الجزيرة:
2025-01-03@18:05:41 GMT

هل أحرج حزب الله الأسد في ضرباته الصاروخية على حيفا؟

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

هل أحرج حزب الله الأسد في ضرباته الصاروخية على حيفا؟

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من مخاطر تحويل لبنان إلى "غزة أخرى" في خضم تصعيد للأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وقال غوتيريش في تصريح لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة: "ما يثير قلقي هو خطر تحويل لبنان إلى غزة أخرى"، معتبرًا أن الأطراف المتصارعة غير مهتمة بوقف إطلاق النار".

أيام معدودة وتدخل حرب الجبهة الجنوبية في لبنان عامها الأول، إذ منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والحرب تأخذ منحنًى تصاعديًا، لاسيما بعدما كسرت إسرائيل بتفجيراتها للأجهزة اللاسلكية "البيجر" كافة القواعد الأخلاقية والأمنية، زاد ذلك الضربةُ التي نفذها طيرانها الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول الجاري في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأدت لمقتل 12 قياديًا في حزب الله.

إنها حرب "عض الأصابع" تعتمد على من سيتنازل أولًا، لأنه على ما يبدو لا حلولَ تلوح في الأفق لأي تسوية ممكنة لا فيما يتعلّق بوقف الحرب، ولا حتى فيما يرتبط بإبرام صفقة تحرير المحتجزين لدى الطرفين، رغم أن إدارة بادين تحتاجها لفكّ أسر 10 أميركيين، فتستطيع من خلال الصورة التذكارية لبايدن وبجانبه المرشحة الديمقراطية على الرئاسة نائبته كامالا هاريس تسجيل نقاطٍ والتأثير على الرأي العام الأميركي؛ لزيادة حظوظها في الوصول إلى البيت الأبيض.

في إطار الردّ الانتقامي على الإجرام الإسرائيلي، أعلن حزب الله، الأحد 22 سبتمبر/ أيلول الجاري، أنه استهدف قاعدة ومطار "رامات ديفيد" بعشرات الصواريخ من نوع فادي1 وفادي 2. وبحسب بيان الحزب فإنها المرة الأولى التي يتمّ فيها استخدام مثل هذه الصواريخ منذ الثامن من أكتوبر /تشرين الأول الماضي، حيث أطلق عليها التسمية نسبة إلى القيادي في حزب الله فادي حسن طويل الذي قُتل في عام 1987 في مواجهة للحزب مع العدو الإسرائيلي.

لا يكفي التوقف عند نوعية هذه الصواريخ ومدى فاعليتها في ضرب العمق على بُعد 100 كيلو متر، وهي موجهة بدقة لكي تصيب أهدافها، بل الأهم أنّها صواريخ سوريّة الصنع، والتي أصبحت جزءًا من الترسانة الصاروخية لحزب الله وتعادل صاروخ خيبر الإيراني.

ظهرت هذه الترسانة للمرة الأولى في مقطع مصور نشره الحزب لمنشأة عماد 4، فهل هذا مؤشر واضح على أن حزب الله تعمد الكشف عن الصاروخ لفتح جبهة الجولان وإشراك النظام السوري في الحرب الكبرى إن وقعت؟ وهل يتلاقى هذا مع سلسلة التعيينات التي أجراها نظام الأسد في وزاراته، لاسيما وزارة الخارجية؟

لا يفتأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومجموعة كبيرة من مسؤوليه يهددون الدول الغربية بتوجيه ضربات موجعة إلى عواصمهم إن قاموا بالسماح للجيش الأوكراني باستخدام أسلحتهم لضرب العمق الروسي. فهذا من المنظور الروسي يدخل في خانة المشاركة الغربية في ضرب المناطق الروسية، ويعتبر تهديدًا لأمنها القومي، ما يسمح لها بتوجيه ضربات من قبل روسيا إلى أي هدف تجده القوات الروسية حيويًا لها حتى لو كان داخل حدود هذه الدول.

