البوابة نيوز:
2025-03-01@02:34:32 GMT

شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (3)

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار فى كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟) والذى نقله إلى العربية (محمد نصر الدين الجبالى) بقوله: وفى الاتحاد السوفيتى كانت القوى القومية البلشفية وتفكيك الاتحاد السوفيتى إلى عدد كبير من الدويلات الصغيرة والتى من السهل السيطرة عليها واستعمارها.

وكان الغرب يراقب عن كثب وبمشاعر القلق عملية تفكيك الاتحاد السوفيتى أملا فى أن تتم هذه العملية فى إطار من "الحكمة". ودعم الغرب ظهور دول ذات سيادة فى منطقة البلطيق ولكنه كان يتفهم فى الوقت نفسه أنه ما تفكك الاتحاد السوفيتى إلى دويلات قومية صغيرة تحارب بعضها بعضا فإنه سيصبح من المستحيل تحقيق السلام والإزدهار الاقتصادى فى القارة الأوروبية. وكان للجمهوريات السوفيتية السابقة التى خرجت من تحت سيطرة موسكو رؤى مختلفة حول مستقبل الدولة الروسية. فكل منها بدأ يرسم هويته بشكل مستقل تماما عن موسكو.   

وفى عام 1990 شعر الروس بالغضب من نظرة العالم العدوانية تجاههم وأن كثيرا من الدول لا تفرق بين الشيوعية وعملية الروسنة. فكما هو الحال مع ممثلى القوميات الأخرى أصبح الروس يعون هويتهم التاريخية والقومية والتى تم تشويهها تماما إبان حكم ستالين. 

ولم يصل علم السياسة بعد إلى حسم الجدل فى النقاش الدائر عن سبب انهيار الاتحاد السوفيتى: هل كانت سياسة ريجان الصارمة فيما يتعلق بسباق التسلح أم هى الدبلوماسية الألمانية "التحولات عبر التجارة"؟ لقد ساعد توجه ألمانيا الشرقى فى سياستها إلى التخفيف من السياسة الداخلية للاتحاد السوفيتى وظهرت رغبة لدى القيادة والمجتمع السوفيتى فى إجراء إصلاحات واستنشاق رياح التغيير المنعشة. 

غير أنه فى بداية الثمانينيات اصطدمت هذه السياسة مرة أخرى برفض الإدارة الجمهورية فى واشنطن، حيث بدأ ريجان فى تنفيذ برنامجه "حرب النجوم" موقنا أن موسكو لن تتحمل سباق تسلح طويل. وحظر على قطاع الصناعة فى ألمانيا تصدير التكنولوجيا الغربية إلى الاتحاد السوفيتى، وتم تهديد الشركات بعقوبات قاسية. وفى عام 1982 عاد الديمقراطيون المسيحيون إلى السلطة فى ألمانيا بزعامة هيلموت كول. ولكن سرعان ما بدأت البيروسترويكا فى الاتحاد السوفيتى وبدأت السلطات السوفيتة نفسها فى التخلص من الأسلحة وتخفيض ترسانتها العسكرية. 

ومع نهاية الثمانينيات كان الاقتصاد الألمانى هو الأقوى فى أوروبا، ولذا كان من الواضح أن ألمانيا ستلعب دورًا فى التغيرات الدراماتيكية التى سادت أوروبا فى تلك الفترة. 

واليوم يتم الكشف عن العديد من الوثائق التى تعود إلى عشرين عاما مضت. ويتضح منها أن جورباتشوف كان يعول على الكرم الألمانى ولذا فقد دعم توحيد ألمانيا بدرجة تفوق دعم الشركاء الغربيين. فقد وافق هؤلاء على توحيد ألمانيا بشرط التخلى عن المارك الألمانى فى صالح العملة الأوروبية الجديدة - اليورو- وتسخير القوة الاقتصادية الألمانية لصالح التكامل الأوروبى فى المستقبل. 

