اسم شاعر اقترن بالدراما المصرية وما زال الجميع يحفظ كلماته عن ظهر قلب، إذ تربى في عالم واسع وزاخر تفتّح عليه خياله وجعله يبدأ مشواره الشعري مبكرًا حتى دخل قلوب الجماهير، هو الشاعر سيد حجاب الذي أطلق دواوينه عن فكر، هو قيمة مصرية دخلت الأدب وتربع على عرش الشعر، فكانت موهبة شاملة كتبت وقصَّت أحلام وأفراح وأحزان المصريين، حتى لُقب بـ«ملك التترات»، «ساحر الكلمات»، «صائد الأبيات»، في لقاء نادر له حكى عن مشواره، وهو ما نلقي الضوء عليه بمناسبة ذكرى ميلاده التي توافق اليوم 23 سبتمبر.

 

حكاية الشاعر سيد حجاب

وُلد في 23 سبتمبر من عام 1940 بمدينة المطرية في الدقهلية، دخل كلية الهندسة قسم مناجم، ولكنه لم يكمل تعليمه فيها بعد السنة الثانية، لأن كان لديه شغف بالشعر وكان يتوق إليه منذ الصغر، ويذهب إلى معهد الفنون المسرحية حتى أتم الدراسات الحرة فيه، وأصبح من أهم الشعراء العرب، وبحسب حديثه في أحد اللقاءات التليفزيونية مع الإعلامي مفيد فوزي، فإنه اكتشف ضرورة نشر أداة التعبير التي يملكها.

علاقته بأسرته وحبه للشعر

عرف حبه وطريقه إلى الشعر منذ الصغر، وكتب العديد من الأبيات التي كان يدوِّنها في كراسته، ويُعتبر أنه تتلمذ على يد أبيه، فهو في سن الحادية عشرة استدعاه والده ليقص عليه بعض الأبيات الذي كتبها: «لما سمعني قالي إنت شاعر بالسليقة وقالي ربنا منحك هذه المنحة لتحمده عليها وقالي لازم تتطورها وبدأ يدرس لي دروس عروض بعد قهوة العصرية لحد ما أتقنت الكتابة»، وحين وصل إلى التعليم الثانوي أتقن شعر الفصحى بمهارة، حتى كتب العامية وعمّق ارتباطه بقضايا المجتمع.

وكان ممتنا لوالده لأنه كان شديد الرحمة والرقة، وكانت له كلمات مختلفة «من خير الناس أرحمهم للناس، خير الناس أعذرهم للناس»: «أما أمي لم تكن قاسية لكن كانت مطالبة بتدبير حياة 9 أشقاء لرجل موظف صغير في الحكومة رغبتها في التدبير كان بيجعلها صارمة معنا إلى حد القسوة»، وأكمل إخوته تعليمهم: «أنا بس خرجت من كلية هندسة سنة تانية قسم المناجم، عشان كنت بحب أروح معهد الفنون المسرحية».

أول قصيدة شعرية

اختار الشعر منهجا للتعبير عن نفسه، لأن الخامة الشعرية كانت موجودة بداخله: «كان جوايا حب للشعر من وأنا صغير، لكن غير موجهة، لكن لما بتكبر بتقدر التعبير عن أطر الرغبة اللي أنت عاوزها، أنا كنت بعمل مواهب في أماكن مختلفة حاولت أكتب قصص وأرسم وألحن وبعدين توجهت باستشعاري لمهوبتي لأني كنت أكثر ألفة بها وهي كتابة الشعر».

وفي المطرية عام 1951 كتب أول أبياته الشعرية عندما اندلعت مقاومة مسلحة ضد معسكرات الإنجليز في قناة السويس: «كان بداية التفتح الوطني كنا بنخرج جنازات صامتة من أجل البلد إحدى هذه الجنازات كتبت قصيدة كاملة وكانت أول مرة في رثاء نبيل منصور»، بكلمات: «كنا غزاة وأبطال صناديد، صرنا لرجع الصدى في الغرب ترديد، لكننا سوف نعلو رغم أنفهم، ونكون يوم نشورنا في الكون منشود».

والمجتمع اسهم في تشكيله: «من المهمين في حياتي الدكتور محمد مندور تتلمذت على يده سنة 1958، أنا كنت في هندسة لما كان بيقدم برنامج كتابات جديدة مع السيدة سميرة الكيلاني وأحد زملائي خد شعري وداه ليهم، مع أني كنت مقرر أني منشرش إلا لما أكون كفء للنزول على الساحة»، لكن صديقه مجدي مكاري ذهب بالشعر إلى البرنامج ليتبنوا موهبته: «وعملي مفاجأة قالي اسمع البرنامج معاه فخد أول خمس دقايق كلام عني وظل يقول شعر بافتنان شديد جدًا ويتكلم عني وكانت ملاحظته أنني كثير التجريد وشاف في ده تميز».

كان يذهب مع أصدقائه إلى معهد الفنون المسرحية: «كنت بروح لمعهد الفنون للدكتور محمد مندور والدكتور علي فهمي ومحمد القصاص، وبعدين رحت للدكتور مندور وعرفته بنفسي، وفضل بيعلمني»، كان بيبدي له دهشته في أنه يعلمه وصدره رحب: «قولت له أنا تلميذ من تلاميذك إزاي بتعاملني كده، فقالي العظيم مش اللي يشعر الآخرين بعظمته، لكن العظيم هو يفجر ينابيع العظمة الإنسانية في نفوس الآخرين».

