محمد بدوي

نعى ناعي الحرب في الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٢١ رحيل الحاج سليمان الشهير بأبو الحجاج لاعب فريق النيل، ثم الشعلة والمريخ بمدينة الفاشر، ابوالحجاج رياضي مميز فإلي جانب كرة القدم إحترف تنس الطاولة وبرع في الشطرنج، توقفت عند رحيله كثيرا له الرحمة,بل ولهم الرحمة جلال محمد ضيف الله لاعب فريق اسود دارفور ثم فريق الشعلة، وعصام الخزين لاعب مريخ السلاطين الذين فقدناهم بفعل القصف بالفاشر، لم ياخذهم الموت وحدهم بل عشاق آخرين لم يلعب بعضهم لأي من الفرق لكن ظل عشقه متقدا للمستديرة منهم عاصم الشهير بعاصم ابولو روح خفيفة ولله مشرقة، ماجد ابراهيم إسحق والفنان الفاضل آدم ” الفاضل مونليزا” الرياضي المطبوع والعلم بالفاشر من جيل المصممين الذين درسوا بمصر وغادرنا (بمصر) بعد لجأ إليها لهم جميعا الف رحمة ونور

بالعودة إلي أبو الحجاج فهو من فئة اللاعبين تجدهم في كل الفرق والمدن، اللاعبين الذين يتميزون بالسرعة، وجودهم يسند الفوز ويحقق الانتصار الراجح اعتمادا على السرعة وقوة التسديد، لا يميلون للمهارة والمراوغة، فهم كما الإسعاف ينجحون في لحظات ما من اقتناص فرصة قد تأتي بعد محاولات عديدة، مثله آخرين بذات المهارة أو مهارة السرعة التي ان سندها الحظ اكثر من المهارة يفلحون في التسديد، التي إن أصابت حارس المرمي أجبرته على أخذ نفس طويل بعد إلتقاط الكرة ، اما إن فلتت فهي تسديدة هدف مؤكد وبلا تسلل ، فهم يجبرون صافرة الحكم على الانطلاق وبدء اللعب مرة أخرى من وسط الميدان، عرفت المدينة عاشقا اخر رحل مبكرا وهو سلام ابراهيم، فمهارة الانطلاق عنده نحو المرمى مسنودة بالسرعة التي تنتظر ابتسام الفرصة التي تخرج تسديدة ناحجة، سبق ابوالحجاج وسلام في تلك الفئة صديق محمد المكي الشهير بونكا، جميعهم فال للمدرب في لحظات يظل الدفع بهم الرهان الاخير على أمل الترجيح أو الفوز هكذا فهم فاكهة مجتمعات عشاق المستديرة بمجتمع الفاشر، فالمستديرة عشق شعبي، جنون الانتصارات، بصمة تفرز المدن من غيرها ، مجتمعات عمدت هواياتها بتفاصيلها، تجدهم في كل المدن مرتبطين بدور الرياضة، الاتحادات ،المياديين، الاخبار اليومية عن مواعيد المباريات، الاندية، اللاعبين، الحكام، الصحف الرياضية، والمطاعم التي يتجمعون فيها مشجعين، لاعبين واداريين فهي ملتقيات لا تقبل سواهم الا بتأشيرة من بوابة المجتمع الرياضي بالمدينة، التي تحتفي بالاعبين القادمين إلى المدن من الموظفين، صغار الضباط، وغيرهم، مشجعين مهوسين باللعبة مواقعهم محجوزة وكراسيهم لا يقترب منها احد فيها تخضع لإمتيازات التي لا تقبل التعدي، فهم حاضرين بقاموس الدفاع عن المكان والنادي والترتيب في الدوري، صافرة انطلاق المباريات الرابعة عصرا، تنطلق في ذات التوقيت مع مراعاة فروق الوقت ، عطبرة، كسلا، كادقلي، والابيض، امدرمان، ودمدني، الفاشر، وابوزيد، القاب المدن تلتصق بفرق الممتاز والدرجة الاولي، الأسود، السلاطين،الرومان، السوكارتا، السكة حديد، عروس الرمال، وغيرها، فقد ظلت اللعبة احدى المساحات الآمنة في ممارسة حق الاختيار الذي سورت القيود السياسية ما دون ذلك، فصار هو الانتماء الديمقراطي المعبر عن إرادة الأشخاص، لذا فحضور التمارين والمباريات تمتد في ذاك الاتجاه الحر المسكون بالشغف ورغبة الانتصار وتشجيع اللعبة السمحة.