ينطبق ما قام به حزب الله من اختياره صواريخ فادي 1و 2 مع المنطق الروسي، ومع ما يتطابق من التعيينات التي قام بها الرئيس الأسد، لا سيما بتعيينه فيصل المقداد وزيرًا للخارجية السورية ذا الهوى الإيراني. إذ دعت وزارة الخارجية الروسية إلى عدم البحث عن خلفيات سياسية وراء قرار التعيين هذا، كي لا يقع الصدام بين الحليفين؛ لأن وجهة المقداد في زيارته الأولى ستكون طهران وليس موسكو في دلالة يقرؤُها البعض بأن التموضع السوري الجديد إلى جانب محور الممانعة.

منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول، والحرب في جنوب لبنان رسمت إطار الضربات العسكرية، باستثناء تلك الضربات التي نفذّتها قوات الجو الإسرائيلية في العمق اللبناني. لكن مع اعتبار إسرائيل أن عملياتها في قطاع غزة شارفت على الانتهاء، بدأت الخطابات عند المسؤولين الإسرائيليين تتحدث عن عمليات نوعية داخل العمق اللبناني؛ بهدف ردع الحزب عن الاستمرار بجبهته الإسنادية، وإعادة مستوطنيها إلى منازلهم في شمال فلسطين المحتلة.

بين عودة المحتجزين لدى حماس، وعودة المستوطنين إلى مناطقهم في الشمال، تتوسع دائرة الحرب، وتأخذ بعدًا أكثر دموية، لاسيما مع تعمد الطائرات الإسرائيلية استهدافَ كافة المناطق اللبنانية التي تتواجد فيها مراكز أو شخصيات لحزب الله.

لقد سقطت كافة الخطوط الحمراء، وكسرت قواعد الاشتباك، فبات الوضع يتدحرج نحو الأسوأ، رغم التقاطع الإيراني الأميركي بعدم توسيعها، لكن المؤشرات تؤكد أن سوريا تتأرجح بين الموانع الروسية والرغبة الإيرانية بإدخال نظام الأسد كجزء من القوة الممانعة في المنطقة.

أقفلت سوريا حدودها مع إسرائيل، ومنع النظام توحيد ساحاته من جبهة الجولان، رغم أنّ النظام بعد الأحداث السورية عام 2011، اعتُبر جزءًا لا يتجزأ من هذا المحور. لكنّ الأبرز أنه رغم ما تعرّضت له حركة حماس في قطاع غزة، ورغم الحرب التي باتت شبه مفتوحة في لبنان والقابلة لأن تتدحرج نحو حرب واسعة على لبنان، فإنّ النظام السوري ينأى بنفسه، ويحرص على عدم الانجرار إليها، رغم استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، ومئات الغارات التي ينفذها الطيران الإسرائيلي في العمق السوري.

بعد 13 عامًا من نزاع دامٍ في سوريا، يحاول رأس النظام بشار الأسد، الموازنة بين داعمتيه الرئيسيتين إيران التي هي عدو لإسرائيل، والتي سارعت مجموعات موالية لها إلى مساندة حركة حماس، وبين روسيا. حيث تؤكد المصادر أن روسيا وبعض الدول الإقليمية فتحوا علاقات مع النظام منذ عام 2018 نصحتا سوريا بتجنب التموضع وحثتاه على البقاء بمنأى عن النزاع الدائر بين المحور وإسرائيل. هذا، وهناك تأكيدات من مصادر غربية أن النظام تلقى تهديدًا واضحًا من إسرائيل؛ مفاده أن أي تدخل في هذه الحرب سيتم تدمير النظام.

