عربي21:
2024-09-23@17:23:44 GMT

جاك الدّور جاك الدّور يا قيس يا دكتاتور

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

1- عَوْدٌ على بَدء

حين وقف الأستاذ راشد الغنوشي، رئيس البرلمان الشرعي، قبالة دبابة تسدّ باب البرلمان ليلة 25 تموز/ يوليو 2021، ومعه عدد من نواب حركة النهضة وائتلاف الكرامة ونائبته الأولى سميرة الشواشي، كان أغلب خصوم حركة النهضة يباركون جهرا أو صمتا ما حدث؛ لكون قيس سعيد استبعد أهم طرف سياسي وسيحتاج منهم دعما لمزيد التصفية عن طريق جهاز القضاء ومن خلال تلفيق التهم وتشويه السمعة وتضليل الرأي العام.



اليوم كل تلك القوى ومعها اتحاد الشغل والرابطة التونسية لحقوق الإنسان تعود وقد أذلها قيس سعيد إلى نفس موقف الأستاذ راشد الغنوشي، ولكنهم يقفون على أرضية أقل اشتعالا ويواجهون "دكتاتورا" أضعف سلطانا وأكثر خصوما.

"الشبكة التونسية للحقوق والحريات" التي تجمع عدة أحزاب ومنظمات وجمعيات دعت يوم 13 أيلول/ سبتمبر إلى مسيرة كانت ذات حجم محترم ثم دعت في 22 أيلول/ سبتمبر إلى مسيرة ثانية رُفعت فيها عدة شعارات ضد قيس سعيد تحديدا: "جاك الدّور جاك الدّور يا قيس يا دكتاتور" و"وحدة وحدة وطنية ضد الهجمة الشعبوية"، وشعارات عديدة تطالب باحترام الحريات وتدعو إلى رحيل قيس سعيد. وقد لاحظ المراقبون حضورا مهما للشباب من الجنسين، وكانوا هم المتصدرين للمشهد.

2- قيس سعيد الهروب إلى الأمام
ثلاثة أعوام من استحواذه على السلطة المطلقة وتوليه إدارة البلاد بالمراسيم ثم بدستور سنّه بنفسه ثم بحكومات يختار هو وزراءها، عجز قيس سعيد عن تحقيق ما وعد به الناس من استرجاع للأموال المنهوبة ومن توفير للثروة وتحسين لمستوى العيش ولظروف العائلات التونسية، عجز عن تحقيق ظروف ملائمة للاستقرار وللأمل
بعد ثلاثة أعوام من استحواذه على السلطة المطلقة وتوليه إدارة البلاد بالمراسيم ثم بدستور سنّه بنفسه ثم بحكومات يختار هو وزراءها، عجز قيس سعيد عن تحقيق ما وعد به الناس من استرجاع للأموال المنهوبة ومن توفير للثروة وتحسين لمستوى العيش ولظروف العائلات التونسية، عجز عن تحقيق ظروف ملائمة للاستقرار وللأمل، فلم تتوقف هجرة الكفاءات خاصة من الشباب وفي مختلف الاختصاصات التي تحتاجها الدولة.

وبدل أن يعترف بعجزه وفشله، وبدل أن يدعو إلى حوار وطني يُمهّدُ له بتنقية الأجواء بإطلاق سراح المساجين وإلغاء المرسوم 54 السالب للحريات، وبدل الكف عن خطاب التخوين وقاموس السباب والشتيمة والتحريض على "التطهير" بما تحيل إليه الكلمة من عنف وكراهية، فإنه ظل يكابر ويزيد في التنكيل بمخالفيه وخاصة من مناضلي حركة النهضة التي لم يسلم منها حتى عقلها الوازن وقلبها الكبير، العجمي الوريمي، كما لم يسلم شيوخٌ أنهكتهم السجون وخرّب أجسادهم التعذيب والمرض والفقر، فقد ألقى بالعشرات منهم بسبب مطالبتهم بتنفيذ ما تعهدت به الدولة تجاه ضحايا الأنظمة السابقة من "جبر" لبعض ضرر بليغ.

