الخليج الجديد:
2025-07-29@08:31:43 GMT

سياسة خارجية أمريكية لصالح الطبقة الوسطى!

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

سياسة خارجية أمريكية لصالح الطبقة الوسطى!

سياسة خارجية أمريكية لطبقتها الوسطى

الطبقة الوسطى الأمريكية تشكل 60% من السكان وتضم 77 مليون عائلة، بدخل بين 27 ألف دولار إلى 141 ألف دولار سنويا.

لم تكترث إدارة بايدن بكسر بعض القواعد الاقتصادية العالمية التى وضعتها أمريكا بالأساس منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

تدفع سياسات بايدن بتقديم الإعانات وفرض التعريفات والحظر وتعزيز الاستثمارات الحكومية لزيادة دور الدولة فى الاقتصاد.

قبل سنوات وصل ترامب للحكم فى لحظة استثنائية سادها غضب الشارع الأمريكى نتيجة سياسة العولمة التى تجاهلت الطبقة الوسطى بصفة أساسية.

دعا بايدن إلى شحذ قدرات بلاده الابتكارية وتوحيد القوة الاقتصادية للديمقراطيات بأنحاء العالم لمواجهة الممارسات الاقتصادية السيئة وعدم المساواة.

ترى إدارة بايدن أن القوة الاقتصادية الأمريكية تتضاءل بسبب تفريغ القاعدة الصناعية للبلاد، وتصدير الوظائف الأمريكية واختفاء الصناعات التقليدية.

تضررت الطبقة الوسطى من سياسات العولمة، وهجرة التصنيع لخارج أمريكا، وهو ما دفع الكثير منها إلى تيار اليمين الشعبوى، والذى اغتنمه ترامب، ويسيطر عليه.

بعد 4 أعوام من حكم ترامب وعامين من حكم بايدن، يزداد غضب الشارع الأمريكى وانشقاقه وما زالت الطبقة الوسطى منقسمة بين الولاء لترامب وتأييد سياسات بايدن.

وقع بايدن على قانون دعم البنية التحتية بقيمة تريليون دولار ووفر 284 مليار دولار لإصلاح الطرق والجسور والسكك الحديدية والمطارات ونشر السيارات الكهربائية.

فى مقال تأسيسى بعنوان «لماذا يجب أن تقود أمريكا العالم مرة أخرى؟» تطرق بايدن إلى مفهوم «سياسة خارجية للطبقة الوسطى» أي تستفيد منها أساسا الطبقة الوسطى الأمريكية!

نجح بايدن بتمرير قانون إعادة البناء بشكل أفضل ويشمل إنفاق اجتماعى ضخم يقارب 2 تريليون دولار وإصلاح الرعاية الصحية وإجازة عائلية مدفوعة ومكافحة تغير المناخ

* * *

فى عدد مارس/أبريل 2020 من دورية فورين أفيرز، طرح الرئيس جو بايدن (المرشح الرئاسى آنذاك) رؤيته لسياسة بلاده الخارجية فى مقال تأسيسى بعنوان «لماذا يجب على أمريكا أن تقود العالم مرة أخرى؟».

انتقد فيه بايدن سياسات سلفه دونالد ترامب، وتعهد باتخاذ خطوات لتجديد الديمقراطية والتحالفات الأمريكية، وحماية المستقبل الاقتصادى للولايات المتحدة، كما اعتبر أن بلاده تمتلك فرصة مناسبة، فى قوتها وأهميتها، لتقود العالم من جديد مثلما فعلت إبان الحربين العالميتين فى النصف الأول من القرن الماضى.

وإضافة لما ذكره عن دعم الديمقراطية داخل بلاده وحول العالم، ومواجهة تيار الاستبداد العالمى بزعامة الصين وروسيا، تطرق بايدن إلى مفهوم «سياسة خارجية للطبقة الوسطى»، أى سياسة خارجية تستفيد منها بالأساس الطبقة الوسطى الأمريكية.

قصد بايدن أن إدارته ستعمل على تجهيز المواطنات والمواطنين الأمريكيين للنجاح فى الاقتصاد العالمى، والفوز فى المنافسة من أجل المستقبل ضد الصين، ودعا إلى شحذ قدرات بلاده الابتكارية وتوحيد القوة الاقتصادية للديمقراطيات فى جميع أنحاء العالم لمواجهة الممارسات الاقتصادية المسيئة والحد من عدم المساواة.

* * *

على مدى العامين ونصف العام من حكم جو بايدن، عمل الرئيس الأمريكى على الاستثمار فى البحث العلمى والتطوير، والبنية التحتية الرقمية والمادية، وغيرها من المجالات لتحسين القدرة التنافسية لبلاده، ومعالجة مخاوف وانكسارات الطبقة العاملة والوسطى التى عرفتها على مدى العقود الأخيرة نتيجة لسياسات العولمة المتراخية، وجشع القطاع الخاص الأمريكى لدرجة أضرت بأغلبية الشعب الأمريكى.

