الكاردينال ماريو زيناري: في سوريا قنبلة الفقر تقتل الرجاء
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شارك السفير البابوي في سوريا، الكاردينال ماريو زيناري، في عظته اليوم في رعية سانتا ماريا ديلي غراتسي ألي فورناتشي الرومانية، والتي يشغل منصب شماسها، آلام الشعب السوري.
وقال إن سوريا المعذبة، ويعيد البابا فرنسيس التأكيد في كثير من الأحيان، قد أصبحت الآن منسية وخرجت عن رادار المعلومات.
تحدث الكاردينال زيناري عن الصلبان الكثيرة "الصغيرة والكبيرة" التي يحملها كل إنسان في حياته وعن الدعم الذي يقدمه المسيح، ثم عرض تلك الموجودة في سوريا. واستذكر السنوات الماضية، الصورة التي انطبعت في ذهنه لأكثر من مليون سوري خرجوا هربًا من العنف، تحت المطر والثلج، حاملين معهم ما في وسعهم: "درب صليب على طول كيلومترات". ثم صورة أخرى، وهي صورة يوم الجمعة العظيمة، الذي سقطت فيه القنابل على مدينة حمص، وسأل فيها أحد خدمة المذبح الكاهن الأب ميشيل، أين يجب أن يتم إعداد القداس، في سياق دمر فيه كل شيء وتضررت الكنائس. فطلب منه الأب ميشيل أن يأخذ حبلاً طويلاً ويضعه حول جميع الأحياء التي دمرتها الحرب ويضع في الوسط كتابة الجلجلة. واليوم -أعاد الكاردينال زيناري التأكيد - هذا الحبل قد أصبح أطول بكثير ويمتد كيلومترات وكيلومترات ويحتضن الشرق الأوسط بأسره".
وأضاف الكاردينال زيناري يقول لقد رأيت الكثير من الدمار والموت والأطفال المبتوري الأطراف، والكثير من المعاناة خلال سنوات القتال العنيف. والآن انفجرت قنبلة الفقر التي لا تترك أي رجاء للسكان". وأكّد أن العقوبات المطبقة على النظام السوري لها تداعيات خطيرة جداً على السكان: "خلال الحرب كان هناك ضوء، والآن هناك انقطاع للكهرباء والظلام يخيم على البلاد". هناك نقص في الأدوية والغذاء وأدوات الاستخدام اليومي، والبنوك لا تستثمر، والتمويل في حالة جمود، وكذلك التعليم.
ويستمرّ السكان بالهروب، والفقر ينتشر: "اليوم، يكسب الطبيب - يؤكد الكاردينال زيناري - ٢٠ يورو شهريًا. يدرس المرء عندما يستطيع، فيما يفكر في الهجرة". إنّ الكنيسة في هذا السيناريو، هي في الطليعة في المساعدات والتعزية وفي إطلاق المبادرات، بما فيها تلك الدبلوماسية، لعكس هذا السقوط نحو الهاوية. ووفقا للأمم المتحدة، يغادر حوالي ٥٠٠ شخص البلاد يوميا.
لا يمكن لصرخة السفير البابوي في دمشق أن تبقى صماء في كوكب تمزقه الصراعات. إن بناء عالم أخوي، متضامن، وفي سلام، قادر على إطلاق مشاريع سياسية بعيدة المدى، يكون الإنسان فيها في المحور، هو أمر ممكن، وليس من وليد الخيال، بل يتم تحقيقه بالتزام الكثيرين. لا يمكننا أن ننسى سوريا، ولا يمكننا أن نغض الطرف إذا مات المهاجرون في البحار، ولا يمكننا أن نقبل الديكتاتوريات والصراعات. كل فرد منا، في جميع المجالات، مدعو إلى بناء سبل الحوار واللقاء والسلام.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سوريا البابا فرنسيس السفير البابوي
إقرأ أيضاً:
ما الذي تحقق من أهداف نتنياهو بعد 15 شهرا من الحرب؟
على مدار 15 شهرا، لم يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تكرار أهدافه من الحرب على قطاع غزة، التي كان في مقدمتها إنهاء الوجود العسكري والسياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وإلى جانب القضاء على حماس، وضع نتنياهو هدفين رئيسيين آخرين، هما استعادة الأسرى بالقوة ومنع أي تهديد مستقبلي لإسرائيل يمكن أن يخرج من غزة.
ووفقا لتقرير أعده صهيب العصا للجزيرة، فقد كان القضاء على حماس عسكريا وسلطويا يعني أن الحركة لن تكون موجودة في اللحظة التي سيتم فيها الإعلان عن وقف إطلاق النار، في حين كان الهدف الإستراتيجي ألا يصبح القطاع مصدر تهديد للأبد.
وبين هذين الهدفين، كان هدف استعادة الأسرى حاضرا دائما، خاصة أن هؤلاء هم الذين يفترض أن الحرب قد اندلعت من أجلهم بالدرجة الأولى.
تجويع وتدمير واعتقال
ولتحقيق هذه الأهداف، حاصرت إسرائيل القطاع تماما ومنعت دخول الدواء والغذاء والوقود إليه، وألقت على سكانه أطنانا من المتفجرات حتى أحالته جحيما.
