هل أحرج حزب الله الأسد في ضرباته الصاروخية على حيفا؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من مخاطر تحويل لبنان إلى "غزة أخرى" في خضم تصعيد للأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
وقال غوتيريش في تصريح لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة: "ما يثير قلقي هو خطر تحويل لبنان إلى غزة أخرى"، معتبرًا أن الأطراف المتصارعة غير مهتمة بوقف إطلاق النار".
أيام معدودة وتدخل حرب الجبهة الجنوبية في لبنان عامها الأول، إذ منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والحرب تأخذ منحنًى تصاعديًا، لاسيما بعدما كسرت إسرائيل بتفجيراتها للأجهزة اللاسلكية "البيجر" كافة القواعد الأخلاقية والأمنية، زاد ذلك الضربةُ التي نفذها طيرانها الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول الجاري في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأدت لمقتل 12 قياديًا في حزب الله.
إنها حرب "عض الأصابع" تعتمد على من سيتنازل أولًا، لأنه على ما يبدو لا حلولَ تلوح في الأفق لأي تسوية ممكنة لا فيما يتعلّق بوقف الحرب، ولا حتى فيما يرتبط بإبرام صفقة تحرير المحتجزين لدى الطرفين، رغم أن إدارة بادين تحتاجها لفكّ أسر 10 أميركيين، فتستطيع من خلال الصورة التذكارية لبايدن وبجانبه المرشحة الديمقراطية على الرئاسة نائبته كامالا هاريس تسجيل نقاطٍ والتأثير على الرأي العام الأميركي؛ لزيادة حظوظها في الوصول إلى البيت الأبيض.
في إطار الردّ الانتقامي على الإجرام الإسرائيلي، أعلن حزب الله، الأحد 22 سبتمبر/ أيلول الجاري، أنه استهدف قاعدة ومطار "رامات ديفيد" بعشرات الصواريخ من نوع فادي1 وفادي 2. وبحسب بيان الحزب فإنها المرة الأولى التي يتمّ فيها استخدام مثل هذه الصواريخ منذ الثامن من أكتوبر /تشرين الأول الماضي، حيث أطلق عليها التسمية نسبة إلى القيادي في حزب الله فادي حسن طويل الذي قُتل في عام 1987 في مواجهة للحزب مع العدو الإسرائيلي.
لا يكفي التوقف عند نوعية هذه الصواريخ ومدى فاعليتها في ضرب العمق على بُعد 100 كيلو متر، وهي موجهة بدقة لكي تصيب أهدافها، بل الأهم أنّها صواريخ سوريّة الصنع، والتي أصبحت جزءًا من الترسانة الصاروخية لحزب الله وتعادل صاروخ خيبر الإيراني.
ظهرت هذه الترسانة للمرة الأولى في مقطع مصور نشره الحزب لمنشأة عماد 4، فهل هذا مؤشر واضح على أن حزب الله تعمد الكشف عن الصاروخ لفتح جبهة الجولان وإشراك النظام السوري في الحرب الكبرى إن وقعت؟ وهل يتلاقى هذا مع سلسلة التعيينات التي أجراها نظام الأسد في وزاراته، لاسيما وزارة الخارجية؟
لا يفتأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومجموعة كبيرة من مسؤوليه يهددون الدول الغربية بتوجيه ضربات موجعة إلى عواصمهم إن قاموا بالسماح للجيش الأوكراني باستخدام أسلحتهم لضرب العمق الروسي. فهذا من المنظور الروسي يدخل في خانة المشاركة الغربية في ضرب المناطق الروسية، ويعتبر تهديدًا لأمنها القومي، ما يسمح لها بتوجيه ضربات من قبل روسيا إلى أي هدف تجده القوات الروسية حيويًا لها حتى لو كان داخل حدود هذه الدول.
ينطبق ما قام به حزب الله من اختياره صواريخ فادي 1و 2 مع المنطق الروسي، ومع ما يتطابق من التعيينات التي قام بها الرئيس الأسد، لا سيما بتعيينه فيصل المقداد وزيرًا للخارجية السورية ذا الهوى الإيراني. إذ دعت وزارة الخارجية الروسية إلى عدم البحث عن خلفيات سياسية وراء قرار التعيين هذا، كي لا يقع الصدام بين الحليفين؛ لأن وجهة المقداد في زيارته الأولى ستكون طهران وليس موسكو في دلالة يقرؤُها البعض بأن التموضع السوري الجديد إلى جانب محور الممانعة.
منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول، والحرب في جنوب لبنان رسمت إطار الضربات العسكرية، باستثناء تلك الضربات التي نفذّتها قوات الجو الإسرائيلية في العمق اللبناني. لكن مع اعتبار إسرائيل أن عملياتها في قطاع غزة شارفت على الانتهاء، بدأت الخطابات عند المسؤولين الإسرائيليين تتحدث عن عمليات نوعية داخل العمق اللبناني؛ بهدف ردع الحزب عن الاستمرار بجبهته الإسنادية، وإعادة مستوطنيها إلى منازلهم في شمال فلسطين المحتلة.
