غزة- مدلين خلة - صفا على عجلة من أمره، ودع إسلام الزعانين (17 عامًا) والدته من منزله المدمر في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، والذي تركوه مرات عدة، بعدما أُجبروا على النزوح منه تحت وطأة القصف والرصاص الإسرائيلي فوق رؤسهم.. قائلًا لها: "هذه الخضار التي طلبتيها ورح أرجع على الغدا". لم يكن يعلم إسلام بأن تلك العجلة "هل ستكون بداية راحة أبدية له، أم أنه سيُنهي عمله في توزيع "المياه العذبة" على نازحي مدارس الإيواء، حتى يعود مسرعًا، كي يتناول المقلوبة التي طلب من والدته تحضيرها، فهو لم يدر أنه لن يكون له نصيب في تذوقها".

  الصراع بين الحاضر والمستقبل، لا يفصل بينهما سوى خيط رفيع، ينتظر بشوق تذوق الطعام الذي حُرم منه على مدار ١١ شهرًا، وكذلك عودته من العمل ليجلس حول مائدة الطعام مع عائلته ويلتقط ملعقته ليغرف ما تشتهيه نفسه، لكن حتى تلك الأمنيات البسيطة لا تروق للاحتلال فكانت الشهادة أقرب له من طعامه المفضل. معاناة ووجع كان إسلام بكر والديه، يُطلق عليه رجل البيت الصغير، الذي أكسبته الحرب عمرًا إضافيًا إلى عمره، فأخذ على عاتقه توفير قوت عائلته واحتياجاتهم من حطب ومياه وبعض قطع النايلون لسد ثقوب جدران منزلهم الذي تهالك، بفعل قذائف الحرب الإسرائيلية اللعينة. عاش معاناة النزوح مع عائلته فترك مسقط رأسه متوجهًا لمخيم جباليا، والذي لم يلبث أن يستقر هناك حتى عكف على نزوح آخر، يحمل ما استطاعت عائلته اقتنائه من حاجيات وأغراض مهمة، قائلًا لهم: "ما تكثروا أغراض يومين وراجعين"، إلا أن هذين اليومين شارفا على العام، لكن إسلام لم يعد موجودًا. ضل الوجع يأكل أوصاله على الحال الذي وصل إليها وأبناء شعبه الذين صمدوا في محافظتي غزة والشمال، وأخذت المجاعة يشتد أزرها يومًا بعد يوم حتى ألزم نفسه بتوفير مياه الشرب للمرضى وأصحاب الحالات الخاصة. استطاع إسلام توفير "تنك" ماء وقام بتوزيعه على النازحين في مراكز الإيواء، وتطور عمله ليعم المواطنين كافة. يروي صديقه صائب أبو عمشة لوكالة "صفا" تفاصيل آخر يوم له مع رفيقه الشهيد إسلام في العمل، قائلًا: "كان عندنا نقلتين ماء، النقلة الأولى تم تفريغها في معسكر جباليا، وكان إسلام يقوم بتعبئة المياه للناس بيديه، مناديًا عليهم، كلكم رح تاخذوا خير كتير ورح يكفي الكل". نهاية الرحلة "عُرف إسلام بطبية قلبه، وحبه للناس ومساعدتهم، يقول صديقه: "صح كان صغيرًا في العمر، لكن الحرب علمته إنو الصغير رح يموت جوع وقهر". "دلف بين رفاقه يضحك مع هذا ويُخفف حمل ذاك، كانت طبيعته مرحة، لكن ليست كما اليوم، لم يكونوا يعلمون أنه يُودعهم بابتسامته الساحرة، التي بقيت راسخة في قلوب وعقول أصدقائه". يضيف أبو عمشة "أخبرنا إسلام بأنه لن يكون معنا في نقلة الماء الثانية، فقد أحضر بعض الخضار لوالدته لتحضر له مقلوبة وعليه العودة للمنزل". ولم يكن بينه وبين الشهادة سوى بضع خطوات قليلة سار لها واثق الخطى لا يخشى شيئًا، فربما سيجد هناك الراحة التي طالما بحث عنها. ويكمل صديقه حديثه "خرج إسلام من السيارة ومشى باتجاه منزلهم، كان ينظر لنا وهو يتقدم وكأنه كان يُودعنا". ويتابع "كانت نظرته الأخيرة لنا كأنه يريد أن يطمئن على ذهابنا لتفريغ الحمل الذي كان بأمانته، لكن نحن رأيناها وداع دون رجعة". حانت لحظة ترك الدنيا ولقاء الله، وبدأت خطواته بالابتعاد عن رفاقه، يقول صديقه: "سار إسلام في مكان لم يظهر منه سوى نصفه العلوي، وما أن عزمنا على المضي بطريقنا حتى سمعنا صوت انفجار إسرائيلي قريب، فارتجفت قلوبنا ونظرنا تجاه إسلام فلم نجد له أثر". وخزة ضربت قلب أصدقائه وركضوا مسرعين ناحية الصاروخ فوجدوا إسلام قد فارق الحياة، وأعلن نهاية رحلته مع النزوح المتكرر وآهات الحرب، تاركًا خلفه أمانة على عاتق أصدقائه ليُكملوا طريقه.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى حرب غزة

إقرأ أيضاً:

قرار جديد بشأن المتهم بقـ.تل صديقه في حلوان

قررت جهات التحقيق سرعة إجراء تحريات المباحث حول واقعة قيام شخص بإنهاء حياة صديقه في  حلوان.

كشفت الاجهزة الامنية  ملابسات تداول منشور مصحوب بصورة عبر إحدى الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعى بشأن قيام أحد الأشخاص بالتعدى على صديقه داخل أحد محال الألعاب الإلكترونية بحلوان بالقاهرة .

بالفحص تبين أنه بتاريخ 1 أبريل الجارى ورد إخطار لقسم شرطة حلوان بالقاهرة من إحدى المستشفيات بإستقبالها جثمان (طالب - مقيم بدائرة القسم) توفى متأثرا بإصابته بجرح طعنى نافذ بالصدر إثر إدعاء مشاجرة بدائرة القسم .

وبسؤال (والدة المتوفى ، وشقيقه) قررا بحدوث مشادة كلامية بين المتوفى و (عامل- مقيم بدائرة القسم) حال تواجدهما معا.

عقب تقنين الإجراءات أمكن ضبط المتهم ، والسلاح الأبيض المستخدم فى إرتكاب الواقعة.

تم إتخاذ الإجراءات القانونية .

مقالات مشابهة

  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • الذهب والفضة ينخفضان مع تصاعد الحرب التجارية التي أعلنها ترامب
  • قصة أيوب لحميدي لاعب “منتخب جبل طارق” الذي هزم الرجاء في كأس العرش
  • الأمير ويليام ينفصل عن الملك تشارلز.. اختار محامي الأميرة ديانا
  • أحدث ظهور لسافيتش برفقة عائلته .. فيديو
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • بالفيديو .. شاهد أب مكلوم يصرخ في وداع عائلته: أنا راضي يا رب… الحقني فيهم قبل انتهاء الحرب
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • استشهاد أحد موظفي منظمة أطباء بلا حدود مع عائلته في غزة
  • قرار جديد بشأن المتهم بقـ.تل صديقه في حلوان