في عيد ميلاد استاذنا القطب عبد الخالق محجوب (23 سبتمبر 1927-23 سبتمبر 2024)
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
عبد الخالق محجوب: جريرة الجزيرة وثأر البحيرات
عبد الله علي إبراهيم
(كلمة عن الرجل في ذكرى ميلاده السابع والتسعين بقلم واحد من عارفي فضله).
اكتنف موت أستاذنا المرحوم عبدالخالق محجوب ملابسات سياسية تكتيكية من العنف الانقلابي المضاد، والانكسار السياسي والاجتماعي، جعلت أكثر الاهتمام به يتجه إلى أسئلة تريد فض ألغاز وخفايا تلك الملابسات.
وهذه أسئلة يراها الناس طاعنة في مبدئية الرجل ومصداقيته. وقد فاقم من حرج هذه الأسئلة أن أكثر تاريخ الرجل بعد موته مما كتبه خصومه الذين استولوا على الميكرفون في عبارة مناسبة اشتكى فيها الرئيس كلينتون من جور الجمهوريين الذين خلفوه في الحكم، وراحوا يُذيعون عنه ما أرادوا. ومما زاد الطين بلة أن حزب عبدالخالق الشيوعي نفسه قد اختلط عليه الأمر بشأن تلك الملابسات التي أدت إلى قتل صاحبهم وحار في الأمر حيرة عامة الناس وخاصتهم. وضرباً للمثل: فلم يفتح الله على الحزب ببيان للناس عن ملابسات انقلاب 19 يوليو إلا في عام 1995، بعد نحو عقدين من وقوع الانقلاب. وهي فترة كافية لتستشري المعرفة المغرضة بالمرحوم عبر ميكرفونات خصومه الذين تعاقبوا على الحكم.
لن تصلح سيرة هذا الرجل المجاهد بمجرد دفع الافتراءات عنه. والخطة المثلى لاسترداد بهاء الرجل هو أن نخرج به من نفق وأضابير خاتمة حياته التراجيدية، وكيد خصومه، وتضاؤل أنصاره. والسبيل إلى ذلك هو توسيع نظرنا إليه كقائد لحركة تغيير اجتماعي ناهضة ذكية نحو العدالة الاجتماعية. وقد وقعت حركته في سياق قرن الجماهير، القرن العشرين، وهبَّاته الثورية الكثيفة. وقد أصاب تلك الهبَّات ما أصابنا. ومنها من لم يرتكب انقلاباً أو انقلاباً مضاداً: وتعددت أسباب اغتيال حركات العدالة الاجتماعية والموت واحد. ويحاول علم الحركات الاجتماعية على أيامنا هذه استنفاذ هذه الحركات، التي قصدت التغيير الاجتماعي، من أن تدفن نهائياً في ركام أخطائها المختلفة صغيرها وكبيرها. فإن تم إسدال الستار على مغازي وأهمية تلك الحركات على النحو اللئيم الذي نراه فستنحرم تيارات الاحتجاج الاجتماعي المعاصرة من عِبر حركات مثل التي قادها عبدالخالق وغيره واعتبارها.
من نافلة القول أن "كَسرة" (والمصطلح من أدب الثورة المهدية التي يقال لعام هزيمتها على يد الإنجليز في 1898 أنه "سنة الكَسرة") حركات التغيير الاجتماعي أمر دارج ومعلوم في التاريخ. ويقول منظرو علم الحركات الاجتماعية إن هذه الحركات تفشل بالطبع لعاهة في نظرها وفعلها. غير أنهم يسارعون بالقول إن أكثر فشلها يأتي من فرط قسوة العادات الاجتماعية والسياسية المحافظة لمجتمعاتها والشروط التاريخية المخصوصة التي حفَّت بنشاطها. ولن تغتني معرفة الناس بالوجود المغاير الذي يريدونه لأنفسهم بالمرابطة عند الأسئلة المثارة عن عاهة هذه الحركات وكيف جنت على نفسها مثل براقش، أو كيف سار قادتها إلى حتفهم بظلفهم.
الذي سيمكث ويفيد من فعل عبدالخالق في عصره أن ننفذ إلى الرؤى والأحلام التي غذت سيرته وحركته في أول أمره إذا أردنا لشباب أيامنا هذه أن يعتنق أحلامه السوية بالوجود المغاير ويلتزم بها. والمعلوم أن طاقة هؤلاء الشباب للحلم الاجتماعي فارغة. والفارغة لا يملأها إلا شيطان السوق والاستهلاك وشهوة التملك. فمهما قلنا عن جناية حركات التغيير الاجتماعي على نفسها فإننا لا ننكر أنها قد أبقت في عاقبتها بين الناس أثراً من رؤيتها. وفي هذا الأثر شفرة ما كان يرجوه الجيل لوطنه وشعبه ولسواد الناس منهم. وقال أحد منظري علم الحركات الاجتماعية إنك إذا نضوت عن هذه الحركات ثيابها حتى بلغت نواتها، ونفذت إلى الرغائب الجمعية التي استترت في جوهرها، فستجد أن الحرية والحب هما أصل المسألة. وقال نفس الكاتب إنه قد يجرؤ على القول إن التواثق الروحي، العروة الوثقي، التي جمعت مناضلي تلك الحركات الاجتماعية، المستمد من شاغل الحرية والحب، هو باب لم نبدأ دراسته بعد في علم الحركات الاجتماعية.