لم تزل جبهة الجولان ترزح تحت معادلة "فكّ الاشتباك" التي وقّعت عام 1974، رغم بعض الخروقات التي حصلت والتي شملت 30 صاروخًا نفذتها مجموعات متحالفة مع حزب الله على الجولان المحتل. إن حرص النظام على عدم التدخل، قد يكون استجابة لطلب حلفاء له، أو لأنّ سوريا أصبحت منكوبة نتيجة الحرب التي حصلت على أراضيها، ونتيجة العقوبات المفروضة عليها من قبل الإدارة الأميركية على رأسها تطبيق قانون "قيصر" منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

مهما يكن من مبررات لعدم إقحام النظام نفسه في هذه الحرب، فإنّ هناك توجهًا من قبل المحور لفتح جبهات الحرب على إسرائيل. لاسيما بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توسيع الحرب في لبنان لتشمل كافة المناطق. لهذا لم يعد دخول سوريا مرتبطًا بخيار، بل هو قرار يجب الالتزام به، فهل هو الوقت لفتح هذه الجبهة؟ أم أن الحزب يستخدم المخزون من صواريخه دون قراءة مكان التصنيع؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله

إقرأ أيضاً:

سقوط نظام الأسد فرص ومخاوف أردنية


استيقظ العالم العربي في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر على خبر سقوط نظام بشار الأسد، حدثٌ شكّل زلزالا في الدولة السورية والدول المحيطة والعالم. ونظرا للعلاقة التي تربط الأردن بسوريا ووجود حدود مشتركة تصل إلى 370 كيلومترا، فإن الحدث بلا شك ينعكس على المنطقة والساحة السياسية الأردنية بشكل خاص وكبير.

(1) علاقة تاريخية غير مستقرة

رغم أن الأردن وسوريا كانتا جزءا من مشروع الدولة العربية الكبرى الذي تم الاتفاق عليه ما بين الشريف الحسين بن علي، شريف مكة، وهنري مكماهون، المفوض السامي البريطاني في مصر في عام 1915، إلا أن إخلاف الوعد البريطاني للشريف حسين بن علي وإسقاط الفرنسيين المملكة السورية بقيادة الملك فيصل بن الشريف الحسين بن علي، وشقيق الملك عبد الله مؤسس إمارة شرق الأردن في عام 1921، جعل البلدين العربيين يعيشان حالة من الاختلاف الأيديولوجي والانقسام ما بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، وما بين نظام اقتصادي اشتراكي في سوريا ونظام رأسمالي حر في الأردن، وما بين ما يُسمى حلف الاعتدال العربي الموالي لأمريكا وحلف الممانعة العربي في المنطقة.

لم تكن العلاقة الأردنية- السورية على ما يرام منذ بداية القرن الماضي، إلا أن الشكوك والتوجس السياسي بين البلدين بدأ يظهر إلى العلن منذ الوحدة ما بين سوريا ومصر وسعي نظام عبد الناصر، الذي كان يقود الوحدة، لاستهداف النظام الملكي الأردني باعتباره جزءا من مخلفات الاستعمار على حد وصف التيارات القومية. هذا الخلاف بين النظامين جعل نظام الوحدة يدعم انقلاب الجيش الأردني ورئيس أول حكومة أردنية منتخبة على النظام الملكي في عام 1957، قبل أن يفشل هذا الانقلاب ويفر قادة الانقلاب إلى سوريا ومصر.

شكل سقوط النظام السوري مجموعة من الفرص والمخاوف للدولة الأردنية. فالفرص إذا ما تم استثمار الحدث ومحاولة تسخيره بما يخدم الشعب السوري والدولة الأردنية، والتعاطي مع الأحداث بموضوعية بعيدا عن التشكك والتوجس من القادمين الجدد لحكم سوريا. كما أن هناك مخاوف مشروعة للدولة الأردنية من الآثار السياسية والأمنية التي نتجت عن هذا الزلزال السياسي والأمني الكبير
ازدادت التوترات بين البلدين أكثر في عام 1958 عندما حاول سلاح الجو السوري اعتراض طائرة الملك الحسين ومحاولة إجبارها على الهبوط في الأراضي السورية، قبل أن تعود الطائرة إلى الأردن، حيث اتهم الأردن سوريا بمحاولة اختطاف العاهل الأردني ومحاولة قتله. ورغم هدوء العلاقة بعد ذلك، إلا أن الخلافات السياسية بين البلدين كانت تتدحرج عند كل منعطف سياسي.

