(عدن الغد)خاص:

تقرير: محمد علي رشيد النعماني:

في لحظة مؤثرة من تاريخ الجنوب ، استشهد القائد البارز عبد اللطيف السيد، قائد الحزام الأمني في محافظة أبين، بعد تعرض عربته لتفجير نفذته التنظيمات الإرهابية المسلحة في وادي عويمران بمحافظة أبين . تعتبر هذه الفاجعة خسارة كبيرة للجنوب وللجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار في المحافظات الجنوبية المحررة .

في هذا المقال ، سأستعرض جزءًا يسيراً من سيرة هذا الشهيد البطل ، وأبرز التحديات والتهديدات التي واجهها في مهمته ، وأدعو إلى التضامن والوحدة في مواجهة الإرهاب.

> من هو عبد اللطيف السيد؟

عبد اللطيف السيد كان قائداً شجاعاً ومحباً للجنوب ، قاد الحزام الأمني في محافظة أبين بكفاءة عالية وشجاعة لا تضاهى . كان لديه رؤية واضحة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وعمل بلا كلل لحماية المدنيين ومكافحة الإرهاب. كان يعتبر حب الوطن والدفاع عنه أمراً أعلى من كل شيء، ولم يتردد في تقديم روحه وبذل جهده للحفاظ على أمن الجنوب وحماية شعبه من التهديدات الإرهابية.

ولد عبد اللطيف السيد في مدينة زنجبار عام 1976 ، وانضم إلى صفوف اللجان الشعبية في أبين عام 2012 ، حيث شارك في تحريرها من سيطرة تنظيم "القاعدة" . بعدها ، تولى قيادة قوات "الحزام الأمني" في دلتا أبين ، وأصبح أحد أبرز قادتها  . نال شهادة التقدير من رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2019 ، تقديراً لجهوده في حفظ أمن محافظة أبين  . كان يتمتع بثقة واحترام كبير من قِبل زملائه وضباطه وأفراده .

> ما هي التحديات والتهديدات التي واجهها؟

كان عبد اللطيف السيد يواجه تحديات كبيرة في مهمته كقائد للحزام الأمني في أبين ، فهو يعمل في منطقة تعاني من انعدام الأمن والاستقرار ، وتشهد صراعات مسلحة بين القوى المختلفة ، وتتعرض لهجمات متكررة من قِبَل التنظيمات الإرهابية المسلحة . كان يقود عمليات عسكرية وأمنية معقدة وخطيرة ضد هذه التنظيمات ، وخاصة تنظيم "القاعدة"  ، الذي يحاول استغلال الفراغ الأمني والسياسي في المنطقة لتوسيع نفوذه وزعزعة الأمن والاستقرار .

وفي إحدى هذه العمليات ، التي كانت تستهدف تأمين منطقة وادي عويمران من بقايا عناصر "القاعدة" ، تعرضت عربته لتفجير انتحاري ، ما أدى إلى استشهاده وإصابة عدد من مرافقيه . وقد أعلن التنظيم مسؤوليته عن التفجير  .

> ما هي إنجازات الشهيد السيد في مجال الأمن والتنمية؟

لم يكن الشهيد السيد فقط قائداً شجاعاً ومحارباً بطلاً ضد الإرهاب ، بل كان أيضاً رجلاً مخلصاً ومسؤولاً في خدمة محافظة أبين وشعبها. قام بإطلاق وتنفيذ عدة مشاريع ومبادرات في مجالات الأمن والتنمية والخدمات العامة ، وسعى إلى تحسين حياة المواطنين وتعزيز الثقة بينهم وبين القوات الأمنية.

> من بين إنجازاته التي يشهد بها التاريخ والواقع ، نذكر ما يلي:

- قاد عملية تحرير مديرية زنجبار من سيطرة تنظيم "القاعدة" عام 2015 ، وأعاد الأمن والأمان إلى المديرية التي كانت تعاني من الفوضى والانفلات الأمني .

- شارك في تأسيس قوات "الحزام الأمني" في أبين عام 2016 ، وأصبح فيما بعد قائدها العام ، وعمل على تدريبها وتسليحها وتأهيلها لتكون قوة فعالة في حفظ الأمن والقضاء على الإرهاب .

