تايمز: فتى سوداني جنّدته مليشيا الدعم السريع قسرا يتوق للعودة إلى الدراسة
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
أجرت صحيفة "تايمز" البريطانية مقابلة مع فتى يبلغ من العمر 16 عاما أُجبر على الانخراط في صفوف قوات الدعم السريع شبه العسكرية للقتال ضد الجيش الوطني السوداني في الحرب التي تدور رحاها منذ أبريل/نيسان من العام الماضي.
ورغم أن محمدا -وهذا هو الاسم الذي أطلقته عليه الصحيفة البريطانية- لم يحدث أن استخدم من قبل سلاحا ناريا، فإن أحد قادة المليشيا أمره بإطلاق النار على أي شخص يتحرك.
وقال لمراسلة الصحيفة جين فلاناغان التي أجرت معه المقابلة عن أول معركة يخوضها في الحرب: "لقد كان الأمر سهلا وليس كما كنت أعتقد. لم أر أين أصابت الرصاصات. ربما تكون قتلت مدنيين أو جنودا. أسأل الله أن يغفر لي".
وكانت المكافأة التي حصل عليها محمد زيا عسكريا وحذاء حربيا من قائده الجديد الذي قال له: "يبدو وكأنك تقاتل معنا منذ زمن. أنت جندي جيد".
وقبل أسابيع من إجراء المقابلة، كاد محمد يُصاب برصاصة عندما اختُطف من أحد الشوارع في وسط السودان وأُجبر على الالتحاق بصفوف قوات الدعم السريع، التي نشأت من مليشيا الجنجويد التي ارتكبت جرائم إبادة جماعية، كما ذكرت تايمز.
الضرب والتعذيب والتجويعولفتت الصحيفة إلى أن قوات الدعم السريع استخدمت الضرب والتعذيب والتجويع لتجنيد مئات الرجال والفتيان لمحاربة القوات المسلحة السودانية من أجل السيطرة على "ما تبقى من البلاد"؛ أما الذين يرفضون فإنهم يعرضون أنفسهم لاحتمال إعدامهم دون محاكمة.
وبعد أن تلطخت يداه بالدماء في أول معركة، اعتُبر محمد لائقا للانضمام في حملة "القتل والنهب" التي تشنها قوات الدعم السريع في قرى ولاية الجزيرة، التي نزحت إليها عائلته من العاصمة الخرطوم عندما اندلعت الحرب الأهلية في أبريل/نيسان من العام الماضي.
وقال عن دوره في الصراع الذي شرد 10 ملايين شخص، هربا من الفظائع المروعة: "اعتقدت أن كل يوم أجلس فيه على ظهر السيارة العسكرية سيكون آخر يوم لي. لم أكن مهيأً لما قد يحدث".
أصبحتُ لصا
وذكرت مراسلة الصحيفة أنه ما إن تجتاح قوات الدعم السريع القرى حتى يشرع محمد وغيره من الصبية المقاتلين في نهب المنازل والأسواق والبنوك وتجريد الأراضي من الماشية.
كما تطوع لذبح الخراف المنهوبة لضباطه، وكان يُكافأ برؤوس الذبائح ليأكلها. وفي إحدى الغارات، احتفظ بهاتف. وقال: "شعرت بالذنب لأنني لم أسرق قط. يا إلهي، لقد أصبحت لصا وقاتلا".
ولكنه تجنب عصابات الاغتصاب، مضيفا: "عندما لا يجدون فتيات صغيرات، يهاجمون النساء المسنات بدلا من ذلك".
وأوضحت الصحيفة أن قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها تستخدم الاغتصاب لإخضاع المجتمعات وتشويهها. وتتحمل النساء والفتيات وطأة 17 شهرا من الحرب التي لا تلوح لها نهاية في الأفق.
يخطط للهروبوقالت المراسلة إن محمدا يخطط للهروب، ويبدو مهموما بأسرته التي تخشى عليه أن يصيبه أذى.
وفي إحدى القرى المحاصرة في حملة "الترويع" التي شنتها قوات الدعم السريع، توقف هو وشخص آخر في سن المراهقة -مجند -قسريا- خارج مدرسة منهوبة. وقال محمد: "كنا ننظر فقط إلى المبنى".