فلربما مات عبد الخالق في طيات ملابسات استعجل فيها أو أخطأ. وهذا موت واحد من سبل الموت العديدة التي تلقى راكب الصعب مثله. فجريمة المرحوم الشماء الحقة، في قول المفكر الإيراني على شريعتي عن صوفي شهيد، هي الوعي والحساسية وتقحم أمهات الأمور بالفكر والفكر بالمسائل. وقد كان عبد الخالق يعرف خطره جيداً. ألم يقل لقاتله يوم سألوه بماذا خدمت البلد، فقال "بعض الوعي". وهو "بعض" كثير قد يغنينا عن التركيز المرهق على موته لنتفحص دفتر مأثرته بفطانة.
قال شريعتي أيضاً إن علو الهمة وحذاقة الفؤاد لا تغتفر في مجتمع الجاهلين. وكما قال بوذا فمجتمع البحيرات يظل يرشق الجزيرة بالماء حتى تغرق.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرکات عبد الخالق
إقرأ أيضاً:
تتويج الفائزين بجوائز المسؤولية الاجتماعية للأندية
توّج رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر بن حسن المسحل، الفائزين بجوائز المسؤولية الاجتماعية للأندية للموسم الرياضي 2023 – 2024، وذلك خلال الحفل الذي أقيم اليوم بمدينة الرياض، بحضور الأمين العام للاتحاد السعودي إبراهيم القاسم وعدد من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد السعودي، ورئيس جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية الكابتن ماجد عبدالله.
وحصد نادي الهلال المركز الأول في جائزة المسؤولية الاجتماعية لموسم 2023-2024 التي تبلغ قيمتها 500 ألف ريال، فيما حصد نادي الباطن جائزة المركز الثاني وقيمتها 400 ألف دولار، بينما حقق نادي التعاون المركز الثالث وجائزة قيمتها 300 ألف ريال، وحصد نادي العدالة جائزة المركز الرابع وقدرها 200 ألف ريال، فيما حقق نادي الفتح المركز الخامس وجائزة قدرها 100 ألف ريال.
وحقق الكابتن ماجد عبدالله المركز الأول في جائزة نجوم المسؤولية الاجتماعية لموسم 2023-2024 التي تبلغ قيمتها 100 ألف ريال، فيما حصد الكابتن محمد عبدالجواد جائزة المركز الثاني وقيمتها 75 ألف ريال.
وحصد نادي الرائد المركز الأول عن الربع الثالث من جائزة المسؤولية الاجتماعية الدورية لموسم 2023-2024 وقيمتها 200 ألف ريال، فيما حقق نادي القادسية المركز الثاني عن الفترة ذاتها وجائزة قيمتها 100 ألف ريال، بينما حقق نادي الروضة جائزة المركز الثالث وقيمتها 50 ألف ريال.
وتخضع جوائز المسؤولية الاجتماعية في مسار الأندية أو مسار اللاعبين لمعايير محددة من لجنة المسؤولية الاجتماعية تعمم في كل موسم رياضي على الأندية، ويتم شرحها عبر ورش العمل المختلفة، كما يناط تحكيم تلك الجوائز بمختصين من أهل الخبرة والمعرفة في مجال تقييم مبادرات المسؤولية الاجتماعية.
وشهد حفل جائزة المسؤولية الاجتماعية تكريم مؤسسة عبدالله صالح العثيم وأولاده الخيرية على دعم مبادرة اتفاقية الخير والتي اشتملت على 9 مشاريع بقيمة 20 مليون ريال, كما تم خلال الحفل تكريم الشاب يزن سيفين والذي يستعد للمشاركة لقيادة الفريق السعودي المشارك في مهرجان اتحاد غرب آسيا لكرة القدم لذوي الإعاقة في عمان.
وأقيمت على هامش حفل جائزة المسؤولية الاجتماعي جلسة حوارية بعنوان “الأندية والمجتمع”، أدارها الإعلامي تركي الشديد وشارك فيها كل من المستشارين في مجال المسؤولية الاجتماعي والتسويق، الدكتور طلال المغربي، وفيصل اليوسف وفادي الرابغي، حيث تم خلال الجلسة مناقشة فرصة التحسين الممكنة لأفضل الممارسات في المسؤولية الاجتماعية.
من جهة أخرى، وضمن فقرات الحفل جرى توقيع اتفاقيات تعاون مشترك بين الاتحاد وكل من المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام (إخاء) واتفاقية ثانية جمعت الاتحاد وجمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية, بالإضافة إلى اتفاقية تعاون مشترك مع جمعية هدية عالم، وتهدف تلك الاتفاقيات إلى تعزيز شراكة الاتحاد مع مختلف الجهات سعيًا لتحقيق الأهداف المشتركة والتي تصب في مصلحة المجتمع والمستفيدين من تلك الجهات تحديدًا.