- نفذ عدة حملات أمنية لطرد عناصر "القاعدة"  من مناطق مختلفة في أبين ، مثل حملة "سهام الشرق" التي انطلقت في نوفمبر 2020 ، وحملة "سيوف حُوّس" التي اشترك فيها قبل استشهاده .

- دعم اتفاقية "الرياض" التي تهدف إلى حل الخلافات بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية ، وشارك في تطبيق بنودها المتعلقة بإعادة انتشار القوات وإخراج المليشيات المسلحة من محافظة أبين.

- شارك في توزيع المساعدات الإنسانية والغذائية على الأسر الفقيرة والنازحة في أبين ، وذلك بالتعاون مع عدة منظمات محلية ودولية.

- ساهم في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين بمحافظة أبين ، مثل الماء والكهرباء والصحة والتعليم ، وذلك بالتنسيق مع السلطات المحلية والجهات المانحة.

هذه بعض من إنجازات الشهيد السيد التي تثبت حبه للجنوب وخدمته لشعبه .

> كيف نواجه الإرهاب؟

إن استشهاد القائد عبد اللطيف السيد يجب أن يكون مناسبة لتوحيد الجنوبيين وتعزيز التضامن في مواجهة الإرهاب. يجب أن نعي أن الإرهاب لا يستهدف فقط ضحاياه المباشرين، بل يهدف أيضًا إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتقسيم المجتمعات. وحدها الوحدة والتضامن بين شرائح المجتمع المختلفة بمناطقه وقبائله يمكن أن تواجه هذا التهديد الخطير .

وفي هذا السياق، يجب أيضاً إلقاء الضوء على الدور السلبي لنشطاء حزب الإصلاح، ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، الذين يحاولون تحريض الناس ضد القادة العسكريين المشاركين في الحرب على الإرهاب وجهود القوات المسلحة الجنوبية في مكافحة الإرهاب. يستغل هؤلاء النشطاء الأحداث الأليمة مثل استشهاد القائد عبد اللطيف السيد لتأجيج الانقسامات وترويج الفتنة في المجتمع. ويستخدمون منابرهم الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأكاذيب والتحريض ضد القادة العسكريين و الأمنيين .

يجب على المجتمع الجنوبي أن يكون واعياً لهذه الحملة المضللة وأن يتحد في وجه هذه المحاولات التي تهدف الى زعزعة الاستقرار والضغط على القوات الجنوبية لإيقاف حملات مكافحة الإرهاب.

علينا أن نعمل معاً كشعب واحد، بغض النظر عن الانتماءات السياسية أو القبلية أو المناطقية من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في الجنوب . وأن ندعم القوات العسكرية والأمنية ونؤمن لها ما تحتاجه لمواجهة التهديدات الإرهابية. و نعمل على تعزيز قدراتنا في مجالات مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الدول الشقيقة والشركاء الدوليين .

ختاماً أود أن اؤكد أن استشهاد القائد عبد اللطيف السيد كما هو خسارة كبيرة للجنوب يجب أن يكون حافزاً لتعزيز الوحدة والتضامن في مواجهة الإرهاب. يجب على المجتمع الجنوبي أن يتجاوز الانقسامات والتحريض وأن يتحد في وجه هذا التهديد الخطير فالقادة العسكريين الذين يخاطرون بحياتهم من أجل حماية الشعب والوطن يستحقون كل التقدير والدعم ، ومعاً يمكننا بناء مستقبل أكثر أماناً واستقراراً للجنوب والاقليم ..

 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الأمن والاستقرار عبد اللطیف السید مکافحة الإرهاب الحزام الأمنی محافظة أبین فی أبین

إقرأ أيضاً:

تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي

تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي

* محمد تورشين

تتسارع وتيرة الأحداث في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تتواصل المواجهات العسكرية بين الجيش الكونغولي وحركة “23 مارس” (M23)، إلى جانب فصائل مسلحة أخرى تنشط في المنطقة.

