في قسم العلاج الطبيعي والتأهيل الطبي بمستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تتجلى قصص الشجاعة والإصرار بوضوح في كل زاوية. هذا القسم ليس مجرد مكان للشفاء الجسدي، بل هو ملاذ للروح الإنسانية التي تبحث عن الأمل بعد معاناة شديدة. 

هنا، لا تقتصر مهمة الأطباء والمختصين على علاج الجروح البدنية، بل تمتد لتشمل التحديات النفسية والروحية، مما يعكس قوة الإرادة والمرونة في مواجهة المحن.

القصص التي تُروى من هذا القسم تبرز قدرة الإنسان على التغلب على أقسى الظروف وإعادة بناء حياته من جديد.

إسراء معلقة في الهواء وأملها في الحياة

في لحظة واحدة، تحولت حياة إسراء عبد الكريم سعدية، المعلمة البالغة من العمر 31 عاماً، إلى كابوس لا ينتهي. 

في 27 مارس 2024، الذي صادف 17 رمضان، كانت إسراء برفقة عائلتها في زيارة إلى شقيقتها بمنزل مستأجر في مدينة رفح جنوب قطاع غزة . لكن تلك الزيارة التي كانت تحمل في طياتها مشاعر السعادة والطمأنينة، تحولت إلى مأساة مروعة عندما استهدف صاروخ منزلًا مجاورًا. 

فقدت إسراء في تلك اللحظة والدها ووالدتها وشقيقها وابنته، أما شقيقتها فقد أصيبت بجروح خطيرة أدت إلى إعاقة دائمة، وفقدت زوجها وطفلتها.

إسراء نفسها عاشت تجربة مؤلمة للغاية؛ فقد قذفها الصاروخ لتبقى معلقة من قدم واحدة في الهواء، تنزف لـ 3 ساعات دون أن يعرف الأطباء إن كانت ستنجو. مع كل لحظة تمر، كان الأمل في بقائها على قيد الحياة يتلاشى، لكن عزيمتها وصمودها كانا أقوى من أي صعوبات. تلك التجربة المروعة لم تكن نهاية قصتها، بل بداية لرحلة جديدة في الشجاعة والنجاح.

في قلب محنتها، كانت إسراء تقترب من قاع عتمة لا تُرى فيها نهاية. فبينما كانت تشعر بألم يعتصر جسدها، لم يكن المؤلم أكثر من اللحظة التي سمعت فيها الأطباء يتداولون قرار بتر قدمها قبل أن تغيب عن الوعي، لتستفيق لاحقاً وتبحث عن قدميها، رحلة علاجها كانت طويلة ومرهقة، حيث تلقت 24 وحدة دم وتم تركيب بلاتين في كلتا قدميها، من الحوض إلى الأسفل. 

تجاوزت أكثر من سبع عمليات جراحية، كل واحدة منها كانت بمثابة اختبار خرجت إسراء من هذه التجربة وهي غير قادرة على تحريك قدميها، معتقدة أنها لن تعود للمشي على قدميها مرة أخرى.

بدأت رحلة شفاء إسراء الجسدي والنفسي عندما وصلت إلى "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" في 2 يوليو 2023. كان وضعها صعباً، حيث كانت تعاني من حروق وكسور مضاعفة في الأطراف السفلية، وقصور حركي وعضلي. 

قام الدكتور المعالج بتقييم حالتها ووضع خطة علاجية شاملة، تشمل عمليات جراحية تجميلية وتثبيت الكسور، مع متابعة مكثفة لمنع المضاعفات.

استمرت جلسات العلاج الطبيعي تحت إشراف أخصائي العلاج الطبيعي محمد حمادة، حيث بدأت بجلسات تقوية العضلات وتحسين التوازن، حتى تمكنت إسراء بعد ثلاثة أشهر من التدريبات والتمارين من المشي على قدميها دون الحاجة إلى أدوات مساعدة. بالإضافة إلى ذلك، تلقت جلسات علاج نفسي لمساعدتها على تجاوز الصعوبات، مما جعل قصتها نموذجاً ملهماً للأمل والصمود.

