حكايات من منزل الشهيد فوزي بعد عودة رفاته لأسرته في الإسكندرية (صور)
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
أعين تدمع مصحوبة بابتسامة فخر، هكذا ارتسمت ملامح الوجوه على أسرة الجندي المصري «فوزي محمد عبد المولى أبو الشوك»، خلال تشييد جنازته العسكرية والتي جاءت بعد استشهاده منذ 57 عاما، إذ عُثر على رفاته منذ أشهر قليلة في سيناء التي استشهد فيها دفاعا عنها خلال حرب عام 1967.
57 عاما من غياب الروح الجسد، كانت كفيلة بتغيرات عدة على مستوى أسرته، حيث توفت والدته التي عاشت تأمل عودته حيا رغم إصدار شهادة وفاته، وشقيقه الأكبر الذي توفى منذ 8 أعوام، وقبل استشهاده قد توفى والده، وفي غضون تلك السنوات استمرت الحياة بتذكره وتعريف الاحفاد الجدد في العائلة باعتزازهم بشهيدهم، إلا أن الجيل الجديد لم يره، لتشاء الأقدار أن تعود رفاته ومتعلقاته للعائلة ليبدأ فصل جديد من التعرف على الشهيد.
ولد فوزي في 18 يناير 1945 في منطقة الدخيلة بالإسكندرية، شاب بسيط خدم في حرب اليمن، قبل أن يعود من إجازة كتب كتابه ويذهب للقتال في سيناء، حيث واجه النكسة، ومع الانسحاب العشوائي للقوات، اعتُبر من المفقودين.
ظلت أسرته تأمل عودته، خاصة والدته التي كانت تنتظر دقّ الباب يوميًا، ولكن القدر لم يُمهلها لتعيش تلك اللحظة.
في يوليو 2024، أثناء عمليات تطوير في سيناء، تم العثور على رفاته ومتعلقاته الشخصية، مما مكّن محمد محمود، ابن شقيق الشهيد، من التعرف عليه عبر صورته المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد التأكد من هوية الرفات بواسطة تحليل DNA، أُقيمت الجنازة من مسجد سناني بمنطقة الدخيلة، بحضور وفد رسمي من وزارة الأوقاف، ليُدفن الشهيد وسط عائلته، منهياً فصلاً طويلًا من الألم والانتظار.
ارتباط وجداني«مسير الحي يتلاقى» مثل مصري طُبق في تلك القصة بشكل مختلف، فالشهيد الحي بروحه قد عادت رفاته ومتعلقاته لأسرته ما كان بمثابة فرحة بالتحديد لمحمد محمود، ابن شقيق الشهيد، الذي كان أول من تحرك لاتخاذ الإجراءات اللازمة لعودة رفات عمه الشهيد إلى أحضان أسرته في مدافنهم بالإسكندرية فور ظهور المعلومات عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ عدة أشهر.
فيقول ابن شقيق الشهيد فوزي، لـ«الوطن»، إن والده كان الشقيق الأكبر للشهيد وعاش حتى 2016 يتذكره دائماً وكان يأمل أن يعود حيا لسنوات عدة قبل أن يصبح الأمر محالا، إلا أن إرادة الله قد جمعتهم سويا في مدفن واحد بعد 8 سنوات من وفاة والده بعودة رفات الشهيد.
وأكد أن والده رفض إطلاق اسم فوزي على الاحفاد نظرا لقيمته الكبيرة لديه: «مكنش يحب أن ولد من الأحفاد يتسمى على اسم الشهيد ويعمل غلط فحد يغلط في الاسم، ودا لأن الشهيد له قيمة كبيرة في نفوس العيلة».
فخر في نفوس الأحفادأحفاد إخوة الشهيد، كان لهم نصيب الفرحة، فالتفوا داخل منزل الأسرة حول متعلقاته ينظرن لذلك لصوره وبطاقته، بالإضافة إلى أوراق لم تضيع ملامحها عوامل الزمن بالإضافة إلى علبة سجائر خاصة به لم يكن قد تناول منها سوى واحدة، وبقيت في جيبه كما هي، فجلس الأحفاد يتأملون تلك المقتنيات بينما تشرحها شقيقته «صباح» لهم.
عاش المنزل البسيط في منطقة الدخيلة أيام من العزة والافتخار بشهيد الوطن الذي كان يوما جزء من هذه العائلة، ليصبح من اليوم لديهم القدرة على زيارة شهيدهم في مدفنه بعد سنوات من المجهول.
يختتم ابن شقيق الشهيد ذلك المشهد، بوضع صورة عمه الشهيد في إطار برواز كبير لوالده «شقيق الشهيد»، ينظر إليه بابتسام وهدوء: «أنا فخور إني ريحتك يا ابويا في قبرك بأني جبت لك رفات اخوك الشهيد جنبك».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشهيد فوزي شهيد الوطن شهداء مصر حرب 67
إقرأ أيضاً:
حكايات الإبداع بـ«أيادي مصرية».. عم ربيع يحول «العرجون» لتحف فنية و«ملك» ترسم بالرمال الملونة
في إحدى زوايا معرض الحرف التراثية بمعرض «أيادي مصر»، يقف عم ربيع بكري محمد، 65 عامًا، إلى جانب زوجته، يعرضان أعمالًا يدوية فريدة أبدعتها أنامله من بقايا سعف النخيل «العرجون»، الذي حوّله من مجرد مخلفات إلى تحف فنية متقنة من السلال والأطباق إلى الصواني والمعلقات، وكل قطعة تحمل حكاية إبداع مستمر في تحويل المواد المهملة إلى منتجات عملية وجمالية يمكن أن تزين أي منزل.
