أطياف
صباح محمد الحسن
تحذير !!
طيف أول :
الذين تؤلمهم منعطفات الحياة بسبب الخطيئة هم وحدهم الذين يدركهم الخوف لجعلهم ابدا يعشقون دور الضحية
لن تكفي السياط
لوجع ماقبل النحيب
وصرخة تسقط عامودياً على جمجمة الوطن لتخلق هذه الحالة من التشنج.. أما آن أوانهم!!
ولم تتردد القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا أمس في إنتهاز الفرصة لتحريض مجلس الأمن الدولي لإتخاذ إجراءات حاسمة تجاه الحرب في السودان والتي تقارب العام ونصف
وحذرته من موت الكثير من الناس في وطالبت بثلاث خطوات عاجلة ترى أنها يمكن أن تحد من خطر المأساة
وقالت أنه لايد من الإمتناع عن إستهداف المدنيين والأصول المدنية والمرافق الأساسية مثل المستشفيات
وأن لاينبغي للعالم أن يتسامح مع الفظائع التي شهدتها غرب دارفور أو أن تتكرر في الفاشر ، وانه ولابد من دعوة المانحين إلى توفير الموارد الضرورية لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية التي وصفتها بغير المسبوقة
واختتمت جويس مسويا حديثها بدعوة مجلس الأمن إلى التحرك من أجل معالجة الوضع في السودان
مشيرة إلى أن الإجتماعات المتعددة رفيعة المستوى بشأن السودان، والمزمع عقدها خلال اجتماعات الجمعية العامة ستوفر فرصة لا يمكن تفويتها لإنهاء هذا الصراع
والقائمة بأعمال وكيل الأمين العام في مطالبتها الأولى بعدم إستهداف المواطنين والمرافق العامة تقصد بلاشك القصف المتكرر للطيران الذي درج على قتل المواطنين وتدمير المرافق العامة بما فيها المستشفيات وهي دعوة صريحة للفت إنتباه مجلس الأمن للجرائم الممنهجة التي يرتكبها الجيش
كما ان جويس في ذات الوقت تحث مجلس الأمن على معاقبة الدعم السريع على كل ما ارتكبته هذه القوات في حق المدنيين في دارفور وتحديدا مدينة الفاشر بقولها : (وأن لاينبغي للعالم أن يتسامح مع الفظائع التي شهدتها غرب دارفور)
وموسيا هنا تلخص وجهة نظرها في تجريم طرفي الحرب وتحميلهما المسئولية كاملة لكل الجرائم التي وقعت على الأرض وتذهب لأكثر من ذلك وتطلق دعوة عاجلة للتحرك من أجل معالجة الوضع في السودان).
ومن الملاحظ أن المسئوولة في الشئوون الإنسانية لم تذكر في مطالباتها ضرورة العودة الي طاولة التفاوض لحل الأزمة الإنسانية ولم تقدم دعوتها لطرفي الصراع بالتحرك نحو منصات الحل السلمي كخيار تدعو له الدوائر العدلية والمنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي قبل الإنتقال للخطة "ب" لكنها تقدمت بمطالبتها مباشرة لحلول عاجلة وأشارت الي إنتهاز فرصة إجتماع الجمعية العامة وهي مطالبة صريحة بضرورة إتخاذ قرارات عاجلة والتي سمتها ( إجراءات حاسمة)
لذلك إن دعوة جويس تعد صريحة بإتخاذ خطوات عاجلة لفرض عقوبات او أي قرار يمكن ان يكون حاسما وأن يبتعد المجتمع الدولي عن تقديم انصاف الحلول التي ترى انها لاتجدي
وبهذا تكون دعوتها هي الأولى من نوعها لمسئوول رفيع بحقوق الإنسان يطالب بإجراءت عاجلة مما يعني أن هذه الدوائر فرغت من حصر الجرائم ووصلت الي أن المتسبب فيها لايستحق سوى العقاب وهذا ماتحدثنا عنه بالأمس ان خطاب السودان امام الجمعية العامة للأمم المتحدة قد لايضيف شيئا ولايعمل على تغيير النتائج التي وصلت اليها كل من لجنة تقصي الحقائق وماحوته تقارير المدعي العام للجنائية الدولية
فالدعم السريع لكل ما ارتكبه من جرائم سابقة وآنية في دارفور والجزيرة وغيرها من مدن السودان ، ونسفه لمستقبله السياسي بسواد حاضره لن يفرق معه التصنيف تحت أي مسمى لكونه مرتكب جرائم حرب ولكن القوات المسلحة التي تركت الميدان للفلول وقواتها قد يفرق معها كثيراً.