تطلب ذلك استثمارات هائلة فى البنية التحتية من الطرق السريعة، والسكك الحديدية، وشبكة الطاقة، والمدن الذكية، وتطبيقات الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعى، وشبكات الجيل الخامس 5G.

وبالفعل وقع بايدن على قانون دعم البنية التحتية بقيمة تريليون دولار فى نوفمبر 2021، والذى وفر 284 مليار دولار لإصلاح الطرق والجسور والسكك الحديدية والمطارات، ونشر السيارات الكهربائية فى البلاد، مع تخصيص 65 مليار دولار للإنترنت السريع فى المجتمعات الريفية والنائية، و73 مليار دولار لبنية الطاقة المتجددة، و55 مليار دولار لمياه الشرب النظيفة.

ثم مرر الكونغرس قانون تشيبس (CHIPS) فى أغسطس من العام الماضى، وتم تخصيص ما يقرب من 53 مليار دولار من التمويل الفيدرالى لتصنيع رقائق أشباه الموصلات فى الولايات المتحدة، بدلا من الاعتماد على الصين أو كوريا الجنوبية أو تايوان أو غيرها فى إنتاجها.

أخيرا نجح بايدن فى تمرير قانون إعادة البناء بشكل أفضل، وهو مشروع قانون إنفاق اجتماعى ضخم يصل إلى ما يقرب من 2 تريليون دولار، ويتضمن إصلاح برامج الرعاية الصحية الرئيسية، وإجازة ما قبل الروضة الشاملة والإجازة العائلية مدفوعة الأجر، وتخصيص 550 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ.

هدف وعد بايدن بـ«سياسة خارجية للطبقة المتوسطة» إلى إظهار أن المشاركة العالمية يجب أن تخدم مصالح العائلات الأمريكية من الطبقات العاملة بصورة مباشرة. ومن وجهة نظر بايدن، تمثل هذه التدابير دفعات أولية لتجديد وإصلاح داخلى يساعد بلاده على الانتصار فى صراع القوى الكبرى، عمليا وأيديولوجيا، كما انتصرت خلال الحرب الباردة.

* * *

يتفق الكثير من الخبراء الاقتصاديين على أن الطبقة الوسطى الأمريكية تشكل 60% من سكانها، وتضم ما يقرب من 77 مليون عائلة، تجنى الواحدة فيها ما يتراوح بين 27 ألف دولار إلى 141 ألف دولار سنويا. وتضررت هذه الفئة من سياسات العولمة، وهجرة التصنيع لخارج أمريكا، وهو ما دفع الكثير منها إلى تيار اليمين الشعبوى، والذى اغتنمه دونالد ترامب، وما زال يسيطر عليه.

يؤمن بايدن أن تحسين الأوضاع الاقتصادية للطبقة الوسطى هو تأمين ضد التيار الترامبى اليمينى، ويدعم الديمقراطية الأمريكية داخل حدودها، لكن نتج عن سياسة بايدن فى الواقع العملى تبنى لشعار وسياسات «اشتر أمريكا» الذى لا يختلف كثيرا عن شعار وسياسات ترامب «أمريكا أولا» بصورة أو بأخرى.

ودفع ذلك لنتائج مخيبة لآمال شركاء واشنطن التجاريين وحلفائها الكبار فى آسيا وأوروبا، الذين يشككون بدورهم فى استراتيجية بايدن التى تخدم مواطنات ومواطنى بلاده فقط بينما تضر بفكرة الحرية التجارية، وتبقى على الكثير من السياسات الحمائية التى أطلقها ترامب، واعتبروها مضرة بطموحات ازدهار وتماسك المعسكر الديمقراطى الحر.

لم تكترث إدارة بايدن بكسر بعض القواعد الاقتصادية العالمية التى وضعتها أمريكا بالأساس منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وخلال هذه العقود لم يزد سكان أمريكا على 5% من إجمالى سكان العالم، لكنها تولد 25% من الناتج العالمى.

ويدرك صناع السياسات فى واشنطن أن 95% من الأشخاص المستهلكين للمنتجات والتطبيقات الأمريكية يعيشون خارج حدود دولتهم، وبالتالى يصبح الابتكار والاجتهاد الأمريكيان من ناحية، وضمان بقاء الأسواق حول العالم مفتوحة، بمثابة دعامتى الازدهار الأمريكى.

ترى إدارة بايدن أن القوة الاقتصادية الأمريكية تتضاءل بسبب تفريغ القاعدة الصناعية للبلاد، وتصدير الوظائف الأمريكية واختفاء الصناعات التقليدية. لذلك تدفع سياسات بايدن المعنية بتقديم الإعانات وفرض التعريفات والحظر وتعزيز الاستثمارات الحكومية لزيادة دور الدولة فى الاقتصاد.