وتابع: "كنت أفكر في مدرستي الثانوية القريبة من منزلي ولعب كرة القدم مع أصدقائي، عندما قال لي زميلي (الجندي المراهق) هذا هو المكان الذي يجب أن نكون فيه، وليس قتل الناس مع هؤلاء المجرمين".
ويحرم الصراع الدائر كل أطفال السودان في سن الدراسة البالغ عددهم 19 مليونا من حقهم في التعليم.
سلة غذاء السودان
ووفقا للصحيفة، فقد انجرف رفاق محمد المراهقون في هجوم قوات الدعم السريع على الجزيرة، مما حوّل الولاية التي تُعد سلة غذاء السودان إلى ساحة معركة في ذروة موسم الحصاد.
ومضت تايمز إلى القول إن القوى الأجنبية والإقليمية، التي أغرتها الموارد الطبيعية للسودان، انحازت إلى جانب واحد. وحالت الحدود المغلقة دون وصول المساعدات إلى المحتاجين.
ونقلت عن أحدث تقرير لـمنظمة العفو الدولية أن هناك دولا عديدة تزود طرفي النزاع بالأسلحة.
فرصة الهروبوقالت إن غارة جوية شنها الجيش السوداني على رتل مركبات كان محمد على متن إحداها ونجا منها، لكنها قتلت العديد من أفراد قوات الدعم السريع وشتّت البقية. كانت تلك فرصته للهرب -بحسب تايمز- وبعد أن شعر بالأمان، أجرى اتصالا بالهاتف الذي نهبه، بوالدته.
وأمضى ساعات سيرا على الأقدام إلى مدينة رفاعة الواقعة على ضفاف النيل في ولاية الجزيرة، التي سافر إليها والده للبحث عنه.
وقال محمد إنه وجد ملاذا في مسجد بينما كان ينتظر والده. وقال في منزل جده في مدينة أم درمان القريبة من الخرطوم "بكيت على ما رأيته وفعلته حامدا الله على نجاتي".
لم يعد كما كانلقد مرت 4 أشهر منذ هروبه. تقول والدته فاطمة: "لقد أصبح أكثر هدوءا. لم أعد أشعر أنه الابن الذي عرفته".
ولا يعرف محمد مصير الجنود الأطفال الآخرين الذين حوصروا معه، وهو منهمك الآن في مذاكرة كتبه المدرسية، وتستغرقه الأفكار نفسها التي ساعدته على البقاء حيا، على حد قول الصحيفة.
وختمت تايمز تقريرها بتعليق معبر من محمد قال فيه: "لا أريد التفكير في أي شيء آخر سوى العودة للدراسة. أريد أن أفكر في أي شيء إلا البقاء مع قوات الدعم السريع".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الإمارات دربت الدعم السريع بذريعة القتال في اليمن.. هذه تفاصيل زيارة حميدتي
كشف مصدران يمنيان مطلعان أن قائد قوات "الدعم السريع" السودانية، محمد حمدان دقلو، زار اليمن بالتنسيق مع دولة الإمارات أثناء مشاركة قوات الجيش السوداني ضمن عمليات التحالف العربي الذي قادتها السعودية ضد الحوثيين منذ 2015.
وقال المصدران أحدهما عسكري لـ"عربي21" إن "حميدتي" وصل إلى منطقة الساحل الغربي اليمني القريب من مضيق باب المندب حيث ممر الملاحة الدولية عام 2017، في ذروة العمليات القتالية التي كانت تدور رحاها بين القوات اليمنية المدعومة من الإمارات والسعودية ومسلحي جماعة الحوثيين إلى الغرب من محافظة تعز، وفي المناطق الجنوبية من محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.
وأشار المصدر العسكري إلى أن قائد قوات "الدعم السريع" السودانية الذي يقود تمردا على مجلس السيادة الانتقالي المعترف به دوليا في السودان، التقى باللواء، هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع اليمني الأسبق، أحد القيادات العسكرية الانفصالية المدعومة من أبوظبي والذي كان يقود لواءين في الساحل الغربي. في حين كانت "الدعم السريع" تشارك في العمليات القتالية ضد الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح وقتئذ، ضمن القوات التي تشرف عليها أبوظبي شريك الرياض في التحالف العسكري الذي بدء عملياته في مارس/ آذار 2015.