طيف أخير :
#لا_للحرب
مدير الموانئ في بورتسودان يعرض مشروعات إستثمارية بينها "موقع مراسي" جنوب الميناء الجنوبي الي روسيا تحت مظلة التعاون الإقتصادي السوداني الروسي ).
البدايات التي تعجل بالنهاية وتستفز مشاعر الغرب للتدخل
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
رؤية نقدية لمؤتمر لندن للقضايا الإنسانية حول السودان
د. محمد عبد الحميد أستاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية
لا ينطلقُ كاتب هذا المقال من أي موقف عدائي أو حتى متوجس نحو بريطانيا صاحبة الدعوة لمؤتمر لندن حول القضايا الإنسانية في السودان الذي عُقد في منتصف أبريل 2025م ... فالكاتب عمل ومايزال منذ العام 2013م ضمن فريق المدربين المشاركين بمنظمة RedR UK البريطانية وهي منظمة تعمل في تدريب الكوادر والأطر العاملة في الحقل الإنساني. كما أن الكاتب لا يشعر بالإنتماء النفسي أو الوجداني لمنظومة الحكم القائم الآن في السودان. وإنما يسعى لتسليط الضؤ من ناحية تخصصية لأوجه القصور التي شابت المؤتمر والدعوة له.
إن أهم ما نُركزُ عليه عادةً في تدريب الكوادر والطواقم الإنسانية في حالة أي تدخل إنساني هو عملية "تحليل السياق الكلي" للواقع الذي يُراد التدخل فيه. وذلك للتعرف على أصحاب المصلحة Stakeholders بإستخدام شكل فين Venn Diagram وهي الأداة التي تُحدد القوى أو الفاعِليّات المؤثرة والمتأثرة بعملية التدخل الإنساني إن كان مشروعاً إنسانياً أو برنامجاً تنموياً أو حتى دراسة مسحية... وتضمن هذه العملية عنصرين مهمين الأول: عدم ترك أي فاعل او صاحب مصلحة خلف المتدخلين. الثاني: مد جذور الثقة بين المتدخلين إنسانياً وأصحاب المصلحة لتحقيق أكبر فائدة مرجوة من عملية التدخل الإنساني.
إضافة لعملية تحليل السياق يتم التأكيد على الصبغة الإنسانية الخالصة لعملية التدخل والتي تحتكم في مجملها على مجموعة مبادئ وقيم يجب أن تُوضع في لُب عملية التدخل وهي الإلتزام بالمعايير الأخلاقية الأساسية لعملية التدخل الإنساني بعيداً عن المواقف السياسية أو التحيزات الفكرية أو العقائدية أو الإثنية أو ما إلى ذلك... وذلك بالتمسك الصارم بجملة قيم أهمها ما ورد في المبادئ الحاكمة للحركة الدولية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر وهي مبادئ (الإنسانية، الحياد، عدم التحيز، الخدمة التطوعية والإستقلالية) فإذا كانت الإنسانية بشكل عام مفهومة وتقضِي أو تهدف لحماية الإنسان وحفظ كرامته، فمن الضروري التوقف سريعاً عند مبدئي الحياد وعدم التحيز... وهما المبدآن اللذان يصنعا الثقة في الفاعل الإنساني ويمهدا له ضمن إشتراطات أخرى ما يُعرف في أدبيات الإتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر بالوصول الآمن Safe Access... إن التَقيّدَ بجملة هذه المبادئ والإجراءات تُبعِد الفاعل الإنساني من "غُواية الموقف السياسي" وتجعله محلاً للثقة وتضمن بالتالي سلاسة التدخل وأمن المتدخلين وبلوغ عملية التدخل غاياتها وهي تقديم الخدمات الإنسانية اللازمة للمستفيدين.