قصة الدكتور إياد قشطة من الإصابة إلى الشفاء

في قسم العلاج الطبيعي _ التأهيل الطبي ، في مستشفى الامل التابع لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني، كل زاوية تحمل قصة نجاح وصمود ملهمة. واحدة من تلك القصص تروي رحلة الدكتور إياد سالم قشطة، الصيدلاني البالغ من العمر 43 عاماً، المتزوج وأب لخمسة أطفال.


 

تعرض الدكتور إياد لإصابة خطيرة في رأسه نتيجة قصف دمر منزلاً مجاوراً لخيمته. كانت إصابته شديدة جداً، ونُقل إلى أحد المستشفيات التي اعتقدت أن حالته ميؤوس منها وتركته ينزف لساعات طويلة وسط ضغط الإصابات الكثيرة. لكن هناك، جاء المسعف الذي لم يفقد الأمل، وحمل الدكتور إياد إلى مستشفى آخر تلقى فيه العلاج اللازم.

في المستشفى، خضع الدكتور إياد لعملية جراحية دقيقة استمرت ست ساعات متواصلة، أزال الأطباء فيها العظام المتفتتة من رأسه وزرعوا عظاماً جديدة. 

بعد العملية، نُقل إلى مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وهو يعاني من شلل نصفي في الجانب الأيسر وضعف عام في عضلات جسمه.

في مستشفى الأمل، بدأت رحلة تعافيه بجدية. بدأت جلسات العلاج الطبيعي التي شملت تقوية الأطراف العلوية والسفلية، وتمارين التحفيز العصبي والتوازن، وتدريب على المشي باستخدام أداة مساعدة. كل مرحلة من مراحل العلاج كانت بمثابة خطوة نحو التعافي الكامل، حتى تمكّن أخيراً من المشي دون الحاجة إلى أداة مساعدة.

تعتبر قصة الدكتور إياد قشطة شهادة حية على الإرادة البشرية والقوة الكامنة في الإصرار، وقدرة العلاج الطبي على إحداث تغيير حقيقي في حياة الأفراد.

 الأمل يتحقق: صبا تتعلم المشي من جديد

حتى الأطفال لم تسلم من نيران الاحتلال الإسرائيلي. في أحد الأيام، كانت صبا الأستاذ، الطفلة البالغة من العمر 7 سنوات، تجلس مع شقيقها في خيمة جدها، حين اخترقت رصاصة "كواد كابتر" رأسها بشكل مروع. انتقلت الرصاصة عبر رأسها، ثم عبرت إلى خيمة مجاورة، حيث قتلت طفلاً آخر.


 

يصف والد صبا المشهد قائلاً: "عندما رأيناها ملقاة على الأرض، والدماء تتدفق من رأسها، اعتقدنا أننا فقدناها لا محالة"، قضت صبا ثمانية أيام في غيبوبة في العناية المركزة، تلتها عشرون يوماً أخرى في نفس القسم. كانت محاولات السفر للخارج للعلاج تُفضي دوماً إلى الفشل.

بعد أربعة أشهر من دخولها قسم العلاج الطبيعي في مستشفى الأمل، أصبحت صبا في يد أخصائية العلاج الطبيعي براء الشيخ علي، التي بدأت في تقديم العلاج المكثف لها. 

كانت صبا قد تعرضت لإصابة خطيرة في دماغها، مما أدى إلى شلل رباعي وعدم قدرتها على حركة أطرافها. بدأت براء في تنفيذ خطة علاجية شاملة، تتضمن تمارين علاجية ووسائل مساعدة مختلفة.

بفضل عزيمتها وصبرها، وبفضل العمل الجاد الذي استثمرته في العلاج، استطاعت صبا بعد أربعة أشهر من العلاج أن تستعيد قدرتها على المشي بدون أي مساعدة. 

