إطلاق الدورة الأولى من قمة "مسار الثقة وتعزيز السمعة" في مقر الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
نيويورك - الرؤية
نظّم مركز الدراسات العالمية (CGS) - وهو مبادرة من برلمان للبحر الأبيض المتوسط (PAM) - فعالية ناجحة على هامش قمة الأمم المتحدة للمستقبل، التي عُقدت اليوم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، بالشراكة مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي (CTED)، والبعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، والبعثة الدائمة لإيطاليا لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
وعُقدت الجلسة التي نظمها مركز الدراسات العالمية والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط تحت عنوان: "الدعم البرلماني ودوره في بناء الثقة وتعزيز سمعة الحوكمة متعددة الأطراف". وتهدف هذه الجلسة إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للقمة من خلال تعزيز التعاون البرلماني والحكومي لمواجهة التحديات العالمية الهامة، وتنشيط نظام الحوكمة متعددة الأطراف، وتزويد صنّاع القرار بالمعلومات الأساسية التي تمكّنهم من ممارسة الرقابة الوطنية على نتائج القمة، بالإضافة إلى دعم تنفيذ "الميثاق من أجل المستقبل" على المستويين الوطني والإقليمي.
وأدار جلسة اليوم التي عُقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، معالي السفير سيرجيو بيازي، الأمين العام لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، بمشاركة عدد من كبار المتحدثين، من بينهم معالي النعم ميارة، رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط ورئيس مجلس المستشارين في المملكة المغربية، وسعادة السفير دينيس فرانسيس، رئيس الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وسعادة السفير عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وسعادة السفير جيانلوكا غريكو، نائب الممثل الدائم لإيطاليا لدى الأمم المتحدة في نيويورك، والسيدة ناتاليا غيرمان، الأمين العام المساعد والمديرة التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي (CTED)، والنائب ديبورا بيرغاميني (إيطاليا)، مقررة الشؤون السياسية في برلمان البحر الأبيض المتوسط، وسعادة النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب المصري والرئيس الفخري لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، والسيدة جوانا ليما (البرتغال)، رئيسة منتدى النساء البرلمانيات التابع لبرلمان البحر الأبيض المتوسط (بانتظار التأكيد)، والنائب توبا دورغوت (تركيا)، نائب رئيسة منتدى النساء البرلمانيات التابع لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، والدكتورة ريم عيادي، مؤسس ورئيسة الجمعية الاقتصادية الأورومتوسطية (EMEA)، وسعادة السفير الدكتور عبدالسلام المدني، رئيس مركز الدراسات العالمية- CGS وسفير برلمان البحر الأبيض المتوسط في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
ويُعنى مركز الدراسات العالمية (CGS) بتقييم وتعزيز الثقة والسمعة في القطاعين العام والخاص على المستوى العالمي. وبصفته مركز أبحاث رائد، يضع المركز معايير شاملة لتقييم الثقة والسمعة، ويعد مرجعاً أساسياً للدول والشركات والمنظمات في هذا المجال.
وتتوافق هذه القمة مع أهداف قمة الأمم المتحدة للمستقبل، التي تمثل فرصة لتعزيز الالتزام بالوعود التي قُطعت سابقاً، وإعداد المجتمع الدولي للمستقبل، واستعادة الثقة على المستوى العالمي.
وقال سعادة السفير الدكتور عبدالسلام المدني في كلمته: "يشرفني أن أعلن عن إطلاق "قمة مسار الثقة وتعزيز السمعة" التي ستُعقد تحت شعار: "بناء الثقة وتشكيل السمعة". حيث تسعى هذه القمة لأن تكون أكثر من مجرد حدث، إذ تمثل دعوة للعمل وتعتبر بمثابة التزام جماعي نحو بناء مستقبل أفضل يستند إلى النزاهة والشفافية والاحترام المتبادل، تماشياً مع رؤية الميثاق من أجل المستقبل".
وأضاف سعادته: "تهدف القمة في دورتها الأولى، التي ستركز على الإعلام والسياسة والاقتصاد، إلى أن تكون منصة حيوية لمعالجة تأثير هذه القطاعات على الثقة والسمعة في الحوكمة" لافتاً إلى أنه "من خلال الحوار المفتوح والمناقشات المتخصصة، سيتم العمل على تعزيز التواصل بين المؤسسات والمجتمعات التي تخدمها، وضمان الوصول المستمر إلى المعلومات الدقيقة والموثوقة. مما سيُمكِّننا من بناء أطر أقوى للثقة والسمعة، ليس فقط داخل الحكومات والبرلمانات، بل أيضاً في جميع القطاعات التي تؤثر على رفاهية مجتمعاتنا".