تُعد هذه المنطقة، التي تضم أكثر من 120 جماعة مسلحة، واحدة من أكثر المناطق اضطرابًا في إفريقيا، مما يعزز تعقيد المشهد الأمني فيها ويهدد الاستقرار الإقليمي.

شهدت حركة “23 مارس” تجدد نشاطها منذ عام 2021 بعد فترة من الخمود استمرت منذ عام 2013، عندما أجبرتها القوات الحكومية، بدعم أممي، على التراجع بعد سيطرتها المؤقتة على مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو. تُعتبر غوما مدينة استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية مثل الذهب والكولتان، وهي معادن حيوية لصناعات التكنولوجيا الحديثة.

تطالب الحركة بالعودة إلى اتفاق مارس 2009، الذي نص على دمج عناصرها في الجيش الكونغولي ومنح حكم ذاتي محدود في المنطقة، وهو ما لم يُنفذ بالكامل.

تتهم الكونغو حكومة رواندا بدعم حركة “23 مارس” لتأمين نفوذها في المنطقة، والاستفادة من الموارد الطبيعية الثمينة. وتعود تدخلات رواندا في الشأن الكونغولي إلى تسعينيات القرن الماضي بعد انتهاء الإبادة الجماعية في رواندا، حيث دعمت كيغالي قوى معارضة للإطاحة بالرئيس موبوتو سيسي سيكو.

تُظهر التقارير أن رواندا تسعى إلى تعزيز مكانتها كقوة مؤثرة في منطقة البحيرات العظمى، ما يؤدي إلى توترات دائمة مع الكونغو.

في ديسمبر 2024، قادت أنغولا مبادرة سلام لحل الأزمة، لكنها باءت بالفشل بسبب التوترات بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي.

يُتوقع أن يؤدي استمرار الصراع إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، مع نزوح مئات الآلاف من المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن تصاعد النزاع قد يمتد إلى دول الجوار مثل أوغندا وبوروندي، حيث تتداخل الحدود والقوميات العرقية بين هذه الدول.

يتطلب الوضع تحركًا سريعًا من القوى الدولية والإقليمية لإعادة إحياء الحوار بين الأطراف المتنازعة. ومن المهم إشراك جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة المركزية في كينشاسا، وحركة “23 مارس”، والدول الداعمة للأطراف المختلفة.

إن تجاهل الأزمة قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، حيث تتداخل القضايا الأمنية مع الطموحات السياسية والاقتصادية للدول الإقليمية، مما يهدد بتحويل المنطقة إلى ساحة صراع طويلة الأمد.

ختاماً، يظل الوضع في شرق الكونغو تهديدًا كبيرًا للسلم والأمن الإقليميين. وإذا لم يتم تدارك الأزمة من خلال حلول سياسية ودبلوماسية، فإن المنطقة ستواجه تداعيات كارثية تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الكونغو الديمقراطية، لتشمل كل دول منطقة البحيرات العظمى.

* باحث وكاتب سوداني متخصص في الشؤون المحلية والقضايا الأفريقية.

الوسومأفريقيا إقليم البحيرات العظمى الكونغو حركة 23 مارس رواندا غوما محمد تورشين

مقالات مشابهة

  • الأمانة العامة تنظم ندوة سياسية في أبين بعنوان “التصالح والتسامح الجنوبي..الواقع والطموح”
  • أبين.. مليشيا الحزام الأمني تقدم على قتل عامل بأحد المطاعم بدم بارد.. وقيادة الحزام تصف ذلك بالخطأ الفردي
  • القائد الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي .. باعث العرفان العملي
  • تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي
  • حموشي يجري سلسلة اجتماعات بمدريد لتوسيع مجالات التعاون الأمني مع إسبانيا وألمانيا
  • محافظة أبين كيف تحولت الى مسرح للصراعات ودومات العنف .. تقرير ميداني يجيب على التساؤلات
  • ملك الأردن: نؤكد ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار لتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة
  • بغداد تستضيف اجتماع اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني بين العراق وإيران
  • ما الذي دفع بالإسرائيلي إلى تمديد بقائه في الجنوب؟
  • بسبب غياب الأمن والاستقرار..خلف الحبتور يلغي كل مشاريعه في لبنان