بولندا والمجر تتأثران بالعاصفة بوريس.. الكارثة الأسوأ منذ ربع قرن
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
عرضت قناة القاهرة الإخبارية، تقريرا تليفزيونيا بعنوان «في أسوء كارثة من نوعها منذ ربع قرن.. بولندا والمجر تتحملان العبء الأكبر في ذروة أثار العاصفة بوريس».
ذروة أثار العاصفة بوريسوأفاد التقرير: «يبدو أن بولندا والمجر تتحملان العبء الأكبر في ذروة أثار العاصفة بوريس التي ضربت وسط أوروبا وأسفرت عن سلسة من الفيضانات المدمرة في أسوأ كارثة من نوعها منذ ربع قرن تقريبا».
وأضاف: «آلاف تم إجلائهم بسبب ارتفاع منسوب المياه الناتج عن الفيضانات لاسيما في نهري دانوب والأودر ومجاري مائية أخري، حيث أحدثت المياه الزائدة أضرارا وصدوعا في عدد من المنازل والأبنية بالقرى التي تمر بها الأنهار».
آثار العاصفة بوريسوتابع التقرير: «وجرفت السيول جسورا وقطعت الطرق، كما ألحقت أضرارا بخطوط السكك الحديدية، ولاتزال بعض المناطق معزولة وتفتقر إلى مياه الشرب والكهرباء، ورغم توقف الأمطار في الأنحاء إلا أن الأنهار الممتلئة لا تزال تهدد البلدات الواقعة على مصباتها».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: العاصفة بوريس بوريس المجر القاهرة الإخبارية العاصفة بوریس
إقرأ أيضاً:
الكارثة الأخرى: إبادة ومجاعة في السودان
مرّت سنتان على الحرب التي اندلعت في السودان بين طرفيّ الحكم العسكري الذي ورثته البلاد من عمر البشير سيئ الذكر. وحيث لا تنعم حالة السودان ولو بعِشر فقط من الاهتمام الإعلامي العالمي الذي تناله حرب الإبادة الصهيونية الجارية في غزة، فإن حجم الكارثة البشرية فيه مروّع هو أيضاً، إذ يقدَّر عدد قتلى حرب العسكر ضد العسكر بما يزيد عن 150 ألفاً، بينما يبلغ عدد النازحين حوالي 13 مليوناً ويصل عدد الذين تهددهم مجاعة حادة إلى 44 مليوناً، وهو رقم قياسي يجعل من حرب السودان أعظم أزمة إنسانية في عالمنا الراهن.
طبعاً، يسهل فهم العوامل الجيوسياسية التي تجعل الاهتمام العالمي بالحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة وسائر الشرق الأوسط اهتماماً رئيسياً، ناهيك من الاهتمام بالغزو الروسي لأوكرانيا. بيد أنه لا يمكن إنكار الوجهة العنصرية التي تهيمن على الأيديولوجيا العالمية «العفوية» والتي جعلت دائماً مدى اهتمام الإعلام العالمي بالحروب متناسباً عكسياً مع درجة اسوداد بشرة المعنيين. ومن أسطع الأمثلة على ذلك، الحرب التي دارت رحاها في جمهورية الكونغو الديمقراطية (كونغو كينشاسا) طوال خمس سنوات بين صيف 1998 وصيف 2003 والتي ذهب ضحيتها حوالي ستة ملايين من البشر بين قتلى مباشرين وغير مباشرين. خارج أفريقيا جنوبي الصحراء، كان العالم «ينكشف أنفه» إزاء ما يحصل في الكونغو، بينما يعير اهتماماً أعظم بكثير لأحداث كان عدد القتلى فيها أدنى بكثير، كحرب كوسوفو (1999) واعتداءات تنظيم «القاعدة» على نيويورك وواشنطن (2001) والتدخل الأمريكي في أفغانستان الذي تلاها، ثم الاحتلال الأمريكي للعراق (2003).