ويؤكد إطلاق قمة مسار الثقة وتعزيز السمعة على أهمية تفعيل الشفافية، وبناء الثقة، وتحسين السمعة كركائز أساسية في بناء مستقبل أكثر استدامة. وستركز القمة على ثلاثة مجالات رئيسية: الإعلام، السياسة، والاقتصاد، مع التركيز على بناء مستقبل مستدام من خلال استراتيجيات عملية تدعم الحوكمة الرشيدة، وتساهم في تطوير السياسات التي تؤثر إيجابياً على المجالات الاقتصادية والسياسية والإعلامية، وتساعد في تحسين التشريعات. كما تهدف القمة إلى تعزيز التواصل وتيسير النقاشات بين المؤسسات والمجتمعات من خلال رفع مستوى الحوار عبر توفير منصات مفتوحة تتيح الوصول إلى المعلومات الدقيقة والموثوقة.
إضافة إلى ذلك، تمثل القمة فرصة للتواصل مع قادة الفكر وتشكيل شراكات تدعم الابتكار والتعاون، وتعزز الشفافية المالية، وتعمل على بناء الثقة في المجتمعات من خلال تعزيز القيادة الأخلاقية، والأمن السيبراني، والالتزام بالمعايير الدولية. إذ سيساهم ذلك في تعزيز الحوارات البناءة، وتسليط الضوء على أهمية معالجة القضايا الحيوية، وتعزيز النزاهة والروابط بين الأطراف المعنية، مما يمثل تحولاً نحو بيئة أكثر شفافية وابتكاراً واستدامة.
وفي الختام، تمثل قمة مسار الثقة وتعزيز السمعة استجابة للتحديات الراهنة ومبادرة استشرافية للمستقبل. فهي توفر فرصة لإعادة بناء واستعادة الثقة في المؤسسات والمنظمات والحكومات على مستوى العالم. حيث يمكننا من خلال التعاون والعمل معاً، ضمان تمتع عالم الغد بمصداقية وشفافية ومرونة أكبر.
وتم خلال الجلسة إطلاق الموقع الإلكتروني الخاص بالقمة، والذي يسلط الضوء على برنامج القمة ويقدم معلومات حول كبار المتحدثين كما يبرز أهمية المعرض المرافق للمؤتمر. حيث يوفر هذا الحدث منصة لعرض الحلول والابتكارات التي تدعم الثقة والشفافية، ويركز على بناء علاقات أعمق ويساعد على تبادل الرؤى لتحقيق تغيير حقيقي وملموس.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
السلاحان الخفيان في بناء الأمم وهدمها
سنعود إلى تفسير حزن "الرجل البرتقالي" على أسرى إسرائيل الناحلين العجاف، المساكين، أبناء السبيل، بعد مناظرة بين الضحك والبكاء، في بناء الأمم وحطمها.
أهرق حبر، وانقصفت أقلام، في البحث عن أسباب بناء الأمم، واجتمعت العقول على أسباب ووشائج، مثل الأرض والدين واللغة والروح المشتركة والعرق، وأحيانا تتعدى الأسباب إلى عرى متغيرة، مثل الطعام والكساء، والآمال والآلام، لكن الباحثين يغضون عن خصيصتين أهملهما ابن خلدون وهربرت سبنسر وأوكست كونت، هما الضحك والبكاء.
يذهب الباحث الروسي ميخائيل باختين إلى أنَّ الضحك سلاح يدمر الطغيان، ولعله يقصد السخرية بالطاغية، لكن قوله مبالغ به، فلم يحدث أن أسقطت نكته أو طرفة طاغية، فالنكتة لا نصْل لها ولا سنان، ولا أنياب ولا أسنان، وهي ترويحة للنفس لا نزع للسلطان. الحالة الوحيدة المعروفة في التاريخ القديم والمعاصر، هي إسقاط هيبة محمد مرسي بالنكات، لكنه لم يسقط بها وحدها، ولم يكن سلطانا ولا طاغية، ولو كان ما سقط.
والطغاة الحصيفون والسلاطين الحكماء يقبلون بالنكتة الساخرة منهم، بل ويشجعون على إشاعتها سرا لأنها تنفس الكربة، وتقصر الحربة. والبرهان هو شعب مصر الفكه، وهو أشهر شعب ساخر في العالم، فطرائف الشعب تعين على إدامة عمر الطغيان، وتسلية المواجع والأحزان. ويوصف حزب النكتة -وهي تسمية مجازية- بأنه الحزب الوحيد المعارض في مصر، وهو نفسه حزب الكنبة، ولم تعد في مصر كنبة، فقد غدت الكنبة ترفا، فهو ينام على الحديدة. والنوم تحت الجسور ممنوع منذ أن بنى صاحب مصر الجديد الجسور الكثيرة، وأكثرَ من الأشواك الإسمنتية تحتها منعا من اتخاذها للسكنى أو المأوى، فقد عُرف المصريون بالسكن في المقابر؛ أحياء غير أموات ولكن لا تشعرون. يقال إن الشعب المصري عرف سر التحنيط مبكرا، لكن لم يحدث أن حنط رئيس الأحياء كما وقع لشعوبنا الضاحكة.
