عربي21:
2024-09-23@17:24:45 GMT

حزب الله وحرب الفرصة الأخيرة

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

الهجمات الشرسة التي يشنها العدو الإسرائيلي على لبنان، تستهدف شل قدرات حزب الله، استمرارا لهجمات أجهزة البيجر والاتصالات اللاسلكية للحزب، تمهيدا لعملية كبيرة من أجل إخضاع حزب الله، إذا تعذر شطبه، أو في الأقل إزاحته شمالا خلف الليطاني.

ما نشهده عملية إسرائيلية شرسة متدحرجة، باستخدام كثيف للطيران الحربي، وعلى مواقع الحزب في الجنوب واستحكاماته، وصولا لبيروت والضاحية الجنوبية، لشل قدرات الحزب الهجومية والنوعية، واستثمار التفوق الجوي والتقني والاستخباري، لدفع الحزب تحت ضغط الهجمات وعدم قدرته على مجاراة العدو في هذه المجالات، لتوسيع ضرباته للعمق الإسرائيلي، لتبرر تل أبيب عمليتها الكبرى للهجوم على لبنان.



وهذا يعني أن تل أبيب تعمل على وضع حزب الله أمام معادلة، صعبة ومعقدة: البقاء في مستوى الردود ضد الأهداف العسكرية والأمنية وربما الاقتصادية، مستفيدة من تفوقها الجوي والتقني، وصولا لإضعاف الحزب وإنهاكه بين يدي شن حرب شاملة، أو اندفاع الحزب لتوسيع الحرب نحو العمق الإسرائيلي، بدون خطوط حمراء، وبالتالي توفير أرضية تريدها تل أبيب لشن حربها الكبرى على لبنان، باعتبار أن الحزب هو من بدأ الهجوم على المدن والمدنيين، وهو ما يؤمن تأييد أمريكا والغرب لحرب نتنياهو المجنونة.

ليكن واضحا أن نتنياهو قرر وبتأييد واسع من الكتل الحزبية، والجيش والشارع الإسرائيلي، كسر حزب الله وإعادته على الأقل خلف الليطاني، وتدمير كل قدراته العسكرية التي يمكن أن تشكل تهديدا للمستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين، وهو عازم على تحقيق الأمرين معا؛ تدمير القدرات، والدفع خلف الليطاني.
التزام الحزب بالخطوط الحمراء لن يغير النتيجة، من ذهاب نتنياهو لنهاية الشوط، بل ربما وفّر للحكومة الإسرائيلية أفضلية عمل وفرصة لإدارة الحرب بما يحقق الأهداف وبكلفة أقل، وضمن قدرة تل أبيب على الاحتمال
والتزام الحزب بالخطوط الحمراء لن يغير النتيجة، من ذهاب نتنياهو لنهاية الشوط، بل ربما وفّر للحكومة الإسرائيلية أفضلية عمل وفرصة لإدارة الحرب بما يحقق الأهداف وبكلفة أقل، وضمن قدرة تل أبيب على الاحتمال.

قد يكون صحيحا أن تصعيد حزب الله وتوسيع دائرة استهدافاته دون قيود، سيعمل على توسيع الحرب الإسرائيلية، وتعجيل شن تل أبيب حربها الشاملة، إلا أن المسألة تبقى محصورة من الجانب الإسرائيلي، في توقيت شن الحرب الشاملة، الآن أم بعد أخذ كل الوقت في استنزاف الحزب وتدمير قدراته.

لكنها من جانب حزب الله تنحصر في القدرة على إيلام تل أبيب، وإقناعها بأن ثمن مغامراتها مكلف ومكلف جدا. وفرصة الحزب في تحقيق ذلك كانت أفضل وبمسافة، في الشهور الأولى بعد السابع من تشرين الأول، أكتوبر، وبصورة أقل قبيل هجمات الاتصالات واغتيال القادة الكبار، وهي آخذة بالتضاؤل يوما بعد يوم.

حزب الله اليوم ليس مطلوبا منه هزيمة إسرائيل، ولكن إجبارها على وقف الحرب في غزة وعلى لبنان، ورسالته الواضحة المؤثرة في هذا السياق، تأكيد أن مغامرات نتنياهو مكلفة ومكلفة جدا على إسرائيل، وتل أبيب المنهكة والمنبوذة عالميا، يمكن أن تُصفع على وجهها بما يحقق الغاية، إذا ما أحسنت المقاومة، بكل تشكيلاتها، توجيه ضرباتها القوية والمكثفة، الآن وليس غدا.