وعلى عكس ما عرف التاريخ الأمريكى، نجحت التجربة الأمريكية بدور شديد المحدودية للحكومة فى مجال التصنيع والابتكار وانتقال البضائع.

تكرر إدارة بايدن مقولات تتعلق «بضرورة الحفاظ على الريادة التكنولوجية لأسباب تتعلق بالأمن القومى والتهديدات الصينية»، إلا أن تدخل الحكومة لتحديد الصناعات الاستراتيجية الرئيسية التى تحتاج إلى الدعم سيقلل من مسيرة الابتكار والتجديد التلقائية طبقا لآليات السوق، والجنوح بدلا من ذلك لسياسات متحفظة لا تعرف المنافسة المفتوحة التى طالما تقدمت الشركات الأمريكية فى ظلها.

* * *

قبل 4 سنوات وصل ترامب للحكم فى لحظة استثنائية عندما ساد الغضب الشارع الأمريكى نتيجة سياسة العولمة التى تجاهلت الطبقة الوسطى بصفة أساسية، لكن بعد أكثر من ست سنوات من حكم ترامب وأكثر من عامين من حكم بايدن، يزيد غضب الشارع الأمريكى وانشقاقه، وما زالت الطبقة الوسطى منقسمة بين الولاء لترامب وتأييد سياسات بايدن.

*محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشؤون الأمريكية من واشنطن.

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا ترامب بايدن العولمة اليمين الشعبوي الطبقة الوسطى إدارة بايدن القوة الاقتصادیة تریلیون دولار سیاسات بایدن إدارة بایدن ملیار دولار الکثیر من ألف دولار بایدن أن من حکم

إقرأ أيضاً:

تقرير: الحروب التجارية الأمريكية تُكبد الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بـ2 تريليون دولار

أظهرت أحدث التقارير الاقتصادية أن الحروب التجارية التي أشعلتها الإدارة الأمريكية، والتي شملت فرض رسوم جمركية غير مسبوقة، ستكلف الاقتصاد العالمي خسائر ضخمة تقدر بـ2 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2027.

وتعكس هذه الخسائر حجم الصدمة التي أحدثتها السياسات التجارية الأمريكية على الأسواق العالمية، إذ وصلت الرسوم الجمركية إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وفقًا لتقديرات وكالة “بلومبرغ إيكونوميكس”.

وتُظهر البيانات أن معدل الرسوم الجمركية الأمريكية الحالي يفوق بمقدار ستة أضعاف ما كان عليه في بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب، مما أدى إلى إضعاف نمو الاقتصاد العالمي بشكل ملموس مقارنة بالمسار المتوقع قبل اندلاع الحرب التجارية.

هذا وتزامن صدور التقرير مع إعلان توصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على غالبية الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة.

ورغم هذا الاتفاق، حذرت “بلومبرغ إيكونوميكس” من أن هذا الإجراء لن يحدث طفرة أو تحسناً ملموساً في اقتصاد منطقة اليورو، متوقعة استمرار تراجع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة تصل إلى 0.4% سنويًا.

هذا التراجع يعكس الضغوط المستمرة التي تمارسها الحروب التجارية على سلاسل التوريد العالمية، مما يقلص من قدرة الاقتصادات الأوروبية على التعافي والنمو في ظل الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية المتشابكة.

وتعد الرسوم الجمركية المرتفعة أحد أبرز عوامل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، حيث تزيد من تكاليف الإنتاج والتبادل التجاري، وتضعف ثقة المستثمرين في الأسواق الدولية.

ويتوقع الاقتصاديون أن يستمر تأثير هذه السياسات المتشددة في زعزعة الاستقرار الاقتصادي لسنوات مقبلة، مع مخاطر متزايدة من تفاقم النزاعات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى.

مقالات مشابهة

  • النفط يتراجع وسط مخاوف اقتصادية وترقب قرار الفائدة الأمريكية
  • ردا على تهديدات ترامب.. عراقجي: سنرد بحزم على أي هجمات أمريكية أو إسرائيلية
  • تقرير: الحروب التجارية الأمريكية تُكبد الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بـ2 تريليون دولار
  • العملات الرقمية ترتفع بعد تهدئة التوترات التجارية بين أمريكا والاتحاد الأوروبي
  • استئناف المحادثات بين أمريكا والصين.. ما هي التوقعات؟
  • وزير خارجية أمريكا يوضح جهود بلاده في احتواء التصعيد بين كامبوديا وتايلاند
  • «ترامب»: اتفاق تاريخي مع الاتحاد الأوروبي يجلب الاستقرار ويتضمن شراء معدات عسكرية أمريكية
  • الطلب على السجون الخاصة في أمريكا يزدهر بسبب سياسات ترامب
  • عقوبات أمريكية جديدة على كوريا الشمالية.. وترامب يلوّح بإحياء المفاوضات
  • احتجاجًا على الرقابة... فنانة أمريكية تُلغي معرضها في المتحف الوطني