لجريدة عمان:
2025-03-11@12:32:04 GMT

خطة زيلينسكي للسلام التي لا بد أن يدعمها بايدن

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

في وقت سابق من الأسبوع الماضي، بدأت رحلة بطول ثلاثة آلاف كيلومتر على مدى يومين راجعًا من طرف أوروبا الآخر، حيث شهدت صمود أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية في مدينة خاركوف المحاصرة. قالت لي محاضرة جامعية إنها كانت ترى فعليا -من شرفة الطابق الثاني عشر في الضاحية الثالثة عشرة- أضواء الصواريخ عند إطلاقها من المنصات في الجهة الأخرى من الحدود في مدينة بيلجورود الروسية.

بوسع صاروخ إس-300 أن يصل إلى خاركيف من بيلجورود في غضون ثلاثين ثانية، وإذن فلا وقت للاختباء. وإن لم يكن صاروخا، فقنبلة انزلاقية تطلقها طائرة حربية روسية، وهكذا، يوما بعد يوم ينهمر الموت على المدينة دونما مبالاة.

بعد أكثر من تسعمائة يوم في أطول حرب تشهدها أوروبا منذ عام 1945، تقترب أوكرانيا من لحظة حقيقة خطرة. فداود الأوكراني لديه الشجاعة والإبداع، لكن جالوت الروسي لديه القسوة والحشود. في موقع تحت الأرض في خاركيف، رأيت استعمالات عسكرية مبتكرة وشديدة الذكاء لتكنولوجيا المعلومات والمسيّرات. فقد طورت أوكرانيا بابتكاراتها ذات الطابع القوزاقي مائتي نوع مختلف من المسيرات.

حتى أن ثمة طرفة عن ناشطين أوكرانيين التقيا:

«كيف حال شركتك لإنتاج المسيرات؟»

«عظيمة، شكرا على السؤال. لكن كيف عرفت أن عندي شركة».

«وكيف لا يكون عندك شركة؟».

أجد شجاعة الجنود الأوكرانيين داعيًا دائمًا لأن يتواضع المرء أمامها، ولكنهم ينسحقون أمام حجم الهجوم الروسي وعزم الكرملين على استعمال مواطنيه أنفسهم وقودا للمدافع. فقد أمر فلاديمير بوتين للتو بزيادة عدد الجيش الروسي العامل إلى مليون ونصف المليون. و«الأمر كله يتعلق بالأرقام» مثلما قال لي ضابط كبير في الاستخبارات العسكرية الأوكرانية. ولقد تسبب غزو أوكرانيا الجسور لمنطقة كورسك الروسية دفعة نفسية كبيرة، لكن الآراء منقسمة انقساما حادا إزاء جدواه الإستراتيجية.

في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، ثمة خطر حقيقي من حدوث فتح روسي في حال استيلاء قوات بوتين على مركز بوكروفسك اللوجستي. والأوكرانيون منهكون. والإحساس بالصدمة كامن تحت السطح مباشرة. ولقد رأيت مرات عديدة أعين الجنود الأشداء تغيم حينما يذكرون من سقط من رفاقهم. وقد تعرض أكثر من نصف بنية البلد الأساسية للدمار. وسوف يكون الشتاء قاسيا. وفي الوقت نفسه، يواصل الغرب تردده وتراجعه، خائفًا من التصعيد، بقيادة من رئيس الولايات المتحدة جو بايدن (لو صح استعمال كلمة القيادة في هذا السياق).

في ضوء هذا كله، يقدم القادة الأوكرانيون على القيام بخطوة جديدة. فبعد سنتين من الحديث عن النصر الكامل، وهو استعادة جميع الأراضي الأوكرانية وفقا لحدود عام 1991، ومنها شبه جزيرة القرم ومنطقة الدونباس، يتكلمون الآن عن التوصل إلى موقف يمكِّن الأوكرانيين من التفاوض من موضع قوة. غير أنهم ـ خلافا للكثيرين في الغرب ـ يفهمون أن السبيل الوحيد إلى تحقيق ذلك هو قلب المسار في ساحة القتال: بتوجيه ضرب مبرح إلى جالوت في كعبيه، إن لم يكن في مؤخرته. وهي رؤية بالغة الأهمية. فقد وجه محاور غربي سؤلا لأحد زعماء آسيا الوسطى ممن يعرفون بوتين جيدا عما لو أن الرئيس الروسي سوف يتفاوض. فجاءت إجابته القاطعة بنعم «عندما يقول له الجنرالات إنه يخسر».

