في حوار لـ "الفجر".. نائب رئيس هيئة قضايا الدولة: نتولى النيابة القانونية عن الدولة في الداخل والخارج
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
- التحول الرقمي أسهم في تحسين كفاءة العمل وسرعة الإنجاز بالهيئة- يوجد تكامل بين عمل الهيئات والجهات القضائية دون تداخل إختصاصات
تعد هيئة قضايا الدولة، واحدة من أعرق الهيئات القضائية المصرية، وتقوم بدور بارز في حماية المال العام والدفاع عن الدولة في جميع القضايا المتعلقة بها حيث تتولي وحدها النيابة القانونية عن الدولة أمام القضاء في الداخل والخارج.
وفي هذا الحوار يتحدث المستشار البدري ضبع، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة بفرع القناة وسيناء، عن دور ها المحوري في حماية المال العام والدفاع عن حقوق الدولة، كما أن لها مهام وواجبات أخري، يستعرضها لنا في سياق الحوار التالي.
ما هو دور الهيئة في حماية المال العام وما أبرز مثال على ذلك؟تلعب هيئة قضايا الدولة دورًا محوريًا في حماية المال العام، فهي الهيئة القضائية الوحيدة على مستوى الجمهورية المسؤولة عن الدفاع عن حقوق الدولة وحماية ممتلكاتها، ويبرز أهمية هذا الدور بشكل خاص في النزاعات المتعلقة بالأراضي المصرية.
فصحراء مصر تقدر بنحو 6 مليون فدان، وهناك نحو 2 مليون فدان منها تخضع لنزاعات قضائية منظورة أمام المحاكم، وتعمل الهيئة على استرداد هذه الأراضي أو تحصيل مقابل الانتفاع منها، مما يمثل حماية مباشرة لأموال وممتلكات الدولة.
ما هي مهام قسم المنزاعات الخارجية بالهيئة؟قسم المنزاعات الخارجية بالهيئة يتولى الدفاع عن الدولة في القضايا التحكيمية سواء داخل مصر أو خارج مصر، ويقوم بعمل مشرف للغاية، وقد تمكن من الحصول على الكثير من الأحكام لصالح الدولة المصرية، واستطاع أن يجنب الخزانة العامة من سداد مبالغ مالية كبيرة في العديد من القضايا فضلا عن تحصيل مبالغ لصالح خزانة الدولة على المستوى الدولي أو في القضايا التي تنظر داخل الجمهورية.
هل تواجه "قضايا الدولة" أي معوقات في الحفاظ على المال العام؟قديمًا كان هناك بعض المعوقات ولكن في الوقت الحالي لا توجد أي معوقات لأن هناك تنسيق بين هيئة قضايا الدولة وجميع رؤساء أجهزة الدولة المعنية بذلك، مثل المحافظين ونوابهم ورؤساء الأحياء، فأصبح هناك قنوات تفاهم، لأن تلك الأجهزة بتعين وتساعد قضايا الدولة في الحصول على المستحقات الخاصة بالدولة، فحاليًا لا توجد أي معوقات تواجهنا في هيئة قضايا الدولة، ولكن في السابق هناك معوقات مثل الأبنية الخاصة بهيئة قضايا الدولة والتي كانت متواضعة بعض الشئ وكان عددها قليل، ولكن الآن اعتقد أن في كل محافظة يوجد قطاع أو فرع تابع لهيئة قضايا الدولة مجهز بكافة الجهازات والتقنية الحديثة، هو ما يمثل أدوات جيدة تساعد قضايال الدولة في أداء رسالتها، فتتمتع الهيئة بتجهيزات تقنية حديثة وفروع موزعة في جميع المحافظات، مما يسهل عملها في حماية المال العام.
فيما يتعلق بالتحول الرقمي إلى أي مدى وصلت الهيئة في تنفيذ هذا التوجه؟شهدت هيئة قضايا الدولة تحولًا رقميًا شاملًا، حيث تم رقمنة معظم قطاعاتها خلال فترة قصيرة لا تتجاوز العام، ويُسهل هذا التحول الوصول إلى الملفات والقضايا إلكترونيًا، مما يعزز كفاءة العمل ويُسرع الإجراءات القانونية.
وتكمن أهمية الرقمنة في سهولة الوصول والاطلاع على ملفات القضايا بكل سهولة عن طريق ع الموقع الإلكترونى، وبالفعل نجحت هيئة قضايا الدولة في هذا الأمر منذ بدايته وتستمر فيه حتى انتهاء عملية التحول.