الحرب يمكن أن تتوقف، ولأسباب كثيرة ووجيهة، إذا ما ردعت إسرائيل وتلقت صفعة تفقدها توازنها ونشوتها بالتفوق. والمهمة مسؤولية جماعية لكل قوى المقاومة، عبر قوسها الواسع، فما أغرى تل أبيب، بعد نحو عام من الجرائم والانتكاسات، هو سقوط هيبة الردع من جبهة المقاومة، وما لم تستعد هذه الأخيرة قدرتها الردعية، فالحرب الإسرائيلية وبإسناد أمريكي، ذاهبة حتى نهاية الشوط. ونهاية الشوط في الأفق القريب، في لبنان، لكنها لن تتوقف عند حدود لبنان والليطاني.

الحزب مطالب بمغادرة خطوط الرد الوهمية، وحلفاء الحزب مطالبون بمغادرة مربع الحسابات المترددة، فما وسع العدوان الإسرائيلي وجعله بلا سقوف، هو هذا التردد واهتزاز صورة الردع
الحزب مطالب بمغادرة خطوط الرد الوهمية، وحلفاء الحزب مطالبون بمغادرة مربع الحسابات المترددة، فما وسع العدوان الإسرائيلي وجعله بلا سقوف، هو هذا التردد واهتزاز صورة الردع.

وقف الحرب ومنع توسعها، وإعادة حكومة اليمين الإسرائيلي إلى عقلها، يبدأ اليوم وليس بعد شهر، بتسديد ضربة قاسية وموجعة، ومن جبهات متعددة، وبدون حسابات مترددة، تضع النقاط على الحروف.

بدون توجيه لطمة قاسية لنتنياهو وحكومته، لن تتوقف الحرب، ولن يتوقف العدوان. وأي سلوك آخر متحفظ، لن يقود إلا لتطاول حكومة اليمين المتطرف، واستنزاف قدرات المقاومة، وصولا، لا سمح الله، لهزيمتها.

ولا يجوز أن يُترك تنفيذ هذه المهمة على عاتق حزب الله، لوحده، رغم الدور الكبير المنوط به. قد لا يخلو الأمر من مغامرة، ولكن السُبل الأخرى للأسف، جميعها تفضي لتحقق السيناريو الأسوأ، والتكلفة الأضخم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي لبنان حزب الله تصعيد غزة لبنان إسرائيل غزة حزب الله تصعيد مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على لبنان حزب الله تل أبیب

إقرأ أيضاً:

منطقة جنوب الليطاني أرض محروقة... بري: لن نقع في فخ نتنياهو وننزلق إلى الحرب

كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": يصر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على فرض أمر واقع بتحويل منطقة جنوب الليطاني إلى أرض محروقة غير صالحة للسكن من جهة، وبضرب البنى التحتية العسكرية لـ«حزب الله» ومؤسساته، ومواصلة اغتياله العدد الأكبر من قياداته وكوادره العسكرية، بما يفرض على الحزب التسليم بشروطه دون أي مقابل من جهة ثانية، وهذا ما يفسر مئات الغارات التي شنها الطيران الحربي الإسرائيلي، واستهدفت البلدات الحدودية، وامتدت إلى تلك الواقعة في عمق الجنوب، والتي جاءت فور تنفيذ الغارة على الضاحية الجنوبية وفي أعقاب تفخيخها أجهزة اتصالات الحزب من «بيجر» ولا سلكية.
ويراهن نتنياهو، كما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، على أن الحزب بحاجة إلى وقت مديد للخروج من الصدمات التي أصابته، سواء باغتيال هذا العدد من قياداته وكوادره العسكرية، أو تفجير أجهزته الخاصة بشبكة اتصالاته. ويرى أن الظروف مواتية للمضي في إنهاك الحزب على نحو يؤدي إلى شل قدراته القتالية، ولم يعد أمامه سوى الانصراف إلى إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية.

لكن الحزب، رغم حجم الصدمة التي أصابته، بادر للرد على كل هذه الاغتيالات باستهدافه ضواحي حيفا، لتمرير رسالة بأن لديه من القدرات والكفاءات ما يسمح بملء الفراغ، رغم أن مسلسل اغتيال قياداته وكوادره العسكرية أفقده ما لدى هؤلاء من خبرات قتالية كانت وراء تطوير إمكاناته وتعزيزها بأسلحة متطورة.

