رغم أنها خلفت ضحايا وخرابا، فإن الأمطار غير المسبوقة التي شهدتها مناطق جافة في جنوب المغرب، أدت إلى بروز ظواهر طبيعية نادرة.

فقد تداول مدونون وسكان محليون فيديوهات لبحيرة قالوا إنها تدعى "إريقي"، تقع في منطقة طاطا جنوبي المغرب، تظهر امتلاءها بالمياه بعدما ظلت جافة لنصف قرن، وفقهم.

وكتب مدون سبق له أن زار المكان معلقا على فيديو للمشهد غير المألوف للبحيرة: "عبرنا بحيرة إريقي في بداية عام 2000، كانت سهلاً قاحلاً، لا يوجد على سطحه سوى الملح.

اليوم امتلأت البحيرة بالمياه. لم نتخيل أن يحدث هذا يوما ما. كانت هذه البحيرة مثل وادي الموت. حرارة شديدة ولا يوجد نبات أو قطرة من المياه قريبة".

وحسب بيانات من وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، نشرتها الأسبوع الماضي، التقطت الأقمار الاصطناعية صورًا توضح تدفق المياه إلى أنهار وبحيرات كانت قبل ذلك عبارة عن فجاج ومناطق مقفرة، بسبب توالي سنوات الجفاف وانقطاع المطر لعقود.

 

ومن الظواهر المثيرة للاهتمام التي نتجت عن هذه العاصفة، وفق المصدر، امتلاء البحيرات الجافة في الصحراء، مثل تلك الموجودة في منتزه "إريقي" الوطني بالمغرب.

وأظهرت صور قالت "ناسا" إنها ملتقطة بواسطة القمر الاصطناعي "Terra"، تغيرات كبيرة في المناطق التي غمرتها المياه، مع "ظهور البحيرات الجافة السابقة باللون الأزرق الداكن، مما يدل على امتلائها نتيجة هطول الأمطار".

وتفسيرا لما حدث، نقلت الوكالة الأميركية عن المحاضر في معهد علوم الأرض بجامعة القدس، موشيه أرمان، أن هذه الأمطار ناتجة عن عاصفة خارج مدارية نشأت في المحيط الأطلسي، وسحبت الرطوبة من أفريقيا الاستوائية نحو الصحراء الكبرى.

وأشارت التقديرات الأولية للأقمار الاصطناعية، إلى تراكمات للأمطار تتراوح بين عشرات إلى أكثر من 200 ملم في بعض المناطق، أي ما يعادل تقريبًا ما تستقبله هذه المناطق في عام كامل.

وكشف منشور بصفحة جامعة ابن طفيل المغربية على تطبيق إنستغرام، أن فريقا بحثيا من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية التابعة لها، قام بـ"رحلة استكشافية صعبة"، أكد "امتلاء بحيرة 'إريقي' بالمياه من جديد، بعد أن جفت منذ أكثر من 50 عامًا نتيجة التصحر وقلة التساقطات المطرية وزحف رمال الصحراء".

ووصفت التدوينة ما تم رصده بأنه "حدث بيئي نادر يحمل أهمية علمية كبيرة".

غير أن الأمطار الأخيرة التي شهدتها طاطا أفضت لمظهر آخر محزن، فقد قضى اثنان من ركاب حافلة للنقل وفُقد أثر 14 آخرين، بعدما جرفت فيضانات جديدة سيارتهم في المنطقة نفسها، وفق ما أفادت السلطات المحلية، السبت.

 

وأفادت السلطات المحلية بإقليم طاطا، بأنه "على أثر التساقطات الرعدية جد القوية التي شهدها الإقليم، والتي أدت إلى إحداث تدفقات فيضانية استثنائية، تم أمس الجمعة 20 سبتمبر، تسجيل حادثة انجراف حافلة للركاب بفعل السيول".

ويواجه المغرب موسم جفاف مستمرا منذ 6 سنوات، هو الأشد منذ نحو 40 عاما.

ويعد الجفاف مشكلة كبرى في البلاد، نظرا لتأثيره المباشر على القطاع الزراعي، الذي يشغّل نحو ثلث السكان في سن العمل، ويمثل نحو 14 في المئة من الصادرات.