هل هناك تداخل اختصاصات بين عمل الهيئات القضائية وبعضها؟لا يوجد تداخل بين طبيعة عمل الجهات والهيئات القضائية وبعضها البعض، فكل هيئة قضائية لها دور وكل هيئة قضائية تتولى دورها فمثلا هيئة قضايا الدولة دورها الدفاع عن المال العام سواء في الداخل أو الخارج، وقضاء مجلس الدولة يبرز دوره في الفصل في القضايا والنزاعات بين الدولة وبين المواطنين، بالإضافة إلى دور الفتوى والتشريع، والنيابة الادارية بتتولى في التحقيق في المخالفات المالية والإدارية الخاصة بأجهزة الدولة بعيدًا عن الاختلاس أو التلاعب يعني مخالفات إدارية بعيدا عن وقوع جريمة أو جنحة، كما تقوم المحكمة الدستورية العليا بدور عظيم جدا فهي تراقب مدى دستورية التشريعات والقوانين ومدى توافقها أو تعارضها مع نصوص الدستور وهو دور مهم للغاية.
وأود أن أشير هنا إلى أن هيئة قضايا الدولة تقوم بدور مهم في العمل القضائي، وعلى سبيل المثال فيما يتعلق بمجلس الدولة فالهيئة تتولي الدفاع عن الدولة في النزاع القائم بين المواطن والجهة الإدارية، وكذلك تقوم بدورها إمام المحكمة الدستورية عن طريق الزملاء بقسم المحكمة الدستورية، إذ يتولي بعض الزملاء الحضور امام المحكمة الدستورية سواء إمام المفوضين أو المحكمة للدفاع عن النص المطعون في مدى دستوريته، ثم يكون الفصل في النهاية إلى قضاء المحكمة الدستورية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الهيئات القضائية الجهات القضائية الدفاع عن المال الخزانة العامة الدولة المصرية هيئة قضايا الدولة فی حمایة المال العام المحکمة الدستوریة هیئة قضایا الدولة عن الدولة فی الدفاع عن
إقرأ أيضاً:
قيس سعيّد وتفجير الدولة من الداخل
«تفجير الدولة من الداخل» هو الاتهام الذي كثيرا ما ردّده الرئيس التونسي قيس سعيّد ضد معارضيه من بين قائمة طويلة من التهم مثل «التآمر والخيانة والارتماء في أحضان الخارج» وغيرها.
لو أردنا أن نفكّك مثل هذا الاتهام، فلن نجده ينطبق على أحد انطباقه على سعيّد نفسه بسبب ما أقدم عليه هو نفسه من تجريف وتجويف لركائز الدولة حتى غدت تونس صحراء قاحلة تعاني فراغا موحشا.
أولا، قام من خلال انقلابه صيف 2021 على الدستور والنظام السياسي الذي جاء به إلى الرئاسة، بتفجير السلطات المختلفة للدولة فحوّلها بمزاجه الانفرادي الخاص ودستوره، الذي كتبه بنفسه في سابقة عالمية لا مثيل لها، إلى مجرّد وظائف. تحوّلت السلطة التشريعية إلى «الوظيفة التشريعية»، والسلطة القضائية إلى «الوظيفة القضائية»، فبات أعضاء مجلس النواب مجرّد موظفين لديه لتمرير ما يريده، وكذلك القضاة، دون أدنى استقلالية أو شعور بالمسؤولية.
ثانيا، أقدم بعد ذلك على تفجير النخبة السياسية للبلاد وأحزابها من ألوان سياسية متعدّدة، تجلت آخر حلقاته في المحاكمة الأخيرة لقضية ما يعرف بـ«التآمر» والتي صدرت أحكامها الثقيلة والغريبة السبت الماضي لللتخلّص من رموز ديمقراطية، سلمية ومعتدلة. أعقب ذلك اعتقال المحامي والقاضي السابق الشهير أحمد صواب بنفس التهمة. لم يبق في الساحة السياسية من تيارات سوى أنصاره الشعبويين المتحالفين مع ما يسمى «اليسار الوظيفي» من ماركسيين وقوميين أعمتهم أحقادهم المختلفة فلم يروا غضاضة في دعم مشروع استبدادي مخيف.