ففي الحرب الأهلية عام 1970 التي نشبت بين الجيش الأردني والفصائل الفدائية التي تدفقت إلى الأردن بعد هزيمة حزيران/ يونيو عام 1967، حاولت القوات السورية دعم تلك الفصائل من أجل إسقاط النظام الأردني، قبل أن يسيطر الجيش الأردني على المشهد الداخلي وينهي تلك الحرب لصالح الجيش والدولة الأردنية. في ذات الوقت، عمد النظام الأردني إلى احتضان الإخوان المسلمين السوريين منذ عام 1980، وحمايتهم من ملاحقة نظام الأسد الذي ارتكب أبشع مجزرة وقعت في سوريا قبل الثورة. كما تحالف الأردن مع النظام العراقي في وجه النظام السوري، رغم انتماء النظامين إلى حزب البعث الاشتراكي. كما اتهم الأردن النظام السوري بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء مضر بدران في عام 1980.

بقيت العلاقات في حالة شد وجذب إلى أن اندلعت الثورة السورية في 2011، التي أحدثت تحولا كبيرا في العلاقة، مع انحياز النظام الأردني، الذي كان موقفه متسقا مع الموقف الشعبي في دعم الثورة السورية بشكل موارب وغير معلن، لتشهد العلاقات الأردنية- السورية شبه قطيعة صامتة رغم بقاء السفير السوري في عمّان بداية الثورة، قبل أن يُطلب منه الخروج من عمّان في عام 2014.

(2) أوضاع حدودية مقلقة قبل سقوط الأسد

بعد اندلاع الثورة السورية وتدخل الروس في أيلول/ سبتمبر 2015 لصالح النظام السوري، وحسم المعركة لصالح عائلة الأسد، ونتيجة للتمدد الإيراني في سوريا وتغلغله في معظم المناطق السورية، نشأت هناك أوضاع مقلقة على جميع الاصعدة للدولة الأردنية تمثلت في:

تواجد أكثر من ثمانية آلاف من القوات الطائفية التابعة للدولة الإيرانية في الجنوب السوري على الحدود الأردنية. هذه القوات كانت مزيجا من المرتزقة الأفغان والباكستانيين وبعض المليشيات الطائفية الشيعية التي دخلت إلى سوريا من أجل دعم النظام السوري وتعزيز الوجود الإيراني في سوريا. كان الأردن يشعر بقلق كبير من تواجد هذه القوات على حدوده الشمالية الشرقية، التي تمتد على طول 370 كيلومترا، ما أدى إلى أحداث أمنية سقط نتيجتها بعض القوات الأمنية الأردنية، فرغبة إيران في التغلغل في الساحة الأردنية وإحداث الفوضى كانت حثيثة وواضحة، لتوسيع نفوذها في الوصول إلى الحدود الأردنية الإسرائيلية، من أجل تقوية أوراق تفاوضها مع المشروع الأمريكي-الإسرائيلي في تقاسم النفوذ في المنطقة.

انتشار تهريب السلاح وحبوب الكبتاجون من الحدود السورية إلى الداخل الأردني، ومحاولة الوصول إلى الأسواق الخليجية والعالمية عبر الأردن، إذ تقدر السلطات البريطانية، في دراسة استقصائية، أن نظام الأسد بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري المخلوع، كان ينتج 80 في المائة من صناعة الكبتاغون، في العالم كما تُقدّر أن دخل النظام السوري من هذه التجارة بلغ 6 مليارات دولار سنويا، وأن النظام السوري كان ينشئ المصانع الضخمة من أجل صناعة الكبتاجون وتصديره إلى الخارج. شكّل ذلك ضغطا أمنيا كبيرا على أجهزة الأمن الأردنية، التي بدأت تنتشر في مدنها وقراها تجارة الكبتاغون، ما أحدث إشكاليات اجتماعية كبيرة في البيئة الأردنية.

