(عندما داهمت المباحث منزلنا أصابتهم خضة!!) حكايات إحسان
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
فى مثل هذه الأيام من عام ١٩٨١.. يعنى من ٤٣ سنة بالتمام والكمال داهمت الشرطة منزلنا للقبض على العبدلله كاتب هذه السطور!
وعندما اقتحموا بيتنا أصابتهم «خضة» فقد فوجئوا بما لم يتوقعوه أبدا، واصبحوا «فى نصف هدومهم» بالتعبير الشهير وغاية فى الارتباك وهم ثلاث ضباط.. كل واحد منهم ما شاء الله طول وعرض!!
ومن حقك أن تسألني: ما الذى جرى؟ فهو موقف إستثنائى وضابط الشرطة يقوم عادة بواجبه بقوة دون أن يسوده الارتباك ويصبح فى نصف هدومه.
وأبدأ الموضوع من أوله، فالسادات رحمه الله ألقى القبض على من تجرأ وعارضه وذلك قبل وفاته بشهر واحد وبدأت حملة الإعتقالات فجر الخامس من سبتمبر من عام ١٩٨١ شملت مختلف الاتجاهات من الأحزاب المختلفة، وقوى اليمين واليسار والأقباط والقوى الإسلامية.
والمؤكد أن مصر فى تاريخها لم تشهد أبدا مثل هذه «التنويعة» من الاعتقالات، وبلغ عددهم عدة آلاف! وكنت واحد من ضمن العديد من الصحفيين والسياسيين الذين تم القبض عليهم فى هذا اليوم..
ملحوظة: على فكرة أنا من زمان قوى ثائر ومتمرد ضد كل الأوضاع الخاطئة فى بلادنا.
وأول مظاهرة شاركت فيها فى حياتى كانت عام ١٩٦٨ ضد الحكم الناصرى احتجاجا على الهزيمة.
وكنت فى سنواتى الأولى بالجامعة.
ونرجع لموضوعنا الأصلى.. وأقول إن «السادات» له إنجازات كبرى خاصة فى سنواته الأولى من حكمه وعلى رأسها بالطبع حرب أكتوبر المجيدة، لكن فى أواخر حكمه تحول إلى فرعون وأصدر العديد من القرارات الخاطئة فثار عليه الرأى العام وفقد شعبيته التى كان يتمتع بها خاصة بعد معركة العبور.
وكنت من بين الثائرين عليه فى كتاباتى رغم صداقته لوالدى.. واعطانى أبى رحمه الله حريتى فى الكتابة ضد صديقه القديم، وعندما يكلمه أحد فى ذلك يقول: ده رأيه وهو حر فيه.
ودفعت ثمن رأيى فجر الخامس من سبتمبر عام ١٩٨١.. ففى الواحدة والنصف فجرا فوجئ أهل المنزل برنين متواصل لا ينقطع على جرس الباب.. ودخل ضباط ثلاث يقتحمون منزلنا، لكنهم فوجئوا بوالدى رحمه الله فى سهرة بالصالون مع ضيوفه وكلهم من الشخصيات النافذة فى المجتمع من أهل السياسة والوزراء السابقين والفنانيين.. واصابتهم الدهشة من هذا المنظر الذى لم يألفوه من قبل أبدا.. وساد الضباط الثلاث ارتباك شديد، وبالتأكيد لم يتوقعوا أننى أقيم مع والدى بذات شقته فى عمارة الزمالك!! وكان ظنهم أننى أقيم فى هذا المكان وحدى..
وقال رئيسهم فى صوت خفيض: إحنا آسفين قوى بس إحنا عايزين الأستاذ محمد!!
وخللى بالك من كلمة أستاذ الذى أضافه إلى أسمى.. ولم يقل «محمد» حاف!!
وساد الصمت المكان قبل أن تنطلق ست الحبايب الجدعة والدتى رحمها الله لتعطيهم «وصلة» ردح لم يسمعوها من قبل أبدا.. قالت للضابط قائدهم: أتعلم الأدب.. البيوت لها حرمة.. عيب تدخلوها بهذه الطريقة! ومن ارسلك قليل الأدب زيك!!