وهذا هو ما كان الرئيس فلوديمير زيلينسكي يفكر فيه حينما قال أمام مؤتمر يالطا للإستراتيجية الأوروبية في كييف الأسبوع الماضي إننا بحاجة إلى «ما يغير قواعد اللعبة لنحمل روسيا على السلام». وفيما تجتمع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سوف يقدم زيلينسكي شخصيًا خطته لبايدن. ويأتي على رأس القائمة الحصول على إذن أمريكي باستعمال الصواريخ الغربية ـ ومنها صواريخ (شادو ستورم) البريطانية المزودة بتكنولوجيا استهداف أمريكية ـ لضرب المواقع التي تخرج منها الهجمات في روسيا. ولقد كان يمكن إنقاذ حياة الكثير من الأنفس لو حدث هذا من قبل. إذ قال لي رئيس بلدية إقليمية في خاركيف إنه في غضون أشهر قليلة من سماح بايدن أخيرًا - وفي مواجهة هجوم روسي جديد على خاركيف في مايو الماضي - بشن ضربات محدودة على أهداف عبر الحدود القريبة، انخفض عدد هجمات صواريخ إس-300 على ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا. (وإن لم تتم حتى الآن إعاقة القنابل الانزلاقية التي يتم إطلاقها من الجو)

لا نعرف جميع تفاصيل خطة زيلينسكي، لكن بجانب هذه الهجمات العميقة يحتمل أنها سوف تحتوي طلبا بتمويل مستدام، بعد التأخير الشديد هذا العام في تصويت الكونجرس الأمريكي على واحد وستين مليار دولار، وتشديد العقوبات على روسيا ومساعديها في الصين والهند، إضافة إلى استعمال الأصول الروسية المجمدة في الغرب لإعادة إعمار أوكرانيا، ومحاولة جريئة لمنح درع من الناتو كالذي يقدم للأعضاء يغطي تقريبا أربعة أخماس الأراضي الخاضعة للسيادة الأوكرانية التي تسيطر عليها كييف فعليا.

ثمة مشكلتان تعترضان هذه الخطة. أولاهما أن سجل بايدن كله يوحي بأنه لا يرجح أن يمنح زيلينسكي إلا نتفة مما يطلبه. فثمة خلاف حاد داخل إدارته حول الضربات العميقة. والتمويل المستقبلي يتوقف على الكونجرس. وزيلينسكي لم يحصل بالطبع على التزام من الناتو كالتزامه تجاه أعضائه بشأن أي جزء من أوكرانيا. لقد كان التدرج خوفا من التصعيد هو السمة المميزة لمجمل تعامل هذا الرئيس ومستشاره للأمن الوطني جاك سوليفان مع الحرب. ومثلما قال لي صديق أوكراني في رقة: إن «الأوكرانيين يشعرون بانزعاج من إدارة سوليفان للتصعيد». فما احتمالات أن يغير الرجل الهرم نهجه بشكل كبير الآن في الهزيع الأخيرة من رئاسته؟

والثانية أنه حتى لو فعلت الولايات المتحدة وحلفاؤها هذا كله، فهل من شأنه أن يؤدي إلى الأثر الذي يجعل بوتين يسمع من جنرالاته أنه يخسر؟ وكيف بالضبط يمكن أن يتحقق ذلك؟ ربما باستهداف بنية روسيا الأساسية في مجال الطاقة؟ مفهوم أن يحجم المسؤولون الأوكرانيون عن الإفصاح عن دقائق خططهم العسكرية، ولكن خبيرًا عليمًا بالدفاع يتساءل عن كم ما يمكنهم تنفيذه واقعيا في الأشهر القادمة. ففي مؤتمر يالطا تحدث العقيد بافلو باليسا قائد فيلق النخبة الثالث والتسعين الأوكراني عن «طغيان الوقت». فعلى الجبهة يلزم التحرك بسرعة فائقة لضرب خمسة أهداف أساسية للعدو فور ظهورها، ولكن مع حلول الوقت الذي تتوافر فيه الأسلحة والتصريحات اللازمة، يكون الأوان قد فات، ويكون «هناك خمسون هدفًا». وبالوتيرة التي يتحرك بها الغرب بقيادة الولايات المتحدة، يلعب الوقت لصالح روسيا. ومن نافلة القول أن بوتين ينتظر إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر.

وهذا سبب إضافي يدعو نائبة الرئيس كامالا هاريس التي سترث تحديه الجيوسياسي الرئيسي في حال توليها الرئاسة، ويدعو جميع الحلفاء الأوروبيين ممن يفهمون مدى خطورة الوضع، إلى حث بايدن على القفز قفزة كبيرة واتخاذ الخطوات التي من شأنها تغيير قواعد اللعبة الآن. فقد تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لتمكين أوكرانيا من تحقيق شيء يصح وصفه بالنصر، وهذا هو الشرط المسبق لتحقيق سلام دائم. وإلا ستضطر كييف على الأرجح إلى رفع دعوى لوقف الأعمال العدائية في وقت ما من العام المقبل، والتفاوض من موقف الضعف. ولن يكون هذا سلاما، وإنما سيكون محض توقف قبل جولة أخرى من الحرب. وسنرى في أوكرانيا يأسا وغضبا، وفي الكرملين ابتهاجا، وفي بقية العالم ـ وهذا هو الأخطر ـ ازدراء متزايدا لضعف الغرب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يعتذر لترامب بعد خلافات البيت الأبيض وتطورات جديدة بين أوكرانيا وأمريكا

 أعلن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعتذر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد الخلافات التي نشبت بينهما في البيت الأبيض.

وجاء ذلك في تصريح أدلى به ويتكوف لشبكة "فوكس نيوز"، حيث أوضح أن الاعتذار الذي وجهه زيلينسكي يتعلق بمواقف شهدها المكتب البيضاوي بين الطرفين.