يُجمع كثيرون أن عادل إمام الذي ملأ الدنيا وشغل الناس أمسى إماما، وأطلق عليه لقب الزعيم بعد مسرحية الزعيم، وكان قد اشترط لزيارة تونس أن يستقبله رئيسها القايد السبسي، ففعل الرئيس خشية زعلة الإمام، وتبادلا عند الزيارة نكاتا قديمة من مسرحية له بالأبيض والأسود في زمن الملون. ويمدح كثيرون عادل إمام بأنه واسى الشعوب العربية بالضحك، وأجلى حزنهم وأنساهم الهزيمة، وجعل الضحك غنيمة، بل إنه حمل عنهم أمرين غير إجلاء الحزن، هما تعويضه لهم عن الفحولة الجنسية المكتومة والشجاعة السياسية المفقودة، فكان ناقدا سياسيا يذكر الرغيف الكبير، والمواصلات الخالية، وفحلا يباشر النجمات الجميلات في السرير بالعناق والقبل.
أما وقد فرغنا من البرهان على أن الضحك إن تحول إلى وباء يدمر الشعوب ويعمّر الطغيان، فسنبسط أمر البكاء الفتّان، وإن أشهر شعب حزين هو شعب عربي أيضا، هو شعب بلاد الرافدين، وقد فاض حزنه على بلاد فارس، التي كانت تحتل العراق وتتخذ الحيرة عاصمة لها، فالشعب الإيراني ما يزال يبكي منذ أن فقد إمبراطورته الكسروية العظيمة، وأُلبس يزدجرد بن شهريار بن برويز ثوب الحسين باتخاذ أخلاف الفرس التشيع مذهبا لهم. وأغلب التقديرات البحثية تذهب إلى أنَّ التشيع منوال موروث من عهد عبادة الآلهة؛ تموز في العراق، وأوزيريس في مصر، وأنه تصحيف عربي للدين المسيحي، وجرى تبديل للشخصيات في الدينين؛ الحسين هو مسيح الشيعة المصلوب، وفاطمة هي مريم العذراء، التي توصف بالبتول، مع أنها تزوجت ابن عمها عليا!
العقيدة البكائية والندبية، والنوحية، التي تحشد لها سليلة الإمبراطورية الكسروية بالجمهرات وحشود البكاء ومحافل الندب والنواح واللطم، حزنا على فقدها ملكها، وطلبا للثأر من قاتليه، أحفاد الطلقاء. البكاء واحد من أهم أركان الدولة الإيرانية وركائزها، وقد احتلت من جديد أربع عواصم عربية، ما لبثت أن تحررت من احتلالها دمشق، ويوشك لبنان أن يتحرر منها، ويختلط الدمع بالدم المتفجر من اللطم والضرب بالسلاسل على الشهيد الحسين.
وكان المسيحيون قديما يقيمون مواسم صلب، ويسمّر بعضهم أنفسهم بالمسامير في ذكرى الصلب، لكن انقرضت تلك العادة في أوروبا، في عصر الحداثة والتقانة والعقل، وما تزال ماثلة في بعض بلدان أمريكا اللاتينية المتدينة، في المناسبات الدينية. وكان سبب انقراضها في أوروبا هو الثروات التي انداحت عليها من المستعمرات الجديدة والحروب العالمية، وأفول العقيدة المسيحية في العقل الأوروبي المنبعث من جديد، فحلت شخصيات جديدة محل المسيح، مبهجة، مثل سانتا كلوز، وباتمان، وسوبرمان، بل إن أفلاما ساخرة من المسيح حلت محل التعظيم والبكاء القديم، بل إن فيلسوف القوة نيتشه زعم أن الإله مات.
إن الضحك والبكاء غريزتان، ويدّعي هذا المقال أنهما يصلحان لبناء الدول او شدّها وتمتينها أو توسيعها وتكبيرها، وتزكية الرعية أو تدسيسها وتبكيتها. وكانت أوروبا قد اتخذت الغيرة على قبر المسيح سببا فغزت به الديار الإسلامية إبان الحروب الصليبية، ثم حلّ اليهود محل المسيح في المناحة العظيمة، فهو الشعب المصلوب الذي تعرض إلى حرب إبادة في الحرب العالمية الثانية.
لا يشبه الندب في الغرب ندب الشيعة ونواحهم وابتهالاتهم التي تبث من أبواق المساجد ليل نهار، وتتجلى في السردية الصحافية والإعلامية والسينمائية المتواصلة، فالهولوكوست هو حائط مبكى العالم، وإن الدمع ليجمع ويؤلب أكثر مما يجمع الضحك ويفعل، فالضحك قصير العمر، وهو يكسد بسرعة، و"يميت القلب"، أما البكاء فلا يرقأ حتى ينفجر من جديد، منذ أن خرج آدم من الجنة باكيا على خطيئته، ضحك به إبليس وخدعه، وهو أول الضاحكين الساخرين، والبكاء أطول من الضحك عمرا، وأبلغ أثرا. ويجب أن نعذر رئيس أمريكا البرتقالي، الذي رثى الأسارى الإسرائيليين النحال العجاف في التبادل الأخير بين حماس وإسرائيل، وكان بوش قد زعم أن صدام حاول قتل أبيه فغزا العراق!
قفا نبكِ، ليس اقتداء بإخوة يوسف الذين جاؤوا أباهم عشاء يبكون، بل لأن حالنا يستحق البكاء.
قفا نبكِ وإن شئتما اقعدا مع القاعدين.
x.com/OmarImaromar