بين عودة المحتجزين لدى حماس، وعودة المستوطنين إلى مناطقهم في الشمال، تتوسع دائرة الحرب، وتأخذ بعدًا أكثر دموية، لاسيما مع تعمد الطائرات الإسرائيلية استهدافَ كافة المناطق اللبنانية التي تتواجد فيها مراكز أو شخصيات لحزب الله.
لقد سقطت كافة الخطوط الحمراء، وكسرت قواعد الاشتباك، فبات الوضع يتدحرج نحو الأسوأ، رغم التقاطع الإيراني الأميركي بعدم توسيعها، لكن المؤشرات تؤكد أن سوريا تتأرجح بين الموانع الروسية والرغبة الإيرانية بإدخال نظام الأسد كجزء من القوة الممانعة في المنطقة.
أقفلت سوريا حدودها مع إسرائيل، ومنع النظام توحيد ساحاته من جبهة الجولان، رغم أنّ النظام بعد الأحداث السورية عام 2011، اعتُبر جزءًا لا يتجزأ من هذا المحور. لكنّ الأبرز أنه رغم ما تعرّضت له حركة حماس في قطاع غزة، ورغم الحرب التي باتت شبه مفتوحة في لبنان والقابلة لأن تتدحرج نحو حرب واسعة على لبنان، فإنّ النظام السوري ينأى بنفسه، ويحرص على عدم الانجرار إليها، رغم استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، ومئات الغارات التي ينفذها الطيران الإسرائيلي في العمق السوري.
بعد 13 عامًا من نزاع دامٍ في سوريا، يحاول رأس النظام بشار الأسد، الموازنة بين داعمتيه الرئيسيتين إيران التي هي عدو لإسرائيل، والتي سارعت مجموعات موالية لها إلى مساندة حركة حماس، وبين روسيا. حيث تؤكد المصادر أن روسيا وبعض الدول الإقليمية فتحوا علاقات مع النظام منذ عام 2018 نصحتا سوريا بتجنب التموضع وحثتاه على البقاء بمنأى عن النزاع الدائر بين المحور وإسرائيل. هذا، وهناك تأكيدات من مصادر غربية أن النظام تلقى تهديدًا واضحًا من إسرائيل؛ مفاده أن أي تدخل في هذه الحرب سيتم تدمير النظام.
لم تزل جبهة الجولان ترزح تحت معادلة "فكّ الاشتباك" التي وقّعت عام 1974، رغم بعض الخروقات التي حصلت والتي شملت 30 صاروخًا نفذتها مجموعات متحالفة مع حزب الله على الجولان المحتل. إن حرص النظام على عدم التدخل، قد يكون استجابة لطلب حلفاء له، أو لأنّ سوريا أصبحت منكوبة نتيجة الحرب التي حصلت على أراضيها، ونتيجة العقوبات المفروضة عليها من قبل الإدارة الأميركية على رأسها تطبيق قانون "قيصر" منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
مهما يكن من مبررات لعدم إقحام النظام نفسه في هذه الحرب، فإنّ هناك توجهًا من قبل المحور لفتح جبهات الحرب على إسرائيل. لاسيما بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توسيع الحرب في لبنان لتشمل كافة المناطق. لهذا لم يعد دخول سوريا مرتبطًا بخيار، بل هو قرار يجب الالتزام به، فهل هو الوقت لفتح هذه الجبهة؟ أم أن الحزب يستخدم المخزون من صواريخه دون قراءة مكان التصنيع؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله
إقرأ أيضاً:
تكريم ألف محارب أصيبوا بإعاقة خلال الثورة السورية في إدلب
إدلب- كرمت وزارة الدفاع السورية ألف شخص من جرحى الحرب أصيبوا بإعاقات دائمة، ضمن حفل أقيم في مدينة إدلب تحت عنوان "حفل معايدة أهل التحية والفداء"، وفاءً لتضحياتهم خلال سنوات الحرب، والتي فقدوا بها البصر أو أحد أطرافهم أو كليهما.
ويعد معظم مصابي الحرب ذوي الإعاقة الدائمة من فئة الشباب الذين انضموا للفصائل العسكرية، معلنين وقوفهم لجانب الثورة السورية وانخراطهم في الصراع ضد النظام السابق، وبينهم الكثير من حاملي الشهادات الجامعية في الطب أو الهندسة وغيرهما من الاختصاصات.
وأصيب الآلاف خلال سنوات الحرب بإصابات بليغة سببت لهم إعاقة دائمة، مما جعلهم بحاجة إلى شخص يلازمهم لتقديم المساعدة إذا كانت الإصابة مسببة لشلل كامل، في حين تغلب القسم الآخر منهم على إصابته إذا كانت ببتر أحد الأطراف أو شلل نصفي.
أصيب أيمن الجدي (أب لـ4 أطفال) بحالة شلل منذ عام 2014 في مدينته معرة النعمان جنوب إدلب، والتي هُجر منها إلى مخيمات مشهد روحين شمال إدلب في عام 2020، لكن وبعد سقوط النظام السابق لم يستطع العودة إلى منزله المدمر، حيث يحتاج إلى إعادة إعمار، مما اضطره للبقاء في مخيم النزوح.