لا إنجازات أبدا تسجّل للرئيس طوال هذه السنوات فزهاء التسعين بالمائة من وعوده لم تر النور،
ثالثا، عمل على تفجير قوى المجتمع المدني من نقابات وجمعيات مختلفة. نجح في تركيع نقابة العمال الكبرى (الاتحاد العام التونسي للشغل) الذي كان يفتخر منتسبوه بأنهم «أكبر قوة في البلاد» لكنه آثر السلامة بسبب قيادة عليها من المآخذ ما ترتعد لها فرائصها. أما نقابة أرباب العمل (اتحاد الصناعة والتجارة) فيعيش حالة جبن متأصّلة فيه على مر العهود، فيما تعرّضت الجمعيات العاملة في المجال الإنساني والاجتماعي إلى حملة شيطنة وتضييق مصحوبة باتهامات تلقي تمويلات أجنبية فتراجع أداء أغلبها واعتقل الكثير من نشطائها.
رابعا، نجح باقتدار في تفجير الساحة الإعلامية عبر ترهيبها فاختفت المنابر التعددية والجريئة الواحد تلو الآخر، بعد أن زج ببعض الصحافيين المنتقدين في السجن وانسحاب آخرين اتقاء لشرور لم تنفع معها بينات «نقابة الصحافيين» فيتجنّبها. أراد من «السلطة الرابعة» أن تكون «وظيفة إعلامية» هي الأخرى فتبخّرت البرامج السياسية في وسائل الإعلام تاركة المجال لبرامج «مونولوج سياسي» سمجة مع برامج ترفيه تافهة وأخرى لبيع أواني الطبخ، فيما عاد الإعلام العمومي إلى التسبيح بحمد الرئيس لا غير ونقل أنشطته وبياناته وجلّها ساعات الفجر!!
خامسا، نجح في خلق بيئة خانقة لنخبة البلاد الفكرية والجامعية من جهة، وأخرى طاردة لكفاءاتها في مجالات عدة فازدادت أعداد المهاجرين من أطباء وكوادر صحية ومهندسين وغيرهم. سٌدّت الأبواب أيضا في وجه الفئات المهمّشة التي كانت تجد في قوارب الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، خلاصها الوحيد بعد أن أصبحت تونس عمليا حارسة لحدود إيطاليا بعد الاتفاق الذي وقّعه الرئيس مع الاتحاد الأوروبي، فضلا عن القبول بترحيل مذل لتونسيين من أوروبا وإعادتهم على تونس.
وفوق كل ما سبق، لا إنجازات أبدا تسجّل للرئيس طوال هذه السنوات فزهاء التسعين بالمائة من وعوده لم تر النور، وفق جرد دقيق قامت به منظمة «أنا يقظ» المراقبة لأداء السلطة، فضلا عن التردّي الكبير للخدمات العامة المختلفة، حتى باتت جدران المدارس المتداعية تسقط على التلاميذ فتقتلهم. عادة ما «يشفع» للأنظمة المستبدة إنجازاتها أقلّها في تطوير البنية التحتية من جسور وطرقات ونقل عام وبناء مستشفيات، في حين أن النتيجة هي صفر في تونس فلا ديمقراطية ولا تنمية بل المزيد من التداين وتراجع كل مؤشرات الاقتصاد.
أما الشعب فحائر ومنهك، ليس فقط بسبب غلاء المعيشة وتدهور مقدرته الشرائية وغياب الكثير من الأدوية والسلع، وإنما أيضا بسبب ما يراه من عجز شامل على تحسين الأحوال. ظن هذا الشعب أن ثورته عام 2011 ستفتح له أبواب الرخاء فأصيب بخيبة أمل استفحلت أكثر بعد تبدد وهم أن يكون الرئيس هو المنقذ لكنه لم يفعل سوى بعث «شركات أهلية» يلفّها الكثير من الغموض والريبة.
كل ذلك أدّى إلى تراجع مكانة تونس عربيا ودوليا فهذه الأيقونة التي كانت محمّلة بآمال عريضة بعد ثورتها وما فرضته من صيت دولي واسع لم يعد يزورها أحد تقريبا، عدا بعض المسؤولين الجزائريين، ولا رئيسها يزور أحدا أو يحضر مؤتمرات أو لقاءات عربية أو دولية.
وللحقيقة، ما كان للأوضاع أن تصل إلى هذا الدرك لولا حالة الإنهاك والاستسلام التي أصابت شرائح عديدة من المجتمع، ولولا موقف الجيش الذي لم يعد ذاك الجيش الذي عرفته تونس لعقود، ولولا موقف المؤسسة الأمنية التي عادت للتغوّل مرة أخرى، ولولا جوار إقليمي ودولي لم يرتح إلى التجربة الديمقراطية التونسية ولم يعد يهمّه كثيرا إن ازداد الوضع فيها انحدارا.
هل عرفنا الآن كيف ومن فجّر الدولة وحوّلها إلى شظايا؟!
المصدر: القدس العربي