تُمثل قصة صبا شهادة على قوة الإرادة والتفاني في تقديم الرعاية الطبية، ومرونة الروح الإنسانية في مواجهة أقسى الظروف.

في مستشفى الأمل، تتجسد إرادة الإنسان في أبهى صورها، حيث يتحول الألم إلى أمل والضعف إلى قوة. هنا، تبرز قصص الشجاعة والتعافي كمنارات تُضيء طريق الأمل والنجاح في أوقات الأزمات

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: قسم العلاج الطبیعی فی مستشفى الأمل الدکتور إیاد

إقرأ أيضاً:

صور المناظر الطبيعية تسكّن الألم

تُخفف الطبيعة الألم على المستوى العصبي، وتُظهر مسوحات الدماغ أن مشاهدة المناظر الطبيعية تُخفّف النشاط في المناطق التي تُعالج إشارات الألم، ما يُخفّف من حدة الانزعاج، ويشمل ذلك أيضاً الطبيعة الافتراضية.

فالمناظر الطبيعية في مقاطع الفيديو أو الصور، تُخفّف الألم، بحسب دراسة جديدة دعت المستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية إلى الاستفادة من هذا في إدارة الألم دون أدوية.

وتُؤكّد الدراسة التي أجريت في جامعة فيينا، أن تأثير الطبيعة ليس نفسياً فحسب؛ بل يُغيّر نشاط الدماغ بشكل مُباشر، مُقلّلًا من حساسية الألم بطريقة تختلف عن استجابات العلاج الوهمي.

وبحسب "ستادي فايندز"، تعتبر هذه الدراسة رائدة في استخدام مسوحات الدماغ لقياس تأثير المناظر الطبيعية على الشعور بالألم، حيث اعتمدت الأبحاث السابقة على الإبلاغ الذاتي.

التجربة

وفي التجربة، عُرضت على المشاركين مشاهد افتراضية لـ 3 بيئات مختلفة: بحيرة طبيعية مُزينة بالأشجار، وبيئة حضرية بها مبانٍ على ضفاف البحيرة نفسها، ومكتب داخلي.

وأثناء مشاهدة هذه المشاهد، تلقّى المشاركون صدمات كهربائية قصيرة في أيديهم، بعضها مؤلم وبعضها الآخر غير مؤلم، وقيّموا مدى شدة كل صدمة وعدم ارتياحها.

وعندما شاهد المشاركون مشاهد طبيعية أثناء تلقّيهم محفزات مؤلمة، أظهرت أدمغتهم انخفاضاً ملحوظاً في نشاط المناطق المسؤولة عن الجوانب الحسية والجسدية للألم.

وعند مشاهدة مشاهد الطبيعة، أفاد المشاركون باستمرار بانخفاض مستوى الألم مقارنةً بمشاهدتهم بيئات حضرية أو داخلية.

وأكدت فحوصات الدماغ أن هذه ليست مجرد اختلافات ذاتية؛ بل انخفض نشاط الدماغ المرتبط بالألم عند مشاهدة المشاركين للطبيعة.

مقالات مشابهة

  • تعرف على المخاطر الصحية الجسيمة التي يتعرض لها من ينامون أقل من 8 ساعات يوميا
  • عاجل . البنك المركزي اليمني يكشف عن نقل مراكز البنوك التي كانت بصنعاء الى إلى عدن. ضربة موجعة للمليشيا الحوثية
  • صور المناظر الطبيعية تسكّن الألم
  • رُفعتْ الجلسة
  • محافظ الدقهلية يتابع المصابين في حريق فرن الصاوي من مستشفى الطوارئ
  • هند صبري تحتفي بالنساء برسالة ملهمة!
  • على الإفطار.. طريقة عمل ستربس ومكرونة وايت صوص وسلطة خضراء
  • فان دايك قائد ليفربول يثير الغموض حول إمكانية تجديد عقده مع الفريق
  • لماذا أنا هنا؟
  • مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخبر يرفع كفاءة نظر عشريني خلال 10 دقائق فقط باستخدام تقنيات الفيمتوليزر