لاعبو كرة القدم نجوم في كل الازمنة يحظون بالحب والتقدير حيثما ظهروا، لأنهم يمثلون الارتباط بين الانتماء، والخيارات، والانتصارات، والشغف، يا كابتن عبارة تقف مقام التقدير واللقب المنتمي لقاموس اللعبة، فهم سفراء في المباريات الدولية وجنود في ملاحم المنافسات، يرسمون بالمهارات لوحات الانتصارات، ويتركون المتعة ذاكرة يجترها سجل اللعبة حينما يأتي مقام الحديث عن مباراة محددة أو هدف سدد أو اهدر بسوء الحظ .
حرب أبريل ٢٠٢٣ في وجهها المرتبط بأطراف الحرب فقد السودان عدد من الرياضيين كغيرهم من المدنيين لأسباب مرتبطة مباشرة بالانتهاكات ضد المدنيين، واصلت بعض الفرق المنافسات فبرزت عظمة شعب جنوب السودان الذين وقفوا باستاد جوبا عدة مرات مشجعين، ليبصم الحال بإمتداد الوجدان المشترك كما النيل لا قدرة لسياسات سلطوية ان تقف أمامه لأنه كما أشرت مسنودة بمساحات الاختيار الحر في خضم تشابك القيود التي استهدفت ممارسة الحياة في الشارع العام.
الصور التي اوقفتني كثيرا، ظهور بعض نجوم كرة القدم السودانيين، يعبرون عن انحيازات لاحد أطراف الحرب، في تعارض بين ماهية الرياضة وشعبيتها المنحازة للفعل المدني البعيد عن المشتركات العسكرية ، فرغم وجود فرق تتبع للمؤسسات العسكرية وافرع رياضية لكن لا اختيار منسوبيها اعتمد على المهارات الكروية وليس القدرة على التنشين الماهر، فكم تقف الظاهرة بعيدة حتي عن التماس الحكمة من الضمير الإنساني الذي يجعل من الرياضة كما يتردد جسرا للسلام والمحبة، فقد أصاب مشجعي شعب جنوب السودان، ووحل بعض المنحازين من الاعبين في السودان الى البارود
وداعا ابو الحجاج، فكانك كنت تدرك الرحيل ، فبعد توقف عدت لتمارين Sunday , الخاص بالمدربين وقدامي اللاعبين، الف رحمة ونور تغشاك فرغم سرعتك في العدو لكن تظل روح الموت والرصاصة اسرع وهو مضمار لا منافسة فيه، فنم هانئا فأنت مسور بحب من عرفوك فهو مدخل للطف القدير .

الوسوممحمد بدوي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: محمد بدوي

إقرأ أيضاً:

وداعاً الفاتح جبرا .. وكفي بالموت واعظاً

• غيّب الموت في الساعات الأولي من صباح اليوم السبت بالقاهرة الأستاذ الكاتب الصحفي الفاتح جبرا (68) عاماً .. أمام جلال الموت ومهابته يتوقف تدبير وتفكير الإنسان الذي لايملك إلا تفويض الأمر لله سبحانه وتعالي العليم الخبير .. الحكيم القدير ..

• برحيل الفاتح جبرا تنطوي صفحة من صفحات التداخل بين الإعلامي والسياسي .. بين الإثارة والحقيقة .. الصحيح والخطأ وبين العظة والعبرة ..