قيس سعيد وضع كل منافسيه على الرئاسة في السجن أو في الإقامة الجبرية، ولم يُبق إلا على منافس واحد هو أمين عام حركة الشعب التي ناصرت 25 تموز/ يوليو في البداية ثم اتخذت منه مسافة نقدية لأسباب يقولون متعلقة بانحرافات الرئيس عن المبادئ الأولى، ويقول معارضو حركة الشعب إن الأسباب كامنة في عدم تقاسم قيس سعيد للسلطة معهم.

ولمزيد محاصرة لمنافسيه يسعى قيس سعيد إلى تغيير القانون الانتخابي قبل موعد الانتخابات الرئاسية بأسبوعين، يريد تجريد المحكمة الإدارية من صلاحيتها ومنحها لمحكمة الاستئناف لتتعهد هي بالنظر في قضايا النزاع الانتخابي. المحكمة الإدارية هي التي حكمت ببطلان قرارات هيئة الانتخابات التي حرمت ثلاثة مترشحين من حقهم في المشاركة، وهم عبد اللطيف المكي ومنذر الزنايدي وعماد الدايمي، ويرى خبراء في القانون أن المحكمة الإدارية كأعلى سلطة قضائية قد تحكم ببطلان المسار الانتخابي كله، وهو ما سيُدخل البلاد في نزاع قانوني قد يلجأ معه سعيد إلى اعتماد أجهزة الدولة لفرض فوزه كأمر واقع.

هذه مخاوف حقيقية جعلت أغلب الأحزاب والمنظمات تُصدر بيانات إدانة وتحذير، وتطالب نواب البرلمان بعدم الانسياق وراء رغبة قيس سعيد في تنقيح القانون الانتخابي بما يخدم حظوظه في دورة رئاسية ثانية تمتد إلى 2029.

3- المبادئ والحسابات

في السياسة لا وجود للنوايا الحسنة، وإنما ثمة دائما حسابات ومصالح وتحالفات ومحاولات دائمة للاستفادة من التناقضات والتقاطعات داخليا وخارجيا.

جمهور واسع من حركة النهضة فقد الثقة فيمن يعتبرهم مسؤولين عن محنة الديمقراطية، ويتساءل عن سبب غيابهم عن مسيرات جبهة الخلاص حين كانت ترابط في الشارع ضد الانقلاب
كان يمكن أن يكون عدد المشاركين في المسيرتين الاحتجاجيتين أضعافا مضاعفة لو كان قادة النهضة خارج السجن، أو لو دعا من هم خارجه جماهير الحركة إلى المشاركة القوية في الاحتجاجات مع إقناع بجدوى الخروج، فجمهور واسع من حركة النهضة فقد الثقة فيمن يعتبرهم مسؤولين عن محنة الديمقراطية، ويتساءل عن سبب غيابهم عن مسيرات جبهة الخلاص حين كانت ترابط في الشارع ضد الانقلاب.

إن الحزب الأقوى والأقدر على التعبئة وعلى تسيير المظاهرات الشعبية وملء الشوارع الكبرى هو حزب حركة النهضة، ولكن هذا الحزب تعرض إلى "العضّ" مرات كلما مدّ يدا للتوافق، بل إن أغلب خصومه الأيديولوجيين يريدون أن تنجح السلطة في "إبادته" وإنهم يتفاجأون كلما انبعث من رماده فيرفعون عقيرتهم يحذرون من "الأخونة" و"الأسلمة".

ثمة وجهة نظر يقول أصحابها إن عودة عدد من أنصار قيس سعيد إلى شارع المعارضة أمر مهم وجب البناء عليه ومعه؛ من أجل تكوين موقف جامع ينتهي إلى استعادة الديمقراطية ويضع حدات لعملية تفكيك الدولة وقتل السياسة وتغيير هيئة الدولة.