استمرار حالة اللجوء السوري، فقد كان الأردن قد فتح الباب أمام اللجوء الإنساني وحماية الشعب السوري من بطش النظام، إذ بلغ عدد اللاجئين حوالي 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة، وحتى بعد أن هدأت الحرب وتم خفض التصعيد في العمليات القتالية 2017 بقيت عودة اللاجئين ضعيفة حيث لم يعد في عام 2023 سوى 37 ألف لاجئ سوري، نظرا للحالة الاقتصادية السيئة في سوريا وتدمير معظم البنية التحتية للدولة السورية التي تفتقر للخدمات الأساسية ، وضعف الشعور بالأمن، وبطش النظام، في حين أن اللجوء السوري كلف الأردن، وفقا للرواية الأردنية، أكثر من 44 مليار دولار، ولم تتجاوز مساهمة المجتمع الدولي أكثر 10 مليارات دولار. تحمّل الأردن واقتصاده الضعيف كل هذا الضغط المالي، ما انعكس على تضخم نسبة البطالة والفقر في الأردن.

(3) فرص ومخاوف أردنية

شكل سقوط النظام السوري مجموعة من الفرص والمخاوف للدولة الأردنية. فالفرص إذا ما تم استثمار الحدث ومحاولة تسخيره بما يخدم الشعب السوري والدولة الأردنية، والتعاطي مع الأحداث بموضوعية بعيدا عن التشكك والتوجس من القادمين الجدد لحكم سوريا. كما أن هناك مخاوف مشروعة للدولة الأردنية من الآثار السياسية والأمنية التي نتجت عن هذا الزلزال السياسي والأمني الكبير.

بلا شك أن سقوط نظام الأسد سوف ينهي المخاوف الأردنية من محاولات تمدد المشروع الإيراني على الحدود الأردنية، والذي كانت مليشياته تشكل هاجسا أمنيا كبيرا على الحدود الشمالية الشرقية الأردنية. كما أن سقوط الأسد سوف يعني انتهاء تجارة وتهريب السلاح والكبتاغون وما كانت تمثله من تهديد أمني واجتماعي كبير للدولة الأردنية.

سقوط نظام الأسد سوف يدفع أمريكا والمجتمع الدولي إلى رفع "جبهة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب، مما يمهد لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، مما يسمح للأردن بالقيام بدور كبير في إعمار سوريا، إذ يملك الأردن شركات في مجال المقاولات لديها القدرة على أن تكون شريكة في إعادة الإعمار، كما أن رفع العقوبات سوف يسمح للأردن بتصدير الطاقة الكهربائية التي يمتلك الأردن وفرة كبيرة منها إلى سوريا التي تعاني كثيرا في هذا المجال، كما يسمح بمرور إمدادات الكهرباء إلى لبنان أيضا.

كما أن سقوط النظام السوري سوف يسرع في عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم ليشاركوا في إعادة بناء وطنهم. إذ بقي المواطن السوري المقيم في الأردن محجما عن العودة، حتى بعد انتهاء العمليات القتالية منذ 2017، لعدم شعوره باستقرار الدولة وعدم قدرتها على تلبية احتياجاته الأساسية من الغذاء والماء والعمل، في ظل حصار اقتصادي خانق فرضته الإدارة الأمريكية بموجب قانون قيصر على النظام السوري. عودة اللاجئين سوف تخفف من الضغط على الاقتصاد الأردني الضعيف، وتفتح المجال للأردن لإعادة بناء ذاته بعد أن يتخفف من أكبر موجة لجوء عرفتها الدولة الأردنية بعد اللجوء الفلسطيني.