وتابع المصدر ذاته والذي كان حاضرا خلال زيارة "حميدتي" أن قائد قوات "الدعم السريع" مكث في الساحل الغربي اليمني أيام، قبل أن يغادر على متن طائرة خاصة إلى دولة الإمارات".
وحسب المصدرين فإن أبوظبي أنشأت معسكرات حشد وتجنيد السودانيين ضمن قوات "الدعم السريع" في الأراضي الإماراتية وفي جزيرة عصب الإرتيرية، حيث كانت تقوم بذلك تحت لافتة القوات السودانية المشاركة ضمن الائتلاف العسكري الذي تقوده الرياض لدعم السلطة الشرعية اليمنية وإنهاء انقلاب جماعة الحوثيين.
وأكدا أن "حميدتي" ضمن قيادات عسكرية سودانية أجروا زيارات إلى اليمن، بعد أن استقدمتهم دولة الإمارات تحت غطاء " إيفاد القوات إلى اليمن وفي إطار نظام الرئيس السابق، عمر البشير"، فيما كانت عمليات التحشيد والتجنيد للسودانيين ضمن قوات الدعم السريع لغايات أخرى، اتضحت مؤخرا في السودان.
وأوضح المصدران أن الضباط الإماراتيين ومخابرات الدولة الخليجية كانت تنشط بكثافة بين السودانيين الذين يتم استقدامهم إلى الساحل الغربي وكانت تقوم بتشكيلهم في وحدات عسكرية وتقوم بتعيين قيادات لتلك الوحدات ضمنت ولاءها.
كما أن الإماراتيين حولوا اليمن إلى منطقة تأطير لقوات "الدعم السريع" بقيادة حميدتي لتنفيذ أجنداتها في السودان، ونظمت خطوط التواصل وضباط الارتباط بينهما، والأدوار والمهام المنوطة بكل قيادي عسكري قبل أن يعودوا إلى معسكرات التجنيد الداخلية التي أنشأتها في البلد العربي الأفريقي، مستغلة علاقتها الجيدة مع عمر البشير قبل أعوام من الإطاحة به عام 2019.
وأفاد أحد المصدرين المطلعين أن حكومة أبوظبي كانت تقوم بحشد وطلب القوات المسماة بـ"الدعم السريع" وتقوم بتدريبها وتحمل تكاليف إعدادها وتسلحيها، ومن بوابة "اليمن" كانت تعد لمعركة السودان الحالية، مؤكدا أن الدولة الخليجية دخلت إلى الواقع السوداني عبر اليمن إذا قامت باستقدام قوات "الدعم السريع" كوحدات تابعة للجيش السوداني وبالتنسيق مع النظام الرسمي في الخرطوم قبل أن تعود هذه القوات كجيش موازي يقود حربا على الدولة السودانية".
فيما قال مصدر عسكري ثالث لـ"عربي21" إن مشاركة القوات السودانية في حرب اليمن كانت فاعلة بالنظر إلى الغزارة العددية التي ضمت "الألاف من السودانيين" والخبرة القتالية والحوافز الأخرى المادية والعقدية ووفرة أسلحة المشاة وتنوعها. فيما ذكر أحد المصدرين أن حجم التنسيق والعمل كان أكبر من المشاركة في حرب اليمن بل الإعداد لمعركة السودان الجارية منذ عامين تقريبا.
وتابع المصدر العسكري الثالث أن مشاركة السودان في عمليات التحالف القتالية بقيادة السعودية تمثلت في صنفين من القوات الأول بقوات ما تسمى "الدعم السريع" التي يقودها حميدتي ولعبت دور قتالي في الساحل الغربي.
أما الصنف الآخر، فكان عبارة عن "بعثات تدريبية من الجيش السوداني لتعزيز التدريب في صفوف القوات الموالية للحكومة الشرعية، حيث لعبت دورا كبيرا في تدريب قوات "العمالقة" (ألوية سلفية مدعومة من الإمارات والسعودية) وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله قبل تشكيله أوساط 2017.
ولفت المصدر إلى أن هذه البعثات تابعة لوزارة الدفاع السودانية ولازال جزءا من هذه البعثات موجودة وبالتنسيق بين الحكومة اليمنية والسودانية، مؤكدا أن هناك قوات سودانية من الجيش النظامي موجودة أيضا، في الحدود الجنوبية من المملكة مع اليمن وتشرف عليها الرياض، ومن أبرزها وحدات مدفعية.