذهبي، ووضع كتابه العظيم "لسان الميزان"، فحذف من ميزان الذهبى بعض التراجم، وذكر باقيها مع زيادات نافعة بحسب اطلاعه الواسع، فأصبح كتابه موسوعة فى علم التراجم، فلتعدل هؤلاء عن اعتدال أهل العلم ووضعوا لأنفسهم ميزانا مائل الكفة خرجوا به عن اعتدال أهل العلم.
سير أعلام الوضعاء
أعد هذا المشروع مجموعة من قيادات القاعدة، ووضع على قمة الشخصيات المستهدفة كل من سيد القمني، فؤاد زكريا، منصور النقيدان، مشارى الزيدي، وعدد ليس بقليل من المعاصرين، ومن الشخصيات التى اعتبروها تؤسس لمذاهب فكرية تخالف الدين والعقيدة والتصورات المتطرفة، ويقول مؤسسو هذا المشروع إنهم سوف يضمون إليه عددا كبيرا من الصحفيين والكتاب والروائيين والمفكرين فما زالوا فى مرحلة اختيار الوضعاء على حد تصوراتهم المتطرفة.
صَهِيـلُ الجِيَــادِ فى جَمْعِ مَصَادِرِ الجِهَاد
أعده أحد أهم قيادات القاعدة، وهو حسين بن محمود، وجمع فيه ٤٤٠ مصدرًا معروفًا وغير معروف من الذين كتبوا عن الجهاد، ومعظمهم من المعاصرين من قيادات الجماعات الإسلامية، مثل "ميادين الحصون والقلاع.. ورمى القنابر باليد والمقلاع" لصالح مجدي، "الجهاد سبيلنا" لعبد الباقى رمضان، "نحن والعدو والعمل الفدائي" لمحمد الشاعر، مطبوع فى دمشق، و"تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال" تأليف أبى جندل الأزدي، وتقوم القاعدة بعمل ملخصات لهذه المجموعة من الكتب وتحميلها على اسطونات "حصر كتب الجهاديين فى العصر الحديث.. كن انت الإعلامى وبادر بالهدف ".
مشروع إلجام لئام الإعلام
يشرف على هذا المشروع تلميذ سليمان الخراشي، وهو أواب الحسني، المعروف بسلطان يوسف حسن العارف، الشهير فى صفوف التنظيم بـ"قتال العبدلي". وُلِد فى إحدى الدول العربية عام ١٩٨٦م، وقد التحق بصفوف القاعدة بعد سقوط حكم طالبان فى أفغانستان بعد الحادى عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١، ومنذ ذلك الحين اتخذ "قتال العبدلي" من إيران مأوى له مع سيف العدل زعيم تنظيم القاعدة بعد مقتل ايمن الظواهرى، حيث يعيش ويتغذى ويشرب هناك، مع عبد الرحمن المغربى وياسين السوري.
تتهمه السلطات الأمريكية بأنه شارك فى العديد من العمليات، أبرزها المتعلقة باستهداف المصالح الأمريكية، وقد فرضت الخارجية الأمريكية عقوبات عليه عام ٢٠٢١ فى ضوء استهداف قادة القاعدة المقيمين فى إيران. أواب الحسنى أو "قتال العبدلي" مسئول عن مشروع إلجام لئام الإعلام، واخرج عددين عن إبراهيم عيسى الأول فى الرد على تجريح خالد ابن الوليد والثانى عن أفكار برنامج مختلف عليه المذاع على قناة الحرة، وصل عدد من أقدموا عليه من دراسات لخمسين شخصية، أبرزهم من مصر: إبراهيم عيسى، نوال السعداوي، إسلام البحيري، فاطمة نعوت، يوسف زيدان وغيرهم.
استراتيجية المواجهة
هى حرب الأفكار غير التقليدية، وهذا يستدعى حالة إبداعية جديدة لمواجهة هذه التنظيمات المتطرفة من الداخل، لأن تناميها وسط هذه الحالة أصبح سريعًا ويحتاج إلى تصورات استراتيجية إبداعية جديدة فى المواجهة، ومختلفة عن سابقاتها. ومن هنا يجب أن نستخدم كل سلاح نملكه لمواجهة الإرهاب وتناميه عبر أدوات التشدد والتطرف الدينى والسياسى والوطني، الذى يحمل فى طياته عنفًا موجهًا ومسلحًا.