يبقى تحقيق المصالح الأردنية وتبديد المخاوف بعد سقوط نظام الأسد مرتبطا بمدى سرعة النظام الأردني في التعاطي مع قيادة الثورة السورية والاعتراف بها، وتنسيق المواقف معها بما يخدم مصالح البلدين، فأي تأخير في مدّ جسور التواصل سوف تملؤه دول أخرى تطمح إلى دور ومساحة أكبر في سوريا الجديدة
الأهم من كل ذلك، فإن سقوط النظام سوف يجعل الأردن يسترد حصته المائية التي كان يمتنع النظام السوري المخلوع عن تقديمها، إذ يشترك الأردن وسوريا في روافد نهر اليرموك العابر للحدود الأردنية السورية، حيث يحصل الأردن على كمية مياه تتراوح بين 50 و100 مليون متر مكعب، بينما تنص الاتفاقيات المائية مع سوريا على منح الأردن 208 ملايين متر مكعب من المياه، كما أن النظام المخلوع سمح بإقامة أكثر من 17 سدا على روافد نهر اليرموك بشكل مخالف للاتفاق بين البلدين، وسمح بحفر أكثر من 1235 بئرا غير مرخصة للمياه الجوفية، مما يؤثر على الموارد المائية الجوفية الأردنية، ويطالب الأردن بردمها.

رغم كل الفرص التي فتحت للدولة الأردنية من سقوط نظام الأسد، تبقى المخاوف الأردنية كبيرة من عدم الاستقرار الأمني في الجارة السورية بعد سقوط النظام والخوف من اندلاع حرب أهلية، والمخاوف من الطبيعة الأيديولوجية التي يحملها القادمون الجدد إلى دمشق، رغم تبرؤ قائد العمليات الخاصة أحمد الشرع منها وتراجعه عنها، بالإضافة إلى تخوفات الأردن من عودة المقاتلين الأردنيين في سوريا، وخاصة الملتحقين بتنظيم "حراس الدين" التابع للقاعدة، الذين تقدر بعض المصادر عددهم بـ300 مقاتل، وما قد ينعكس ذلك على الأمن الأردني.

أما المخاوف الأردنية من الفراغ الذي سوف يتركه اللاجئون السوريون بعد عودتهم إلى بلادهم، وما يمكن أن يشكله من حالة فراغ في المجال الحِرفي وركود اقتصادي، خاصة في محافظات الشمال، فهي مخاوف ستتبدد إذا ما فتحت حركة التجارة بين الأردن وسوريا، وعادت الحالة الاقتصادية النشطة إلى ما كانت عليه قبل الثورة. إذ كانت المناطق الشمالية تتمتع بحالة اقتصادية مزدهرة نتيجة للحركة والتبادل التجاري بين البلدين.

لكن يبقى تحقيق المصالح الأردنية وتبديد المخاوف بعد سقوط نظام الأسد مرتبطا بمدى سرعة النظام الأردني في التعاطي مع قيادة الثورة السورية والاعتراف بها، وتنسيق المواقف معها بما يخدم مصالح البلدين، فأي تأخير في مدّ جسور التواصل سوف تملؤه دول أخرى تطمح إلى دور ومساحة أكبر في سوريا الجديدة.

مقالات مشابهة

  • أين اختفت ثروة آل الأسد، وهل يمكن للسوريين استعادتها؟
  • بعد سقوط الأسد... هل سيلقى الحوثيون نفس المصير؟
  • تصعيد إسرائيلي.. عام من الحرب والشغور الرئاسي في لبنان
  • عام من الحرب والشغور الرئاسي في لبنان
  • ‏مصادر فلسطينية: مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مقر وزارة الداخلية التي تديرها حماس في خان يونس بقطاع غزة
  • تمديد مهلة الستين يوماً… هل تشتعل الحرب من جديد؟!
  • سقوط نظام الأسد فرص ومخاوف أردنية
  • الكشف عن الأهوال التي يتعرض لها الفلسطينيين في غزة
  • تقرير يكشف حالة اقتصاد لبنان.. تفاصيل لافتة
  • بين تفاؤل حذر وواقع أليم.. اللبنانيون يبنون الآمال ويعولون على سنة أحلى عسى ألا تدمرها غارات جديدة