كان اتحاد ألمانيا يجرى فى نفس الوقت الذى ينهار فيه الاتحاد السوفيتى وهو ما اعتبر تحولا تاريخيا مفاجئا فى أوروبا فى نهاية القرن العشرين. فبالنسبة للغرب المنتصر فى الحرب الباردة يعتبر النجاح الكبير الذى تحقق أرضية يمكن عليها بناء النظام العالمى الجديد. وشهدت أوروبا الشرقية انتشار للقيم الليبرالية واقتصاد السوق وقواعد دولة القانون والديمقراطية. وبالطبع كانت هذه المأساة مثار نشوة واستمتاع لدى القادة فى واشنطن. فالناتو بزعامة واشنطن أصبح الضامن الأول والوحيد للأمن والاستقرار فى أوروبا، أما الاتحاد الأوروبى فمصيره الاقتصادى مرتبط بأمريكا ويعتمد تماما على العلاقات عبر الأطلسى. وبدا أن حل القضية الألمانية سيجلب لأوروبا "سلاما أبديًا". وفى الوقت نفسه لا أحد فى أوروبا يهتم بحل القضية الروسية. فروسيا كطرف مهزوم فى الحرب الباردة أصبحت خارج كل الحسابات. ولكن أوروبا لا تستطيع الاستمرار دون روسيا، وخلال 25 عاما سيكون على أوروبا دفع الثمن كاملا. 

ونعود إلى أحداث 1989-1990. تعرضت القيادة الألمانية الشرقية لضغوط من أطراف ثلاثة، فقد بادر جورباتشوف قبل خمسة أعوام بإطلاق إصلاحات راديكالية فى بلاده وهو يطالب الدول الصديقة ومنها ألمانيا الشرقية بخطوات مماثلة. ورفض الزعيم الألمانى الشرقى هونيكير هذا المقترح وخسر بذلك دعم موسكو. فضلا عن ذلك فقدت ألمانيا الشرقية الآلاف من مواطنيها الذين فروا إلى الغرب عبر حدود الدول المجاورة والتى حققت نجاحات فى تطبيق الديمقراطية. 

وفى النهاية شهدت ألمانيا الشرقية احتجاجات ومظاهرات حاشدة، ورفعت المظاهرات شعار "نحن الشعب" ونجحت فى دق آخر مسمار فى نعش النظام الشيوعى هناك. وقد نجح السياسيون فى ألمانيا الشرقية فى الحفاظ على نجاحهم الوظيفى بعد تأسيس ألمانيا الموحدة، حيث تقلدوا أرفع المناصب. 

ولعبت المظاهرات السلمية فى ألمانيا الشرقية وبلدان حلف وارسو دورًا مهما فى سقوط النظام الشيوعى. غير أن الواقع التاريخى يتطلب الاعتراف بأن موسكو بوصفها مركز العالم الشيوعى هى المحرك الرئيسى للتغيرات الديمقراطية فى أروربا الشرقية. فلولا سياسة البيروسترويكا السوفيتية التى أضعفت كلا من الجيش والحزب وجهاز المخابرات لم تكن الشعوب الشيوعية فى شرق أوروبا لتتمكن من الحصول على حريتها على هذا النحو السلمى.

وعلى الرغم من سقوط حائط برلين قام الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتران بالتوقيع على اتفاقيات تجارية طويلة الأمد مع ألمانيا الشرقية. وقد وافق على التوحيد فقط بشرط موافقتها على تأسيس العملة الأوروبية الموحدة. أما الولايات المتحدة الأمريكية فكانت على استعداد للسماح بتوحيد ألمانيا بشرط أن تصبح داعمًا رئيسيا للناتو. وهكذا سعت أمريكا وفرنسا إلى أن يؤدى توحيد ألمانيا إلى انصهارها أكثر فى الهياكل العسكرية والاقتصادية الأوروبية والأطلسية. وليس بمقدور روسيا مواجهة ألمانيا. فالاتحاد السوفيتى كان يرغب فى تأسيس هيكل أوروبى للأمن وتفكيك جميع التحالفات العسكرية، وكان يطرح ذلك كثمن لموافقتة على التوحيد.   

