لجريدة عمان:
2024-12-22@06:12:47 GMT

مهنة المعلم.. بين الحقوق والواجبات

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

تعتبر مهنة التعليم من أفضل وأسمى المهن على مر التاريخ والعصور. المعلم هو الركيزة الأساسية الذي عن طريقه تنتقل العلوم والمعارف من جيل إلى آخر. أيضًا وظيفة المعلم يجب ألا تقارن بالوظائف الأخرى عند تحديد الحقوق والواجبات؛ نظرًا للرسالة السامية التي يضطلع بها المعلم. فهب أنه تم تجهيز المدارس بأعلى المواصفات مع توفير أفضل الأجهزة والبيئة التعليمية المناسبة، تلك المدارس سوف تبقى غير ذات جدوى دون وجود معلم يتمتع بكفاءة عالية.

هذا المقال يهدف إلى تحليل أهمية التناسب بين الحقوق والواجبات التي تتعلق بوظيفة المعلم على المستوى الوطني.

ثمة إشكالات أصبحت تلوح في الأفق في قطاع التعليم المدرسي وهي ليست حديثة العهد. منها عدم تحقيق النسبة المرضية لتوطين مهنة «المعلم» على الرغم من تنافس مخرجات دبلوم التعليم العام على مقاعد كليات التربية، وأيضًا برامج التأهيل التربوي بشكل سنوي، مع استمرار وزارة التربية والتعليم في بذل كل الجهود نحو تعيين أعداد من المعلمين حسب متطلبات النمو الذي يحتاج إليه قطاع التعليم. كما يلاحظ بأن نسبة التوطين لم تتجاوز (87.5 %) طبقًا لبيانات العام الدراسي (2023 /2024). أيضًا هناك استمرار بالاستعانة بالخبرات غير العمانية من الدول العربية في سد النقص في بعض التخصصات. ذلك النقص قد لا يكون جله بسبب عدم توافر الدرجات المالية، ولكن يسهم فيه أيضًا عدم اجتياز بعض من مخرجات كليات التربية للمتطلبات والاختبارات التي تضعها الوزارة لتقييم كفاءة المعلم، والتأكد من تمكنه علميًا ومعرفيًا من تقلد وظيفة معلم. الشيء الآخر، فإن بعضًا من المعلمين وبعد مدة وجيزة من تعيينهم يبدؤون مرحلة من المناشدات والمطالبات ليتم نقلهم، لوظائف إدارية أو فنية أو إشرافية؛ نظرًا للواجبات والأعباء الصفية واللاصفية التي يتطلب منهم القيام بها، والتي تكون بعضها خارج أوقات الدوام الرسمي. تلك الأعباء يرون بأنها لا تتناسب مع الحقوق والواجبات الوظيفية. كما أن البعض منهم، يتفاجأ بزيادة النصاب الأسبوعي من حصص التدريس وخاصة في المحافظات ذات الكثافة الطلابية العالية.

في الجانب الآخر، إذا تناولنا الأطر المنظمة والتشريعات الحاكمة التي تناولت قطاع التعليم، نجد بأن منها فلسفة التعليم الصادرة عن مجلس التعليم في عام (2017). تلك الفلسفة جاءت في ستة عشر مبدأ تمت الإشارة فيها لحقوق المرأة والطفل، وحقوق الإنسان، الحقوق والواجبات المجتمعية، وحقوق وواجبات المتعلم، إلا أنها لم تتطرق إلى حقوق وواجبات المعلم، ولكن تكررت كلمة «المعلم» مرتين. الأولى ضمن المبدأ الرابع، الذي يتمحور حول القيم والسلوكيات الحميدة، بالحديث عن ضرورة تنمية الشعور بمكانة المعلم العلمية والاجتماعية. والثانية، ضمن المبدأ العاشر، والذي أشار إلى أهمية الارتقاء بكفاءة المعلم وجودة إعداده وتأهيله.