ووفق خبراء، فإن هذه الأمطار النادرة من شأنها، على المستوى المحلي، رفع مستويات المياه في بعض السدود، وإعادة تغذية المياه الجوفية، لكن هذا الأمر يتطلب هطول أمطار لفترات طويلة.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

دار الأوبرا المصرية.. هل تعود لعرشها مع الدكتور علاء عبد السلام؟

لطالما كانت دار الأوبرا المصرية أيقونة للفن الرفيع ومنارة ثقافية ليس لمصر وحدها بل للعالم العربي بأسره، ولكن، كما تذبل زهرة إذا جُففت منابعها، شهدت الأوبرا خلال السنوات الأخيرة حالة من التراجع اللافت، نتيجة ضعف في الإدارة، وغياب للرؤية الفنية، وإهمال لروح المكان الذي صنع أمجاد الثقافة والفن، اليوم، ومع صعود الدكتور علاء عبد السلام إلى سدة رئاستها، تعود الأسئلة الملحة إلى الواجهة: هل يستطيع أن يعيد للأوبرا مجدها الغابر؟ وهل ينجح في بث الحياة في جسدها المتعب؟

في السنوات الأخيرة، كانت الأوبرا تسير بلا بوصلة، تجارب ضعيفة، مواسم فنية باهتة، ندرة العروض الكبرى، وتراجع الحضور الجماهيري، حتى كادت الهوية التي بنتها الأوبرا منذ نشأتها عام 1988 أن تبهت.

لم يكن الخلل في قلة الإمكانيات فقط، بل في اختيارات قيادات تفتقر للرؤية والخبرة الفنية الحقيقية، غاب التخطيط بعيد المدى، وتراجعت قدرة الأوبرا على اجتذاب كبار الفنانين محليًا ودوليًا، تحولت بعض فعالياتها إلى مجرد نشاط روتيني بلا روح، وتراجعت ثقة الجمهور النخبوي الذي لطالما اعتبر الأوبرا معبده الثقافي المقدس.

تولي الدكتور علاء عبد السلام رئاسة دار الأوبرا المصرية حمل في طياته آمالًا كبرى، الرجل ليس غريبًا عن الدار، بل هو أحد أبنائها الذين تربوا على خشبتها وأدركوا منذ البداية قدسية الفن وعمق رسالته.

عبد السلام، الذي يتمتع بسجل فني وإداري مميز، جاء محملاً برؤية إصلاحية واضحة: استعادة الريادة الفنية للأوبرا، رفع مستوى العروض، تعزيز الحضور الدولي، والأهم، إعادة بناء الثقة بين الدار وجمهورها، خطواته الأولى تؤكد أنه لا يبحث عن حلول تجميلية مؤقتة، بل يسعى لتجديد عميق يبدأ من جوهر العمل الفني والإداري معًا.

من أبرز أولوياته علاء عبد السلام، تطوير برامج العروض لتواكب الأذواق الرفيعة دون الانسلاخ عن الحداثة، إعادة ضخ دماء جديدة عبر اكتشاف ودعم المواهب الشابة، استعادة الفرق العالمية الكبرى لإحياء ليالي الأوبرا بمستوى دولي، الاهتمام بالبنية التحتية الفنية والإدارية، بما يليق بمكانة الأوبرا كصرح ثقافي عريق.

لن تكون مهمة الدكتور علاء عبد السلام سهلة، فالتغيير في مؤسسة ثقيلة وعريقة مثل الأوبرا يحتاج إلى: مواجهة البيروقراطية المتجذرة، تحديث آليات الإدارة والتسويق الثقافي، خلق شراكات دولية فاعلة ترفع اسم الأوبرا في المحافل العالمية، استعادة الجمهور المتخصص الذي هجر بعض الفعاليات لفقدانها الجودة.

إنه صراع بين التغيير والحفاظ على الأصالة، بين التجديد واحترام التقاليد الفنية العريقة، فعيون المثقفين، والفنانين، وعشاق الأوبرا، اليوم، تتطلع إلى خطوات الدكتور علاء عبد السلام بشغف وحذر، الكل يأمل أن تنفض دار الأوبرا المصرية عنها غبار الإهمال، وتعود قبلة للفن الراقي كما كانت، بل أقوى وأكثر إشراقًا.

طباعة شارك دار الأوبرا المصرية منارة ثقافية علاء عبد السلام برامج العروض تجارب ضعيفة

مقالات مشابهة

  • المشروع الاطلسي والعقيدة الدبلوماسية المغربية الجديدة
  • الدرك الملكي يضرب بقوة بوادي الشراط: توقيف 20 مشتبهاً وحجز كميات من المخدرات
  • مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الداخلة يدعو إلى تجديد المقاربة الأممية بخصوص النزاع في الصحراء
  • جهات الصحراء المغربية تبرز مؤهلاتها أمام المستثمرين الدوليين بلندن
  • زراعة تدر الأرباح وتستنزف المياه.. هل فشل مشروع المغرب الأخضر في تحقيق التوازن؟
  • زيارة بزشكيان لأذربيجان.. هل تعود المياه إلى مجاريها بين طهران وباكو؟
  • دار الأوبرا المصرية.. هل تعود لعرشها مع الدكتور علاء عبد السلام؟
  • إسبانيا تُكذّب تصريحات تبون وتؤكد أن موقفها من دعم سيادة المغرب على الصحراء لم يتغير
  • غليزان: 9 جرحى في حادث مرور بالطريق السيار “شرق-غرب” بوادي ارهيو
  • وزير الطاقة يبحث مع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه قطاعي المياه والكهرباء