وجهة نظر ثانية يرى أصحابُها أن بعض القوى والشخصيات التي تسمي نفسها حداثية ومدنية تريد استعمال بعض جمهور النهضة لتوفير "شارع" يُقنع قوى خارجية بضرورة المساعدة في إسقاط سعيد، ويريدون تسلم السلطة وتنفيذ مشروعهم هم تحديدا تشاركهم فيه قوى خارجية، فرنسا تحديدا، أو لعلهم يُرسلون برسالة لقيس سعيد يقنعونه بضرورة محاورتهم وتمكينهم من بعض الامتيازات بعد فوزه في انتخاباتٍ لن يطعنوا فيها إذا تسلموا وزارة الثقافة وسُمح لجمعياتهم بتلقي الدعم الخارجي لقد نجحوا في ذلك مع بن علي، إن الحرية التي يطالبون بها ليست للإسلاميين، ولم نقرأ لهم نصا في المراجعات الفكرية وفي الاعتراف بأخطاء وخطايا وحتى مواقف وممارسات ترقى إلى مستوى الجرائم.

4- الإسلاميون وحظوظهم من الديمقراطية
الهجمة التي شنها سياسيون وإعلاميون ومثقفون ونقابيون على مسار التدرب الديمقراطي طيلة العشرية الحمراء، لم تكن دفاعا عن حرية ولا عن إبداع ولا عن مدنية ولا عن فقراء، إنما كانت تحديدا استهدافا لإسلاميين فازوا في الانتخابات وقبلوا بتحمل أمانة رآهم الشعب أهلا لها، ولذلك ليس من السهل أن يطمئنوا إلى هؤلاء
المتوجسون من أي تنسيق مع دعاة التظاهر في المناسبتين، يعتبرون أن الهجمة التي شنها سياسيون وإعلاميون ومثقفون ونقابيون على مسار التدرب الديمقراطي طيلة العشرية الحمراء، لم تكن دفاعا عن حرية ولا عن إبداع ولا عن مدنية ولا عن فقراء، إنما كانت تحديدا استهدافا لإسلاميين فازوا في الانتخابات وقبلوا بتحمل أمانة رآهم الشعب أهلا لها، ولذلك ليس من السهل أن يطمئنوا إلى هؤلاء دون تفاهمات مكتوبة وتعهدات مدونة.

يقول المتوجسون أولئك إن هؤلاء أنفسهم هم من يبكون اليوم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وليس ثمة ما يدل على أنهم راجعوا أنفسهم أو اعترفوا بأخطائهم أو شهدوا بأن الإسلاميين ديمقراطيون ووطنيون وتوافقيون ومظلومون زمن بورقيبة وبن علي وقيس سعيد، إنهم في أحسن الأحوال "يَعِدون" بإطلاق سراح الإسلاميين الذين وضعهم قيس سعيد في السجن، وسيشترطون عليهم مقابل ذلك ألا يشاركوا في أي انتخابات بكل حجمهم حتى لا يفوزوا فيها بأغلبية، إنهم يريدون من الإسلاميين بعد أن اعتقدوا بأن قيس سعيد أضعفهم على كل المستويات، أن يكونوا طرفا في إسقاط قيس سعيد ولكن لن يقبلوا بهم شريكا حقيقيا في الديمقراطية؛ في زمنٍ يُكشّر فيه الغرب على أنيابه بوجه الحركات الإسلامية التي يراها بيئة منتجة لشباب المقاومة ومنتجة لخطاب هو وقود كل الساحات الصامدة اليوم والمنتفضة على الظلم وعلى الرأسمالية المتوحشة وعلى الصهيونية المجرمة.

x.com/bahriarfaoui1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه النهضة قيس سعيد التونسية الانتخابات الديمقراطية الانقلاب انقلاب تونس النهضة انتخابات الديمقراطية مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرکة النهضة قیس سعید سعید إلى عن تحقیق ولا عن

إقرأ أيضاً:

حزب النهضة والفضيلة ينعي مؤسسه الراحل محمد خليدي

ينتظر أن يوارى جثمان الراحل محمد خليدي، الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة، بمقبرة الشهداء بالرباط اليوم الأحد، مباشرة بعد إقامة صلاة الجنازة.

