أكد سياسيون أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستتناول مجموعة واسعة من القضايا التى تمثل اهتمام الدول الأعضاء، ومن بينها «نزع السلاح»، والملف السودانى، ودعوات لجعل العالم خالياً من أسلحة الدمار الشامل ووقف سباق التسلح، ومناقشة الأزمة السودانية، خاصة فى ظل التدهور المستمر للوضع المأساوى والمعقد للغاية.

«الشيمي»: السودان حالة واضحة من حالات الحرب بالوكالة

وقال الدكتور محمد عبدالعظيم الشيمى، أستاذ العلوم السياسية، إنّ الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة تتناول مجموعة واسعة من القضايا التى تمثل اهتمام الدول الأعضاء، وكل دولة تلقى كلمتها لعرض القضايا الأساسية التى تتعلق بسياساتها الخارجية، ولكن هناك أيضاً الكثير من القضايا التى تتقاطع بين الدول مثل قضايا التنمية، نزع السلاح، ونشر الأمن والسلام الدوليين، بالإضافة إلى حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية المستدامة.

وأضاف «الشيمى» لـ«الوطن» أنّ قضية نزع السلاح دائماً ما تكون محوراً رئيسياً فى الاجتماعات الدولية، خاصةً منذ تأسيس الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فالتصعيد الأخير الذى يشهده المجتمع الدولى، بما فى ذلك حرب غزة، وتوترات بحر الصين الجنوبى، والموقف تجاه تايوان، يزيد من أهمية النقاش حول نزع السلاح بما يهدف إلى ضبط التصعيد وإدارة الأزمات الدولية والإقليمية.

وعن ملف السودان، أكد أستاذ العلوم السياسية أن وضع السودان من أسوأ الأوضاع الإنسانية والسياسية فى الوقت الحالى، فهناك أزمة معقدة بسبب نزاع بين الأطراف المختلفة، والوضع الصحى فى تدهور مستمر، فالسودان يمثل حالة واضحة من حالات الحرب بالوكالة فى المنطقة، حيث تتداخل مصالح قوى إقليمية ودولية، ومن المتوقع أن تتم مناقشة هذا الملف فى الجمعية العامة.

وأشار إلى أن الوضع فى السودان معقد للغاية، فهناك عدة قوى دولية تتدخل فى الصراع من خلال تمويل ودعم مختلف الجماعات المسلحة، سواء من خلال الدعم العسكرى أو اللوجيستى أو المالى، وهذه التدخلات تزيد من تصعيد الصراع وتجعل الحلول السلمية بعيدة المنال فى الوقت الراهن، فالمسألة الأساسية هنا تتعلق بقدرة الأطراف المعنية على تخفيف أو وقف مصادر التمويل التى تصل إلى الجماعات المسلحة، فإذا تمكنت الدول من إيقاف هذا الدعم، فقد يؤدى ذلك إلى تهدئة الأوضاع وربما إيجاد حلول سلمية، لكن طالما استمرت المصالح الإقليمية والدولية فى التصادم، سيستمر الصراع فى السودان.

وتابع: «من غير المرجح أن تتمكن الأمم المتحدة من اتخاذ إجراءات حاسمة فى هذا الملف، بسبب نفوذ القوى الكبرى، والمؤسسة الأممية لم تكن فعّالة فى حل العديد من الأزمات منذ تأسيسها، ودورها غالباً يقتصر على الضغط الدبلوماسى والتفاوض دون القدرة على تنفيذ حلول حقيقية، لذا، فإن حل الأزمة السودانية بشكل جذرى يحتاج إلى اتفاق دولى وإقليمى خارج إطار الأمم المتحدة».

وأكد أن الخطوة الأهم هى الوصول إلى توافق بين الأطراف الدولية والإقليمية لوقف تمويل الجماعات المسلحة، إذا توقفت الدول عن تقديم الدعم، فمن الممكن أن يؤدى ذلك إلى تقليل حدة الصراع وتهيئة الظروف لحل سياسى، لكن طالما استمر التمويل والدعم، فإن الصراع سيستمر ولن تكون هناك حلول سلمية قريبة.

«البرديسى»: الدول الفاعلة تفرض مصالحها بما يمنع تطبيق القواعد على الجميع

وفى سياق متصل، قال طارق البرديسى، خبير العلاقات الدولية، إن ملف نزع السلاح يتجدد فى كل المحافل الدولية وجلسات الجمعية العمومية، وهناك دائماً دعوات لجعل العالم خالياً من أسلحة الدمار الشامل ووقف سباق التسلح، ولكن فى النهاية، تبقى هذه التصريحات مجرد نوايا لا يدعمها تطبيق فعلى على الأرض، فالمشكلة أن الدول الفاعلة فى المجتمع الدولى هى التى تفرض مصالحها، ما يمنع تطبيق القواعد العامة على الجميع.