• من الدروس التي تركها الفاتح جبرا لناشئة الصحافة وبعض عواجيزها أن يبقي الصحفي حاضراً في المشهد السياسي وإن كان علي خلاف مع الحاكمين والمتنفذين .. فبرغم انتقاده اللاذع لتجربة الإسلاميين وتجنيه المستمر عليهم وعدم الموضوعية التي كانت تصبغ الكثير من مقالاته وأعمدته الصحفية إلا أن الفاتح جبرا كان علي تواصل مع مؤسسات الإنقاذ السياسية والأمنية والإجتماعية وظل يشكل حضوراً مستمراً في المنتديات والملتقيات العامة وكان يجاهر برأيه ..

• المدهش في تجربة الإنقاذيين مع الإعلام والصحافيين أنهم ظلوا يحتملون الرأي المخالف في أحايين كثيرة وتجربة الأنقاذ مع حرية الصحافة لم تكن مثالية قطعاً لكنها عند المقارنة مع الحريات الصحفية في عهد الثورة المصنوعة نجد أن تجربة الإنقاذ متقدمة بسنوات ضوئية .. فالذين حملوا شعار الحرية والتغيير وكانوا كوادر معروفة في أحزابهم العقائدية والطائفية فشلوا فشلاً ذريعاً في إمتحان الحريات حيث منعوا مخالفيهم الرأي من الظهور عبر شاشات القنوات المحلية والعالمية وأبعدوهم بقوائم محددة من المشاركة حتي في إذاعات الإف إم علي بؤسها !!

• كنت أتعجب كثيراً لماذا ظلّت كل أجهزة الأمن والسياسة وقبلها أجهزة العدالة في عهد الإنقاذ صامتة وتتجاهل كسرات الفاتح جبرا حول قضية خط هيثرو والتي ثبت عبر جلسات محاكمة طويلة ومفتوحة للإعلام والصحافة أيام حكومة حمدوك أنها إتهامات باطلة وغير صحيحة ولا مكان لها من الإعراب .. أثبت القضاء السوداني أن قضية خط هيثرو كانت فقاعة إعلامية لم تجد من يتعامل معها بطريقة مباشرة وواضحة حتي لا تطول (واوات) الفاتح جبرا وكسراته التي طالت وإنتهت إلي لاشئ مما يؤكد صحة ماذهب إليه الصحفي المتميز مدثر رضا والذي كتب اليوم معلقاً : ( إتهامات الفساد التي أطلقت ضد الإنقاذ ما كان لها أن تكون ذات قيمة لو أعملت الإنقاذ آلية القانون وتركت العدالة تأخذ مجراها .. ولو حدث ذلك لوجد مروجوها أنفسَهم في موقفٍ لايُحسدون عليه .. لكنهم استغلوا لامبالاة و( صناجة) بعض المتنفذين واستقواءهم بالسلطة فصنعوا لأنفسهم قصصاً بطولية وكانت بضاعتهم الرابحة ..قضية خط هيثرو نموذجاً ) ..
• والحق ما قال مدثر رضا .. فقد دفع المخلصون لتجربة الإنقاذ لامبالاة وصناجة بعض المتنفذين في السلطة حتي خرّ السقف علي رؤوس الجميع !!
• وداعاً الفاتح جبرا ..
• وكفي بالموت واعظاً

عبد الماجد عبد الحميد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شادن معاوية تترأس الدائرة المستديرة الثامنة بجامعة السادات بالمنوفية
  • شاهد حجم الدمار التي خلفته غارات الاحتلال على المدن اللبنانية - فيديوهات
  • وداعا للكاكاو.. شوكولاتة من بذور «دوار الشمس»
  • ???? لماذا لا تهتم الولايات المتحدة ببقية أنحاء السودان نفس إهتمامها بالفاشر ؟؟
  • الدول الأفريقية التي تشارك في تدمير السودان سوف تدفع نفس الثمن في غد غير بعيد
  • وداعاً الأمدرماني الساخر الفاتح جبرا
  • وداعا… ساخر سبيل
  • وداعاً الفاتح جبرا .. وكفي بالموت واعظاً
  • القوة المشتركة للحركات المسلحة بالفاشر: قواتنا دمرت عدداً من الآليات العسكرية التابعة للمليشيا