لا بدّ من أن نشير أيضاً إلى تقاعس التضامن العالمي مع شعب السودان المنكوب
وبوجه عام، فإن الحروب التي لا يشارك فيها مباشرة جنود بيضٌ من الشمال العالمي، سواء أكانوا أمريكيين أو أوروبيين، بمن فيهم الروس بالطبع، لا تحظى سوى بحد متدنّ للغاية من الاهتمام العالمي. وهي ذي حالة السودان الشقيق، الذي يشهد حرباً بين طرفين محلّيين حصراً، ولو أسعرت نارَها أطرافٌ إقليمية بدعمها لميليشيا «قوات الدعم السريع» الإبادية على الأخص، وقد مارست الدور الأخطر في هذا المجال الإمارات العربية المتحدة، بالتحالف مع طرف عالمي هو روسيا، وهو الثنائي ذاته الذي لعب الدور الرئيسي في دعم خليفة حفتر في الحرب الأهلية الليبية.
والحقيقة أن الدول الغربية، ولو لم يكن لها دور مباشر في الحرب السودانية، إنما تتحمل المسؤولية الأساسية عمّا حلّ بالبلاد. ذلك أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان بين بداية عام 2021 واستقالته في أيلول/سبتمبر 2023، الألماني فولكر بيرتيس، الذي لعب دور «الرجل الأبيض» في توليه مهمته بما لم يخل من رائحة استعمارية كريهة، إنما تصرّف بصورة كارثية ضارباً عرض الحائط بالمبادئ التي يُفترض بالغربيين أنهم متمسكون بها، ربّما لاعتباره أن السودانيين ليسوا أهلاً للديمقراطية.
فإذ وقع الانقلاب الذي قاده عبد الفتّاح البرهان على المسار الديمقراطي الناجم عن ثورة 2019 في خريف 2021، أي خلال وجود بيرتيس مبعوثاً للأمم المتحدة في البلاد، سعى هذا الأخير جهده للتوفيق بين العسكر والقيادة المدنية التي أطاحوا بها، بدل أن يقف موقفاً صارماً ضد الانقلابيين ويدعو المجتمع الدولي إلى ممارسة أقصى الضغط عليهم كي يعودوا إلى ثكناتهم ويفسحوا المجال أمام مواصلة المسار الديمقراطي. ذلك التساهل مع العسكر ومحاولة التوفيق بينهم والمدنيين بدل اتخاذ موقف حاد منهم، شجّعاهم على الطمع بإدامة سيطرتهم الكاملة على البلاد، الأمر الذي أدّى، بعد سنتين، إلى اندلاع القتال بين طرفيهما، القوات النظامية و«قوات الدعم السريع»، وكل طرف طامعٌ بالاستفراد بالسيطرة على البلاد.
والحال أن ليس أمام حرب السودان سوى مخرجين: إما أن تتحمّل الأمم المتحدة أخيراً مسؤوليتها، فتنظّم تدخل قوات دولية تفرض على الفريقين المتحاربين وقفاً للنار، وتفرض عليهما من ثم الانكفاء إلى ثكناتهما بينما تتيح للمسار الديمقراطي أن يتواصل وتقدّم له كامل الدعم، بما في ذلك ما يلزم من أجل حلّ «قوات الدعم السريع» المشؤومة وفرض تغييرات جذرية على القوات النظامية السودانية كي تتحوّل من جيش دكتاتورية عسكرية إلى جيش خاضع للسلطات المدنية؛ أو يسير السودان نحو التقسيم، الأمر الذي يعني إدامة حكم العسكر على شطره الشرقي وفرض «قوات الدعم السريع» (ميليشيا الجنجويد سابقاً) سيطرتها الكاملة على إقليم دارفور بما يتيح لها مواصلة حرب الإبادة العنصرية التي بدأت بممارستها منذ بداية القرن الراهن تحت إشراف البشير، الذي كافأها في عام 2013 بمنحها صفة رسمية كأحد فصائل القوات المسلّحة السودانية.
في نهاية هذا المطاف حول مأساة السودان العظيمة، لا بدّ من أن نشير أيضاً إلى تقاعس التضامن العالمي مع شعب السودان المنكوب. فإذ نرحّب أحرّ ترحيب بالتطوّر العظيم الذي شهدته حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني استنكاراً لحرب الإبادة الصهيونية في غزة، لا يسعنا سوى أن نأسف لاستمرار ارتهان التضامن العالمي بالاهتمام الإعلامي الذي وصفنا أعلاه. فمن الملّح أقصى الإلحاح أن تقوم حركة تضامن واسعة مع شعب السودان، في الدول الغربية على الأخص، لكن أيضاً في سائر مناطق العالم ومنها المنطقة العربية، وتضغط من أجل تدخّل الأمم المتحدة لوقف تلك المأساة الكبرى.
المصدر: القدس العربي