وأضاف أن الملف السودانى يرتكز على فكرة وحدة التراب الوطنى السودانى، فمن المفترض أن تؤكد الجمعية العمومية على هذه النقطة، لأن المشكلة الأساسية هى وجود الميليشيات التى تناطح السلطات الشرعية للدولة، ودلل على ذلك بالرؤية المصرية فى هذا الملف، وفى الملفات الإقليمية الأخرى مثل ليبيا وسوريا وغزة، بما يمكن أن يسهم فى نزع فتيل الأزمة، ولفت خبير العلاقات الدولية إلى أن الناحية القانونية تستوجب احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وأن تُحل النزاعات عبر الحوار، لكن فى الواقع، المصالح السياسية والاقتصادية للدول تتغلب على القانون، فهذا هو الفارق بين النظرية والتطبيق.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدورة الـ79 للأمم المتحدة نيويورك حرب غزة نزع السلاح

إقرأ أيضاً:

السودان تمرد وقتل ومجاعة.. الوضع “يزداد سوءا” في الفاشر

سقوط الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع، يرعب السكان ويقلق الخبراء وحتى الحكومات الغربية، ومن بينها واشنطن، من تكرار الفظائع التي لحقت بأهالي دارفور من مقاتلي “الجنجويد” قبل عقدين من الزمان..

التغيير : وكالات

في واحدة من “أبشع الحروب في العالم” يدخل الصراع في السودان مراحل متقدمة من المعارك الوحشية حيث يتنافس جنرالان على السيطرة على البلاد.

قصف متواصل على المدن، وغارات تفاقم من أزمة المجاعة في البلاد، والتي طالت الملايين، بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

ومن أبرز تلك المدن التي تتعرض للدمار، الفاشر أكبر مدينة في دارفور، حيث فرضت قوات الدعم السريع حصارا عليها، وهي الوحيدة بين عواصم ولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع، رغم أنها تحاصرها منذ مايو.

واندلعت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أبريل من العام الماضي، ما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم. ويحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن تفاقم العنف في محيط الفاشر يهدد باشتعال مزيد من الصراعات على أسس قبلية.

ومنذ أبريل عام 2023 يشهد السودان حربا مستعرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

هيئات صحية أممية أعلنت “المجاعة” في أحد مخيمات النازحين في ضواحي الفاشر، فيما يلجأ بعض سكان المدينة التي يبلغ عددهم نحو مليوني نسمة إلى تناول علف الحيوانات، بعد أن منعت قوات الدعم السريع والجيش تدفق المساعدات منذ أشهر.

وتفجر الصراع عندما تحولت المنافسة بين الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين تقاسما السلطة في وقت سابق بعد قيامهما بانقلاب، إلى حرب مفتوحة.

وقال الوسطاء بقيادة الولايات المتحدة الشهر الماضي إنهم حصلوا على ضمانات من الطرفين خلال محادثات في سويسرا لتحسين وصول المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المناقشات أعاق التقدم.

في الفاشر، على مدار الأيام العشرة الماضية، تشن قوات الدعم السريع هجوما شاملا، مطلقة مئات القذائف المدفعية على المناطق المكتظة بالسكان، بينما يرد الجيش السوداني المتحالف مع جماعتين مسلحتين بغارات جوية تستهدف مناطق تمركز قوات الدعم السريع، إضافة لهجمات تنفذ بطائرات مسيرة، ومعارك شرسة تجري في شوارع المدينة.

والأربعاء، قالت مارثا بوبي، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، أمام مجلس الأمن الدولي إن “مئات آلاف المدنيين العالقين في الفاشر يواجهون الآن مخاطر عنف جماعي”.

وأضافت أن “المعارك التي تمتد إلى سائر أنحاء المدينة تعرض للخطر هذه الفئات الهشة أصلا، بما في ذلك العديد من النازحين الذين يعيشون في مخيّمات ضخمة قرب الفاشر”.

من جهتها، قالت جويس مسويا، القائمة بأعمال رئيس مكتب الأمم المتحدة الإنساني إنه في الفاشر “تم استهداف بنى تحتية مدنية، بما في ذلك مستشفيات ومخيمات للنازحين. مئات آلاف الأشخاص يواجهون تهديدا وشيكا، بما في ذلك أكثر من 700 ألف نازح في الفاشر ومحيطها”.

وأضافت أن المعارك الدائرة حصدت عددا كبيرا من النساء والأطفال. وقالت: “قلقنا زاد بعد ورود تقارير عن قصف طال الأحياء الوسطى والغربية من المدينة، ونشر قوات مسلحة إضافية”.

سقوط الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع، يرعب السكان ويقلق الخبراء وحتى الحكومات الغربية، ومن بينها واشنطن، من تكرار الفظائع التي لحقت بأهالي دارفور من مقاتلي “الجنجويد” قبل عقدين من الزمان بحسب الصحيفة.

وخلال السنوات 2003 و2008 نفذ مقاتلو الجنجويد “أول إبادة جماعية في السودان” في القرن الحادي والعشرين، حيث قتل ما يقدر بـ 300 ألف شخص.