وخلال عمليات التدمير الممنهجة، اعتقلت قوات الاحتلال آلاف الفلسطينيين من داخل المؤسسات التعليمية أو الطبية أو الخدمية التي دخلتها، ودفعت مليوني إنسان للنزوح مرات عديدة.
إعلانوقتلت إسرائيل -بقرار سياسي- أكثر من 46 ألف إنسان وأخفت ما يصل إلى 10 آلاف آخرين، أملا في تحقيق أهداف نتنياهو وحكومته المتطرفة ومن انضم لمجلس حربه من الساسة الإسرائيليين.
لكن دولة الاحتلال بدأت تستفيق من الصدمة والغضب بعد مرور 8 أشهر من أطول حروبها، فانسحب رئيس الأركان السابق بيني غانتس والقائد السابق في الجيش غادي آيزنكوت من مجلس الحرب بعد أسابيع من الخلافات والتهديدات المتبادلة.
واتهم الرجلان نتنياهو بعدم امتلاك إستراتيجية عسكرية وسياسية لمسار الحرب، وقد نزلا إلى جوار المعارضة في الشارع يطالبونه بالتوصل إلى اتفاق يعيد الأسرى.
كما توترت علاقات نتنياهو مع حلفائه الغربيين على وقع إيغاله غير المبرر في الدم الفلسطيني دون الوصول إلى أي من أهداف الحرب. وتأزمت علاقته مع واشنطن بعد مراوغته أكثر من مرة في المفاوضات بوضع شروط جديدة.
وقبل ذلك وبعده، لم يستمع نتنياهو لتحذيرات الرئيس الأميركي السابق جو بايدن من احتلال مدينة رفح جنوب القطاع والتوغل في محور فيلادلفيا على الحدود الفلسطينية المصرية.
وقد تجاوز نتنياهو كل ذلك، ولم يترك صورة تشير إلى استمراره في الحرب إلا التقطها، فدخل قطاع غزة مع جنوده وأعلن أنه لن يتراجع عن القتال حتى يحقق أهدافه الثلاثة التي وضعها.
ومع كل توغل في غزة، كانت إسرائيل تخسر مزيدا من الجنود، ومع كل محاولة لتحرير الأسرى كان يقتل عددا منهم.
نتنياهو في محور نتساريم بقطاع غزة (إعلام الجيش الاسرائيلي) فشل في استعادة الأسرىولم تنجح إسرائيل في استعادة أي من أسراها إلا مرة واحدة عندما استعادت 4 من بين 250 أسيرا، وقتلت وأصابت في سبيل ذلك مئات المدنيين الفلسطينيين في مخيم النصيرات بعد 8 أشهر من القتال، ووقفت العملية كلها على حافة الفشل.
ولم يكن كل ذلك كافيا لوقف التظاهر في الشارع الاسرائيلي، حيث أكد المحتشدون مرارا قناعتهم بعدم قدرة نتنياهو على تحقيق أهداف الحرب وتحديدا إعادة الأسرى أحياء دون صفقة مع حماس.
إعلانومع استمرار الحرب، بدأ خصوم نتنياهو السياسيون يتهمونه بالتهرب من عقد صفقة تبادل أسرى، حفاظا على مستقبله السياسي. وقال غانتس وآيزنكوت إن الحرب فشلت في تحقيق أهدافها.
وقال زعيم المعارضة يائير لبيد إن النجاح الوحيد الذي يمكن للحرب تحقيقه هو التوصل لصفقة تعيد الأسرى أحياء. بينما واصل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير (استقال احتجاجا على وقف القتال) ووزير المالية بتسلئيل سموترتيش تمسكهما بأن الحرب حققت إنجازات هامة، وأن مواصلتها مهمة جدا لتحقيق بقية الأهداف.
وظل الانقسام السياسي سيد المشهد في إسرائيل حتى منتصف الشهر الجاري عندما تم الإعلان عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، بعد مفاوضات مضنية تعثرت شهورا بسبب تعنت نتنياهو.
ومنح الاتفاق أملا في توقف للحرب وانسحاب للقوات الإسرائيلية من القطاع والدفع بمزيد من المساعدات للسكان الذين سمح للنازحين منهم بالعودة إلى ديارهم.
لكن الاتفاق الذي تم إعلانه كان مع حركة حماس التي تعهد نتنياهو باجتثاثها تماما، وقد نص على استعادة من تبقى من الأسرى الإسرائيليين الأحياء مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين قدامى في سجون الاحتلال.
وتمثل بنود الاتفاق كل ما تمسكت به المقاومة طوال شهور الحرب، وقالت إنه سيكون السبيل الوحيد لوقف الحرب وإعادة الأسرى.
ويوضح الاتفاق دون لبس أن إسرائيل عقدت صفقة مع حماس في النهاية ولم تسترجع أسراها دون الثمن الذي طلبته الحركة في أول الحرب. وقبل هذا وذاك، لم تسلم المقاومة سلاحها كما كان نتنياهو يريد رغم ما لحق بها من خسارة في العدد والعتاد.