ونعى حزب النهضة والفضيلة، مؤسسه محمد خليدي، مباشرة بعد وفاته ظهر أمس السبت 21 شتنبر  عن سن 86 سنة، إثر مرض لم ينفع معه علاج.

وعدد الحزب في بلاغ توصل « اليوم24″، بنسخة منه مناقب خليدي، ليشير أن الراحل » انضم منذ وقت مبكر من حياته، شابا يافعا إلى الحركة الوطنية بمدينة وجدة، وانخرط في صفوفها مدافعا عن استقلال المغرب وسيادته وشرعية ملكه الراحل محمد الخامس »
وأضاف البلاغ كاشفا تفاصيل من حياة خليدي  أنه « مع بزوغ فجر الاستقلال عمل خليدي إطارا بقطاع الشبيبة والرياضة الذي قضى فيه سنوات طويلة مسؤولا عن التكوين والتأطير جهويا ومركزيا، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في علوم التربية والشباب، وأسس عدة جمعيات ثقافية وتربوية وفنية على المستوى الوطني، وعدة مبادرات شبابية وجمعوية عربية ودولية، إذ يعتبر عضوا مؤسسا للمهرجان العربي الدولي للشباب، وعضوا في المنظمة الدولية للتكنولوجيا، إلى جانب حضوره الدائم في مختلف الملتقيات والفعاليات ذات الصلة ».
بالموازاة مع ذلك، أوضح بيان النعي، أن الراحل « ساهم  في النضال السياسي إلى جانب المجاهد الدكتور عبد الكريم الخطيب في حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية الذي ظل جزءا من قيادته إلى حدود سنة 1996 حيث تم تأسيس حزب العدالة والتنمية الذي كان أحد مؤسسيه وعضوا في أمانته العامة إلى حدود سنة 2005 حيث سيغادره من أجل تأسيس مشروع حزبي جديد هو حزب النهضة والفضيلة، وهو الحزب الوطني ذو المرجعية الإسلامية الذي سيقدم على رأسه إسهامات في النقاش السياسي العمومي وفي حل العديد من الإشكالات والقضايا المرتبطة باستقرار البلاد وترسيخ الأجواء الإيجابية بين أبنائها، حيث قاد الراحل خليدي مسلسل المصالحة بين الدولة ومعتقلي ما سمي بالسلفية الجهادية، وأسفرت جهوده عن إطلاق سراح عدد من رموز هذا التيار وإدماجهم في الحقل السياسي والنسيج الاجتماعي الوطني ».
وخاض خليدي تجربة العمل البرلماني بعد حصوله على مقعد برلماني باسم حزب العدالة والتنمية عن دائرة وجدة في الولاية البرلمانية لسنة 2002-2007 .
وإلى جانب العمل السياسي، يضيف البلاغ « ساهم خليدي في العمل النقابي، حيث أسس الاتحاد الوطني للشغل، وكان أول كاتب عام له، كما اشتغل في مجال الصحافة مدير نشر وتحرير للعديد من التجارب الصحفية أهمها صحيفتا المغرب العربي وجريدة العصر ».

كلمات دلالية العدالة والتنمية حزب النهضة والفضيلة خليدي عبد الكريم الخطيب وفاة

مقالات مشابهة

  • بالأبيض والأسود.. سميرة سعيد تتألق في أحدث ظهور لها (صور)
  • عبد المنعم سعيد: الشرق الأوسط يعيش حالة حرب منذ 7 أكتوبر الماضي
  • أنشيلوتي سعيد بردة فعل ريال مدريد
  • حملات تموينية مكبرة على أسواق بور سعيد وتحرير عدد من المحاضر للمخالفين
  • حزب النهضة والفضيلة ينعي مؤسسه الراحل محمد خليدي
  • إمام عاشور: سعيد بالتتويج بالدوري وهدفنا القادم السوبر الإفريقي أمام الزمالك
  • عمر الساعي: سعيد بالتواجد مع الأهلي وأرغب في إسعاد الجماهير
  • بونو: أنا سعيد مع الهلال.. وعودة نيمار اقتربت
  • الخشاب: سعيد بتدريب النصر