الرئيس الأميركي، جو بايدن، حذر، الثلاثاء، من أن الحرب المشتعلة في السودان منذ 17 شهرا “التاريخ يعيد نفسه فيها”.

وحث بايدن الجنرالين المتحاربين إلى سحب قواتهما من الفاشر، والسماح للوكالات الإنسانية بالوصول لمنع الموت الجماعي المحتمل؛ بسبب المجاعة ونقص الرعاية الطبية، والبدء في محادثات لإنهاء الصراع.

وقال الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية الثلاثاء، أنهما منفتحان على الحلول السلمية للحرب المستمرة، إلا أنهما ينخرطان في معارك طاحنة.

ويتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن عدم إنهاء الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 12 ألف شخص منذ بدايته في أبريل 2023، واتهم كل منهما الآخر بارتكاب انتهاكات. ولم يحددا خطوات معينة للتوصل إلى حل سلمي.

يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن عدم إنهاء الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 12 ألف شخص منذ بدايته في أبريل 2023

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، السبت، إن الأمين العام للمنظمة، أنطونيو غوتيريش، “منزعج بشدة” إزاء تقارير عن هجوم واسع النطاق لقوات الدعم السريع السودانية على مدينة الفاشر مضيفا أنه دعا قائدها إلى وقف الهجوم فورا.

وأضاف المتحدث أن غوتيريش حذر من أن استمرار التصعيد يهدد باتساع رقعة الصراع في أنحاء إقليم دارفور غرب السودان.

ذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في بيان “إنه يدعو الفريق أول محمد حمدان دقلو للتصرف بشكل مسؤول وإصدار الأمر بوقف هجوم قوات الدعم السريع على الفور”.

تجاهل وقف الأعمال القتالية

وأضاف “من غير المعقول دأب الطرفين المتحاربين على تجاهل دعوات وقف الأعمال القتالية”.

وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، السبت، إن الصراع سيكون على جدول أعمال الرئيس جو بايدن حينما يجتمع مع الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الاثنين.

ونشب خلاف بين السودان والإمارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسبب توجيه الحكومة السودانية الموالية للجيش اتهامات للإمارات بتسليح قوات الدعم السريع وتقديم الدعم لها.

وقال سوليفان لصحفيين: “نحن قلقون بشأن عدد من الدول والخطوات التي تتخذها لإطالة أمد الصراع بدلا من حله”.

وأضاف “هدفنا النهائي هو نقل الصراع بأكمله في السودان إلى مسار آخر بدلا من المسار المأساوي والمروع الذي يمضي فيه حاليا. وأعتقد أن ذلك يتطلب بعض المحادثات الدبلوماسية المكثفة والحساسة في الوقت نفسه مع عدد من الأطراف”.

في قرار تم اعتماده في يونيو طالب مجلس الأمن الدولي بأن تنهي قوات الدعم السريع حصار الفاشر بالإضافة إلى وقف القتال في المنطقة فورا. ويبلغ عدد سكان الفاشر الواقعة في ولاية شمال دارفور 1.8 مليون نسمة.

ودعا القرار أيضا إلى انسحاب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين في الفاشر، وهي آخر مدينة كبيرة في إقليم دارفور الشاسع لا تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وهناك قادة سودانيون مطلوبون لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، بحسب رويترز.

قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة، الأربعاء، إن إحراز تقدم في أزمة السودان مهدد بسبب هجوم جديد لقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الفاشر في جنوب غرب البلاد.

وكان خبراء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دعوا، في مطلع سبتمبر، إلى “نشر فوري” لقوة “مستقلة ومحايدة” لحماية المدنيين في السودان، في توصية رفضها قادة البلاد.

نقلا عن الحرة

الوسومالجرائم والانتهاكات حرب الجيش والدعم السريع حرب السودان حصار الفاشر

مقالات مشابهة

  • «حرب غزة» وقضايا السلام العالمي على رأس جدول أعمال الدورة الـ79 للأمم المتحدة
  •  الدورة الـ79 للأمم المتحدة العالم يبحث الملفات العالقة
  • أخنوش يلقي كلمة المغرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • أبو الغيط يلتقي وزير خارجية فلسطين على هامش أعمال الدورة (79) للجمعية العامة للأمم المتحدة
  • أول التزام عالمي بنزع السلاح النووي ومنع سباق التسلح في الفضاء
  • الرئيس العليمي يواصل لقاءاته قادة الدول على هامش اجتماعات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة
  • السودان تمرد وقتل ومجاعة.. الوضع “يزداد سوءا” في الفاشر
  • تمرد وقتل ومجاعة.. الوضع يزداد سوءا في الفاشر
  • الحرب في غزة وأوكرانيا وأوضاع السودان أبرز القضايا على طاولة الدورة 79.. تحديات وصراعات دولية تواجه قادة العالم في اجتماع الأمم المتحدة.. جوتيريش يحذر من حرب عالمية ثالثة