ولم يرد الضابط فهناك جمع محترم من الشخصيات النافذة فى منزلنا وهو لا يريد أن يعمل فضيحة.
وكرر ما قاله من جديد: إحنا آسفين قوى.. بس إحنا عايزين الأستاذ محمد!! وكنت نائما وأستيقظت على الضجة، وأخيرًا جاءهم الأستاذ محمد.. اللى هو حضرتى!!
وقال الضابط وهو يستأذن والدتي: معلش يافندم.. إحنا عايزين نعمل «طلة» على حجرة الأستاذ محمد (يعنى تفتيش) وهاجت وماجت سيدتى امى من جديد، لكننى قلت للضباط أتفضلوا.. فدخلوا ولم يمكثوا فيها سوى ثوان.. وكان من الواضح أنهم لا يريدون البقاء فى المنزل أكثر من ذلك بسبب سيل الشتائم التى يتلقونها من أغلى الناس!!
وخرجت معهم وكانت مفاجأة فهناك مخبرين منتشرين فى كل مكان من العمارة وقوة بوليسية بالسلاح واقفة عند مدخلها.. وكأننى مجرم خطير مع اننى مسالم بطبعى وراجل غلبان!!
ومن هذا الموقف تستطيع أن تكتشف شخصية أمى.. ست جدعة قوى رحمها الله فالمنزل كما تقول الحكمة الشهيرة مملكة المرأة ورجال الشرطة اقتحموا منزلها للقبض على أبنها.. وكان من الطبيعى أن يكون رد فعلها عنيفًا!
إما أبى الحبيب فقد ظل مع ضيوفه من كبار القوم صامتين لم ينطقوا بكلمة وكأنهم يشاهدون فيلم لم يسبق رأوه من قبل أبدا، وقال لى الضابط بعد مغادرة منزلنا.. أمك دى ست صعبة قوى!!
ولم أرد وقلت فى نفسى.. بل ست جدعة جدًا بشهادة كل من عرفها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد عبدالقدوس الأحزاب المختلفة الأستاذ محمد
إقرأ أيضاً:
أحمد نجم يكتب : روحي وروحك حبايب
عندما شدت الفنانة الرائعة الراحلة وردة الجزائرية بإحساسها المرهف اغنية
روحى وروحك حبايب
من قبل دا العالم والله
وهي من كلمات الشاعر الغنائي صالح جودت و الحان الموسيقار فريد الاطرش بالتأكيد سمعها عشاق فن الفنانة وردة وأنا أحدهم بأرواحهم ودلفت كلماتها إلي أعماق الروح ليبحث كلا منا عن روحه الأخري في الآخر ..
حين نبحث عن روحنا في الأخر . يطل علينا التفكير ليشغل وقت كبير من أوقات حياتنا فنحن نتاج إختياراتنا يبهرنا التفكير وأحلامه بالأمل وتوجعنا لحظات التفكير حين نعيش لحظات الألم . و يتوه العقل بين الواقع و الحلم . حين نحاول إقناع أنفسنا بأنه لابد أن نحكم العقل في تصرفاتنا ونحتكم للواقع . ونرضي بما قسمه الله لنا لتظل الروح عند بعضنا تبحث عن مستقرها في روح الأخر ..
حينها نبحث داخلنا عن إجابة لتساؤل عن مدي التقارب بين العقل و الروح و النفس ، وهل هم شئ واحد . أحيانا كثيرة نفكر وننظر و نتأمل بالعقل و أحيانا نتساءل بأرواحنا كما شدت الرائعة أم كلثوم اسأل روحك . فالروح هي كل شئ حي في جسم الإنسان ، فإذا اختفت الروح من جسم الإنسان مات كل شئ فيه .
امي رحمة الله عليها وعلي جميع الأمهات المتوفيات كانت تقول لي حينما أغضب من شئ ، خلي روحك حلوة كده وحب كل الناس . إذا فتلك المرأة المصرية هي نموذج لأمهات كثيرات زرعوا فينا حب الروح ، ثم ظهرت جملة جميلة جدا حين نلتقي بإنسان ٱخر ونصفه بأننا أحببناه لأن روحه حلوة .