ويرغب أيمن في علاج لحالته، بالإضافة لتأمين مشروع عمل صغير يستطيع العمل به وهو على كرسيه، لعله يستطيع تأمين ما تحتاجه عائلته وأطفاله من مصاريف يومية.
أما أحمد غسان فأصيب بشلل نصفي خلال المعارك التي خاضتها الفصائل العسكرية عام 2020 ضد النظام السابق وروسيا، وقال للجزيرة نت "نحن نتلقى راتبا شهريا من قبل وزارة الدفاع، ولكننا كشباب ما زلنا قادرين على العمل والإنجاز، لذلك طالبنا بتأمين وظائف أو تأمين مشاريع صغيرة تتناسب ونوع الإصابة، لنكون منتجين لا مستهلكين فقط".
إعلانوأضاف أن "الإعاقة هي إعاقة العقل وليس البدن، وما دام العقل يعمل فنحن قادرون على العطاء والبذل لهذا الوطن، فأنا متعلم وحاصل على شهادة جامعية وأستطيع العمل بشهادتي وأنا على كرسي الإعاقة".
في حين يفكر عرفات دعبول الذي هجّر من مدينة الزبداني في دمشق إلى إدلب عام 2016، في العودة إلى مسقط رأسه هو وعائلته المؤلفة من 6 أشخاص، ولكنه فقد منزله خلال الحرب، ويأمل أن يجد من يعيد له بناء منزله وتأمين عمل له يسهل عودته.
ويسعى والد الشاب أحمد الحسين (25 عاما) الذي هجر مع عائلته من قرية الحماميات بريف حماة إلى الشمال السوري، إلى تأمين ما يستطيع لابنه الذي يجر كرسيه بعد أن أصيب بشلل نصفي خلال المعارك مع النظام السابق، من علاج أو مسكن أو حتى المستلزمات الطبية واليومية التي يحتاجها.
وناشد أن يكون الاهتمام بهؤلاء المصابين هو الأولوية لما قدموه من تضحيات في سبيل أن يعيش الشعب السوري بحرية وكرامة، مؤكدا على عدم التنازل عن المطالبة بالعدالة الانتقالية، التي تضمن معاقبة من تسبب بشلل ابنه وغيره من الشباب في سوريا.
وفي كلمة ألقاها وزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبو قصرة أمام المصابين، شكر فيها ما قدموه من تضحيات خلال سنوات الحرب، "والتي فقدوا بها أجزاء من أجسادهم في سبيل نصر الثورة السورية، التي استطاعت بفضلهم تحرير سوريا من النظام البائد".
ونقل رسالة باسم رئيس الجمهورية أحمد الشرع، تقدم فيها بالتهنئة والتبريك لـ"رجال العز والكرامة.. الذين صبروا على جراحهم وآلامهم حتى تحقق النصر للثورة"، شاكرا لهم ما قدموه.
وأكد أن المصابين هم "وقود الثورة، وبآلامهم رسموا الطريق الذي عبرت من خلاله الثورة لتحقق النصر على النظام البائد"، وأضاف أن "جراحهم كانت مشاعل النور، والحافز الذي شجع على الاستمرار بالوقوف في وجه الطغيان، حتى تحررت الأرض وانتصر الحق".
إعلانووعد أبو قصرة ببناء جيش قوي حديث "يليق بتضحيات أهل سوريا، بالتزامن مع هذه المرحلة التاريخية الجديدة، التي تسير بها عجلة البناء بثبات، حتى تصبح سوريا كما أرادها السوريون".
من جهته، قال مدير مديرية شؤون الجرحى في وزارة الدفاع حذيفة السليمان للجزيرة نت إن المديرية تعمل على تنظيم أمور جميع الجرحى خلال سنوات الثورة الـ14، وتقوم بجمع المعطيات الخاصة بهم لتقديم الخدمات الطبية واللوجستية لهم في المستقبل، بالإضافة لمتابعة من يحتاجون لعلاج أو لتأمين أطراف صناعية.
ولفت إلى أن الوزارة تعمل على توثيق جميع الجرحى الذين كانوا مع الفصائل العسكرية، من خلال تقديم الوثائق الخاصة بهم لمديرية شؤون الجرحى، بمن فيهم من كانوا يتبعون لفصائل تفككت خلال سنوات الثورة، حيث سيتم التواصل معهم وإضافتهم لقائمة وزارة الدفاع.
وأشار السليمان إلى أن وزارة الدفاع لديها خطة لتأهيل المصابين وذوي الإعاقة لتوظيفهم في مؤسسات الدولة، بحسب خبراتهم ومهاراتهم ومستواهم العلمي ولمن يستطيع العمل، وذلك من خلال قانون -ربما يصدر في وقت لاحق- بتخصيص نسبة معينة في كل وزارة لتشغيل عدد من العاملين فيها ممن هم من ذوي الإعاقة.