بداية عم ربيع مع العرجون«بدأت هذه الحرفة بعد سن المعاش منذ حوالي 5 سنوات فقط»، يقول عم ربيع الذي انتقل من «فرشوط» بمحافظة قنا إلى محافظة الوادي الجديد، «كانت فكرة إعادة تدوير العرجون تراودني، فوجدت فيها فرصة لتحويل شيء لا قيمة له إلى شيء مفيد وجميل، لكن خبراتي السابقة جعلتني اتقن هذا العمل بسرعة» كان هذا التحدي بمثابة شغف، حيث بدأ عم ربيع وزوجته في تكريس وقتهما لتصنيع قطع فنية لتزين المنازل، واستطاعا أن يضعا بصمة واضحة على الخامات المتاحة لهم.
رئيس الوزراء يشيد بمنتجات عم ربيععندما افتتح الدكتور مصطفي مدبولي معرض «أيادي مصر» كان عم ربيع وزوجته جزءًا من هذا الحدث الكبير، «سعادتي لا توصف عندما أشاد رئيس الوزراء بعملي، فقد شعرت أنني قد حققت شيئًا يستحق التقدير»، كلمات عم ربيع تكشف عن فخره بهذه الحرفة، التي لا تقتصر على فنون الحرف اليدوية، بل تحمل بين طياتها قصة الحفاظ على التراث وتجديده.
عم ربيع: هذه الحرفة أصبحت حياتييضيف عم ربيع: «هذه الحرفة أصبحت جزء من حياتي الآن، ولكن أهم شيء بالنسبة لي هو أن أقدم سر الصنعة للأجيال المقبلة، أريد أن أراهم يحتفظون بهذه الحرفة ويحافظون على هذا التراث، لاعتقادي أنها جزء من هويتنا» ورغم التحديات، فإن العمل اليدوي الذي يقوم به عم ربيع وزوجته يستمر في النمو، مع زيادة تقدير المجتمع المحلي لهما، علاوة على أنه توجه للدولة بالاستفادة من المخلفات.
يظل عم ربيع مثالًا حيًا للإبداع والتمسك بالتراث، وتحويل التحديات إلى فرص، بل وأداة لتعليم الآخرين أهمية إعادة التدوير في حياتنا اليومية.
فتاة الوادي الجديد تحوّل الرمال إلى لوحات تحكي التراثبين ألوان الرمال الطبيعية، تألقت ملك مصطفى صابر، طالبة الصف الثالث الإعدادي، في تحويل حبيبات الرمال هذا المكون البسيط إلى لوحات فنية تعبر عن التراث الواحاتي.
البداية من معرض مدرسيبدأ شغف ملك بالرسم بالرمال في معرض فني نظمته مدرستها، كانت حينها مجرد طفلة تتلمس طريق الإبداع، لكن مع حصولها على دورة تدريبية في تشكيل الرمال، تحولت الهواية إلى شغف حقيقي قادها لتخصص في هذا الفن النادر.
جمال مستخرج من أعماق الصحراءتحكي ملك لـ«الوطن» قصتها، وأنها تجمع الرمال من بيئتها الطبيعية في صحراء مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، حيث ألوان الرمال المختلفة من الأحمر، الأبيض، الأسود، ودرجاتها المتعددة فتُشكل لوحات متناغمة، بل إنها تطلب من أصدقائها إحضار الرمال ذات الألوان المختلفة إذا صادفوها خلال رحلاتهم.
بمواد بسيطة، تبدأ ملك أعمالها الفنية بالغراء، وتضع عدة طبقات من الرمال الملونة، تقول: «ابدأ الرسم بالقلم الرصاص، ثم أضيف طبقة تلو الأخرى من الرمال الملونة. أحب أن أعبر عن التراث الواحاتي ليكون حاضرًا في لوحاتي».
حلم يتسع مع كل لوحة
منذ 5 سنوات، وملك تُبدع في هذا الفن، لكن مشاركتها في معرض الحرف اليدوية خلال زيارة رئيس الوزراء كانت لحظة فارقة «شعرت بالفخر والخوف معًا»، خاصة وأنها أرادت أن تكون نموذجًا مشرفًا يعكس جمال التراث الواحاتي في هذا المعرض الذي يحضره كبار رجال الدولة.
تقول ملك: «كنت سعيدة جدًا بوجودي في المعرض، هذه السعادة شعر بها كل من كان بجواري، وأتمنى أن تكون هذه المشاركة بداية خير لي، فأنا أحلم بأن أستمر في التعبير عن تراث الواحات، وأشارك في معارض أكبر على مستوى مصر والعالم».
ملك ليست فقط فنانة، بل حارسة للتراث الواحاتي، بلمساتها الإبداعية، تروي حكايات الصحراء، وتحول الرمال إلى رسائل تحمل عبق الواحات وأصالتها.