      وللحديث بقية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شواطئ روسيا والغرب لمن الغلبة الاتحاد السوفيتي ألمانیا الشرقیة فى ألمانیا فى أوروبا

إقرأ أيضاً:

"فايننشال تايمز": العقوبات الأوروبية على روسيا.. أداة ضغط أم عائق للسلام في أوكرانيا؟.. فشل قمة باريس يكشف عجز أوروبا عن تقديم الدعم لكييف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فى مفترق طرق حاسم، تواجه الدول الأوروبية معضلة استراتيجية، أى العقوبات المفروضة على روسيا يجب الإبقاء عليها لضمان سلام عادل فى أوكرانيا، وأيها يمكن التضحية به لإنهاء الحرب؟ هذا السؤال يهدد بشرخ جديد فى العلاقات عبر الأطلسي، خاصة مع تصاعد مخاوف أوروبية من أن تقدم إدارة ترامب المقبلة على رفع جزئى للعقوبات من طرف واحد، وفق حسابات أمريكية تتعارض مع أولويات القارة العجوز.
فشل باريس
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" أن قمة باريس الأمنية الأسبوع الماضى كشفت عن واقع مرير، عجز القادة الأوروبيين عن تقديم ضمانات أمنية ملموسة لأوكرانيا، فى تكرار لدورهم التقليدى كـ"قوى متوسطة" تعتمد على المظلة النووية الأمريكية.
لكن المفارقة أن هذه الدول رغم ضعفها العسكري، تمتلك سلاحا اقتصاديا فريداً تمثل فى ١٥ جولة عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبى على موسكو منذ الغزو الكامل لأوكرانيا فى فبراير ٢٠٢٢.
هنا يطرح سؤال مصيري: هل ستهدر أوروبا هذه الأوراق تحت ضغوط سلام ترامب المحتمل، الذى قد يتبنى رفعاً جزئياً للعقوبات مقابل وقف إطلاق النار؟
وترى الصحيفة أن أوروبا تحتاج بشكل عاجل إلى إجراء مراجعة للعقوبات التى قد تكون على استعداد لرفعها للمساعدة فى تأمين السلام.
مفاوضات ترامب
تحذر تحليلات صحيفة "فايننشال تايمز" من أن التردد الأوروبى فى مراجعة سياسة العقوبات قد يحولهم إلى كبش فداء، إذا ما أقدم ترامب على رفع عقوبات أحادى الجانب، ثم ألقى باللوم عليهم فى حال فشل اتفاق سلام.
الخطة الأوروبية المقترحة ترتكز على تفاوض استباقي: تحديد العقوبات القابلة للرفع (كإعادة دمج بعض البنوك الروسية فى نظام سويفت المالي، أو تخفيف قيود تأمين ناقلات النفط)، مقابل التشبث بعقوبات أخرى كـ"رهان استراتيجي"، مثل حجز ٢٥٠ مليار يورو من أصول البنك المركزى الروسى حتى دفع تعويضات الحرب.
الخلاف بين بروكسل وواشنطن 
بينما ترى الإدارة الأمريكية المحتملة أن أوكرانيا مجرد "بيدق" فى مواجهة أكبر مع الصين (بهدف فصم التحالف الروسي-الصيني).
فأوكرانيا ليست سوى بيدق فى لعبة قوة أكبر، فإنهاء الحرب قد يساعد فى فصل روسيا عن الصين وبالتالى إضعاف بكين استراتيجياً، وهى الأولوية للولايات المتحدة، بينما تصر أوروبا على أن بقاء أوكرانيا كدولة ذات سيادة هو خط دفاعها الأول ضد التوسع الروسي.
لكن الصحيفة تشير إلى أن ترامب قد لا يهتم بـ"العدالة" فى السلام بقدر اهتمامه بتحقيق انتصار دبلوماسى سريع، حتى لو تضمن تنازلات تمس المبادئ الأوروبية.
تقدم صحيفة "فايننشال تايمز" حلّاً غير تقليدي: البحث عن نقاط ضغط على ترامب عبر ملفاته الاقتصادية، فبينما قد يتخلى الرئيس الأمريكى عن دعم أوكرانيا، إلا أنه قد يقدم على دعم مصالح الشركات الأمريكية المستثمرة فى أوروبا، والتى تشكل رافعةً قد تستخدمها بروكسل لتحقيق توازن فى المفاوضات.