أيضًا كان هناك مشروع رائد لإعداد وثيقة الإطار الوطني العماني لمهنة التعليم تضمنت تلك الوثيقة بنودًا كثيرة تتعلق بآليات إعداد المعلم واختياره، وطرق تأهله وتدريبه، متضمنة الرخصة المهنية التي تعطى لمن يمارس مهنة التعليم. حسب الخطة بعد اعتماد الوثيقة أن يكون هناك سلم وظيفي للمعلم، يبدأ بوظيفة «معلم مستجد» وبرخصة مهنية مؤقتة لمدة سنتين. وبعد ذلك يتم تقييم المعلم ويعطى رخصة مهنية لمدة خمس سنوات ويظل يتدرج في السلم الوظيفي إلى أن يصل إلى وظيفة «معلم خبير». الإطار الوطني لمهنة المعلم تشكلت معالمه بوضوح في عام (2017)، مع تضمين الترخيص المهني لمن يمارس مهنة التعليم. هذا الترخيص، ليس من قبيل الأفكار الجديدة، وإنما مطبق في أغلب الدول المتقدمة في التعليم، ومنها: كندا وكوريا الجنوبية. كما أن في المملكة المتحدة هناك معايير تقييمية يجب أن يجتازها من يريد ممارسة مهنة التعليم تحت مسمى (Qualified Teacher Status) كما أن هناك دولاً عربيةً، ومنها دول الخليج العربية أخذت بتطبيق ذلك المسار. إلا إنه وبعد مضي ما يزيد على سبع سنوات، لم يتم تطبيق الإطار الوطني العماني لمهنة التعليم، وقد تكون الآثار المالية المترتبة على تنفيذه هي العائق في ذلك.

كما أن قانون التعليم المدرسي الذي صدر العام الماضي، أفرد فصلا يتضمن حقوق وواجبات أعضاء الهيئة التعليمية وهم: المعلمون، ومديرو المدارس، والذين يشغلون الوظائف الفنية المساندة. تضمن الفصل سبع مواد، لم تشتمل أي منها على أية مادة تتعلق بحقوق المعلم، وإنما وردت مادة واحدة، تفيد بأن لأعضاء الهيئة التعليمية مكانة مصونة يمنع النيل منها، بينما بقية المواد تضمنت الواجبات التي تطلب من أعضاء الهيئة التعليمية تنفيذها ومنها: الالتزام والتطبيق والحظر فيما يخص العملية التعليمية. في المقابل، القانون كان زاخرًا بالعقوبات في حق أعضاء الهيئة التعليمية والطلاب، واختتم تلك العقوبات بمنح صفة الضبطية القضائية لموظفي الوزارة في تطبيق أحكام القانون واللائحة، مما قد لا يتسق مع قانون التعليم السالف الذكر، الذي أشار إلى أن للمعلم مكانة مصونة يمنع النيل منها. عليه يمكن القول بأن القانون لم يتطرق إلى حقوق وواجبات المعلم بشكل تفصيلي، ولعل ذلك مرده بأن المعلم شأنه شأن بقية موظفي الدولة يخضع لقانون الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية. بيد ذلك التشديد في بعض مما ورد بقانون التعليم المدرسي وخاصة فيما يتعلق بالعقوبات قد لا يتوافق مع الحقوق التي تمنح للمعلمين في بعض الدول، ومنها جمهورية فنلندا التي تعد من الدول المتميزة في مجال التعليم، والتي لا يخضع المعلمون فيها للتفتيش المركزي.

كما أن أغلب الدول لا تكتفي بالمؤهل العلمي والذي عادة يكون من كليات التربية أو معاهد إعداد أو تأهيل المعلمين، كأحد اشتراطات التعيين، بل أصبحت تضع معايير أخرى لتقييم كفاءة المعلم، والتأكد من إمكاناته وخبراته العلمية والعملية. فمع المؤهل تشترط الحصول على شهادات أو اجتياز اختبارات تخصصية في الحقل التربوي. فعلى - على سبيل المثال - الحصول على درجة معينة في امتحانات (IELTS) لمعلمي اللغة الإنجليزية، أو اختبارات وطنية لكل مادة علمية تضعها كل دولة حسب نظامها التعليمي. ولعل هناك امتعاضًا من البعض من شروط التعيين الإضافية، مع أن هذا التوجه يتناسب مع أهمية مهنة المعلم. وبالتالي توجهات الدول حاليًا، ومنها سلطنة عمان في التشديد على الخضوع لتك الاختبارات، واجتيازها كشرط للتعيين هو توجه صحيح يتوافق مع أفضل الممارسات في مجال إعداد واختيار المعلم.

بيد أن تلك الدول، التي وضعت اشتراطات إضافية في آليات اختيار وتقييم المعلمين، فإنها أيضًا لم تغفل المزايا المالية. حيث جاءت دول ومنها: لكسمبورج، ألمانيا، وسويسرا، وهولندا، وأستراليا، والنمسا، ضمن الدول التي تمنح رواتب عالية للمعلمين. ولكن بالنسبة للدول العربية ومنها بعض من دول الخليج: دولة الإمارات، قطر والكويت، التي تعتبر أعلى دخلا على مستوى الفرد، إلا أنه لم يرد أي منها، ضمن قائمة الدول التي تمنح رواتب عالية للمعلمين على المستوى العالمي. عليه فالدول التي عملت على التوازن بين الحقوق المالية للمعلمين مع تحديد الواجبات الوظيفية المطلوبة لممارسة مهنة التعليم بناء على معايير دقيقة، فإن أغلبها يقع ضمن الدول المتقدمة علميًا وصناعيًا.