وإذ تستبعد المصادر الدبلوماسية قيام نتنياهو باحتلال جزء من الجنوب أو فصله عن البقاع بسيطرة الجيش الإسرائيلي على الطريق البقاعية المؤدية إلى سوريا، لفرض حصار يمنع إيصال الإمدادات العسكرية إلى وحداته القتالية في الجنوب، فإنها ترجح في المقابل أنه لا يزال يراهن على استدراج الحزب للانزلاق نحو الحرب المفتوحة، بما يسمح له بالتحريض عليه دولياً من ناحية، وجر الولايات المتحدة الأميركية للدخول في صدام مع إيران على خلفية أن أذرعها في المنطقة، بقيادة القوة الضاربة المتمثلة بالحزب، هي من تهدد الاستقرار، وتعمل على زعزعته.

إلا أن واشنطن لن تلتفت إلى التحريض الإسرائيلي على طهران، ما دام التواصل بينهما، بحسب المصادر نفسها، لم ينقطع، وأن الأخيرة تراهن على فوز المرشحة كامالا هاريس على منافسها الرئاسي الرئيس السابق دونالد ترمب، ليكون في وسعها تطوير الحوار لإعادة ترتيب العلاقة بين البلدين، وهذا ما يفسر تقاطعهما على استيعاب التأزم في المنطقة.
لكن رهان نتنياهو على استدراج الحزب ليبادر إلى توسيع الحرب ليس في محله، وسيكتشف أن رهانه لن يلقى التجاوب، وهذا ما أكده رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن نتنياهو يستمر في تحويله البلدات الجنوبية إلى أرض محروقة غير مأهولة يصعب العيش فيها بإتلافه مساحاتها الخضراء الصالحة للزراعة بالقنابل الفوسفورية الحارقة، وتدمير المنازل وتسويتها بالأرض، وقتل المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ ومسعفين وعاملين في القطاع الصحي، و«نحن من جانبنا لا نريد الحرب ولن ننزلق إليها، لكن من حقنا الدفاع عن النفس بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات، ولن ندّخر جهداً لتأمين مقومات الصمود لأهلنا في الجنوب لمنع إسرائيل من تهجيرهم».

واتهم بري نتنياهو بأنه يضغط بالنار لجر لبنان والمنطقة لحرب كبرى، و«نحن من جانبنا لن ننجر، ولن نقع في الفخ الإسرائيلي، لا بل سنقاوم مخططه، ونتمسك بقواعد الاشتباك، ونطالب بتطبيق القرار 1701، وما على المجتمع الدولي إلا الضغط لتطبيقه على جانبي الحدود بإلزام إسرائيل بوقف خرقها الأجواء اللبنانية، ونطالب الولايات المتحدة الأميركية بأن تمارس الضغط الكافي على نتنياهو لوقف عدوانه على لبنان، بدلاً من أن تتركه يبتزها، ويشل قدرتها على التحرك لوقف العدوان، ويتفلّت من الضغوط لوقف العدوان، وهو يستغل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذي يدفع واشنطن إلى التردد في حسم موقفها للقيام بالضغط المطلوب، وضمان وقف النار، والشروع بوضع تطبيق القرار 1701 على نار حامية».
 

مقالات مشابهة

  • حزب الله وحرب الفرصة الاخيرة
  • منطقة جنوب الليطاني أرض محروقة... بري: لن نقع في فخ نتنياهو وننزلق إلى الحرب
  • بعد أن انفجر البيجر وقُتل القادة هل سيشعلها حزب الله؟
  • الرئيس الإسرائيلي يزعم عدم تورط تل أبيب في تفجيرات اللاسلكي بلبنان
  • مسؤول إسرائيلي: حزب الله سيجعل تل أبيب كـسديروت إذا اندلعت الحرب
  • مسؤول إسرائيلي: حزب الله سيجعل تل أبيب كسديروت إذا اندلعت الحرب
  • إلياس حنا: غارات إسرائيل العنيفة على لبنان تخدم إستراتيجيات نتنياهو
  • ما خيارات حزب الله بعد التصعيد الإسرائيلي؟ خبراء يجيبون
  • بعد الهجمات الأخيرة.. هل تدخل حرب لبنان مرحلة جديدة؟