الروح توجد في كل جسد الإنسان ، من رأسه حتي قدميه ،أسكنها الله في كل عضو بجسد الإنسان ، دون أن يكون لها مكان معين بالجسد ، و عندما سُئل الإمام الشافعي عن هل الروح تحمل البدن أم البدن يحمل الروح ؟ قال الروح تحمل البدن ، بدليل أن الروح إن فارقت البدن وقع البدن جثة هامدة لا قيمة لها .
اعتبر الفيلسوف اليوناني أفلاطون بأن الروح هي المحرّك الأساسي للإنسان وأنها تتكون من ثلاثة أجزاء هي النفس والعقل والرغبة ، واعتقد افلاطون بأن النفس هي المتطلبات الشعوريّة أو العاطفيّة ، أما الرغبة فهي متطلبات الجسد ،
لذلك دوما نقول إن الروح للروح بتحن و القلوب عند بعضها .أحيانا كثيرة نفكر بشخص ما ، وما هي إلا لحظات حتي نفاجئ به يطرق الباب أو نتلقي منه إتصالا هاتفيا ، إذا هناك التقاء أرواح بين القلوب الصافية ، حين تبحث عنها تأتيك من خلال عدة وسائل ..
أتذكر مقولة قرأتها للمفكر العبقري الأديب و الصحفي الراحل أ.انيس منصور قال عندما تفكر في إنسان عزيز لديك لمدة من 15 إلي 20 ثانية و تملأ روحك كل تفاصيله ، لا تمضي دقائق إلا و يأتيك بأكثر من وسيلة . لانه في تلك اللحظة يتلقي إتصال غير مرئي لكنه محسوس إتصال روحي من روحك لروحه . حينها تقول له ،و الله كنت لسه بفكر فيك أو عمرك أكبر من عمري .
أحيانا كثيرة نلتقي في حياتنا بأشخاص لا نعرفهم من قبل ، لكننا نشعر بأننا التقينا بهم و نعرفهم معرفة جيدة من قبل . فيما يعرف بتألف الأرواح . بالتأكيد حدث لكلا منا موقف لا ينساه.
حدث معي عندما كنت ضمن فريق المستشارين الإعلاميين للدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية الأسبق وكنت أنا مع أخي وصديقي الأديب و المذيع البارع بقناة العربية محمود الورواري والصديق العزيز الكاتب الصحفي وليد عبد الرحمن مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط و أنا . في لقائنا الأول مع معالي الوزير وقبل إجتماعه معنا صافحني قائلا أنا رأيتك فين من قبل يا أستاذ نجم. بأدب جم رددت علي سيادته بأنني تشرفت بلقاء سيادته الأن . وأصر معالي الوزير علي أنه رأني من قبل لكنه غير متذكر أين . فيما بعد إحتفظنا معا بعلاقة جيدة جدا ربما بدأت قبل أن نولد في عالم تلاقي الأرواح .
أنقي حب هو حب الروح للروح فلا يمكن أن يكون الفراق إلا بالموت ، و إذا إبتعد الحبيب بجسده تظل روحه تسكن روحك لأن حب الروح بلغ الخلود الأبدي الطاهر ، لا يعرف الخداع ، فإن حب الجسد فاني وحب الروح هو الحب الخالد لأنه عشق المعشوق .
حين تتعلق الأرواح بأخرى لا تستطيع أن تبتعد عنها أو تنساها، لأنها أعمق إحساس فيظل معك طوال حياتك ، فلا تستطيع أن تحدد هل روحك متعلقه بشكله أو بكلامه أو هندامه ،فلا تتلقي إجابة سوي ان روحك الكامنة في كل أنحاء جسدك تحبه بل تعشقه .
ومن المستحيل أن تجدها في إنسان أخر لأن الروح دائما واحدة فقط بدون بديل . أنت يمكن أن تحب بعينيك صورة تراها جميلة و تتغير أو تنساها ، لكن من المستحيل أن تحب روحا صادقة و تنساها لأن حب الروح للروح لا يفني ..
نعم ..
روحي وروحك حبايب
من قبل دا العالم و الله .