أوروبا و السلام
القرار الأوروبى سيحدد مصير القارة كفاعل جيوسياسي: إما الإصرار على عقوبات تحافظ على مبادئ السيادة الدولية (مخاطرةً باستفزاز ترامب)، أو المرونة التى قد تفتح الباب لسلام هش يُعيد رسم خريطة النفوذ العالمي.
فى كلا الحالتين، يبدو أن العاصفة المقبلة ستختبر مدى قدرة الاتحاد الأوروبى على التحول من "قوة اقتصادية" إلى "لاعب سياسي" له كلمته فى النظام الدولي.
ترامب يستسلم لـ بوتين؟
كشفت تحليلات صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن توجهات مقلقة فى سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب الخارجية، تشير إلى استعداد غير مسبوق للتخلى عن المبادئ الغربية لصالح إنهاء سريع للحرب فى أوكرانيا، حتى لو تطلب الأمر تنازلات وتدفع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى إلى مأزق وجودي.
صفقة ترامب
وفقاً للصحيفة، يدفع ترامب باتجاه تسوية تتضمن شروطاً جذرية تخدم الروس بشكل صارخ.
التخلى عن الأراضى المحتلة: عدم إلزام روسيا بإعادة جميع المناطق الأوكرانية التى سيطرت عليها عسكرياً منذ ٢٠١٤، بما فى ذلك شبه جزيرة القرم وأجزاء من دونباس.
إغلاق باب الناتو: منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى بشكل دائم، وهو المطلب الاستراتيجى الأكبر لبوتن.
انسحاب القوات الأمريكية: عدم نشر أى قوات أمريكية على الأراضى الأوكرانية كضمانة أمنية.
هذه الشروط، التى وصفها محللون بـ"الاستسلام المعلن"، تعيد إلى الأذهان سياسة "الوفاق" مع موسكو التى اتبعها بعض القادة الغربيين قبل الغزو، لكن مع فارق جوهري: ترامب يقدمها كـ"حل سحري" دون ضمانات لوقف التوسع الروسى المستقبلي.
العداء الشخصي
ترجح صحيفة واشنطن بوست أن خلفية العداء بين ترامب وزيلينسكى يلعب دوراً محورياً فى هذه المعادلة، فخلال الحملة الانتخابية الأخيرة، هاجم ترامب نظيره الأوكرانى واصفاً إياه بـ"الديكتاتور"، فى إشارة إلى رفض زيلينسكى التنازل عن السيادة الأوكرانية.هذا التوتر يتجاوز الخلافات السياسية إلى جذور أعمق تعود إلى عام ٢٠١٦، حين اتهم ترامب دون أدلة أوكرانيا بالتآمر مع الديمقراطيين لإلصاق تهمة "التدخل الروسي" فى الانتخابات الأمريكية به، بينما أكدت تحقيقات مستقلة العكس.
 

مقالات مشابهة

  • مباحثات طاقة بين روسيا وتركيا في موسكو
  • تحولات كبرى في ألمانيا.. ماذا ينتظر أوروبا؟
  • تحليل: ترامب يراهن على التقرب من روسيا لإضعاف الشراكة بين بكين موسكو
  • "البديل من أجل ألمانيا": روسيا ليست عدواً
  • تقرير: القوات الجوية الأوروبية للناتو بحاجة إلى إصلاح لتعزيز قوة الردع ضد روسيا
  • الكرملين: حظر «فيسبوك» و «إنستجرام» في روسيا لا علاقة له بالثقة بين موسكو وواشنطن
  • ما هي مخاطر السلام في أوكرانيا بـ "شروط روسيا"؟
  • "فايننشال تايمز": العقوبات الأوروبية على روسيا.. أداة ضغط أم عائق للسلام في أوكرانيا؟.. فشل قمة باريس يكشف عجز أوروبا عن تقديم الدعم لكييف
  • روسيا: أوروبا فقدت حقها بالمشاركة في التفاوض بشأن أوكرانيا.. اختارت طريق العسكرة
  • نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تتسامح مع تخريب روسيا لأوروبا