يمكن القول إجمالا أن بريطانيا في دعوتها للمؤتمر لم تلتزم بكونها فاعل إنساني. فقد أهملت أصحاب المصلحة في النزاع لا سيما الحكومة السودانية بإعتبار أنها صاحبة مصلحة في عملية التدخل، وقد كان يقتضي التقيّد بمبدئي الحياد وعدم التحيز. كما كان جدير بها ألاَّ تتصرف مع حكومة السودان بموقف سياسي مُسبق حتى لو كانت الأخيرة متهمة بعرقلة عمليات الإستجابة الإنسانية... وما يُثير الدهشة أن بيان المؤتمر قد أوصى بضرورة فتح الممرات الإنسانية الآمنة لعمليات الإغاثة في المعابر وهذه توصية لا يمكن تحقيقها إلا عبر التفاهم مع أصحاب المصلحة في هذه الحالة هما الحكومة وقوات الدعم السريع. وهو الأمر الذي يفقد في المحصلة النهائية بريطانيا المصداقية في التدخل الإنساني ويؤكد طغيان الموقف السياسي على الدوافع الإنسانية.
إن قصور بريطانيا في كيفية الدعوة للمؤتمر لم تقتصر فقط على الناحية الفنية وما يرتبط بها من فقدان للمصداقية، وإنما أتبعته بقصور دبلوماسي كذلك، وهو الأمر الذي ما كان ينبغي أن يفوت على دولة عُظمى كبريطانيا صاحبة الخبرة الجمّة في المجال الدبلوماسي.
مهما يكن من شئ، فالمعروف أن عقد المؤتمرات من هذه الشاكلة يُعتبر محفلاً دبلوماسياً لا سيما وأن بريطانيا قد قصدت بأن يكون متعدد المسارات Mluti track، فقد وجهت الدعوة لِطيفٍ واسعٍ من دول جوار السودان والفاعلين الإقليميين والدوليين دولاً ومنظمات وحتى دولة الإمارات المتهمة بدعم أحد طرفي الحرب. فقد كان من المفترض أن تسعى بريطانيا لتنفيذ غايات المؤتمر عبر التفاوض والتقارب المباشر مع "الأطراف المعنية الحكومة والدعم السريع" بممارسة النفوذ عليهما إما بطرح الحوافز والمغريات، أو التلويح بالعقوبات والجزاءات كل ذلك في إطار دبلوماسي هادئ ورزين يُبيّنُ للطرفين المتنازعين ويشرحُ لهما عواقب ما قد يترتب على عدم السماح بتمرير المساعدات الإنسانية من المواقع التي يسيطران عليها في الميدان.. فقد كان جدير بالمحفل الدبلوماسي أن يكفل في نهاية الأمر وسيلة ناجعة للتواصل والتفاهم ويأخذ على طرفي الحرب ميثاقا غليظاً لمراعاة جوانب المعاناة التي تحيق بالمدنيين جراء نقص الحاجات الإنسانية. وهذا ما كاد يقوله وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عند تأكيده بأن الحالة السودانية تتطلب (دبلوماسية صبورة)، فبرغم وجاهة هذا الطرح إلا أنه قد أُفرغ من محتواه تماماً بتغييب أطراف النزاع.. فلم تعد الدبلوماسية التي أنجزها المؤتمر سوى تظاهرة علاقات عامة جُمِعت فيها تبرعات وتعهدات والتزامات تماماً كما حدث في مؤتمر باريس في مايو من العام 2024م حيث أصبح مؤتمر لندن وكأنه deja vu لمؤتمر باريس.
ربما كان هذا القصور الدبلوماسي البريطاني ومن قبله الفرنسي مؤشران على أن الدبلوماسية الأوربية ليست في أحسن حالاتها. وأن إغفالها هذا الجانب المهم بهذه الطريقة وفي هذا الظرف الحرج الذي يموج بالتغيرات السياسية على الصعيد الدولي قد يقصي بها عن كونها فاعل قوي على الساحة السياسية السودانية ليفتح الأفق للاعبين آخرين لديهم أطماعهم ومصالحهم في منطقة القرن الأفريقي، كالصين وروسيا.
إن فشل بريطانيا ومن قبلها فرنسا الذريع في أحداث اختراق في الحالة الإنسانية في السودان عبر الدبلوماسية يؤكد صدقية رؤية ومقولة السياسي والدبلوماسي والمفكر السينغافوري كشور محبوباني بأن القرن الحادي والعشرين لم يعد غربياً وإنما آسيوياً.
د. محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com