الحرب على الإرهاب باتت الآن أكثر غموضًا مما سبق، لأننا لا نعلم أين سيختار الإرهاب هدفه الحالى أو القادم، وكيف سيتعامل معه من خلال استخدام التقنيات الحديثة من الذكاء الاصطناعى والمحاكاة، من أجل مخططات الفوضى والتوحش التى تهدف وترمى إليها هذه الجماعات والتنظيمات والأيديولوجيات المتطرفة والإرهابية، من خطف واغتيال وقنص واختراق شبكات المؤسسات الأمنية والسياسية، التى تملك معلومات لو تم اختراقها ستضر بأمن الأشخاص والمؤسسات والدول.
الحقيقة التى يجب أن نعترف بها هى أن الحرب على الإرهاب ومواجهته لم ( تُدرس ولم تدرس) بعد فى الكليات والجامعات والمعاهد الحربية والعسكرية، لأنها حروب "هجينة" غير نظامية وغير مسبوقة فى العلوم العسكرية. ولا يعرف فى أصول الحرب والمواجهة الحديثة مادة "أصول الفكر المتطرف"، ولا منهجيات قتال الشوارع وحروب العصابات الميدانية، ولا شبكات العائلات الإرهابية، ولا الاختراقات السيبرانية، ولا الأنفاق الشبكية التى تمد الإرهاب بأجيال جديدة من الإرهابيين، سواء أشخاص أو معتقدات، ولها أبعادها الخاصة المتطورة والعاملة المتجددة التى تنتشر كل فترة بأشكال مختلفة.
لذلك، يجب أن نبدأ بشكل سريع فى بناء "مواجهة شاملة" من خلال مراكز بحثنا المتخصصة وجامعاتنا العامة والخاصة، وأن نعمل على بناء هذا الجيل من المتخصصين. بل ينبغى أن نبدأ التفكير فى مواجهة هذه الحروب برؤية مختلفة غير تقليدية لعدونا، أو بالأحرى لمن تلقى هذه الفكرة ووجد لها أرضًا خصبة.
وعلينا الاشتباك معها والوصول إليها فى قاعها عبر الخنادق والمخابئ والمنحنيات، وهو نوع من الضبط "الفكرى للمجتمع"، مثل "الضبط الأمني" أيضًا، ولا يقل أهمية عنه بحال من الأحوال، فعقيدة هؤلاء عقيدة شديدة التنوء والتمرس والتغيير والتجديد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المحتوى المتطرف العالم الرقمي الفضاء الإلكتروني التواصل الاجتماعى الأفکار المتطرفة هذا المشروع الکاتب سید فى البدایة أهل العلم محمد حافظ إلى سوریا مشروع ا من خلال أحد أهم فى عالم یجب أن
إقرأ أيضاً:
والي الجزيرة يدشن بدء إصدار الجواز الإلكتروني بالمناقل
شهد الأستاذ / الطاهر الخير والي ولاية الجزيرة برفقته اللواء شرطة / عبد الله علي احمد محمد مدير شرطة الولاية تدشين تقديم خدمة الجواز الإلكتروني بعاصمة ولاية الجزيرة الإدارية المناقل وانطلاق العمل بمكتب الجوازات إنفاذا لتوجيهات رئاسة قوات الشرطة لتغطية وتوفير الخدمات الشرطية لمواطني الولاية وتيسير الإجراءات.وتقدم والي الولاية في حديثه بهذه المناسبة بالتهنئة على هذا الإنجاز الكبير الذي يكشف عن حجم الجهود المبذولة من قبل الشرطة لخدمة المواطن وتعهد بتقديم الدعم اللازم وتذليل جميع المعيقات كما أشاد بإنجازات شرطة الولاية والبرامج والخطط التي تنفذها في حفظ الأمن وتقديم الخدمات الضرورية للمواطن.مدير شرطة الولاية أعرب عن سعادته بما تم تحقيقه من إنجازات في فترة زمنية وجيزة بمختلف إدارات شرطة ولاية الجزيرة والخدمية منها على وجه الخصوص معلناً بدء تقديم خدمة الجوازات من داخل محلية المناقل مبيناً بأن المكتب سوف يعمل علي تقديم خدمه متميزة مع إستمرار الجهود في إضافة نوافذ اخري و حقائب متجولة للمرضي وكبار السن تجنباً للإزدحام مقدماً شكره وتقديره للسيد وزير الداخلية والسيد المدير العام لقوات الشرطة وإدارة الجوازات والهجرة للإستجابة والمتابعة اللصيقة لخطوات العمل بالمكتب .المكتب الصحفي للشرطة إنضم لقناة النيلين على واتساب