 رسالة اعتذار من زيلينسكي

وأكد ستيف ويتكوف أن رسالة الاعتذار التي أرسلها زيلينسكي إلى ترامب جاءت بعد سلسلة من المباحثات المكثفة بين الفرق المعنية من أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا. 

واعتبر ويتكوف أن هذه الخطوة كانت مهمة للغاية في إطار تهدئة الأجواء بعد التوترات الأخيرة بين البلدين.

مشادة كلامية بين زيلينسكي وترامب

والخلاف بين زيلينسكي وترامب، إلى جانب نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بينس، نشب خلال اجتماع في المكتب البيضاوي، وكان مرتبطا بموقف الولايات المتحدة من النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا. 

وفي هذا السياق، اتهم ترامب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور"، بينما رد زيلينسكي باتهام ترامب بالاعتماد على "معلومات مضللة" روسية، وذلك بعد أسابيع من التوترات بين الجانبين.

 صفقة المعادن والمساعدات العسكرية

ومن ناحية أخرى، نقلت شبكة "إن بي سي" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الرئيس ترامب أخبر مساعديه بأن صفقة المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا لن تكون كافية لاستئناف المساعدات العسكرية أو تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف. 

ويأتي هذا في وقت تستعد فيه المسؤولون الأمريكيون والأوكرانيون لعقد محادثات في السعودية خلال هذا الأسبوع، ويرغب ترامب في توقيع صفقة تمنح الولايات المتحدة حصة في الموارد المعدنية الأوكرانية، ولكنه في ذات الوقت يريد أن يرى تغييرات في موقف زيلينسكي تجاه محادثات السلام، بما في ذلك الاستعداد لتقديم تنازلات، مثل التنازل عن أراض لصالح روسيا.

كما أشار المسؤولون إلى أن ترامب يطالب زيلينسكي بالتحرك نحو إجراء الانتخابات في أوكرانيا وربما التفكير في التنحي عن منصبه كرئيس للبلاد.

 تأثير التوقف في تبادل المعلومات الاستخباراتية

أما عن التقدم العسكري الروسي في أوكرانيا مؤخرا، أفاد المسؤولون الأمريكيون أنه لا توجد دلائل على أن توقف الولايات المتحدة عن تزويد كييف بالمعلومات الاستخباراتية كان له تأثير مباشر على الهجمات الروسية، وأوضحوا أن هذه الهجمات الكبيرة كانت على الأرجح مخططة قبل توقف تدفق المعلومات والمساعدات العسكرية. 

وعلى الرغم من ذلك، أضاف المسؤولون أن الولايات المتحدة ما زالت تتقاسم المعلومات الاستخباراتية الدفاعية مع أوكرانيا، مما يساعدها في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الروسية، إلا أنه لا يتم تقديم معلومات تساعد أوكرانيا في الهجوم على أهداف روسية.

وقد زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بمعلومات حول أهداف روسية وصور الأقمار الاصطناعية خلال السنوات الثلاث الماضية، بينما يعمل الحلفاء الأوروبيون حاليا على سد بعض الفجوات. 

ومع ذلك، أشار مسؤول غربي إلى أن نقص المعلومات الاستخباراتية الأمريكية له تأثير واضح على أوكرانيا، مضيفا أن "كل يوم يمر يضر بأوكرانيا ويمنح روسيا موقعا أكثر قوة".

ترامب يجري مباحثات مع 4 مجموعات لبيع تيك توك10 معلومات عن بشار المصري رجل ترامب المرشح لإدارة غزة.. صورالضغوط السياسية لاستئناف المساعدات

والجدير بالذكر، أن يمارس عدد من الجمهوريين في الكونغرس ضغوطا على البيت الأبيض لاستئناف المساعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا. 

وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم متفائلون بإمكانية استعادة تدفق الأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين.

خبير: ترامب لن ييأس من محاولاته للسيطرة على قناة بنماأحمد الشرع: لم نتواصل مع إدارة ترامب حتى الآن

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يعتذر لترامب بعد خلافات البيت الأبيض وتطورات جديدة بين أوكرانيا وأمريكا
  • زيلينسكي: كييف تريد السلام مع روسيا
  • عشية مباحثات مع الأميريكيين في السعودية.. زيلينسكي: أوكرانيا تريد السلام مع موسكو
  • زيلينسكي: روسيا شنت أكثر من 2100 هجوم جوي على أوكرانيا الأسبوع الماضي
  • زيلينسكي: روسيا تكثف هجماتها الجوية على أوكرانيا
  • زيلينسكي: أوكرانيا تسعى للسلام "منذ أول ثانية" في الحرب
  • زيلينسكي: أوكرانيا ملتزمة بالسلام .. وتسعى لإنهاء الحرب بسرعة
  • زيلينسكي: أوكرانيا تسعى للسلام "منذ أول ثانية" في الحرب
  • روسيا : الغرب يسعى لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا حتى آخر جندي أوكراني
  • زيلينسكي: أوكرانيا "ملتزمة تماما" بالحوار البناء مع الولايات المتحدة