إن تحقيق الأهداف الإستراتيجية لرؤية عمان (2040)، المتمثلة في إيجاد نظام تعليمي يتسم بالجودة العالية، وأيضًا تمكين القدرات البشرية بقطاع التعليم، فإن أساس ذلك ودعامته هو المعلم. ومع المطالبات المجتمعية في شأن المعلم بأن يبذل قصارى جهده ووقته حسب الواجبات الموكلة له، فإنه أيضًا يجب أن يحظى المعلم بمكانة لائقة تتناسب فيها الحقوق والواجبات الوظيفية. عليه طالمًا أن هناك توجهًا أصبح ذا صبغة تشريعية بإدخال مواد قانونية واجبة التنفيذ مستقبلاً، الأمر الذي لا يستطيع معه أي معلم ممارسة مهنة التعليم، إلا بعد اجتياز شروط ومتطلبات الرخصة المهنية، فيجب أن يكون لذلك مقابل مادي يعادل الجهود التي تحتم على المعلم بذلها في جوانب التطوير والإنماء المهني التي تتطلبها تلك الرخصة المهنية. وقد يكون مناسبًا تحديد سقف معين لنصاب الحصص الأسبوعية استنادًا لمعايير ممارسة مهنة التعليم التي تحددها هيئات أو منظمات الاعتماد الأكاديمي، بأن يقابل ما يزيد على ذلك، بمبلغ مالي إضافي. أيضًا يتم مساواة المعلمين فيما يخص البدل الشهري المتعلق بالتدريس بحيث لا يتم استقطاعه أثناء خروجه في الإجازة الاعتيادية. لذا يبقى عامل التوازن بين الحقوق والواجبات لمهنة «المعلم» عاملاً مساندًا للنهوض بقطاع التعليم وتجويد مخرجاته التعليمية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الهیئة التعلیمیة الحقوق والواجبات مهنة التعلیم والواجبات ا بین الحقوق من الدول کما أن بعض من

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي: التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تتطلب تضافر الجهود وتعزيز التعاون

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تتطلب تضافر الجهود وتعزيز التعاون وتشارك الخبرات.

وقال الرئيس السيسي، خلال إلقائه البيان الختامي لقمة الدول الثماني النامية المنعقدة بالعاصمة الإدارية الجديدة: «أصحاب الفخامة والمعالي السيدات والسادة، أعرب عن تقديري لكم جميعا على روح التعاون والتضامن للمشاركة في هذه الجلسة.. مشاركتكم هذه تلك ساهمت في وضع مفردات ملموسة لاعتماد البيان المشترك لقمة منظمة الدول الثماني النامية».

وأشار الرئيس السيسي، إلى أن منظمة الدول الثماني النامية تمثل محفلًا مواتيًا لدفع العمل المشترك بين الدول الأعضاء على مختلف الأصعدة، مؤكدًا أن ذلك سيعمل على صياغة حلول ممكنة وإيجاد أدوات حقيقة وقوية، لتحقيق أمنيات شعوبنا في تحقيق الرخاء.

وشدد: «أؤكد أن مصر بصفتها دولة الرئاسة الحالية لن تتوانى أو تتخلى عن دعم جهود منظمة الدول الثماني».

نص كلمة الرئيس السيسي في القمة الـ 11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي

الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية للقادة المشاركين في قمة الثماني النامية

الرئيس السيسي يستقبل القادة المشاركين في قمة مجموعة الدول الثماني النامية

مقالات مشابهة

  • جابر المري لـ"الوفد" : حقوق الإنسان في الغرب "حبر علي ورق" و عمان تقريرها ممتاز
  • التعليم بين الرؤية والواقع
  • يا شعبنا المعلم: أشعلت ديسمبر ضد الظلاميين ضد الحرامية!
  • وزير التعليم العالي يوجه بعدم فتح القبول للمؤسسات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان
  • ذكرى ميلاد الفنان محمد رضا.. سر إتقانه دور المعلم في السينما
  • أبو الغيط مرحبا بالقرار: إحالة الملف لـ "العدل" يعكس تمسك النرويج بالدفاع عن الحقوق
  • الكاتب العمومي .. مهنة تأبى الزوال رغم التطور التكنولوجي
  • الصحافة..مهنة في محنة
  • الرئيس السيسي: التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تتطلب تضافر الجهود وتعزيز التعاون
  • رئيس إيران: العدوان استمر لأكثر من عام ونهب الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني