بعد النتائج المخزية التى جاءت بها البعثة الاوليمبية من باريس، انقسم الرأى العام بين مؤيد ومعرض، مؤيد لضرورة المشاركة بغض النظر عن الهزيمة، فيكفينا شرفا ان نخوض المنافسة، بين دول عالمية تنفق ببذخ على هذه المسابقات، وتعد لاعبيها من فترات مبكرة بمستوى احترافى، وهناك راى رافض لتلك النتائج السيئة، ويطالب ببحث أسباب الإخفاق ومحاسبة المقصرين، الذين نزلوا بمصر إلى هذا الدرك المتدنى من النتائج!!
بين هذا وذاك عاش الوسط الرياضى فى حيرة كبيرة وقلق شديد، خشية من أن ينتهى هذا الجدل ليعود الوضع على ما هو عليه كما حدث فى دورات سابقة مثل (اتلانتا وطوكيو)، حين كان نفس الغضب الذى انتهى لتوصيات دخلت الادراج، وعاد الوضع على ما هو عليه حتى جاءت دورة باريس ليحدث ماحدث دون أن نستوعب الدرس!!
وهنا كان الرئيس السيسى الأحرص على سمعة مصر ومكانتها، فاتخذ قراره الحاسم بتقييم شامل لآداء البعثة الاوليمبية بباريس، وربط المخصصات المالية للاتحادات بنتائجها.
وكذلك الألعاب الفردية مع تطبيق مبدا المحاسبة بشفافية، والاهتمام بإزالة اية معوقات فى مجال الرياضة ووضع الضوابط لتحقيق أكبر إنجاز فى المسابقات العالمية، من خلال تعديل قانون الرياضة من جانب الحكومة، بتخفيف قبضة الجمعيات العمومية فى اختيار القيادات، وكذلك اطلاق الاستثمار فى هذا المجال، على ان يعرض على مجلس النواب فى دور انعقاده القادم.
ومن الأمانة نقول إن تدخل القيادة السياسية فى ملف الرياضة جاء فى وقته المناسب، خاصة بعدما أصبح واضحا للكل حجم الفساد فى هذا الملف، من غياب المعايير لاختيار اللاعبين، مع انتشار المحاباة والمحسوبية فى تفضيل لاعب على آخر، وعدم الاهتمام بإعداد المدرب المحلى، وتبنى الكفاءات والموهوبين من البداية بالانفاق عليها حتى تصل إلى المنافسة العالمية.!!
وأخيرًا اذا كان قرار الرئيس بمراجعة ما حدث فى دورة باريس، قد أثلج صدور الجميع داخل الوسط الرياضى وخارجه، فان الكل فى انتظار نتيجة هذا التقييم وتلك المراجعة فى صورة قرارات محددة، وآليات عملية لتطبيق هذه القرارات بجدول زمنى معلوم، حتى لا نرى الوجوه القديمة التى جلبت الهزيمة فى مناصبها مرة أخرى، وافساح المجال للشباب والكفاؤات الجديدة كى تأخذ دورها، بما يتفق مع الجمهورية الجديدة من تحديث وتطوير.
تحية للقيادة السياسية التى تضع دائما مصلحة مصر واسمها نصب عينيها فى كل مجال،
وتحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وتحيا مصر فعلها الرئيس عبدالعظيم الباسل مجلس النواب مصلحة مصر
إقرأ أيضاً:
ضجيج بلا طحين
قديما قالوا "سمعنا ضجيجا ولم نر طحينًا، كثيرًا من الصخب قليلًا من الأثر"، هذا هو حال المجتمع المصري فى هذه السنوات العجاف، فهل يأتى قريبًا عام الفرج الذى يُغاث فيه القوم ويُرزَقون؟
سنوات تمر والفجوة تتسع رويدًا رويدًا بين الشعب المصرى والنخب وسط حالة مثيرة للتساؤلات عن أسباب الاختفاء الواضح للرموز والمبدعين فى ظاهرة تستحق الدراسة، فمصر التى عرفناها دائمًا (ولادة) ورائدة فى كل مجالات الثقافة والسياسة والرياضة والفن يبدو أنها قد بلغت سن اليأس فجأة وتوقفت عن الإنجاب بلا أى مبرر منطقى.
أين ذهبت الرموز الوطنية الذين طالما التفت حولهم الجماهير لتتعلم وتقتدى بهم وتسير فى نور إبداعهم نحو الأفضل؟ ما الذى منع ظهور أجيال جديدة من المبدعين بعد رحيل أو اختفاء آخر أجيال العملاقة فى شتى المجالات، كان لدينا قبل فترة قريبة أسماء خلدها التاريخ استطاعت أن تجر قاطرة الوطن نحو الريادة والتميز، وأن تشكل وجدان المصريين بكل ما هو محترم وراقٍ، فلماذا لم يتسلم الجيل الجديد هذه الراية منهم.
أين تلامذة هؤلاء؟ وهل ماتوا دون أن ينجبوا للوطن أجيالا جديدة على نفس مستوى الإبداع والتميز؟ هل وصل الحال إلى أن يصبح المتصدرون للمشهد بهذا السوء والفقر والخواء الثقافي والعلمي في مصر الرائدة التى علّمت الجميع معنى الإبداع والفن والحضارة عبر آلاف السنين؟ فكيف تصل إلى هذه الحالة من الضحالة الفكرية والفنية؟ وكيف يتصدر مشهدها الثقافى والفنى والإعلامى بعض معدومى الموهبة وفقراء الإبداع؟!
حالة مؤسفة من اختفاء الرموز المضيئة ربما لم تشهدها مصر عبر تاريخها، وظاهرة تستدعى أن ينهض مثقفو هذه الأمة ومبدعوها من كبوتهم وسباتهم العميق سريعًا فعجلة الزمان لا تتوقف، ومن يسقط لا ينهض مجددًا، ليست مشكلة دولة فحسب ولكنها مشكلة شعب بأسره ارتضى مرغمًا أو تحت وطأة السنوات العجاف بهذه الحالة المزرية من الانحطاط الأخلاقي والثقافى والفنى دون أدنى محاولة لتغيير الواقع والعودة إلى الجذور والثوابت التى تربت عليها أجيال سابقة، فهل فات الأوان، أم أن أبناء هذه الأمة مازالوا يستطيعون قلب المعادلة وإحياء تاريخ الأجداد وإعادة مصر لمكانتها وريادتها فى شتى مجالات الفكر والعلم والفن والثقافة؟!!