تأثر بـ الشاعر أحمد رامي وبيرم التونسي وفوزي العنتيل وكمال عبدالحليم وصلاح جاهين وصلاح عبدالصبور وأحمد شوقي، وكتب آلاف الكلمات، حتى عمل كباحث بالإدارة النقابية بهيئة المسرح، ورئيسًا للقسم الفني والأدبي بمجلة الشباب.

له العديد من المشاركات الفنية في الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال التليفزيونية والسينمائية والدراما من المال والبنون والليل وآخره وليالي الحلمية وفيلم الكيت كات وﻣﺴﺮﺣﻴﺔ الواد سيد الشغال وغيرها الكثير. 

شغفه بالشعر

«الزهور بالنسبة لسيد حجاب زي ما عم بيرم قالك شوف الزهور واتعلم بين الحبايب تعرف تتكلم وفي تقديري الشخصي الزهور بتتكلم المهم نحن نحسن الانصات»، حسب حديثه فإن الطبيعة بتخاطب الإنسان وهي دائمة إرسال الرسائل للمحيطين: «يحدث بيني وبين الأماكن علاقة عاطفية البيوت بتكتسب حياتها من حياة الموجودين «البيت الصغير تحت الشجر عند البحيرة يتصاعد من سقفه الدخان إذا غاب يوما فما أتعس الشجر والبحيرة وأول صوت سمعته الريح»، وكل هذا أثقل تاريخه في الأدب.

كان الشاعر سيد حجاب شديد الاختلاف، أثرى الجماهير والشاشات العربية بأعماله الشاعرية وأغانيه التي ترنم بها وتغنى العالم العربي، حتى رحل عن عالمنا في 25 يناير 2017، تاركًا إرثًا لا مثيل له من القصائد والدواوين والأشعار والأغاني.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الشاعر سيد حجاب سيد حجاب ذكرى ميلاد سيد حجاب سید حجاب

إقرأ أيضاً:

من أسرار الجريش

لقي مقالا الأسبوعين الماضيين حفاوةً وتلقٍ يشجع على مواصلة التحدث عن منتج غذائي وطني قديم جديد وهو أكلة الجريش التي مازالت تستحوذ على إهتمام فئات متعددة من المجتمع.

“الجريش” كونه رائع المذاق: يتأتّى هذا عندما تطبخ عظام الحاشي او الجمل فترة طويلة ثم يؤخذ ماؤها ويتم تنقيع الجريش الحَب فيه مع اللبن الحامض
لمدة ليلة كاملة حتى يتشربه الجريش.
تعود الأمهات في صباح اليوم التالي لتباشر طبخ الجريش على حطب ونار هادئة وعلى مرقة لحم غنم وكذا لحم غنم، أو مرقة لحمة حاشي ولحم حاشي هبر، ويطبخ حتى يذوب، وخلال ذلك يتم تقليبه وعصده بمعاصد تصنع من الخشب حتى يصبح ذائباً بشكل كامل، ثم تدار فوق وجهه خلطة يطلق عليها
(المسمنة). وتتكون هذه الخلطة من طماطم مطحون وبصل وليمون أسود وبهارات.

وقد حرص الآباء والأجداد على اختيار أنواع القمح التي تناسب كل أكلة من الأكلات الشعبية، وفي مقدمة ذلك نوعان من الحبوب يطلق عليهما: الصما واللقيمي.
‏الصما للقرصان والمرقوق والخبز والمطازيز، واللقيمي للجريش.
كانت حبوب اللقيمي من أفضل ما يناسب طبيعتنا من القمح وحالياً حل الجريش المستورد محلها.
وكان آباؤنا وأجدادنا يفضلون تناول الجريش بالصِّحاف المصنوعة من جذوع الشجر (مفردها: صحفة) حيث يغرفون الجريش في الصِّحاف على مراحل ويعصدونه بمعصاد من خشب الأثل حرصاً على طعمه.
وكانوا يستعملون خشبَ الأثل لأنه ثبت أن الصِحافُ المصنوعة من خشب الأثل لا تتفاعل مع الجريش، بل تضمن بقاءهـ لذيذ الطعم ساخناً حتى اللقمة الأخيرة.

أما صحون الغضار والستيل والمعدن، فإنها لا تفعل الشيء نفسه.
وفي قديم الزمان كان الناس يعتنون ( بالمسمنة) التي تعلو وجه الجريش فتتزاوج معه معطية له نكهة لذيذة وطعماً لا يُعلى عليه.
ويُقبل كبار السن على الجريش ويحبونه لانه سهل الهضم ويناسب فئتهم العمرية التي لا تتمكن من هضم كل الأطعمة.

ogaily_wass@

مقالات مشابهة

  • من أسرار الجريش
  • منتخب الجودو يبدأ مشوار التأهل للأولمبياد انطلاقاً من باريس
  • العين والوصل يستأنفان مشوار دوري أبطال آسيا للنخبة
  • أجمل كلمة في القاموس.. تعريفة ترامب وتجارة الكلمات بين لغات الغرب والشرق
  • نهال عنبر تثير الجدل برأيها في تدين المرأة دون حجاب
  • الأبراج التي لا تناسبها حياة العزوبية
  • 14 فناناً سورياً يرصدون بأعمالهم زوال الاستبداد في معرض بغاليري مشوار
  • من المجموعات إلى النهائي.. مشوار منتخب مصر في أمم أفريقيا 2025
  • من هو أدهم الجمال؟.. الموهبة التي ألهمت «محافظ المنيا»
  • صالح جمعة يتذكر أحمد رفعت بهذه الكلمات